|
حدود علمانية و ديموقراطية العراق الجديد
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3256 - 2011 / 1 / 24 - 15:03
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
هناك جدل واسع حول سمات دولة العراق الحديثة على ارض الواقع و ما يتميز به دستوره التوافقي و تطبيقاته و هو بائن من اعتماداته الشرعية و الوضعية كمصادر رئيسية لقوانينه و الاحتمالات المتعددة لقرءاته وتفسيراته المختلفة، و بالاخص ما يؤخذ عليه من خلط مباديء الديموقراطية مع الشريعة في اكثر من مكان. ربما يختلف الكثيرون حول اذا ما ارست هذه الدولة القواعد الضرورية للعصرنة و الحداثة في النظام المعتمد و الحكم و بناءه لركائز التقدم و ما تؤول الية الاوضاع السياسية في المراحل المتنقلة و الاحداث السريعة التي يشهدها طيلة هذه السنين المنصرمة بعد التغيير، و ما يحيٌر الباحث اكثر هو ان العراق لم يتوضح فيه لحد اليوم توجهاته و مصادر استلهامه و مدى سعيه للتقدم و التخلص من التخلف الواقع فيه، و كل ما يجري لم يبعث ما يمكن ان يطمئن المتابع على الطريق المتبع للوصول الى اي نمط حكم و نظام مختار يمكن ان يتحقق في المستقبل، و هذا من اكبر الاشكاليات و يفرض على الجميع ان يعتقد بان الخطوة المستقبلية بيد القدر و احكامه. ما يميز العراق عن غيره اضافة الى تركيبته الاجتماعية الخاصة و موزائيكية مكوناته هو وجود قوى اجتماعية متنافسة للحكم و منها توازي قدرة الحكومة اجتماعيا و سياسيا و ربما ان لم نبالغ اقتصاديا و هي تفرض نفسها و لا يمكن استغفالها في اي امر يهم الشعب ومن كافة النواحي ، و هذه الظروف فرضت على المواطن العراقي ان يحمل شعورا ازدواجيا و هو مزيج من الشعور الوطني و القومي و الديني و المذهبي في قرارة نفسه، مهما انكر السياسيون هذا الشيء على العلن لاغراض و اهداف عدة ، و هي ربما تصب ضمن الاهداف السامية طبعا و تحتاج المصالح العليا و الظروف العامة لاخفاء الحقائق عادة. هناك من الاجندة العديدة تنتظر فرص لتطبيقها من قبل حامليها، الى جانب وجود مؤسسات غير رسمية تحمل برامج سياسية و فكرية و عقيدية تنوي تحقيقها ان توفرت لديها الارضية المناسبة و في الوقت المناسب. المحير في الامر انه لم يتمكن اي باحث او مطلع على الاوضاع مهما تعمق في الامور من تحديد من هو القادر على ضمان مصالح الشعب و حمايته و عدم تضييق حرياته، او من يحاول جاهدا التراجع عن الديموقراطية الموعودة التي يناشد بها الجميع رغم ما تتخللها الشوائب. هناك خلط كبير بين السياسة و الدين و لم تُفصل الدولة عن الدين مهما ادعى البعض التزامه بالدستور و ما جاء فيه، و لم يتضح بعد المفهوم الفلسفي للدولة و لم تعتمد اية جهة على ماسسة الدولة، بل لحد الان يعتمد الجميع على المواقف و الاراء و الاتفاقيات و التوافقات للقوى و الشخصيات مع البعض، و النظام لم ياخذ نمطا واضحا مكشوفا كي يمكننا تعريفه على الملا، و كل الادعاءات النظرية يُفنيها حادث عابر او حركة اجتماعية بسيطة طارئة . المشكوك في امر استقرار البلد بشكله النهائي، هو اتخاذ مسيرته لقوة زعيم او حزب او جهة ما و لم تقوم الدولة على اساس قوة البلد و مؤسساته بشكل مقنع لحد هذا اليوم. فعلمانيته ذرائعية مستندة على الظروف الانية و التوجهات واهداف و مصالح الاحزاب اكثر مما تكون لخدمة المواطن، و العلمانية بمحتواها الطبيعي التي تقتضي الاعتماد على القانون الوضعي و مفاهيم المواطنة و المساواة القانونية و الحريات الفردية و مراعاة المصلحة العامة في شؤون الدولة يندر وجودها في العراق اليوم، وكل ماهو موجود هو محاولات في هذا الشان او الاقتراب منه، و هذا ما يخفق هنا و يفلح هناك، الا انه من المحزن جدا ان يحس المراقب بوجود جهود مضنية لفصل الدولة عن المجتمع بطرق شتى، و هذه هي المصيبة لدولة في دور النشوء، و يُستغل الوضع الراهن و ما موجود من الخلط في امور ادارة الدولة في هذا الاتجاه . عدم اثبات حق مبدا المساواة كدعامة اساسية لابناء الشعب مما ينتفي مفهوم المواطنة مضمونه الحقيقي فيُبعد الاعتقاد في وجود نية ضمان التوجه نحو العدالة الاجتماعية لمسيرة الحكم في العراق الجديد. و هناك مؤشرات من جراء الخروقات المتكررة للمباديء العامة للديموقراطية، الى ان التراجع في الخطوات البسيطة المتخذة في المراحل السابقة لامر وارد و احتمال التراوح كبير في المرحلة المستقبلية. كما يقول الجميع لا يمكن تشابه تجربتين ديموقراطيتين و لا يمكن تساويهما بشكل مطلق ، فان ديموقراطية العراق تتحمل تعريف و تحليل خاص و فيها من المزايا الى جانب التناقضات و التي لا يمكن تحديد اطر مساحتها بشكل علمي دقيق، و لنا ان نعتقد بان الديموقلراطية التي تحوي في كينونتها اصلا معاني عدة و مجموعة من المباديء التي لا يمكن توفرها بالكامل في وسط معين دون اخر، تظهر و كانها تتجسد في الانتخابات فقط في العراق، و هذا لا يعبر عن الديموقراطية الحقيقية ابدا. هناك تعارض للاراء حول موقع الحرية من الديموقراطية في تحقيق ما لمصلحة المجتمع من المساواة و تكافؤ الفرص، و لكن القناعة تكمن في توفر الحرية مسبقا كارضية مناسبة لتطبيق الديموقراطية ، فكل ما يعتلق بالوضع السياسي و الاجتماعي العراقي يتحمل اراءا عديدة حول مدى توفر المتطلبات العامة لاعتماد الديموقراطية الحقيقية سواء كانت كنظام حكم او فلسفة اجتماعية مهما اشير اليها على انها الوسيلة الملائمة لتنفيذ الافكار و النظريات على ارض الواقع، و هناك سؤال في هذا الشان و هو هل توفرت الشروط الاجتماعية الاقتصادية السياسية المطلوبة لتكامل الديموقراطية في المجتمع الراقي، و ما هي الحدود المرئية لتلك المتطلبات ،اضافة الى نسبة استناد ابناء الشعب العراقي على العقلانية و المنطق و الالتزام بالاخلاقية و المناشدة بالمساواة في ظل توفر مستوى التقدم المادي و المعنوي للمواطن، و نسبة قناعته بالحكومة و التجاوب معها معتبرا و محترما للحرية النسبية المتاحة. هناك من الالتزامات التي تفرض ان تتوفر في المجتمع بنسبة كافية لضمان نجاح الديموقراطية و لم نلمس منها ولو نسبة قليلة في واقعنا اليوم ، و منها الالتزام بتنفيذ الواجبات كما يطالب بالحقوق من قبل المواطن( و هناك تداخل في هذا الشان بين المواطن الحكومة) مع الترابط و التعاون المشترك في ظل الارادة القوية المشتركة، مما يدفع الى التوازن الاجتماعي المطلوب و يسهل التجاوب و يوضح امر تجسيد عملية الديموقراطية، هذا كله يتم يعد التاكد من حس الانتماء و وحدة الصف، و اني على اعتقاد كامل بان اختلاف في الايمان بالدولة و تفاوت نسبتها لدى المواطنين من المكونات المختلفة و في ظل العمل بوجود القومية السائدة والاخرى الخاضعة لم يتم هذا المطلب في هذا الوقت و بهذه النسبة من الثقافة العامة و الوعي و المستوى الثقافي الاقتصادي السياسي، وبه لم نصل الى نسبة تحقيق مبدا المواطنة. و هذا ما يعرقل عمل اي باحث في تقسير الوضع السياي العام و ما هية الديموقراطية الخاصة في العراق. ومن هذا المنطلق يمكننا ان نتفهم ماهو عليه العراق من العلمانية و الديموقراطية، و هو على حال لا يمكن تحديد شكلهما و مضمونهما الحقيقي مقارنة بمسيرة البلد و مستقبله و مدى التزام النظام السياسي السائد بهما ، لذا يمكن القول بان مساحة الديموقراطية و العلمانية ضيقة و حدودهما غير معلومة الاطر و المساحة .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
افتعال الازمات لا يصب في حل اية قضية
-
كيفية تجاوز اشكاليات الديموقراطية في منطقتنا
-
العراق يئن بسبب التشدد و التعصب و ليس تحت ضغط الفدرالية
-
دروس و عبر انتفاضة تونس الخضراء
-
الثروة و دورها في عرقلة اقرار حق تقرير المصير او ترسيخه
-
ترسيخ ثقافة المواطنة في منطقتنا و المعضلات امامها
-
تزامن الاستفتاء لجنوب السودان مع قصف تركيا لكوردستان
-
ايهما الاَولى السلام ام العدالة
-
الحرية بين مدقة السلطة و سندان خطباء الجوامع في كوردستان
-
الازدواجية المقيتة في تعامل امريكا مع القضايا العالمية
-
هل تكميم الصحافة لمصلحة العملية السياسية في كوردستان
-
الاولويات اليسارية في ظل سيطرة الايديولوجية الراسمالية على ا
...
-
الديموقراطية و ضمان تكافؤ الفرص امام الجميع
-
ماوراء عدم اسناد منصب سيادي للمراة في العراق
-
هل يمكن تطبيق الديموقراطية الحقيقية دون اية انتخابات عامة ؟
-
هل المجتمع العراقي يتحفظ عن التجديد حقا؟
-
يجب ان لا يخضع حق تقرير المصير للمزايدات الحزبية
-
الديموقراطية في كوردستان بين ثقافة المجتمع و دور النخبة
-
الفضائية كخطوة اولى لترتيب بيت اليساريين بكافة مشاربهم
-
هل يضطر المالكي لتشكيل حكومة الاغلبية
المزيد.....
-
موزة ملصقة على حائط.. تُحقّق 6.24 مليون دولار في مزاد
-
تقارير عن معارك عنيفة بجنوب لبنان.. ومصدر أمني ينفي وجود قاد
...
-
قوات كييف تعترف بخسارة أكثر من 40% من الأراضي التي احتلتها ف
...
-
إسرائيل تهاجم يوتيوبر مصري شهير وتوجه له اتهامات خطيرة.. وال
...
-
بوليتيكو: الصين تتجاوز الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في
...
-
وسائل إعلام عبرية: اختفاء إسرائيلي في الإمارات والموساد يشار
...
-
غرابة الزمن وتآكل الذاكرة في أعمال عبد الله السعدي
-
فوائده كثيرة .. ابدأ يومك بشرب الماء الدافئ!
-
الناطق باسم -القسام- أبو عبيدة يعلن مقتل إحدى الأسيرات الإسر
...
-
-تحليق مسيرة ولحظة سقوط صواريخ-.. حزب الله يعرض مشاهد استهدا
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|