مواصفات الذات السيكوتربوية

صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 3309 - 2011 / 3 / 18 - 18:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

إن قابلية اكتساب المعارف اليومية والخبرات متفاوتة بين البشر تبعاً لمستويات وعيهم ونسبة ذكاؤهم ورواسبهم الكامنة، فالاستعاد النفسي يعدّ الأساس في تطوير قابلية الاكتساب أو تخلفها. إن الرغبات الذاتية منحازة على نحو لاواعي إلى رواسبها الكامنة التي تحفز الذات ايجاباً على اكتساب نوع محدد من المعرفة أو الخبرة الحياتية أو تحفزها على نحو سلبي في عدم اكتساب معرفة أو خبرة حياتية ما، فهناك عامل نفسي كامن يحكم علاقة اكتساب المعرفة والخبرة فيزيد نسبة الذكاء أو يقللها تبعاً لشدته أو ضعفه ولا يتوقف ذلك على محطة عمرية واحدة من حياة الإنسان وإنما يطال كل محطاته العمرية.
يعدّ العامل النفسي دافعاً كامناً وموجهاً على نحو هادف يحقق رغبات الذات الكامنة ما يؤدي إلى زيادة قابلية اكتساب المعارف والخبرات على نحو تراكمي وقصدي بهدف رفع شأن الذات في محيطها الاجتماعي. وإن جرى قسر الذات على اكتساب معارف وخبرات محددة بدالة الزمن نتيجة ضغط عائلي أو اجتماعي فإنها سرعان ما تعود إلى تحقيق رغباتها الكامنة في اكتساب معارف وخبرات تشغلها في اللاواعي لتحقيق ذاتها الكامنة على نحو أكبر من زيف ذاتها الاجتماعية، لذلك يجب أن تتوافق رغبات الذات الكامنة مع الذات الاجتماعية في اكتساب المعارف والخبرات على نحو إبداعي كونها خاضعة إلى عوامل كامنة على نحو أكبر من خضوعها إلى عوامل المحيط. لأن الغرس التربوي يجري على نحو لاواعي، على خلافه يجري الاكتساب المعرفي على نحو واعي بعدّه غرساً تعليمياً واعياً لتحقيق الذات الاجتماعية.
يلخص (( أ. كليمون )) مواصفات الذات السيكوتربوية في المحاور أدناه :
1 – " لا تكتسب الذات إعترافاً اجتماعياً من دون إثبات وجودها في المحيط الاجتماعي والتعريف بنفسها.
2 – تعتمد الذات الاجتماعية وسائل متنوعة وأساليب متباينة للتعريف بذاتها المعرفية والعلمية.
3 – تسعى الذات الاجتماعية إلى تحقيق ذاتها الفردية خلال المجموع وإظهار قدراتها الإبداعية المتميزة.
4 – النشاط الفردي على نحو واعي وفعال، يعدّ نشاطاً ذاتياً بحتاً لتحقيق الذات.
5 – تسعى الذات إلى إنتزاع إعترافاً اجتماعياً بتميزها ونشاطها الفعال وقدرتها الإبداعية.
6 – تستند الذات على وعيها ونشاطها ووجودها وصلاتها مع الآخرين على نحو غير قابل للطعن.
7 – تستند دينامية الفرد الذاتية على فعاليتها ونشاطها مع الآخرين.
8 – تعبر الذات على نحو لاإرادي عن انفعالاتها النفسية الكامنة ".
على الرغم من أن اكتساب المعارف خلال التعليم مرده الأساس تحقيق الذات الأنوية مقابل المجموع على نحو ظاهري لكنها على نحو باطني مسعى الذات الأنوية إلى تمييز نفسها عن الآخرين ليس بعدّها مكتسبة للمعرفة والخبرة وحسب، بل تتفوق عليهم بالمعرفة والخبرة وبذلك فإنها تقسرهم على الخضوع لمعيار التنافس الحر لاحتلال الأدوار في الدولة والمجتمع، بعدّه المعيار السوي لتحديد قيمة الفرد العلمية والمعرفية في الوسط الاجتماعي السوي. على خلافه فإن معيار قيمة الفرد العلمية والمعرفية في الأوساط الاجتماعية غير السوية ليست معياراً لاحتلاله الأدوار في الدولة والمجتمع وإنما معياراً للعزوة الحزبية والعائلية والمافوية المتحالفة مع حثالات قاع المجتمع ورعاعه.
تقول (( أ. زيمنيايا )) " إن عقيد المتعلم تعبر عن تطور إنعكاسيته ووعيه الذاتي بعدّه ذاتاً فعالة ذو قيمة اجتماعية هامة في نشاطها الفعال في المجتمع ".
إن اكتساب الخبرة الذاتية من المؤسسات التعليمية والتربوية أو المحيط الاجتماعي أو الأسري لتطوير قدرات الذات وتفعيل دورها وتحديد قيمتها الحقيقية في المجتمع بدالة العوامل الكامنة وشدتها مرده الأساس وجود علاقة غير قابلة للانفكاك بين التعليم والتربية وتوجهاتهما الهادفة إلى استقرار النظام الاجتماعي وتطوير مكتسبات أفراده التعليمية والتربوية ورفع مستويات وعيهم لمجاراة التطور والتقدم للواقع المعاصر.
يعتقد (( فيغوتسكي )) " أن مكتسبات الفرد المختلفة من المحيط الاجتماعي ومؤسسات التعليم تستند إلى العلاقة المتداخلة بين التعليم والتربية وتطور مستوياتهما وتوجهاتهما وأهدافهما ".
ليس سهلاً الفصل بين التعليم والتربية وتوجهاتهما وأهدافهما وبين الرغبات الذاتية الكامنة في تطوير قابلية الاكتساب المعرفي والتربوي أو تخلفها، وفي المحصلة فإن توجهات النظام التعليمي والتربوي وأهدافهما يستهدفان على نحو مباشر أفراد المجتمع للحفاظ على استقرار النظام الاجتماعي، وتوجهات الذات لاكتساب المعارف والخبرات على نحو تراكمي تستهدف انتزاع اعترافاً اجتماعياً بالذات وتحديد قيمتها الاجتماعية بعدّها معياراً سوياً لاحتلال الأدوار في الدولة والمجتمع.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se

#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات