|
منظومة الفساد تطيح بمستقبل العراقيين
صادق الازرقي
الحوار المتمدن-العدد: 3325 - 2011 / 4 / 3 - 02:29
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ينصحنا البعض أن نكف عن الكتابة بشأن الفساد بحجة انه أصبح موضوعاً مكرراً وانه لا جدوى من الكتابة عنه اذ لا يوجد من يتعظ او ان يكف المفسدون عن فسادهم. ولكن هل انتهى الفساد كي لا نكتب عنه، وهل أصبحنا مثل نيوزيلندا و فنلندا والدنمارك التي حصدت المراتب الاولى في انعدام الفساد والنزاهة بحسب تقرير الإتحاد العالمي لمكافحة الفساد الذي قام بدراسة اوضاع 180 دولة واحتل فيه العراق والصومال وميانمار المراتب الاخيرة في نسبة النزاهة وعدت من اولى الدول التي ترتفع فيها نسب الفساد. فكيف نكف عن الكتابة عن الفساد وكيف نتبرم من الكتابة عنه وهو لم يزل يفترس الروح العراقية ويطيح بآمال فقراء العراق ويمنع اعمار البلد وتمتع ابنائه بخيراتهم؟!. كان الحاكم المدني بول بريمر قال بعد تسنمه مهام منصبه في عام 2003 بان الكهرباء ستتوفر في العراق في عام 2009، وبغض النظر عن موقفنا من بريمر ومن عموم السياسة الاميركية في العراق فاننا نعتقد ان توقعه ذاك كان صحيحا وكان هناك وقت كاف منذ عام 2003 وحتى 2009 وهي سنوات طويلة مطلوبة لجلب الكهرباء بالكامل غير ان من منع تحقق ذلك الامر بصورة اساسية هم المفسدون العراقيون الذين استأثروا بأموال الكهرباء لمصالحهم الشخصية وجرى التفريط بها في صفقات مشبوهة باستيراد مواد لا نفع فيها مقابل أموال طائلة سجلوها في ارصدتهم الشخصية في مصارف شتى بينها مصارف عالمية بأمل ان يستعملوها عند الحاجة بالاستفادة من جنسياتهم الثانية التي يحملونها من دول أخرى. حدث مثل هذا الأمر في جميع الحكومات التي أعقبت سقوط النظام المباد وهو يحدث الآن أيضا والأمر مرشح للبقاء الى مدى غير معروف من السنين إذا بقي الحال كما هو عليه الآن. لم تنفع الأموال التي أعطيت لثلاثة وزراء للكهرباء هم ايهم السامرائي وعدنان شلاش وكريم وحيد في مد المواطن بالتيار وظل يعيش في ظلام دامس ويتلظى من صيف العراق اللاهب ويختنق بدخان المولدات الاهلية وبضجيجها. لو عمل هؤلاء الوزراء بإخلاص مثلما يفعل اقرانهم الخليجيون مثلاً في اقل تقدير لشهدنا الآن ونحن في السنة الثامنة منذ التغيير مدنا متلألئة الأضواء ومصانع تعمل ليلا ونهارا لتمتص الايدي العاملة العاطلة وبيوتا تنعم بالدفء والإضاءة شتاء وبالتكييف والتبريد صيفاً.. ولكنه الزمن العراقي الرديء. لماذا نركز على الكهرباء كمظهر للفساد؟ لأنها بالتأكيد عصب الحياة وان توفرها يحل مشكلات كبيرة يعاني منها البلد ويفتح آفاق التطور والتقدم. كما ان الصفقات المشبوهة في تلك الخدمة الحيوية لم تزل تفعل فعلها ما يؤدي الى تفاقم محنة العراقيين ومصائبهم. لقد أوردت الأخبار قبل ايام ان هيئة النزاهة ضبطت في ميناء البصرة شحنة من صناديق احتوت على العاب للاطفال على انها ( رؤوس توليد ) كهربائية وقالت النزاهة ان الشحنة هي رؤوس توليد كهربائية كانت وزارة الكهرباء قد تعاقدت عليها استبدلت بلعب اطفال. وهكذا تذهب اموالنا هدرا في صفقات غامضة يذهب (ريعها) الى جيوب المفسدين الذين لايعبؤون بحاجات الناس وآلامهم. وقبل ذلك جرت اكبر عملية لشراء الاعمدة الكهربائية والمولدات وجرى نصب بعضها في بعض المناطق السكنية ضمن ما سمي في حينه بخطة (العشرة امبيرات) والتي ثبت فشلها بعد ان اكتفت السلطات المعنية بعملية الشراء وبعض الاعمال ولم تقم بتفعيل الخطة واكمالها. كما ان كميات كبيرة من الاعمدة التي جرى شراؤها تركت بإهمال حتى الآن في اماكنها من دون الانتفاع منها وكذلك هو حال المولدات الني نصبت في كثير من الشوارع. اما عن الاموال المتسربة من خزينة الدولة العراقية ومن عموم الموازنة فحدث و لاحرج في ظل غياب اي حسابات ختامية ولعل ابرزها مبلغ الـ 40 مليارا التي اعلن مجلس النواب عن مباشرته التحقيق في ضياعها هذا غير المبالغ التي لا يعلن عنها والتي تؤرق بال العراقيين. كما ان أعضاء مجلس النواب والسلطة التنفيذية قد استغلوا مناصبهم في سبيل الإثراء غير المشروع وكلنا يتذكر سعيهم المحموم للاستيلاء على أراضي الدولة على ضفاف دجلة وتكريسها لصالحهم الشخصي في الوقت الذي يظل ملايين العراقيين من دون بيوت وتعاني العائلات العراقية من الإيجارات التي تستهلك ميزانية الأسرة وتدفعهم الى العيش في ظل الكفاف. هذا جزء من المساوئ التي تقترفها الجهات المسؤولة بحق المواطنين والتي يفترض ان تحرص على تلبية مطالبهم قبل ان تلبي حاجاتها الشخصية مثلما يفعل السياسيون في الدول المتحضرة. لقد فقد المواطن العراقي الثقة بجميع وعود المسؤولين فحتى وعودهم بتوفير الكهرباء لمدة 16 ساعة في صيف العام المقبل فان المواطن لا يصدق بها ويستغرب من حديثهم عن صيف عام 2012 في حين ان المطلوب منهم ان يسارعوا الى حسم موضوع الكهرباء في بضعة اشهر اذا لم نقل اسابيع مثلما تفعل الدول الحريصة على شعوبها. ان الفساد الاداري والمالي في العراق اذا تواصل فانه سيطيح بالبقية الباقية من احلام العراقيين وآمالهم بالرخاء وسيراكم المشكلات ويفاقمها اذ ان بقاء الفساد سيديم ازمة السكن ويحرم المواطن من امتلاك بيت كما سيبقي على البطالة ويزيد اعداد العاطلين وستظل الخدمات من دون تلبية وسيواصل الارهاب الفتك بالعراقيين اذ قالت اللجنة الأمنية في مجلس محافظة ديالى قبل ايام (أن محطات الوقود الأهلية تعد من أبرز مصادر التمويل الداخلي لتنظيم القاعدة في المحافظة) وبالطبع فان هذا التمويل مرتبط بالفساد وبالسعي للحصول على الاموال بطرق غير مشروعة وهو ما يسبب مخاطر كبيرة للمواطن العراقي. وكما قلنا في السابق وكما تشير الإحصائيات والاستبيانات وتقارير المنظمات الدولية فان الديمقراطية الحقيقية تعني مجتمعا نظيفا من الفساد ويتمتع بالعدالة الاجتماعية المطلوبة ومن دون ذلك سيبقى الفساد يفترس الناس. ان الدول الاكثر ديمقراطية هي الدول الاقل فسادا هكذا تشير تقارير المنظمات الدولية وبرأيي ان عدم القضاء على الفساد في العراق سيؤدي الى القضاء على البناء الديمقراطي الذي نسعى الى تطبيقه وسيحد من حريات المواطنين ويفاقم الفقر ويطيح بآمال العراقيين ومستقبلهم.
#صادق_الازرقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بوصلة القوانين المعطلة .. الى أين تتجه؟
-
-اكسباير- الدكتاتوريات العربية
-
التعطيل غير المبرر لجلسات مجلس النواب
-
المسؤولية حين تمسي جُرماً
-
انهيار الجماهيرية العظمى
-
انتقائية الحكومة في التعامل مع القوى السياسية
-
حدود إظهار القوة في مواجهة الاحتجاجات
-
تقويم احتجاجات (يوم الغضب) العراقي
-
الطبقة السياسية تضع العراق في دائرة الخطر
-
تعديل الدستور وقانون الانتخابات في سلم أولويات الشعب
-
الحراك الشعبي العراقي.. الأسباب والتوقعات
-
الى شعب بطل
-
قرار رقم (29) .. تكريس للنهب المنظم
-
شرطة الديوانية والضرب تحت الحزام
-
لماذا يسكت العراقيون؟
-
العالم الافتراضي يزلزل عروش الطغاة
-
إهدار فرص الإعمار
-
هل تستقيم الديمقراطية مع الفساد؟
-
لعبة القط والفار في محنة الوطن مع التيار
-
سقوط (بن علي) .. نهاية الأزمة أم بداية الخروج منها؟
المزيد.....
-
صور سريالية لأغرب -فنادق الحب- في اليابان
-
-حزب الله-: اشتبك مقاتلونا صباحا مع قوة إسرائيلية من مسافة ق
...
-
-كتائب القسام- تعلن استهداف قوة مشاة إسرائيلية وناقلة جند جن
...
-
الجزائر والجماعات المتشددة.. هاجس أمني في الداخل وتهديد إقلي
...
-
كييف تكشف عن تعرضها لهجمات بصواريخ باليستية روسية ثلثها أسلح
...
-
جمال كريمي بنشقرون : ظاهرة غياب البرلمانيين مسيئة لصورة المؤ
...
-
-تدمير ميركافا واشتباك وإيقاع قتلى وجرحى-..-حزب الله- ينفذ 1
...
-
مصدر: مقتل 3 مقاتلين في القوات الرديفة للجيش السوري بضربات أ
...
-
مصر تكشف تطورات أعمال الربط الكهربائي مع السعودية
-
أطعمة ومشروبات خطيرة على تلاميذ المدارس
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|