|
لقد تشابهت الجمهوريات علينا
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 3359 - 2011 / 5 / 8 - 01:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
°° لقد تشابهت الجمهوريـــات علينا°°
ماذا أصاب هذا الوطن الآمن ؟؟؟ حتى إنك لا تزور منطقة من مناطقه أو جهة من جهاته، إلا وتجدها قد تخلفت عما كنت تعرفه عنها من ذي قبل، واستبد بها ظلم وجفاء أقرب الناس إليها ومها، وليس هناك أشد من ظلم ذوي القربى فهو كوقع الحسام المهند. ماذا دهى أهل هذا الوطن الكريم وقومه وعشائره، حتى هيمنت عليهم أطماع النفس وشهواتها؟؟؟ وغمرهم الطمع الجامح في ثرواتها، والتوق الأعمى للسلطة ونفوذها، وأغراهم بريق المناصب ومخزنتها. ورغم علمهم بأنه لا دوام لبريقها، ولا خلود لأحد فيها، مالت نفوسهم الأمارة بالسوء لنخوتها وجبروتها، وانجذبت غرائزهم المفطورة على الشر لعزتها وعظمتها، وسيطرت المنفعة الخاصة على حواسهم وميولاتهم، وفقدت القيم لديهم خصائصها، وتأججت بينهم حمأة التسابق الانتهازي المرير على مواقعها وامتيازاتها، وأصبح الكل يريد الحياة له وحده، يحل لنفسه ما يحرم على غيره، فانعكس ذلك على التعايش الاجتماعي فيها، وغلب على المحيط الطبيعي بها، فإذا الكل مطاح به، ومساء إليه، حتى تحول الوضع إلى ركام قاتم من الاستياء المقهور، والغضب المستور، فلم تعد معه لإنسانية أناسها معنى، ولا لأوطانها قدر، ولا للمصلحة العامة فيها قيمة. أمر مثير للشجن، ومستفز للمشاعر، ومنهك للاعصاب، أن تتراجع قيمة الوطن والمواطنة و يفقد الإنسان صلته بوطنه ومحيطه ومقدساته ويترفع عن معانقتها، حتى وهو يزعم أنه يحبها ويحترمها ويعمل من أجل حمايتها، وهو يتحين في كل وقت وبكل عهر مقيت، وتهتك عارم، ووقاحة فادحة، فرص استغلالها بالبيع والانتهاك. مسرحية بئيسة يتبادل أدوارها مخلوقات دينيّة/سياسوية جعلت من السلطة ديدنها، وتخصصها، وحرفة من مهنها، وإمتيازا اجتماعيا متوارثا بينها. يحكمها قانون المنفعة، ثم المنفعة، ولا شيئ غير المنفعة. المنفعة الشخصية التي تُذهب البصر والبصيرة، وتُبقي الشعوب والأمم على الحصيرة، وتخلق اليأس والإحباط، وتنشر الفقر والأمية والعطالة والتهميش، وتعمق الفوارق الطبقية والجهوية، وتفقد الثقة في المؤسسات الدينية والدنيوية. واقع الأمة بائس ولا تفيد معه الأساليب الملتوية، ولا الكلام المعاد الذي لا يتبدل، والشعارات المجترة التي لا تتجدد، إنه في حاجة ماسة إلى صدمة ترد الأمور إلى نصابها، لأن واقعها شيء و المرتجى شيء آخر. نعم ثمة حاجة ملحة لمبادرات مخلصة تدفع جميع الشعوب للانخراط فيها للتخليص من عذابات الفقر الذي يرزح تحت أدنى عتباته الملايين، والجوع الذي يقطع أحشاء المغبونين، والمرض الذي يفتك بالمنبوذين ويشدهم إلى القاع ويمنعهم من وضع القدم على سلم العافية والنجاة. نعم الأمة في حاجة ماسة لأقصر الطرق وأنجعها للتعامل مع واقع مر يأسرها في دوامة من الدعوات الأصولية الشاردة"، وتأويلاتها السياسوية المتمذهبة للنصوص الدينية لتحقيق حلم الإمارات الدينية التي تشابهت كالبقر علينا بملامحها وتطوراتها وتحركاتها، وتحرشاتها، وعوامل اندفاعها نحو السلطة المشتهاة التي تجري أدلجة الحياة من أجلها، والتى صار لكل جماعة إمارتها، و لكل إمارة جماعتها المتعبدة، بل والمضحية بالنفس للقبض على سلطة يتم توظيفها واستثمارها في التحكم برقاب الناس. و "إمارة جامع ابن تيمية" في رفح، نموذجا فاقعا لدعاة "الإمارات الإسلاموية". التي يؤمن دعاتها بأن إقامتها، هي إعادة للخلافة، وامتثال لأوامر المولى جل وعلا، وواجب على كل مسلم أن يبذل قصارى جهده لإحقاقها، مستدلين على ذلك بالحديث النبوي الذي رواه ابن عساكر عن عمرو بن عثمان وأشار السيوطي إلى حُسنه والذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: (أمتي أمة مباركة لا تدري أولها خير أم آخرها ) والحديث الذي قال فيه أيضا:(لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله)) [رواه البخاري ومسلم]. فكفانا من إمارات متخلفة، وجمهوريات متردية مرتدة عن قيم الحياة البشرية، ينصب أمراؤها دواتهم سلطة "إلهية" لا تضاهيها أي سلطة في التاريخ الإسلامي. وهلموا جميعا إلى كلمة سواء نقف بها في وجه كل هاؤلاء الذين يتحينون الفرص من أجل الإعلان عن إمارات في هذا الحي، و جمهوريات وهمية في ذاك الدرب، بتسميات كثيرة وانتماءات متنوعة كالبوحمارية، والغمارية، والزناتية، والأمازيغية، والريفية، والصحراوية، والتي يجمع بينها قاسم مشترك واحد، هو عداؤها لأوطانها، ودولها ومجتمعاتها، تحت ذرائع ومزاعم الأوامر السماوية الداعية لـ"تديين" الحياة و"أسلمتها"، وإن السماء لأبرأ من كل ما زعموا ويزعمون. فتعالوا نُعد النظر في مجموع المفاهيم التي لا تضعنا في مواجهة أحد آخر سوى دواتنا المتشظية المفككة، فلا نحن حضاريا في مواجهة حضارة أو حضارات أخرى كما يتوهمون، ولا نحن ثقافيا بمقدورنا مواجهة ثقافات أخرى كما يوحوا بذلك لأنفسهم على حساب أولويات نحن في أشد الحاجة إليها وعلى رأسها بناء الشعوب العربية والمغاربية دينيا ومواطنتيا وإنسانيا وإنتاجيا وروحيا وديمقراطيا.
حميد طولست ، [email protected].
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ديكتاتورية الشعوب.
-
ديكتاتورية رؤساء...
-
ذكريات عيد العمال.
-
ثورات الناس على دين متفيقهينا
-
تزوير التاريخ سخرية سياسية أم استخفاف بالعقول؟
-
استقالتي من حزب الاستقلال.
-
مطاعم القلب، الصدقة الجارية..
-
جسور باريس دليل سياحي بإمتياز
-
الصراع السياسي.
-
ديكتاتورية النساء.
-
الصحافة من مدينة صفرو إلى مدينة فاس.
-
تحرر الإعلام الوطني من قبضة النخب.
-
التحريف والمداهنة
-
المراة العربية والثورة.
-
الكذب السياسي.
-
شباب التحرير.
-
وافق مجلس جالسه...كما وافق شن طبقه
-
شباب الفيسبوك، الحزب المرعب
-
الثورات لا تموت ولا ينساها التاريخ .
-
الفكاهة والثورة.
المزيد.....
-
العثور على قط منقرض محفوظ بصقيع روسيا منذ 35 ألف عام.. كيف ب
...
-
ماذا دار خلال اجتماع ترامب وأمين عام حلف -الناتو- في فلوريدا
...
-
الإمارات.. وزارة الداخلية تحدد موعد رفع الحظر على عمليات طائ
...
-
صواريخ حزب الله تقلق إسرائيل.. -ألماس- الإيرانية المستنسخة م
...
-
كيف احتلّت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978، ولماذا انسحبت بعد نح
...
-
باكستان ـ عشرات القتلى في أحداث عنف قبلي طائفي بين الشيعة وا
...
-
شرطة لندن تفجّر جسما مشبوها عند محطة للقطارات
-
أوستين يؤكد لنظيره الإسرائيلي التزام واشنطن بالتوصل لحل دبلو
...
-
زاخاروفا: -بريطانيا بؤرة للعفن المعادي لروسيا-
-
مصر.. الكشف عن معبد بطلمي جديد جنوبي البلاد
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|