أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - الراشي والمرتشي في النار















المزيد.....

الراشي والمرتشي في النار


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3292 - 2011 / 3 / 1 - 11:28
المحور: كتابات ساخرة
    


"لعن الله الراشي والمرتشي، والرائش بينهما". حديث نبوي

تعتبر الرشوة التي دفعها العاهل السعودي لدى عودته من رحلته الاستشفائية في أمريكا، وبعد انفجار الشارع العربي في وجه مجوّعيه وناهبيه وقاطعي رزقه، أكبر رشوة معروفة تدفع على مر التاريخ، وبذا يدخل العرب مرة أخرى، وكل الحمد والشكر لله، التاريخ من أوسع أبوابه عبر تسجيل المزيد من الأرقام القياسية، بعد أن كان "زميله" الآخر في ما يسمى بمؤسسة القمة العربية، ونعني المهرج الكبير سيادة العقيد، ما غيره "أبو زنقة زنقة"، قد دفع أكبر فدية في التاريخ، وهي حوالي أربعة مليارات من الدولارات، لضحايا جريمة لوكربي التي قام بتنفيذها فوق سماء قرية لوكربي الاسكتلندية مستهدفاً طائرة الـPAN-AM الرحلة رقم 103. نعم ها هم يتهارعون، ويا عيني عليهم، لتسجيل الأرقام القياسية، ولكن ليس في صفحات التاريخ البيضاء، كلا وألف حاشاهام وحاشاكم، بل في القوائم والصفحات والأفعال السوداء المخجلة التي اشتهروا بها. الله أكبر، فأكبر فدية وأكبر رشوة هي حصاد هذا الهشيم والحطام العربي الكبير.

وبغض النظر عن الريبة الكبيرة في خلفيات ودوافع هذه الرشاوي غير البريئة، وغير النظيفة مطلقاً، والخبيثة، والتي لم تدفع لوجه الله، وفرح الأطفال، كلا وأيم الحق الذي فيه يمترون، فإن لهذه الرشاوى تداعيات خطيرة على صعيد الإضرار بالبعد العقائدي، ذاته، الذي يحاول هؤلاء تلبسه والظهور بمظهر حماته، لاسيما وأن العاهل السعودي، مثلاً، يحمل لقب خادم الحرمين الشريفين، وهو لقب ديني يتفوق برمزيته على لقب الإمام الأكبر الذي يحمله شيخ الأزهر يمثل من خلاله الرمز الرسمي المؤسساتي للمسلمين عبر العالم. ولا ننسى أن زميل العاهل السعودي، سيادة العقيد، كان قد قال عن نفسه بأنه إمام المسلمين، وعميد الحكام العرب، وملك الملوك في تصريحه الشهير. فها هو إمام المسلمين، ما غيره، يقدم رشوة علنية للمسلمين.

فقد دفع سيادة العقيد القذافي، أول من أمس أيضاً رشوة تقدر بـ: 500 دينار ليبي (حوالي $402 ) لمن تبقى له من رعايا ليبيا في طرابلس وذلك لضمان صمتهم وعدم خروجهم عن طاعته، وذلك بعد سقوط بنغازي وكافة المدن الليبية الأخرى بقبضة الثائرين بعد أربعة عقود من التهريج والدجل الثوري الزائف( إذا لا يفهم، البتة، كيف سينشر الحرية والثورة من يضطهد الناس ويقمعهم وينهبهم ويجوعهم ويهينهم)، والنطوطة والعربدة والاعتباطية والمغامرة السياسية والجموح والانفلات العقائدي والإيديولوجي، التي جعلت من الشعب الليبي من أفقر شعوب الأرض، وتماماً مثل نظرائهم من ضحايا الفساد والاستبداد العبودي العربي، رغم أن هذا البلد شبه القاري يسبح على بحر من الخيرات والثروات.

فإزاء هذا الوضع المتفجر لم يكن هناك من بد لتنفيس الاحتقان، سوى القيام بدفع الرشاوى للشعوب، ولا أدري إن كان "الراشون" هؤلاء يعلمون جيداً، وهم ظلال الله في الأرض كما يدعون ويزعمون، أن هذه الرشاوى مخالفة للعقيدة والشريعة الإسلامية، ذاتها، بوجود حديث نبوي، يقول: لعن الله الراشي والمرتشي، وفي لفظٍ آخر، والرائش بينهما"، والملعون واللعين في النار، كإبليس اللعين، أول المبشرين بها، وقد لعن رجل بعيره في سفر فأمر النبي بإرجاع البعير، وقال: "لا يصحبنا ملعون." أي لن يكون في صحبة النبي لا في الدنيا ولا في الآخرة، من هو ملعون كالراشي، ناهيكم عن وجود عشرات الآيات والأحاديث التي تنهي عن السرقة وأكل أموال الناس بالباطل وحرمة أموال الغير وهضم حقوقهم، فكل ذلك يتناقض مع شرائع الأرض قبل أن يتناقض، أصلاً، مع كل الشرائع التي يقال بأنها نزلت من السماء.

وإذا كنا نعلم سلفاً ومسبقاً، أن هذه الشعوب المنكوبة، "وبافتراض قبولها للرشوة" هي تكتوي وتتلظى، للتو، وفي تحقيق رمزي دنيوي وآني، على الأقل، لنبوءة الحديث النبوي، بنيران الفقر، والبؤس، والجوع، والفساد والاستبداد، والضرائب وسياسات الإفقار التي تجلد ظهورها، وهي كانت ما تنفك تتعرض للشواء قبل أن تتلقى هذه الرشاوى المريبة والمضحكة، فلا ندري ما هو وضع ومصير الراشين، وفيما إذا كان هؤلاء الراشون قد اكتووا بأية نيران من تلك التي تعانيها شعوب، اللهم سوى نيران كنسهم مؤخراً على ذاك النحو الفظيع، أو فيما إذا كان شيوخ البلاطات سيفتون بحرمة هذه الرشاوى، وينهون عن قبولها، في هذا الوقت بالذات، كونها رشوة رسمية وعلنية أتت على خلفية انفجار الشارع العربي وليست لوجه الله وحباً بالشعب، وهي موجهة تحديداً، وحصراً، لضمان صمت الشعوب وهدوئها. فمن كان يتصور مثلاً أنه حتى "سرطنة كابوس" في عُمان، (لا يوجد خطأ إملائي ها هنا)، ستنتفض ومن "صحار"، هي الأخرى في وجه هذا الجحا العصري، وليختفي وبغرابة وتشابه شديد رجال الأمن دفعة واحدة من الشارع، ما حدا به، هو الآخر، فوراً، لدفع مبلغ 150 ريال عماني (حوالي 390 دولاراً أمريكياً) لينضم هو الآخر إلى رتل الذاهبين إلى النار من الراشين، وكله حسب الحديث النبوي؟ وبعد أن كانت قد انفجرت أيضاً "مهلكة" البحرين الهادئة القاعدة الرسمية المعتمدة للأسطول الخامس الأمريكي، والتي تمارس التمييز العنصري العلني بين مواطنيها وتنكر أبسط حقوقهم السياسية والوطنية، وتستورد في سابقة عجيبة سكان من دول أخرى لإحداث توازن طائفي، ما حدا بعاهلها أيضاً فوراً لدفع رشوة 1000 دينار بحرني (2650 دولار أمريكي)، لكل أسرة بحرينية لإسكاتها. وفي هذه المعمعة الفورانية الجياشة لم يجد سفاح دارفور، المفلس مالياً، من رشوة يقدمها لشعبه سوى إعلانه عن تخليه عن السلطة في نهاية ولايته، ولعمري هذه أكبر "رشوة" وبشري تدفع للشعب السوداني كي لا ينتفض ويصمت عن موبقات وإجرام الماريشال البشير، وفي منظورنا لو صدق هذا الدجال الثوري، لكانت هذه الرشوة، ورمزياً، أكبر من رشوة خادم الحرمين، لأنه لا يوجد ثمن ولا مبلغ لإزاحة هذا الكابوس الثقيل عن ظهر الشعب السوداني.

لم يكتف رموز القهر والاستبداد والفساد العربي، وعلى مر تاريخهم المرير الطويل، بخرق كل قوانين الأرض والاستهتار بها، والاستخفاف بكل القيم والمواثيق والأعراف والقيم الخالدة والمقدسة التي تعارفت وتوافقت عليها البشرية، ولكنهم، اليوم، ينقلون نشاطهم نحو السماء، ليمارسوا ذات الخرق، والضرر، والإيذاء، وبذات الطريقة المعهودة من الصلف والاستكبار والعجرفة والنرجسية، لقوانين السماء، ذاتها، وشرائعها، التي يدّعون أنها يمثلونها ويحافظون عليها عبر دفع الرشاوى المحرّمة دينياً وشرعياً.

هذه الرشاوىتحمل طابع عدم الشرعية، وهي، بالمطلق، غير مقبولة دينياً، والسؤال الأهم هل سيذهب هؤلاء الراشون للنار حسب الحديث النبوي، أي هل سيكون رمز ديني كبير كخادم الحرمين الشريفين، أو إمام المسلمين، في النار لأنهم راشون؟ لا بل، والأبعد والأعمق من ذلك، كله، هل سيقبل المسلمون هذه الرشاوى اليوم، مع علمهم بأنها مجرد رشاوى لم تدفع لوجه الله، ولاسيما المؤمنون المتدينون منهم، وهم كثر؟



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رشوة الحاكم العربي: لا قانونية ولا أخلاقية الفعل
- الحمير هي الحل
- رأس الأفعى الوهابية: مزبلة الطغاة العرب
- تنازلات الطغاة العرب قي الوقت الضائع
- الطاغية العربي وحيداً ولا يجد من يدافع عنه
- عصابة اللهو الخفي المصرية في قاووش واحد
- سيف الأحلام القذافي: سيف من خشب أتى ليكحلها فعماها
- سقوط الاستراتيجيات الأمنية للأنظمة العربية
- إياكم أن يضحكوا عليكم: لا لرشوة المواطن العربي
- هل جاء دور العقيد الليبي؟
- لن تحميكم أمريكا ولا إسرائيل، ولا ملياراتكم، بل حب شعوبكم
- باي باي: في رثاء معسكر الاعتدال العربي
- هل تكفّر الجيوش العربية عن تاريخها القديم؟
- طوبى للأغبياء: الغباء يصنع المعجزات
- هل تتحرر مصر من حقبة مبارك الوهابية ؟
- تنحوا، طال عمركم، قبل أن تُنحوا، فذلكم خير لكم لعلكم تفلحون! ...
- اقبضوا فوراً على فيصل القاسم مفجر الثورات والشوارع!!!
- سَيُصْلى ثورة ذات غضب
- ما أغنى عنه ماله وما كسب
- وامرأته حمّالة الذهب


المزيد.....




- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - الراشي والمرتشي في النار