أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - واثق غازي عبدالنبي - عقدة الزواج الطائفي














المزيد.....

عقدة الزواج الطائفي


واثق غازي عبدالنبي

الحوار المتمدن-العدد: 3364 - 2011 / 5 / 13 - 00:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كان يحدثني عن خصائص الفتاة التي يمكن لها أن تكون شريكة حياته، ولم أتعجب من تقديمه للشروط الجسدية على أي شرط عقلي أو عاطفي آخر، ولكن ما أدهشني حقاً هو قوله أنه يشترط أن تكون على مذهبه، وأكرر مذهبه وليس دينه. أنه يريد زواج أحادي المذهب وليس فقط أحادي الدين. وهذا النوع من الزواج أحادي المذهب تقف وراءه أزمة طائفية وليست دينية فقط، فإذا كان الدين يفرق بين أبناء الديانات المختلفة، فأن الطائفية تفرق بين أبناء الدين الواحد. ونحن نرى إن بناء أسرة على أساس متعمد من الزواج أحادي المذهب هو تكريس للطائفية المقيتة التي لا تجلب إلى الأوطان سوى الدمار والخراب. وإن أي دعوة إلى الزواج مختلف المذهب هي دعوة إلى نبذ هذه الطائفية. ولا يضن القارئ أن الدعوة إلى الزواج مختلف المذهب دعوة يسيرة التحقق، فالمتأمل لواقع الزواج يجد أنه عادة ما يبنى على أسس مذهبية وطائفية، فالتوافق المذهبي أصبح شرطاً للزواج في العديد من بلدان العالمين الشرقي والغربي، وليس العربي والإسلامي فحسب. ولعل عقدة الزواج الطائفي هذه هي احد النتائج الطبيعية لعقدة احتكار الحق والحقيقة التي تعاني منها جميع الديانات في العالم تقريباً.

ولقد وجدت أن الزواج أحادي المذهب لا يصدر عن الدين الشعبي فقط، كما كنت أضن، بل أنه من ابتكارات الدين الرسمي، الذي هو دين المشتغلين بالشأن الديني كرجال الدين والباحثين والدارسين. فهذا رجل دين مسيحي من كُتاب اليوميات (الذي هو كتاب الصلوات اليومية) يتحدث في تأملاته الإيمانية وفي اليوم السادس منها عن عدم إمكانية زواج المسيحي البروتستانتي من المسيحية الكاثوليكية، لأنها لم تولد ولادة جديدة، وهي الفكرة التي يؤمن بها البروتستانت وتنص على أن الإنسان له ولادتان أحداهما بيولوجية وأخرى روحية فحواها الإيمان بخلاص المسيح، لذلك نجده يكتب: (العالم كله ينقسم إلى وطنين مختلفين لا يجوز لمواطن من أحدهما أن يتزوج من الوطن الآخر ـ وطن أرضي ووطن سماوي ـ أبناء الوطن السماوي هم الذين ولدوا الولادة الجديدة، والذين لم يولدوا كيف يكون لهم وجود في عرف الذين ولدوا؟). إنه لا يكتفي في أن يمنع زواج البروتستانتي من الكاثوليكية بل يعد الكاثوليكية غير موجودة أصلاً لأنها لم تولد بعد. ومن الجدير بالذكر أن جميع المسيحيين مهما تعددت طوائفهم ومذاهبهم يؤمنون بخلاص المسيح إلا أن كل منهم يفهم هذا الخلاص بطريقة معينة قد تختلف عن الآخر.

تزداد عادةً نسبة انتشار الزواج أحادي المذهب في فترات الصراعات الطائفية. فعلى الرغم من عدم امتلاكي لإحصائيات دقيقة إلا أني استطيع القول، ومن خلال مشاهدتي للواقع الاجتماعي في العراق، أن عقدة الزواج الطائفي بين السنة والشيعة ازدادت في سنوات الاحتلال الأمريكي نتيجة للجذب والشد السياسي والديني بين أبناء الطائفتين. ولا أقصد بالطبع أن هذا النوع من الزواج لم يكن موجوداً في السابق، كلا.. ولكننا اليوم نعاني منه بصورة أكبر واشد.

إن ما يدعونا إلى الحديث عن ظاهرة الزواج الطائفي أو الزواج أحادي المذهب هو رغبتنا في التأكيد على أن كل خطابات الوحدة التي يدعوا لها رجال الدين لا معنى لها في نظرنا ما لم تُستثمر في تعزيز الترابط الاجتماعي بين أبناء هذه الطوائف أو المذاهب، ومن أبرزها رابطة الزواج الذي يقود إلى تأسيس أسرة تشكل نواة التآلف الاجتماعي، فالأسرة التي يولد أبناءها من أبوين مختلفين في المذهب تجدهم في الغالب أكثر تسامحاً من أبناء الأسرة أحادية المذهب.

أخيراً نود القول، إن الخطب الدينية الوحدوية لا قيمة لها إذا لم تصبح جزئاً من الواقع. وأن رجل الدين الذي يدعو إلى الوحدة والتآلف بين الطوائف المختلفة ثم يمنع الزواج بين أبنائها، فأن أقل ما يمكن أن يقال بحقه أنه (كذاب).



#واثق_غازي_عبدالنبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأساة الثقة العمياء
- جرائم جيش الله المسيحي
- جرائم عقيدة المخلص
- توليستوي والمسيحية
- حزام الكتاب المقدس .. ثلاث حكايات عن أحتكار الحقيقة في أمريك ...
- نقد فكرة المقدس
- عقائدنا من صنع المحيطين بنا
- العقيدة الدينية ومنهج الشك
- في معنى الدين والتدين
- مجرمون ولكن لا يشعرون
- أزمة الطاقة الكهربائية في العراق .. لا تنمية ولا استقرار بدو ...


المزيد.....




- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار ...
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج ...
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - واثق غازي عبدالنبي - عقدة الزواج الطائفي