المناضل الأممي عبد الله أوجلان في شارع المتنبي
صادق إطيمش
2011 / 3 / 13 - 01:19
ألأهزوجة العراقية التي يرددها العراقيون اليوم " إلما يزور التحرير عمره خساره " تعبر عن رغبة العراقيين بالمشاركة في التظاهرات والإحتجاجات التي يحتضنها منذ الخامس والعشرين من شباط الماضي نصب الحرية الذي يرمز إلى عظمة وأصالة حركة التحرر الوطني بالعراق التي عبر عنها الفنان الراحل جواد سليم بهذا النصب العظيم . هذا النصب الذي يقف تحته اليوم آلاف العراقيين معبرين عن تعلقهم بالعراق ونضال أهله اولاً وعن مدى إستعدادهم لتبني المطالب الجماهيرية من خلال الشعارات السلمية والتصرفات الحضارية ثانياً . فزيارة ساحة التحرير في بغداد اصبحت اليوم رمزاً لمشاركة الجماهير الشعبية همومها وآلامها ومآسيها التي جاءت بها سياسة المحاصصات الطائفية والإنتماءات العشائرية والإصطفافات القومية الشوفينية المناطقية لقوى وتيارات أحزاب الإسلام السياسي والتقوقع القومي العشائري . وساحة التحرير الرمز هذه تكررت في جميع محافظات العراق التي خرج فيها الناس مطالبين بحقهم الطبيعي بحياة تليق بما لهذا الوطن من تاريخ وما فيه من خيرات إستحوذ عليها لصوص الإسلام السياسي وشركاؤهم في سرقة خيرات هذا الوطن وأموال أهله في الحكومات التي أطلقوا عليها مختلف النعوت التي حاولوا بها تحسين وجهها الذي كان بشعاً دوماً . ففي كل محافظة إذن كانت هناك ساحة التحرير التي يمكن زيارتها ومقاسمة الناس همومهم عليها . إلا ان شارع المتنبي في بغداد الذي إنطلقت منه أيضاً مظاهرات واحتجاجات الجمعة ، لا مثيل له في أية محافظة عراقية ولا يمكن التعويض عن التواجد فيه بين زحام الكتل البشرية وأرصفة الكتب والمجلات التي تنتقل من يد إلى أخرى لتنقل معها شغف العراقيين بالثقافة على مختلف مشاربها إلى آلاف البيوت والنوادي والمراكز الثقافية في كافة أرجاء الوطن . شارع المتنبي في بغداد لا يمكن أن يستغني عن زيارته أي زائر لهذه المدينة المترامية الأطراف . وبعكسه فإن الأهزوجة أعلاه ستنطبق عليه تماماً ، لاسيما حين لا يكون البديل متوفراً لا بالعراق فقط ، بل وفي العالم أجمع على ما اعتقد .
في شارع المتنبي في بغداد وجدت المناضل الأممي عبد الله أوجلان في وجوه شباب يملؤها الإصرار والعزم والقناعة بالقضية التي جاءوا من أجلها إلى هذا الشارع وفي يوم الجمعة الموافق 11.02.2011 ليعلنوا عبر المنشورات التي وزعوها عن عمق المأساة التي تمر بها حركة التحرر الأممية وهي تنظر إلى واحد من أبرز قادتها وهو أسير طغمة عنصرية شوفينية منذ الخامس عشر من شباط عام 1999 ولحد الآن . لقد كان الحديث مع هؤلاء الشباب الباحثين عن الدعم الجماهيري بين زوار شارع المتنبي لقضيتهم العادلة حديثاً له كثيراً من الأبعاد والدلالات التي لا يمكن لأي مدافع عن حقوق الإنسان وحريته في العيش الكريم ان يتجاوزها أو يمر عليها مر الكرام . فإنهم حينما يتكلمون عن القائد الأممي الأسير عبد الله أوجلان ، فإنهم يعكسون بذلك مأساة شعب بكامله فككت أوصاله قوى الإستعمار العالمي وجعلته مشتتاً بين القوميات التركية والفارسية والعربية التي أذاقته الكثير من المآسي والويلات ومارست بحقه مختلف السياسات الهمجية العنصرية القمعية من خلال
تزوير تاريخ الشعب الكوردي الذي تمتد جذوره في أعمق أعماق التاريخ ومن خلال عمليات القمع العنصرية الهادفة إلى صهر القومية الكوردية في هذه القوميات التي أرادت الأنظمة الحاكمة فيها أن تجعل من الكورد مجرد مجموعات تابعة لا حق لها أن تتمتع بما تتمتع به الشعوب والقوميات الأخرى ثقافياً وسياسياً واقتصادياً .
لقد برز القائد الأممي عبد الله أوجالان كواحد من المدافعين عن هذا الشعب والمناضلين في سبيل حصوله على كامل حقوقه وذلك من منطلقات ثورية علمية وفلسفة تحررية واعية رفضت ما قامت عليه بعض حركات التحرر الكوردية من إلتزامها بضيق الأفق العشائري أو التمحور الديني أو الإنتماء المناطقي . ولا غرابة في أن ينتمي عبد الله اوجلان إلى فلسفة التحرر هذه وهو الذي عاش في كنف عائلة كوردية فقيرة وتبنى منذ شبابه النضال من أجل تحقيق أصالة الهوية الكوردية من خلال مقاومة السياسات الإستعمارية والعنصرية الشوفينية على مختلف بقاع تشتت الشعب الكوردي .
لم يعتمد القائد الأممي عبد الله أوجلان على السلاح فقط ، وهو العامل الذي بدا وكأنه الوحيد الذي يستطيع الوقوف أمام القمع العنصري الذي واجهه الشعب الكوردي ، بل انه ، وانطلاقاً من تبنيه للفلسفة العلمية في حركة التحرر ، جعل من الثقافة والتوعية بالقضية ، لا مجرد التبني العاطفي لها ،الأساس الذي يقف عليه كل مناضل في سبيل هذه القضية العادلة ، قضية الشعب الكوردي ، التي طورها عبد الله أوجلان إلى قضية الشرق الأوسط برمته . لقد عبر البيان الذي إحتضنه شارع المتنبي عن هذه الحقيقة التي عكست اصالة الثورة الكوردية ومبدئيتها في التعامل مع الواقع الذي تعيشه الأمة الكوردية في بقاع الشتات . كما اكد البيان على إستمرار زخم نضال الشعب الكوردي إذ جاء فيه :
نحن كلجنة دفاع عن صحة القائد أمضينا ثلاث سنوات
في جنوب كوردستان نناضل من أجل حرية القيادة. إن
قضية القائد عبد الله أوجلان ليست بقضية شخصية لأنه
عبر شخصيته يريدون القضاء على الشعب الكوردي برمته.
وأكد البيان في الختام حتمية إنتصار القضية الكوردية باعتبارها تشكل إحدى ركائز النضال الأممي الذي يخوضه الشعب الكوردي البطل .
وعلى هذا الأساس وانظلاقاً من عدالة نضال الشعب الكوردي ضد الأنظمة العنصرية الدكتاتورية المتخلفة في تركيا وسوريا وإيران وتعميقاً لمسيرة التحرر التي يخوضها الشعب الكوردي بالعراق الآن ، ندعو كل القوى المؤمنة فعلاً لا قولاً بحق الأمم والشعوب بتقرير مصيرها إلى أن تتكاتف لنصرة الشعب الكوردي في ثورته الظافرة وتحقيق أماني الملايين من الكورد وأصدقاءهم على مختلف بقاع العالم .