جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3315 - 2011 / 3 / 24 - 00:46
المحور:
كتابات ساخرة
طبعا كل أنواع المأكولات والمشروبات تقول (يعيش النظام الأردني) .
هذا ليس مزاحا ً, ولا هو هراءً, ولكنه حقيقة نحس بها ونشاهدها يوميا, فكثيرون هم الذين ماتوا بسبب ارتفاع الأسعار, وأنا أعرف رجلا أراد أن يشتري دجاجة وحين عرف ثمن الكيلو أصيب بصدمة ومن ثم تحولت الصدمة إلى سكتة قلبية حقيقية مات الرجل على أثرها ولم يعرف أحد من أهله أو جيرانه بأن الفاعل كان دجاجة لونها أبيض وعُرفها أحمر وتمشي على قدمين, دجاجة!! نعم, كان المجرم دجاجة تتربص بالضحية وكان ضحيتها أصلا يريد أن يقتلها ولكنها سبقته على مبدأ ( إتغدى بعدوك قبل أن يتعشى بك) , طبعا القاتل دجاجة والضحية هو مواطن أردني, وفي عدة مرات كان الفاعل بطاطس أو بندورة أو وجبة همبورغر , وتصوروا معي بأن القاتل دجاجة والأمن العام الأردني يبحث عن الدجاجة التي قتلت المواطن الأردني في كل مكان ويريد محاكمتها أو تقديمها للعدالة بحجة مكافحة الفساد , ولو حسبنا جرائم الدجاج أو جرائم بُكس الفلين الممتلئة أحيانا بندورة وأحيانا قرنبيط وأحيانا باذنجان أسود ومنيل بستين نيله !! تصوروا معي لو حسبنا الجرائم تلك مضافٌ إليها جرائم أكيس السُكر والطحين , ماذا ستكون النتيجة؟, وتصوروا معي أنني أنا شخصيا في شهر رمضان الذي مضى كدتُ أن أموت بسبب بُكسة الخيار, فبكست الخيار كادت أن تودي بحياتي,وكادت أن تتركني صريعا كأنني صريع الهوى والغرام والحب العذري, أقصد لكنت ضحية كيلو الخيار حين كان سعر الكيلو دينار اً أردنيا واحدا, والمصيبة أن (التوكنجي) أو (الدوكنجي) صاحب البقالة قال لي هكذا: بدينار فقط لا غير سعر الكيلو الواحد يا أبو الشباب, فقلت له يا رجل : أتمزح؟, قال عفوا يا أخ أي هو أنا بعرفك؟ فقلت له : طبعا لا, ومضيت في طريقي وكدت أن أصاب بالصدمة وبالجلطة فقلت والله لازم قبيلة الخيار تعمل اجتماع عاجل لتوجيه رسالة شكر إلى الحكومة الأردنية التي جعلت يدي ويد كل الناس لا تستطيع أن تمتد إلى الخيار.
ومرة من ذات المرات حاولت في إحدى الدكاكين مد يدي إلى رأس زهرة فصاح بي صاحب البقالة (التوكنجي) : إيدك يا أبو الشباب إيدك..دير بالك اتمدها مرة ثانيه بدون أن تدفع أولا,. فقلت له : شو مالك يا رجل أي هو أنا كاين بدي أوكل رأس الزهرة(القرنبيط) لا سمح ألله , فقال : لا أكله بس ادفع حقه أولا, فقلت له: أي هو النظام الأردني ترك بي حيل للهضم أو للأكل أنا أشتم الرائحة فقط من بعيد, ومعدتي تؤلمني ولا أستطيع هضم كذا رأس قرنبيط ولا أستطيع أكل كذا وصدقوني أنني تخيلت كل الخضروات تشكر ألله وتحمده وتقول له (يعيش يعيش يعيش رئيس الحكومة الأردني) اللي امحلي المواطن الأردني مشلول الحركة , واستأنفتُ الحديث مرة ثانية وقلت للتاجر وأنا أتمسكن له: أنشاء ألله بس تتحسن معدتي غير آجي وأشتري باذنجان اسود.
طبعا تخيلوا معي بأن الطيور اللاحمة تقول : إما ذابح أو مذبوح , يعني إما أن يذبح المواطن الأردني الدجاج والعجول والأبقار وإما أن تقوم الأبقار والدجاج بذبح المواطن الأردني أو أن تقوم تلك الحيوانات بثورة مضادة تتفق فيها مع الحكومة على تجويع المواطن الأردني لكي لا يستطيع مد يده إلى شيء, طبعا لا يستطيع الدجاج بمفرده أن يمسك بالمواطن الأردني ويقتله أو يسلخ جلده عن لحمه ولحمه عن عظمه إلا بمساعدة الحكومة الأردنية حين تقوم برفع أسعار الدجاج واللحوم والخضروات, عندها فقط يقف المواطن الأردني وهو ينظر إلى الدجاج والدجاجُ يبادله نفس النظرات الحادة وكأنهم خصمان متصارعان فيقوم الدجاج بقتل المواطن الأردني دون أن يترك وراءه دليلا, فهل يستطيع مثلا ورثة المقتول رفع قضية على الدجاج!! فماذا سيقولون في المحكمة: ارتفاع سعر الدجاجة في الأعالي قتل الرجل !!وقُهر المواطن بسبب ارتفاع أسعاره فوق فوق فوق .
والمنطق يقول أن الدجاجة والخضروات ما كنا في أي يوم من الأيام مجرمات, والمجرم الحقيقي هو ارتفاع الأسعار, فهل شاهدتم مثلا دجاجة أو طيرا يحملان مسدسا أو سكيناً وهن يحاولن قتل المواطن الأردني؟ طبعا مستحيل فعملية القتل تتم بالقهر من خلال ارتفاع الأسعار, وأنا شاهدت مواطنا أردنيا قتل زوجته وأولاده بسبب بكسة بندورة ما كان يستطيع أن يشتريها لأولاده , وشاهدت مواطنا عراقيا باع كل شيء في داره ولم يبقى غير مروحة السقف فابتاعها منه رجل مُبتز واشترى بثمنها طعاما ووضع على الطعام السُم له ولزوجته ولأولاده, طبعا القاتل كان ارتفاع أسعار كل من البطاطة والبندورة وباقي الخضروات والمعلبات, إنني وأنا أمشي في الشارع وأنظر إلى السمك والخضروات والدواجن أتخيل كل تلك المأكولات الشهية تحاول قتلي كما قتلت وانتقمت من غيري وأتخيلها وهي تقول (تعيش الحكومة التي تمنع المواطن من أكلي ).
فعلا لولا سياسة الحكومة الأردنية مع الشعب الأردني لكان الدجاج في خطر دائم وكذلك البقوليات والحبوب والخضروات والفواكه,ولكن الحرب بيننا وبين الخضروات واللحوم والدواجن في الأردن من المفترض أن تكون كأي حرب , يعني من المفترض أن تكون الحربُ حربُ سجالٍ يوم لك ويومٌ عليك, يوم نهان ويوم ننتصر وندان, يوم نخسر ونغرم ويومٌ نغنم, ولكنها كما قلنا ليست كذلك فدائما نحن المغلوبون على أمرهم, فدائما ما يقتلنا البيض, ودائما ما يقهرنا الباذنجان, ولم نكسب أي معركة قدناها ضد البطاطس أو البندورة المُعلقة أو البطيخ المبسمر أو الخبز, دائما نحن ضحايا إرهاب الدجاج والخضروات والحيتان الذين يربون الدجاج ويدجنونه من أجل أن يسحقوننا به, فنحن أول شعب في العالم تسحقه أرجل الدجاج كأنها أرجل دبابات ومدرعات, وكل تلك الآفات أو المواد تشكر ألله وتشكر النظام الأردني الذي كسر ظهر المواطن الأردني وجعله عاجزا عن مد يده إلى السكين لتقشير الخيار أو حتى لفرمه أو تحزيزه , والدجاج , يتوجه بالشكر إلى رئيس الحكومة الأردنية وإلى السياسة الأردنية التي جعلت المواطن الأردني لا يستطيع شراء الدجاج لذبحه وسلخه وبهذا فإن الدجاج مصر على سياسة ذبح المواطن الأردني لكي لا يتمكن المواطن الأردني من إلحاق الأذى بالدجاج ,, لذلك الدجاج يصلي للرب صلاة الشكر على نعمه الكثيرة , وكذلك البطاطه تتوجه بالشكر أيضا للحكومة الأردنية التي جعلت منها مخلوقا لا يستطيع قتل البطاطه أو تقشيرها أو فرمها بالسكين أو طبخها أوسلقها, والبيض يشكر النظام الأردني الذي جعله مكدسا بالدكاكين ولا يستطيع أحد شراءه أو قليه مع البطاطه المفرومه أو سلقه أو حتى قليه لوحده.
والدجاج مجتمع اليوم مع البطاطس والخيار والبيض وكلهم يقولون يعيش يعيش يعيش , يعيش البلد على سياسته مع المواطن.
تصفيق يا شباب
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟