|
ليعلن المسلم نفسه شيوعيا ماركسيا إذن!..
فاتن نور
الحوار المتمدن-العدد: 3307 - 2011 / 3 / 16 - 08:49
المحور:
كتابات ساخرة
جميل ومؤثر أن يشعر بعض المسلمين بأن ثوار العالم ومناضيله استلهموا روح الثورة والنضال من ثورة الإمام الحسين وسيرته العاطرة،ومنهم ربما يتصور لولا ثورته المباركة لما أنجب العالم ماو تسي تونغ ونلسون ماندلا والمهاتما غاندي والرفيق جيفارا..وغيرهم من الثوار.. إذا كان أبن كوبا الأرجنتينيّ الأصل جيفارا، الذي أعلن نفسه شيوعيا ماركسيا في خمسينيات القرن العشرين وبعد أن شجعته المناضلة اليسارية هيلدا أكوستا ومن منفاها في غواتيمالا على قراءة ماركس ولينين وماو وتروتسكي، اذا كان قد إستلهم من ثورة الإمام الحسين على سلم صعوده الى صحن المعرفة الثورية..فهذا جيد وحسن..
واذا كان ماو أبن أحد فلاحي الصين والذي أعتنق الشيوعية ابان دخوله جامعة بكين، وبات من مؤسسي الحزب الشيوعي في شنغهاي وزعيمه في ثلاثينيات القرن العشرين،وطور الشيوعية الى ماويّة إئتلافية المنشأ، والذي أحدث ثورة ثقافية عارمة في بلاد الصين الشاسعة اضمحلت على أثرها فلسفة كونفوشيوس التي تقدس الأباء والأجداد وترى عصور الحضارة الإنسانية قائمة خلف عجلة الزمن كمثل أمة الضاد والخير التي أُخرجت للناس، فأنقرضت الكونفوشيوسية بعد أن تجذّرت وامتدت ما يقارب العشرين قرنا، إذا كان هذا الرجل قد إستلهم ثقافته الثورية هو الأخر من ثورة الإمام.. فهذا مدهش ومثير..
واذا كان أبن الهند المهاتما غاندي والذي تبلورت ثقافته الروحية بالبراهمانية وبملاحم شعرية هندوسية يمتد تاريخها الى ما قبل الميلاد، وتبلورت فلسفته الحياتية والسياسية ببعض ما جاء به الأنجيل،وبقراءته لتولستوي الروسيّ و راسكين الأنكليزيّ.. اذا كان قد أستلهم أيضا من ثورة الإمام ونهل من سيرته البطولية وروافدها..فهذا مدهش وفاخر دونما نزاع..
وإذا كان نلسون مانديلا ابن قبيلة التمبو في جنوب أفريقيا ومن أبرز المناضلين ضد التمييز العنصري والمدافعين عن حقوق الإنسان في شتى أصقاع العالم،والذي تأثرت فلسفته الكفاحية بالمهاتما غاندي فسار على خطاه في طريق اللاعنف والمقاومة غير المسلحة،والتي تحولت الى مقاومة مسلحة بعد أن جوبه اللاعنف بالعنف،والأعزل بالسلاح،اذا كان بدوره قد إستلهم ما استلهمه من ثورة الحسين فصار رمزا يُقتدى به .. فهذا إمتياز مبهر يفوق حسنه دهشة الإثارة..
ولكن..إذا كان آدميو الأرض من أقصاها الى أقصاها قد إستناورا واستلهموا من ثورات رموز المسلمين، فأية خيبة هذه التي تحف المسلم، وأي عار يغتسل به عالمنا الإسلاميّ هذا الذي لم ينجب أمثال هؤلاء في تاريخه المعاصر على أقل تقدير،بل وقصم ظهورنا بدراسات وبحوث وتجليات مارثونية عن ثورة الإمام،وصم آذاننا بالخطب الرنانة والشعارات الزائفة،وحول الثورة الى طقوس مستفيضة بورع التظلم وجلد الذات،وباتت ثورة الحسين نافذة مشرعة للتنفيس عن مسببات الثورة لتفادي الإنفجار الثوريّ،أو بمعنى أدق وأرق لربما، قلب الثورة الى خوار وتسكع في الطرقات.. اذا كان المسلم يتصور فعلا أن الأرض أنجبت ثوارها بصيت ثورة الحسين وأصداء بسالتها النافذة من القطب الى القطب،فعليه أن يهرع الى الربع الخالي ليدفن رأسه برماله وكثبانه وحتى ينجب عالمه الإسلامي المحصن بفلسفات الخنوع والتوكل والإتكال،المزدهر بفقهاء التأويل والتفسير وكلّ على هوى مذهبه وسنة قراءته للنص والتاريخ،مناضلا ثوريا يقتدي برموزه إقتداءً فعليا لا خطابيا ويعيد إليه كرامته وإنسانيته ومعنى وجوده كآدميّ على وجه الأرض، إن لم يستطع أن ينضح أو يساهم بقطرة عرق واحدة في هذا الإتجاه.. أو حتى أن يصرخ سائلا متسائلا بقيمة أضعف الإيمان،لماذا عقرت ديار المسلمين ولديهم رموز إقتدى بها أناس ما وراء البحار لا يعتنقون ذات الدين ولا يطوفون حول قبور الأئمة والأنبياء كل عام وحين متضرعين أو مستلهمين!
آوليس المقتطف المقتضب أدناه هو أقل ما يمكن أن يفهمه ويقوله المسلم مصرحا عن قيمة ثورة الحسين:
((ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) كانت السبب في إحياء إرادة الجماهير المسلمة،وإنبعاث روح النضال والثورة ضد الفساد والإستعباد، وقد أحدثت هزّة قوية في ضمائر المسلمين الذين ركنوا الى الخنوع والتسليم،عاجزين عن مواجهة ذواتهم وجور حكامهم،فتعلم المسلم من ثورة الحسين (عليه السلام) أن لا يستسلم ولا يساوم، وأن يصرخ ويثور معبّراً عن رأيه وحقه في حياة أفضل)).. وبين القول والفعل هوة سحيقة لا تردمها زرقة الحبر الجاف مهما سُكب منه.. بل ستزيدنها عمقا واستنزافا للقيمة والجدوى.
والسؤال الطريف ( وشر البلية ما يضحك ويستثير قد أصبع السؤال) : هل على المسلم أن يعلن نفسه شيوعيا ماركسيا بعد قراءة مستفيضة كي يفهم ثورة الإمام الحسين كما ينبغي، أو كما فهمها جيفارا واستلهم منها مثلما يحكى، فأنتفض ثائرا طيلة حياته حتى جاءه قابض الأرواح عزرائيل من وديان بوليفيا!!.. .......
http://www.youtube.com/watch?v=4_rooiKWwOo
أعلاه، رابط فيديو تصويري عن الرفيق جيفارا أو تشي جيفارا (تشي باللغة الأسبانية : الرفيق).. أهديه الى المسلمين ممن يرون جيفارا من المناضلين الذين إستوقدتهم ثورة الحسين فوثبوا لثورة،علهم يقتدون بمن توقـّد به في الطرف الآخر من العالم بعد أن فاتهم قطار التوقـّد المباشر والإستلهام السريع.. وتحية إجلال باسلة أهديها الى ثوار المنطقة العربية أينما وجدوا، والذين حركوا المياه الراكدة منذ قرون خلت ليعبّ منها الطغاة المستبسلين على شعوبهم، والهادرين لما تبقى من ماء وجوههم الموحلة للبقاء في السلطة.. March, 15, 2011
#فاتن_نور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإنتفاضة الليبية بعد إنقلابٍ أبيض وتاريخٍ أسود..
-
حد النخاع..مع إنتفاضة العراق وثورته
-
زفيرُ التبغ الرديء..
-
ذاكرةُ قطرة مُتعَبة..
-
زرادشت ما بعد الصفر..
-
قطوع مكافِئة..
-
جدال المستويات.. والمجتمع بين الإقليدية واللاإقليدية
-
لا غبارَ ..
-
أرقٌ.. واصطياف
-
إغتراب جسد.. وثمة نيّف..
-
فضيحة على مقياس ريختر للبصيرة...
-
تفجيرات بغداد وأحجية المربع الأول...
-
للمطر ايضا..ثمة اساطير..
-
اذهب اليّ...
-
تسبيحات حمالة الحطب..
-
خربشات آخر دهشة
-
هل يتعارض نظام الكوتا مع مفهوم المساواة؟
-
قال لك العرّاف..
-
حوار ظريف حول تعدد الزوجات والأزواج...
-
إخضاع الدين لسلطة العقل:عبث ام ضرورة..
المزيد.....
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|