عبد العزيز الخاطر
الحوار المتمدن-العدد: 3318 - 2011 / 3 / 27 - 12:46
المحور:
المجتمع المدني
ثبت باليقين غير القابل للدحض ,أن الدولة لم تقم بعد فى عالمنا العربى, وكل ماعايشناه وما نعايشه هو فقط أنظمة تلتحف الدولة رداءً يخفى عورتها وإنكشافها.
الفراغ الذى تتركه الانظمة العربية بعد سقوطها واحدها تلو الآخر ومواجهة بعضها لخيارات الشعوب دليل قاطع , على أننا فى مرحلة ماقبل الدولة ؛ المرحله التى مرت على أوروبا بعد حربها على الاقطاع والطائفية الدينية أى ما قبل صلح وتسفاليا ونشوء الدولة القومية.
عندما يصبح الفراغ هو البديل للنظام أو الحرب الاهلية , يصبح واضحا غياب وجود الدولة . الدولة كيان معنوى دستورى يقوم على مؤسسات لا أفراد, فمن يعطينى مثالا واحدا له فى عالمنا العربى؟ فى بعض البلدان الكبيرة كمصر والباكستان وحتى تركيا الى وقت قريب إلا انها وبفضل الوعى لدى الشعب التركى , كانت الدولة هى المؤسسة العسكرية أو الجيش, بالتالى تنتج المؤسسة العسكرية دولتها القائمة على حفظ الأمن على حساب المواطنة والحقوق , فهى إحدى أشكال الدولة القمعية الناقصة كدولة الطوائف أو القبيلة وجوازا تسمى دول وسقوطها يعيد المجتمع الى المربع الأول .
الآن
تتسابق الاثنيات والدين السياسى والطوائف لصياغة الدولة القادمة فى شرقنا المتأخر حضاريا, ويستعين كل منها بوسائل التكنولوجيا والاتصال والقنوات الفضائية فى بث خطابات أقل ما يقال عنها أنها متخلفة ولاتتسق وروح العصر .
بالطبع لاتتشكل الدولة خارج مكوناتها المتواجدة, ويظهر أن هذه المكونات من القوة بحيث تصيغ دولتها حسب مفهوم الغلبة وليس الانصهار قفزا على التاريخ وتأخيرا لإستحقاقاته,أكثر من تأثرها بفكر الدولة السياسى وشروط تحققه .
إعادة بناء الدولة فعليا اليوم قد يتطلب إعادة النظر فى توافقاتها التى سيطر عليها النظام عنوة, وفرضها كدولة دون مرورها بالعمليه التاريخية اللازمة للتوافق ذاته, كما رأينا ذلك بعد إنهيار الاتحاد السوفياتى السابق. خاصة وأن الغرب يريد أن تبقى مصالحه دون مساس , فالدولة القادمة فى وطننا العربى اليوم , دولة ليست فقط استجابة لمكوناتها كما كان الامر فى السابق ولكن من الضرورة أن تتوافق مع النظام العالمى الجديد, لأنها ولادة متأخرة, وليست فى وقتها فعليها بالتالى التكيف مع الخارج بقدر قدرتها على التكيف مع مكوناتها.
تقسيم السودان , كان نهاية للسودان كنظام والتقسيم كان إستجابة لولادة قيصرية متأخرة فرضتها المصلحة الملحة للنظام العالمى,
أعتقد أن ليبيا كذلك مشروع قادم لولادة دولتين وليست دولة واحدة بعد نهاية نظام القذافى لنفس الشروط , بل وخوفى على القادمين الجدد من الانظمة المسماة دولا , ولم تختمر الدولة ولم تنضج بعد بين مكوناتها , ولا يمسكها سوى قوة البطش البوليسى وآلة الجيش والعسكر.
إستحقاقات إقامة الدول قائمة لاتسقط بالتقادم. علينا العمل على إرساء مايمكن إرساؤه من مقومات الدولة الحقيقية , بحيث يكون النظام فيها ثمرة لوجودها , وليست هى تمظهر لوجوده وسيطرته, لأنه فان وهى باقية.
#عبد_العزيز_الخاطر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟