أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - واثق غازي عبدالنبي - الله لا يحب العبيد














المزيد.....

الله لا يحب العبيد


واثق غازي عبدالنبي

الحوار المتمدن-العدد: 3371 - 2011 / 5 / 20 - 20:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يقول برنارد شو: (يولد الإنسان حراً ولكنك في كل مكان تجده مكبلاً بالقيود). لطالما أثارت هذه المقولة في نفسي التساؤل: هل حقاً يولد الإنسان حراً؟ لا أعتقد ذلك.. فالإنسان لا يملك حق اختيار زمان ومكان ولادته، وهو أيضاً لا يملك حق اختيار أسرته، أبويه وإخوته وأقاربه، والذين قد يكونون مصدراً لسعادته أو شقائه، والنتيجة لكل هذا هو أن يكون الانسان مقيداً بقيود المحيطين به وبزمانهم ومكانهم. لربما كان برنارد شو يقصد بالحرية التي يولد بها الإنسان هو عدم امتلاك المولود لعقيدة ما، ولكن بمرور السنوات يتلقى عقيدته وآراءه من محيطة الذي يكبله بالقيود، إذا كان المقصود هذا فنحن نتفق مع برنارد شو كل الاتفاق.

لا يكتفي المحيطون بالمولود الجديد، الذي اصبح حبيس مكان وزمان واسرة، بهذه القيود بل يسعون إلى اضافة قيود جديدة له ابرزها اسمه وديانته. فعندما يولد الإنسان يُلصق به اسمه دون أن يختاره، وتُلصق به ديانته دون أن يكون له أدنى اختيار لها، ولا يحق له حتى أن يغيرها إذا شاء ذلك، لأنه في هذه الحالة يصبح مرتداً، وبالطبع المرتد يجوز قتله!! أي حرية هذه التي يولد بها الإنسان. اعتقد أن المقولة أعلاه ليست دقيقة، فالأصح في نظري هي أن تكون العبارة بالشكل التالي: (يولد الإنسان مكبلاً بالقيود، وتضاف أليه فيما بعد المزيد من القيود).

كم هو مسكين هذا الإنسان، فقيد الطبيعة يلاحقه، وقيد التاريخ يلف عنقه، وقيد المجتمع يكبل يديه ورجليه، وقيد الذات يعتصر قلبه وروحه. إنها القيود الاربعة الأزلية (الطبيعة، التاريخ، المجتمع، الذات) التي إذا لم يستطع أن يكسرها الإنسان خلال سنوات عيشه القليلة على هذه الأرض فأنه لن يصبح إنساناً حقيقياً أبداً. الحياة تعبير آخر عن القيود، ولكن الهدف منها هو أن يحياها الإنسان، ليس لكي يستسلم لها بل لكي يحطم ما فيها من قيود.

إذا أراد الإنسان أن يتحرر من القيود الازلية الاربعة عليه أن يعيد النظر في كل حياته من أول يوم ولد فيه إلى اللحظة التي يعيشها الآن. ولكي تكون إعادة النظر هذه مجدية عليه أن يشك أولاً في كل قضية حتى تثبت صحتها. وعليه ايضاً أن يطرح التساؤلات، والتي من ابرزها: من أوجدني؟ ولماذا أنا موجود؟ وماذا بعد وجودي؟. وهناك أسئلة مهمة أخرى، لمن يعيشون في دوامة الدين واحتكار الحقيقة، أرى أنها أسئلة قد تساعدهم على كسر قيود أحتكار الحقيقة، وتنقلهم إلى مستوى تقبل الآخر واحترامه ومحبته، لعل أهمها السؤال التالي: هل وجد الدين لخدمتي أم وجدت أنا لخدمته؟ إذا أدركت أن الإنسان هو أقدس المقدسات، وأن كل المقدسات الأخرى وجدت لأجله، ولم يوجد هو لأجلها، تكون قد كسرت أول وأصعب قيد.

إذا كنت ممن يعتقدون بوجود الله، وإذا كنت ممن يريدون أن يبنوا علاقة جيدة معه، فعليك أن تكون حراُ أولاً.. لأن الله لا يحب العبيد. والعبودية التي نقصدها هي الاستسلام لكل قيود الحياة، قيد الطبيعة، وقيد التاريخ، وقيد المجتمع، وقيد الذات. إن النتيجة الحتمية لاستسلام الانسان إلى هذه القيود، هي أن يتحول الإنسان إلى عبد، وبالتالي يخسر علاقته مع الله، لأن الله لا يحب العبيد كما ذكرنا، ولكن الكثير منا عبيد لأنهم استسلموا لأعراف وعادات وتقاليد قبائلهم وعشائرهم، كما استسلموا إلى أفكار وآراء رجال دينهم، وهذا الاستسلام جعلهم عبيداً لها، وبالتالي فقدوا علاقتهم الحقيقة مع الله، لأنه لا يوجد أحد قادر أن يأخذك إلى الله ما لم تشأ أنت الوصول إليه.

إن سر نجاح علاقة الإنسان مع الله يكمن في عدم تعارض هذه العلاقة مع نمو بقية العلاقات والتي هي: علاقة الإنسان مع نفسه، وعلاقته مع أخيه الإنسان، وعلاقته مع الطبيعة. فعادة ما تكون العلاقة مع الله، كما رسمها لنا رجال الدين، عائقاً في تنظيم علاقاتنا مع انفسنا والاخرين والطبيعة. فرجال الدين يرون أن العلاقة السليمة مع الله تتأتى عن طريق سحق الذات ورغباتها حتى اكثرها تجذراً بحجج واهية ونصوص لا تستند إلى الدين. كما انهم بتعاليهم الخاطئة يسيئون إلى علاقة الإنسان مع أخيه الإنسان عن طريق وصف الآخرين المخالفين لنا في العقيدة بالكفار والمشركين والانجاس وغير ذلك من الاوصاف. ونجدهم ايضاً يعيقون تنظيم علاقة الإنسان مع الطبيعة وذلك بوقوفهم الدائم ضد المفاهيم والنظريات العليمة بحجة انها لا تنسجم مع النصوص الدينية المقدسة. ولعل هذا ما يفسر لنا سر إبتعاد الكثير من الناس، وخصوصاً الشباب، عن الدين الذي اصبحت يُعيق تنظيم علاقاتهم مع انفسهم والاخرين والطبيعة.

ختاماً نقول: إن من يعترف بوجود الله، ويريد أن ينظم علاقة طيبه معه، عليه أن يتحرر أولاً من قيود الطبيعة، والتاريخ، والمجتمع، والذات. هل يتقبل الله صلاة احدنا إذا كان يصليها لأجل أرضاء والديه؟ وهل يقبل منا الصيام إذا كنا نصومه لأجل أرضاء الآخرين؟ فكما أن الله لا يعاقبنا إذا عملنا السوء مكرهين فأنه كذلك لا يثيبنا إذا عملنا الخير مرغمين. هل يعتقد رجال الدين أنهم إذا أرغمونا على السير على ما يرونه هم صالحاً، جعلونا أكثر قرباً من الله؟، لا اضن ذلك.. فالقرب من الله لا يأتي بدفع الإنسان إلى الله بل بالاختيار المحظ في السير في هذا الطريق. لا أكراه في علاقة الإنسان مع الله، لأن الله لا يحب المُكرهين، ولا يحب أن يلقى أحداً منا وهو مكبل بالقيود. الله يحبنا ويستقبلنا إذا جئناه بلا قيود، لأن الله لا يحب العبيد.



#واثق_غازي_عبدالنبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كُلنا نتبرك بروث البقر
- ديني أم دين آبائي؟
- احذروا من تدين الأبناء
- المبدعون مصيرهم جهنم
- عقدة الزواج الطائفي
- مأساة الثقة العمياء
- جرائم جيش الله المسيحي
- جرائم عقيدة المخلص
- توليستوي والمسيحية
- حزام الكتاب المقدس .. ثلاث حكايات عن أحتكار الحقيقة في أمريك ...
- نقد فكرة المقدس
- عقائدنا من صنع المحيطين بنا
- العقيدة الدينية ومنهج الشك
- في معنى الدين والتدين
- مجرمون ولكن لا يشعرون
- أزمة الطاقة الكهربائية في العراق .. لا تنمية ولا استقرار بدو ...


المزيد.....




- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار ...
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج ...
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - واثق غازي عبدالنبي - الله لا يحب العبيد