|
المشروعية الكفاحية في المواثيق الدولية بعد اوسلو
ماهر علي دسوقي
الحوار المتمدن-العدد: 3344 - 2011 / 4 / 22 - 22:24
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
انتهت المرحلة النضالية السابقة التي برزت ملامحها الاولى في اواسط الستينات، تلك المرحلة التي امتدت على مدار اكثر من اربعة عقود الى حالة غريبة تماماً عن العناوين الابرز التي اظهرتها فصائل العمل الوطني الفلسطيني على اختلافها، فلقد ضمرت اهداف قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في مسيرة النضال الوطني الشاقة، والطويلة اصلاً، وهبطت باتجاه التوافق مع الثبات النسبي لطبيعة الحل الذي ارتضته الامبريالية الامريكية والكيان الاستعماري الصهيوني، ليصبح "الحل" حلاً امريكياً بامتياز.. فهذا "السلام" او عصر "السلام الامريكي" يعني بداهة، ووفق القاموس السياسي الصهيوني والعدواني الامريكي.. استئصال كافة بؤر الكفاح القومي والوطني والطبقي المناهضة للامبريالية (وسائر قوى الشر والعدوان الرأسمالية العالمية)، ولصق صفة الارهاب بها وبأنصارها وحتى للشعوب المناضلة بأكملها، تمهيداً لاخضاعها وكسر شوكة الكفاح لديها ولدفعها الى مصاف الشعوب الاكثر فقراً وعوزاً على النطاق العالمي ..
الم يطلقها الارهابي كلينتون،، صريحة واضحة في حفل التراجيديا الشهير في 13/9/1993 حين طالب العرب واليهود الى العودة وتمثل علاقات الجوار القديمة، ابان عهد اريحا القديمة، التي شهدت افظع انواع البطش والقتل والعبودية للكنعانيين العرب على يد الغزاة اليهود و "نبيهم" السفاح يشوع بن نون".. الم ينفذ القاتل المقتول رابين سياسة تحطيم الفلسطينيين، "سوف يتم تحطيم الفلسطينيين، سوف يتم سحقهم، او يموتون او يتحولون الى غبار بشري، او يصبحون حثالة المجتمع، وينضمون الى الطبقات الاكثر فقراً في الاقطار العربية".
حقوق الشعب الفلسطيني: اذا كانت هذه هي معالم "السلام الامريكي"، فكيف لنا ان نرتضيه، ونهجر ساحات الكفاح المشروعة، لتحقيق طموحنا الوطني والقومي في التحرر والانعتاق الكاملين؟! . لقد اعتبر، وما يزال، موضوع حقوق الشعب الفلسطيني من الاهمية بمكان، حيث استطاع وبادواته الكفاحية المختلفة، وعلى مر السنوات الطويلة الماضية ان يسجل صفحات مجيدة من النضال ارغمت الكثير من الدول، والمؤسسات، والهيئات الدولية على التعاطي مع حقوقه بمستوى ان لم يكن منصفا للحق الفلسطيني باطاره المطلق، الا انه كان منصفاً بالاطار النسبي، حيث جاءت الكثير من قرارات الامم المتحدة لتؤكد على حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة على ارض وطنه، وسبق ذلك ايضاً القرار 194 الصادر عن الجمعيه العامه في العام 1949 والذي نص صراحة على حق عودة اللاجئين الفلسطينين الى ديارهم التي هجروا عنها قسراً بفعل الارهاب الصهيوني المنظم، علما بان الجمعية العامة لهيئة الامم المتحدة اكدت ومنذ العام 1969، على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني في قرارات متتالية، حيث تضمنت تلك الحقوق ما يلي: 1) حق العودة .2) حق تقرير المصير دون تدخل اجنبي. 3) حق الاستقلال الكامل والسيادة . 4) حق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه بكل الوسائل وفقاً لاهداف ومباديء الامم المتحدة .. وتفرع عن هذا الحق الحقوق التالية: 2) أ- الحق باستخدام القوة والكفاح المسلح. 3) الحق في الدفاع عن النفس. 4) الحق في طلب وتلقي المساعدات المعنوية والمادية من الدول والمنظمات الدولية. 5) حق الشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين، التي تشكل محلاً لسيادته مما يتوجب اعتبار كل الاجراءات والتدابير التشريعية والادارية التي اتخذتها السلطة المحتلة "اسرائيل" لتغيير طابع مدينة القدس ومركزها وبخاصة "القانون الاساسي" المتعلق بالقدس واعلانها عاصمة لاسرائيل باطلة.
حق تقرير المصير والقانون الدولي: ومن جهة اخرى، فان نظرة على حق تقرير المصير في القانون الدولي، وفق تعريف المادة (53) من اتفاقية "فينا" لقانون المعاهدات لعام 1969، لتشير الى ان "القاعدة الامرة هي كل قاعدة من قواعد القانون الدولي تقبلها الجماعة الدولية في مجموعها ويعترف بها باعتبارها قاعدة لا يجوز الاخلال بها ولا يمكن تعديلها: الا بقاعدة لاحقة من قواعد القانون الدولي العام لها ذات الصفة، ويمثل مبدأ حق تقرير المصير للشعوب واحداً من تلك القواعد ، اي انه مثال من امثلة القواعد الحتمية المطلقة في القانون الدولي العام". كما وتجدر الاشارة هنا ايضاً، الى ان الجمعية العامة للامم المتحدة كانت قد اصدرت قرارا يحمل (1514) في العام 1960، وفي مادته الثانية نص على "لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها ولها بمقتضى هذا الحق ان تحدد بحرية مركزها السياسي وتسعى بحرية الى تحقيق انمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي". اما مادته السادسة فقد نصت على ان "كل محاولة تستهدف التقويض الجزئي او الكلي للوحدة القومية والسلامة الاقليمية لبلد ما تكون متنافية ومقاصد ميثاق الامم ومبادئه، وطالما ان حق تقرير المصير يمثل قاعدة اساسية من قواعد القانون الدولي ذات الصفة الامرة، فيصبح من المنطق تماماً ان لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، لكونها تبطل اية معاهدة واي قاعدة اخرى تتعارض معها، ويجب ان تنفذ بما يكفل ضمان التنفيذ العادل لها، فيجب ان تكون محصلة هذا التطبيق الوصول الى الادارة الحقيقية للمحكومين والاسلوب الذي يرغبون به، وفي الحكومة التي تمثلهم!!
لذا، فان المبدأ الاساس الذي قامت عليه "عملية السلام" برمتها "الارض مقابل السلام"، وفق المنظور الامريكي والصهيوني يشكل بحد ذاته مظهراً من مظاهر الطعن في حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، فهي تقر بالامر الواقع اولا، وتبتعد عن الشرعية الدولية ثانيا، وتكرس الحالة العدوانية القائمة ثالثاً، فالاحتلال بنظر القانون الدولي عدوانا، والعدوان العسكري الاحتلالي جريمة مخلة بسلم الانسانية وامنها، لذلك فان احكام الشرعية الدولية تفرض على الاحتلال وحالات العدوان الاغتصابية الزوال دون قيد او شرط. وعليه فانه من المشكوك به تماما ان تهيء الاتفاقية الفلسطينية الصهيونية، اي شكل من اشكال حق تقرير المصير، بقدر ما تعزز من تقسيم وتفتيت الاراضي الفلسطينية، وتسهل فرض حالات الحصار المختلفة.. وابعد من ذلك كله فان "الحقوق" المنشورة في تلك الاتفاقية لا تتجاوز في افضل حالاتها كونها الحقوق التي من المفترض ان يتمتع بها السكان تحت الاحتلال. بموجب اتفاقيات جنيف.
المشروعية الكفاحية: ان مشروعية العمل العسكري والكفاحي الفلسطيني ما تزال قائمة وتستمد شرعيتها من ذات العناوين القانونية والسياسية التي انبثقت عن الهيئات والمؤسسات الدولية المختلفة، فوفقاً لقرار الجمعية العام لعام 1970 ، (2621) – البند (1) "ان استمرار الاستعمار باي من اشكاله او مظاهره هو جريمة تشكل خرقاً لميثاق الامم المتحدة واعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة ولمباديء القانون الدولي".
حيث يتبع ذلك ووفق البند (2) لذات المادة، "استخدام كافة الوسائل الضرورية التي في متناول اليد لطرد المستعمرين وتحقيق الاستقلال الكامل غير المنقوص السيادة". مما يعني بداهة "ان الاحتلال قد اصبح فاقداً لأية مبررات لوجوده، حيث يستعدي ذلك الاعتراف بشرعية النشاطات الكفاحية والمسلحة التي تقوم بها الشعوب المحتلة، ضد القوات او الدول الغازية او الممثلة، فالاحتلال وما يصاحبه من عمليات ارهاب للسكان المدنيين، يستدعي بالضرورة حق هؤلاء السكان الخاضعين للاحتلال بمقاومته وطرده.
حول ملموسية الكفاح المسلح في بعض المواثيق الدولية:
كان لصدور الاعلان الخاص بمنح الاستقلال للبلدان والشعوب الخاضعة للاستعمار، الصادر في العام 1960، تدعيماً شرعياً للكفاح المسلح، وصولاً للاستقلال وحق تقرير المصير، وتدعيماً واضحاً للسلامة الاقليمية للدول المستعمرة وفرض السيادة الكاملة على الارض المحررة، هذا وقد جاء التدعيم تلو التدعيم في كل دورة من دورات الجمعية العامة منذ العام 1961 – وحتى 1985. كما ان اتفاقيات جنيف لعام 1949، لم تحظر على الشعوب المستعمرة حمل السلاح والثورة على قوى الطغيان والاستعمار، فالمادة الرابعة من الاتفاقية الثالثة،و المادة الثالثة عشر من اتفاقيتي جنيف الاولى والثانية تعترفان صراحة بحركات المقاومة، وبنشاطها المشروع المسلح.
كما ان الدورة (25) للجمعية العامة في 12 تشرين اول 1970، وفي قرارها (2621)، صاغت نظرية الامم المتحدة في الكفاح ضد الاستعمار وتمثل ذلك في : 1) ان وجود الاستعمار بأي شكل من اشكاله هو جريمة، ويشكل خرقاً لميثاق الامم المتحدة واعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة ولمباديء القانون الدولي. 2) الشعوب المستعمرة لها الحق الكامل في خوض كفاحها بجميع الوسائل الضرورية التي في متناول يدها ضد الدولة الاستعمارية التي تقمع تطلعات الشعوب الى الحرية والاستقلال. 3) على الدول الاعضاء ان تقدم الى الشعوب الخاضعة للاستعمار كل مساعدة معنوية ومادية تحتاج اليها لنيل الحرية والاستقلال. 4) جميع المناضلين الذين يخضعون للاعتقال، يجب ان يعاملوا وفقاً للاحكام المتصلة بذلك من اتفاقية جنيف المتعلقة باسرى الحرب والموقعة في 12 اب 1949. وكان سبق ذلك ايضاً وفي العام 1968، تأكيد حق الكفاح المسلح في الفقرا (48-50) من القرار الثامن الذي اتخذه المؤتمر الدولي لحقوق الانسان. وجاء القرار (3103) الصادر في 12 كانون ثاني 1973، بعنوان المباديء الاساسية المتعلقة بالمركز القانوني للمقاتلين الذين يكافحون السيطرة الاجنبية والاستعمارية والنظم العنصرية، الصادر عن الجمعية العامة ليعلن عدة مباديء ، هامة، نأخذ منها: 1) كفاح الشعوب حق مشروع، ضد الدول الاستعمارية والعنصرية،وهو يتفق كل الاتفاق مع مباديء القانون الدولي. 2) ان كل محاولة لقمع الكفاح ضد السيطرة الاستعمارية يعد انتهاكاً واضحا للمواثيق الدولية والقانون الدولي. 3) ان المنازعات المسلحة المنطوية على كفاح الشعوب ضد السيطرة الاستعمارية والاجنبية والنظم العنصرية تعتبر منازعات مسلحة دولية بالمعنى الوارد في اتفاقيات جنيف 1949 كما ان المركز القانوني للمقاتلين في اتفاقيات جنيف 1949 ، وفي غيرها من المواثيق الدولية يعتبر سارياً على الاشخاص الممارسين للكفاح المسلح وضد السيطرة الاستعمارية والاجنبية والنظم العنصرية. ويظهر جلياً ، ان المواثيق الدولية قد شرعت النضال والكفاح المسلح ضد الاستعمار والقوى المعتدية الباغية.. لكن في المقابل "علينا" ان لا ننسى ايضاً ان قوة المنطق لوحدها غير كافية فهي دائما بحاجة الى منطق القوة بذاته .. ففي هذه المرحلة تحديدا تنتصب امام اولئك الذين لا يستسلمون رسالة تاريخية، كما يقول تشومسكي، عليهم الا ينسوا هذه الحقيقة.. فالمحاولات كلها سوف تبذل من اجل تفريغ عامة الشعب من الثقافة.. من اجل غسل الادمغة، وصولاً الى اغراق الشعب في وحل المستوى الذهني والاخلاقي لاولياء الامور في سائر الميادين الثقافية، والاجتماعية، والسياسية ...فالنضال الدؤوب والكفاح الضاري يشكلان معا ..القابلة القانونية للحرية والاستقلال والعوده والعداله الاجتماعيه.. وصدق مظفر النواب حين قال ..علموا صغاركم حمل السلاح ونقل العتاد كما ينطقون ..
#ماهر_علي_دسوقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طفلة فلسطينية تحرج مسؤولاً في منظمة التحرير
-
جالدو نساء السودان .. يجلدون!
-
الشعب الامريكي اولى بالثورة على نظامه
-
حماية المستهلك الفلسطينية 1989-2011 تجربة شعبية رائدة (6)
-
في ذكرى يوم الارض .. عين على مجازر الصهاينة
-
حماية المستهلك الفلسطينية 1989-2011 تجربة شعبية رائدة (5)
-
فتوى كَعِطرِ مَنشِم
-
حماية المستهلك الفلسطينية تجربة شعبية رائدة 1989 - 2011 (4)
-
في ذكرى جيفارا غزة
-
حماية المستهلك الفلسطينية 1989 - 2011 تجربة شعبية رائدة (3)
-
حماية المستهلك الفلسطينية 1989 - 2011 تجربة شعبية رائدة (2)
-
حماية المستهلك الفلسطينية 1989 - 2011 تجربة شعبية رائدة
-
بجس الحرية .. ليبيا
-
الشيخ امام .. في التحرير ثورة في لحن
-
سمة العصر .. إرادة الشعوب
-
أبرهة النيل
-
مليون ونصف دولار لكل مواطن مصري فقير
-
كومونة فقراء القاهرة
-
بو عزيزي سبارتاكوس العرب
المزيد.....
-
مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا
...
-
إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
-
مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى
...
-
آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو
-
مسؤول أميركي يعلق لـ-الحرة- على وقف إسرائيل الاعتقال الإداري
...
-
لماذا تعجز الأمم المتحدة عن حماية نفسها من إسرائيل؟
-
مرشح ترامب لوزارة أمنية ينتمي للواء متورط بجرائم حرب في العر
...
-
لندن.. اعتقال نتنياهو ودعم إسرائيل
-
اعتقالات واقتحامات بالضفة ومستوطنون يهاجمون بلدة تل الرميدة
...
-
المقررة الاممية البانيز: مذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت غير كا
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|