أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سامية ناصر خطيب - دارفور مرآة لازمة السودان















المزيد.....

دارفور مرآة لازمة السودان


سامية ناصر خطيب

الحوار المتمدن-العدد: 987 - 2004 / 10 / 15 - 09:05
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


السودان
دارفور مرآة لازمة السودان

ان قضية دارفور ليست قضية قبلية طائفية، بل قضية السودان باكمله: قضية التنمية غير المتوازنة والتوزيع غير العادل للسلطة والثروة؛ الامم المتحدة وصفت ازمة دارفور بانها من اسوأ الازمات الانسانية في التاريخ الحديث، ولكن العالم يتفرج.

سامية ناصر خطيب

ازمة دارفور التي اندلعت في السودان في نيسان 2003، حصدت حتى الآن ارواح 30-50 الف انسان، وشردت اكثر من مليون آخرين. عشرة آلاف شخص يموتون شهريا، في مخيمات اللاجئين بسبب المرض والعنف.
الحكومة السودانية التي تحكم بيد من حديد، تقوم بقصف قرى افريقية باكملها، وتسمح لميلشيات "الجنجويد" المسلمة باقتراف جرائم حرب ضد المدنيين الافارقة. وادى هذا لاتهام الحكومة بسياسة التطهير العرقي ضد الافارقة السودانيين. وتصف الامم المتحدة هذه الازمة بانها من اسوأ الازمات الانسانية في التاريخ الحديث، الا ان العالم يغض الطرف عن هذه المنطقة الفقيرة المنسية.
عدم الاستقرار السياسي هو الحالة الطبيعية في السودان، الذي تمزقه الحروب الاهلية الاثنية منذ استقلاله عام 1956. تعتبر السودان اكبر دول القارة الافريقية، اذ تعادل مساحتها مليونين ونصف المليون كلم2. يبلغ عدد سكانها 35 مليون نسمة، الاغلبية الساحقة، 70%، عرب مسلمون يسيطروا على مراكز القوة السياسية والاقتصادية في الخرطوم، و5% نصارى افارقة يتمركزون في الجنوب.
يقع اقليم دارفور غربي السودان، ويتألف من ثلاث ولايات يسكنها سبعة ملايين نسمة، وفق احصاء اجري عام 93. وخلافا للميزان الديمغرافي في السودان، تبلغ نسبة الافارقة بين سكان دارفور 60% تعتاش من الزراعة، فيما تبلغ نسبة العرب 40% تعتمد على الرعي.
في بداية الازمة اجتهدت الحكومة لاقناع الجامعة العربية بان ما يحدث في دارفور لم يكن سوى نشاط لعصابات لصوص وقطاع طرق. ومن بعدها ادعت انها حرب قبلية، وان السلطة تسعى لاعادة الاستقرار، وفي محاولة اخيرة لتمويه الامور زعمت ان وراء القضية هجمة صهيونية، تستهدف الاسلام والعروبة والثروات. في النهاية اعترفت بان هناك مشكلة امنية وسياسية، واعلنت استعدادها لاعادة تقسيم السلطة والثروات في البلاد.
قضية دارفور ليست قضية قبلية طائفية فحسب، انها تعبر عن قضية السودان باكمله: قضية التنمية غير المتوازنة، والتوزيع غير العادل للسلطة والثروة. شعارات المتمردين الذين يسمون انفسهم حركة تحرير السودان، تطالب ببناء سودان جديد على اسس اكثر عدلا ولصالح ازالة الغبن عن المناطق المهمشة واحداث تغيير جذري في كامل البنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

جذور الازمة

تعود جذور الازمة للثمانينات، حين اندلع صراع مسلح بين قبائل الفور الافريقية المسيحية في الجنوب والقبائل العربية المسلمة. الحرب الاهلية بدأت عام 1982، ودخلت تصعيدا خطيرا في عام 1989 مع انقلاب البشير والترابي وفرضهما نظام الشريعة على السودان الذي يعيش فيه ملايين المسيحيين، الامر الذي ادى لتمرد الجنوب برئاسة جون قرنق، والمطالبة بالحكم الذاتي. ولم تهدأ هذه الحرب حتى توسع التمرد ووصل الى اقليم دارفور.
المسؤولون الحكوميون في دارفور يتهمون القبائل الافريقية في الاقليم بالتمرد على السلطة. وبالمقابل تتهم "حركة تحرير السودان" حكومة الخرطوم بدعم وتشجيع قبائل عربية في دارفور، لاجراء تطهير عرقي بحق جنوبيين افارقة لجئوا من الجنوب للاقليم. بعض هؤلاء لجؤوا من الجنوب بسبب الحرب الاهلية التي ادت للمجاعة. بعضهم الآخر ترك الجنوب بسبب الجفاف الذي ضرب السودان منتصف الثمانينات، وادى لنزوح القبائل التي تعتمد على الرعي، الى مناطق القبائل التي تعتمد في معيشتها على الزراعة. وقد رافق هذا التنقل احتكاكات بين القبائل نجمت عن التزاحم على مصادر الرزق.
الحكومة السودانية استغلت الفقر لتطبق سياسة فرّق تسد، فضربت القبائل العربية بالافريقية، وسلحت الميليشيات القبلية ضد الجيش الشعبي الذي تمرد في الجنوب. وبالاضافة الى هذا انشأت بنوكا اسلامية لتمويل القبائل التي تعارض المتمردين من الجنوب. ولقمع التمرد في دارفور انشأت ميليشيا الجنجويد المطالبة اليوم بتفكيك سلاحها، والتي تتحمل مسؤولية القتل والحرق والتطهير العرقي.
وقد كشف بول كوي بول مراسل صحيفة "سودانايل" (29/9) عن "ان نظام الجبهة الاسلامية بزعامة حسن الترابي الذي تقاسم الحكم بعد الانقلاب العسكري عام 89 مع عمر البشير (حتى عام 2000)، وضع مشروعا لحل مشكلة جنوب السودان. تضمن المشروع التطهير العرقي، من خلال اعلان الجهاد المزعوم في الجنوب ضد المواطنين الاصليين، حرق كنائسهم، سبي نسائهم وفتياتهم، استدراج اطفالهم وترحيلهم للشمال".
الكاتب السوداني ابو بكر القاضي كتب في نفس الصحيفة (27/9): "الحكومات المتعاقبة استغلت الخلافات العرقية كل مرة لتضرب جهة بالاخرى. فعندما انتفض الجنوب عام 83 استغل المركز في الشمال اهل دارفور في محاربة الجنوب نيابة عن المركز. وعندما توصل الطرفان الى عدم جدوى محاربة الطرفين لبعضهما البعض قرر اهل دارفور التمرد هو الآخر ضد المركز، الا ان هذه الفكرة أُجهضت".
التطور المهم جاء في اعلان "جبهة تحرير دارفور" و"جيش تحرير دارفور" في بيان لهما في 14/3/2003 عن تغيير اسميهما ل"حركة تحرير السودان" و"جيش تحرير السودان". في البيان اوضحت الحركتان ان هدفهما العمل مع التنظيمات الاخرى على بناء سودان ديمقراطي موحد على قواعد من العدالة واعادة توزيع الثروة، الحرية الثقافية والسياسية والرخاء المادي والمعنوي لكل السودانيين.
وقد كتب د. الشفيع الاخضر: "ان الصراعات القبلية في السودان تعدت طابعها التقليدي، وتحولت من مجرد تنازع على الموارد الطبيعية المتدهورة، الى تطلع مشروع نحو المشاركة الحقيقية في السلطة وفي صنع القرار السياسي والاداري ونحو اقتسام عادل". (سودانيز اون لاين، 26/9)

تدخل الدول العظمى

رغم اعتراف الحكومة بشرعية مطالب المتمردين، الا انها ردت بقمع التمرد، مستعينة بميليشيات الجنجويد. هذه الاخيرة التي يرجح ان يكون اصل تسميتها هو "جن على ظهر جواد"، قامت بسرقة وتدمير المنازل والمحاصيل والمواشي، حرق القرى وتشريد السكان.
منظمة حقوق الانسان العالمية اكدت من خلال بعثتها للتحقيق في الانتهاكات في دارفور، بان الحكومة السودانية ضمت ميليشيا الجنجويد للشرطة والجيش السوداني، واقامت 16 معسكرا في الاقليم، بعضها بادارة مشتركة للجنجويد والجيش.
انتقلت قضية دارفور من يد الحكومة الى مجلس الامن. وقد سن هذا الاخير قرارين رقم 1556 و1564، الاول ادان السودان وامهله 30 يوما لحل الازمة والسيطرة على الوضع الانساني المتردي، وتقديم المسؤولين عن الكارثة الانسانية للعدالة، ونزع سلاح ميليشيا الجنجويد. بعد نهاية المهلة في 30/8 الاخير، صدر القرار الثاني الذي يكرر عمليا نفس مطلب القرار الاول.
في بيان منظمة حقوق الانسان العالمية (27/9)، انه بالرغم من وعود الحكومة بتحييد ميليشيا الجنجويد وتجريدها من السلاح، الا ان شبكة واسعة النطاق من المعسكرات ظلت تمارس نشاطها، طوال الفترة التي كان من المفترض ان تسعى فيها الحكومة لتنفيذ وعدها.
تدخلت في الازمة دول عديدة، كل حسب علاقتها بالحكومة السودانية ومصالحها في البلاد، بدءا بفرنسا التي لها مصالح حيوية في السودان، ثم روسيا وحتى مصر والصين. وقد حاولت هذه الحؤول دون اتخاذ مجلس الامن قرارا بفرض عقوبات على السودان، نافية تهمة التطهير العرقي عن الحكومة.
اما الولايات المتحدة فتدخلت لصالح المتمردين السود في الجنوب، وطلبت فرض نظام عقوبات على حكومة الخرطوم. ويرى بعض المحللين ان دعم الرئيس بوش للافارقة في السودان ضد العرب، يأتي لكسب السود في حملته الانتخابية الوشيكة. ولا شك ان الانباء عن احتياطات النفط الضخمة في السودان ومعدن اليورانيوم النادر والعناصر المعدنية الاخرى، اسالت لعاب الغرب، علما ان امريكا كانت السباقة في التوقيع على عقود النفط في جنوب السودان. الامر المؤكد انه في ظل حكومة دكتاتورية ومتمردين موالين لامريكا وتلاعب الدول العظمى، لن تجد ازمة دارفور طريقها للحل.



#سامية_ناصر_خطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقوط الجندي الالف يعمق الانقسام الامريكي
- ايران: السلطة الروحية ضد سلطة الشعب
- د. نوال السعداوي: لماذا يخاف الرجال من رؤوس النساء
- الانتخابات المحلية العربية في اسرائيل: انتصرت العائلية والطا ...
- امريكا تربح في العراق وتخسر في السعودية
- الحرب تعرّي الانظمة العربية
- الاسلام السياسي من المنظور الطبقي
- اسرائيل تفضح فساد السلطة للقضاء عليها
- الدبابات تهمّش الاصلاحات
- العمليات الانتحارية من استراتيجية خاطئة الى فوضى عارمة
- عزمي بشارة يعرج الى السعودية
- في الاشتراكية السبيل لتحرر المرأة
- نساء في ظل طالبان لا قيمة لحياتهن


المزيد.....




- جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال ...
- الجولاني: نعمل على تأمين مواقع الأسلحة الكيميائية.. وأمريكا ...
- فلسطينيون اختفوا قسريا بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية مناز ...
- سوريا: البشير يتعهد احترام حقوق الجميع وحزب البعث يعلق نشاطه ...
- مصادر عبرية: إصابة 4 إسرائيليين جراء إطلاق نار على حافلة بال ...
- جيش بلا ردع.. إسرائيل تدمر ترسانة سوريا
- قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 57 مقذوفا خلال 24 ساعة
- البنتاغون: نرحب بتصريحات زعيم المعارضة السورية بشأن الأسلحة ...
- مارين لوبان تتصدر استطلاعا للرأي كأبرز مرشحة لرئاسة فرنسا
- -الجولاني- يؤكد أنه سيحل قوات الأمن التابعة لنظام بشار الأسد ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سامية ناصر خطيب - دارفور مرآة لازمة السودان