هل القذافي هو الشخص الأخرق الوحيد في ليبيا؟
محمود جلبوط
2011 / 2 / 26 - 20:36
بعد الاستماع إلى كلمة ممثل ليبيا في الأمم المتحدة الصديق السابق للعقيد ومشاهدة العديد من الليبيين المتزاحمين على القنوات الفضائية والجهات الإعلامية الأخرى لإبراز نجوميتهم الإعلامية تطفلا على ما يجري في ليبيا : الجواب هو بالنفي , لأن ما يقومون به هو خرق وحماقة تتضافر مع ما يعتمده القذّافي في مواجهة شعبه.
إلى ما يهدف الدعاة الليبيين : من نجوم القنوات الفضائية ذائعة الصيت , وأعضاء "المنظمات الدولية" و"الإعداد الديمقراطي" المتنوعة , والمقيمين في الغرب وأمريكا من دعاة "لجان حقوق إنسان" والمنتدبون إلى "المحكمة الجنائية" , و جماعات "إخوان المسلمين" إلى جانب الدور المشبوه والعلني "لأولاد هيلاري" , من دعوتهم "مجلس الأمن" ودول الغرب للتدخل السريع "لإنقاذ الليبيين"؟
هل تقتصر هذه الدعوة إلى استجلاب "مرتزقة غربيين" بسحنة بيضاء هذه المرة لاستعمار ليبيا يجارون بذلك أترابهم العراقيين لمواجهة المأفون القذافي و"مرتزقته" ذوي السحنة السمراء؟
رب بعض من يقاتل إلى جانب القذافي يقاتل اقتناعا بعدالة قضيته بناءا على ما قد سوقه العقيد ونظامه لديهم تضليلا فترة حكمه الممتدة , وبالتأكيد إن من يقاتل إلى جانبه من "المرتزقة" سود كانوا أم بيض يفعلون هذا مقابل أجر مغرِِ دفعه لهم أو وعدهم به ولكنهم سيغادرون ليبيا فور انتهاء المهمة أو يموتون أثنائها أو يلقي شباب الانتفاضة القبض عليهم , المهم أن ليس لهم مطامع لا ببترول ليبيا ولا بأرضها ولا بسوقها , أما "المرتزقة" البيض ذو الدم الأزرق اللذين يستغيث بهم هؤلاء الدعاة المستغيثين ب"مجلس أمنهم" و"محكمتهم الجنائية" "لخلع القذافي" لاستجلابهم , ينتظرون بشوق بلعاب يسيل على النفط الليبي الخفيف يتنافخون ادعاءا بالحرص على أرواح الأبرياء وهم لا يأبهون لا بالدم الليبي المراق على أيدي القذّافي و"مرتزقته" السود والبيض ( والعرب كما هوّش بعض هؤلاء الدعاة) , ولا بالذي يمكن أن يراق على أيدي مقاومة شباب الانتفاضة أنفسهم : إنهم مستعدون لإمداد جميع الأطراف في ليبيا بالسلاح الفتاك ليتقاتلوا حتى آخر قطرة دم ليبية وعربية وأفريقية , ومستعدون حرق ليبيا بقبائلها التي يتغنى بها "مثقفو" ليبيا ضيوف الفضائيات مقابل أن لا تهرق نقطة نفط واحدة نفط وأن يستمر تدفقه إلى بلادهم هكذا فعلوا في العراق , أحرقوه بالكامل على نفقته ومن نفطه وبنفطه ثم عهدوا إعادة إعماره لشركاتهم وعلى نفقته وبنفطه أيضا , فهل يتعظ هؤلاء الليبيون من المثل العراقي الذي مازال ماثلا أمام أعينهم؟
ثم كيف يستوي الأمر لدى هؤلاء المستغيثين ب"الجامعة العربية" لنصرتهم وهي ليست سوى جامعة لمندوبي أنظمة الدويلات العربية الدكتاتورية كالقذّافي؟ أم أنهم غفلوا عن أن من يستنجدوا بهم لا يقلّون عن قذّافهم لا خرقا ولا دموية ولا دكتاتورية , ولو استطاع أشباه القذّافي هؤلاء لبذلوا كل ما في وسعهم لإنقاذه ليس حبا فيه , فلا يوجد نظام عربي يحب شبيهه الآخر من الأنظمة الأخرى فهم يقضون فترات حكمهم يتنافسون فيما بينهم لمرضاة أمريكا وربيبتها الصهيونية ويكيدون ضد بعضهم لديها , بل سيفعلون هذا خوفا من الشعوب العربية المنتفضة , من أن يمتد ما جرى في تونس ومصر وما يجري الآن في ليبيا واليمن والبحرين والأردن والعراق إلى عروشهم , بل هم والله في دواخلهم يوافقون القذّافي بكل ما يقوم به من قتل بحق شعبه هناك لعلّ ما يقوم به يجدي في إعادة الخوف والذل الذي زال من قلوبهم بزنود شباب تونس ومصر ويساهم اليوم شباب ليبيا بقسط منه , ثم لنتكلم بصراحة وع المفتشر كما يقول المصريون: إن جميع الأنظمة العربية بلا استثناء مش فاضية هالوقت وغرقانة لأذنيها في الخوف والهم والوجل , هم منشغلون حتى النخاع في إعداد العدة ليومهم الشبيه بما يجري في ليبيا , يراقبون تفاصيل ما يجري بكل دقة : إن ما يقترفه القذّافي أو ردود فعل المنتفضين على حد سواء للاستفادة ببعض دروس علّها تفيد في مواجهتهم القادمة التي لا بد قادمة إليهم.
المأمول من المنتفضين في ليبيا والشعب الليبي بمجمله التسلّح بالوعي الثوري وحكمته والانشغال بالحرص على المصالح الليبية والعربية والاستفادة من الدروس المصرية والتونسية والتمسك بالوحدة الوطنية الخارقة للتجمعات القبلية وغير القبلية في تصديهم لنظام القذّافي وعائلته وأعوانه , والسعي الحثيث لتشكيل القيادة الجامعة للتحركات الشعبية وإنشاء السلطات البديلة وحتى المقاومة العسكرية من العسكر والضباط المنضمين إلى الانتفاضة والمنضوين تحت راية ثوارها للإسراع في إنجاز الخواتم المأمولة لهذه الانتفاضة قبل أن تنقض قوى الثورة المضادة على المكتسبات المنجزة وإجهاض الانتفاضة وربما الإجهاز ليس فقط على مجمل ليبيا بل ربما لضرب ما حققته الانتفاضتين الجارتين في مصر وتونس , عزاؤنا للشهداء الليبيين وشهداء المنتفضين جميعا.