|
الطبيب وابيه
عبد الرضا حمد جاسم
الحوار المتمدن-العدد: 3217 - 2010 / 12 / 16 - 20:57
المحور:
المجتمع المدني
الطبيب وأبيه وصل المدينة كما قيل لنا قبل ولادتنا بسنوات قليلة..هو وزوجته من قرية بعيده جداً لم يسمع بها الكثير وربما جميع آبائنا وأمهاتنا مع ما يملك وهو قليل استأجر غرفه في أطراف المدينة..وفكر بالبحث عن عمل في مدينه لا عمل فيها أصلا..سوى دكاكين تبع بالمفرق وبالأجل في أغلب الأحيان أو في سوق ألخضره الذي يسمونه(الصفاه) لا يعرف أحدا هنا ولا يعرفه الآخرين سوى با لأشاره إلى انه غريب وللغريب حرمه وحقوق على آهل المدينة الذين يتجنبون سؤاله عن أصله وفصله ودينه وعشيرته ومن أين جاء وهذه أخلاق الكرماء..فعاش مطمئن قانع..تعايش مع آهل المدينة..وهو في بحث دائم عن عمل لكنه مطمئن حيث بداء تصل إليه حصته التي تقرها ألجوره مما يحصل عليه جيرانه من أهل المدينة من أهلهم في الريف من حصتهم من التمر والسعف والكرب..وقت (كَص )النخيل..وما ينتج منه في البيوت من الدبس وكذلك السمك المجفف(المسموط)وأرغفة الخبز من رأس التنور كما متعارف عند الجيران وقت الخبز سواء كان الوقت فجراً أو ظهراً حسم أمره بعد أن اختمرت في باله فكرت عمل كان يعرفها ولم يمارسها...اشترى حمار وعربة خشبية وحبال وسطلين معدنيين وأخذ يدور في المدينة التي فؤجئت بالغريب وهو ينادي على مهنته...اقترب من الناس وبيوتا تهم وبدء العمل وعرف الناس بذلك وعرفوا طيبة الرجل وإخلاصه وأمانته..ثم وبانتباه ذكيه وهو يقوم بواجبه في دار احد تجار المدينة الذين سأل عن زوجته وعرف أنها تجيد الخياطة ليقترح عليه أن يعطيه ماكينة خياطه نوع( سنكَر) وبأقساط شهريه مريحة وبدون مقدم على شرط أن تخيط زوجته ملابسهم وان تحدد المقاسات في دار التاجر.. ففرح بذلك أيما فرح وتطورت الحالة وبالذات بعد أن قدمت الزوجة الخياطة ما يسمى بالموضة الغريبة على آهل المدينة توثقت علاقة المرأة مع نساء المدينة اللائي تعرفن عليها وعلى مشاكلها وبالذات عدم الأنجاب بعد مرور سبعة سنوات على زواجها...بدأت الاقتراحات بهذا الخصوص..مثل تقديم نذور والطلب من (أبو الحوايج) وزيارة الشريف* في دخول ألسنه..أو أن تقرأ عليها علوية..أو أن تشرب(ماء ألتربه)(التربه التي يستخدمها ألشيعه في صلاتهم وهي كما يعتقدون من ارض النجف الطاهرة توضع في الماء ليشربها من يحتاجها...ومنهن من قمن بأ صطحابها لزيارة مرقد(سيد خضير) لسببٍ ما وربما كنتيجة لاستقرار العائلة وتحسن ظروفهم الأقتصاديه..حملت المرأة لتلد ولدها البكر ذكر اسماه أبوه اسماً وسط بين أسماء أقاربه وبين ما هو سائد من أسماء ليصبح الرجل بعد ذلك(أبو رياض) لينسى الجميع مع الوقت اسمه الأصلي الذي أصلا لا يعرفه الكثيرين لأنهم يطلقون عليه أما الضيف أو الغريب..وهو لم يقدم اسمه ولم يسأله أحد على ذلك وهو فرحٌ ومزهو بذلك عرفنا رياض وهو بأعمارنا...لعبنا الكره في الشوارع(من القماش أو الجبن* أو بعد ذلك أم تلث دراهم*) ولعبنا(النكًيره* و الدعبل والجعاب*) ولعبنا في ليالي العطلة ألصيفيه(أعظيم اللاح*) كان رياض متفوق في الدراسة وكان زميلاً محترماً تعاملنا معه في أيام الصبا بكل براءة(لم ننظر لأصله أو دينه أو عشيرته أو عمل والده لأننا لم نتربى على مثل ذلك ولم يمر ببالنا أن هناك فروق تستدعي ذلك ما دام أهلنا لم يسألوا عن تلك الأمور ولا تعني لهم شيء) وفي مراحل متقدمه ومع تقدم الوعي النسبي فينا استمرت حالة الاحترام والمودة وألجوره الحميميه والزمالة مع تطور الحال وتوسع المدينة أستبدل أبو رياض عدة العمل العضلية المجهدة ليشتري سيارة سحب..ليستمر بعمله وهو يعيش بين أهله أو من أصبحوا أهله وأعمام وأخوال أبناءه الذين أصبحوا ثلاثة فبعد رياض جاءت الحلوة سميرة وبعدها سامر أكملنا الدراسة الأعداديه وتفرقنا على الجامعات والكليات كل حسب معدله ليكون توجه رياض هو كلية الطب ليتخرج طبيباً بعدنا بسنتين كون دراسته لمدة ستة سنوات ليكل الخدمة الألزاميه ويتعين طبيب في المدينة التي ولد فيها وبعده بسنتين أصبحت سميرة مهندسه لتعمل في معمل كبير انشيء حديثاً في نفس المدينة عاشت أم رياض مع أمهاتنا وجداتنا وكانت تشاركهن مجالس العزاء ومجالس الأفراح والمناسبات السعيدة..وكنا دائماً نشتاق لأيام الصبا حيث كنا نتسابق في صباحات الأعياد إلى بيت الخالة أم رياض لنحصل على اللذيذ من الحلويات التي تصنعها بيدها بدأت على أبو رياض بعض الحالات غير ألمفهومه لدينا وبالذات بعد التحاق سامر في الجامعة التكنولوجية كنا نحن الذين رحلنا عن المدينة إلى بغداد نكرر الزيارات لمدينتنا لنلتقي مع ألأحبه من زملاء وأصدقاء مع واجب الزيارة للمشغولين منهم ومنهم الدكتور رياض والالتقاء الحتمي مع العم أبو رياض نختار وبالذات في القائضات لنلوذ بضلال كازينو السلام الغافية على ضفة الفرات الجميل المثير في هذه المدينة حيث يكون هادي ينساب دون أن تشعر به وكأنه يرتاح في هذه المدينة بعد عناء سفر طويل من المنبع حتى هنا متنقلاً بأ نواع مختلفة من التضاريس والتي يكون في الكثير منها هادراً..هنا في هذه المدينة يستريح وكأنه عاشق يتهيأ للقاء معشوقته دجله بعد حين حيث تواعدا على اللقاء في ألقرنه ليكتمل المشهد العاطفي الأزلي بين حبيبين تباعد بينهما الطبيعة منذ ولا دتهما في بلد المنبع حتى يلتقيا كنا مع هذا المشهد الرهيب وبرودة البيرة وأخبار الأصحاب يدخل أبو رياض بعد منتصف النهار بقليل ليكرع على عجل زجاجتي بيرة ليذهب إلى سكنه بعد جهد يوم متعب دخل أبا رياض وانزوى دون أداء واجب التحية المعتاد وكرع الأولى واخرج سيجارته وبحث عن الولاعة أو علبة الكبريت التي نسيها في السيارة ..نهضت متحيناً الفرصة لأولع له سيجارته ومعي كأسي قائلاً ماذا هناك أيها العم العزيز أراك (غير مرتاح) ومنزعج ...قال وبالمباشر (هذا صاحبكم الدكتور الله يجرم..يريدني اترك شغلي الوصّله والسواه طبيب وسوه أخته مهندسه)ثم وبعد نفس سيجاره عميق نفث معه هموم كثيرة أردف قائلاً(يستنكف من أبوه)..هنا قلت له لا يا أبا رياض انه فخور بك وكلنا كذلك ولكنه ربما أراد أن يريحك بعد عناء طويل قال وبحده (إلى أن يتخرج سامر حتى لا يقول احد انه صرف عليه)ولا أريد أن يصرف عليه الطبيب أو المهندسة أكمل حصته وسيجارته وهم بالرحيل مستأذناً.. صاح احد الجالسين (عمي أبو رياض إذا رايح للبيت بطريقك تأخذ احمد وياك شرب هواية)فقال كعادته(بعيني) تبين لنا بعد ذلك أن أبا رياض اصطحب معه احمد إلى داره وغسل له رأسه وتناولوا الغداء اللذيذ من أيد أم رياض وقيللا(ناما الظهر) لأنه وجد أحمد متْعَبْ وربما يثير المشاكل مع عائلته بعد فتره ليست بالقصيرة وقبل أن يكمل سامر دراسته توفي أبا رياض من مرض خبيث افترس جسده ليشيّع جثمانه الكريم في المدينة ومن ثم ينقل إلى قريته التي جاء منها رافق الجثمان اثنين من أبناء المدينة وعائلة أبا رياض ليجدوا الترحيب الحار والامتنان وبعد المراسم الدينية في كنيسة القرية وقبل أن يوارى الثرى قال احد الاثنين مخاطباً عشيرة أبا رياض وأهله وذويه قائلاً: كان أخيكم وابنكم ضيفاً علينا قدمنا واجب الضيافة وأصبح أخينا واليوم نأتي به وحسب طلبه لنترك أخانا أمانه عندكم..لا نقول إننا سنزور قبره لأن هذا صعب لبعد المسافة ولكن تذكرونا وبلغوه سلامنا عندما تزورون قبره في إي مناسبة...وأولاده وعوائلهم هم أولادنا وتبين بعد ذلك ا ن أبا رياض وبعد أن تخلص من تكاليف رياض وسميرة خصص جزء من وارده لضمان مستقبل سامر وعرفنا بعدها انه قام بإخفاء فلان وفلانا عندما انتشرت قطعان(ح.ق*)بعد انقلاب شباط الأسود1963ثم قام بتهريبهما خارج المدينة ماتت أم رياض بعد سنين قليله وبعد أن أطمئنت على أولادها بزواج رياض وسميرة وتخرج سامر وإنهاء الخدمة العسكرية وحصوله على عمل في نفس المدينة دفنت في قريتها بجوار رفيق دربها أبا رياض...وقد استفسر احدنا عن أسباب دفن الوالدين في قريتهم الأصلية فقال هذه رغبتهما حيث قال الوالد ادفنوني هناك ليستمر تواصلكم مع أهلكم وأعمامكم وأخوالكم..انتم محضوضين حيث لكم عائلتين ومدينتين وأهل هنا وأهل هناك تحيه لذلك الكادح البطل الكريم الشهم الشريف..عاش بشرف وتعايش بشرف وخلف خير خلف لخير سلف تحيه له في قريته وتحيه لأولاده النجباء وهم يعيشون بين أهلهم في المدينة التي ولدوا فيها وترعرعوا في تلك المدينة التي لم يساء فيها لغريب او ضيف ولم يساء فيها لشخص على أساس دينه أو قوميته من ذلك الوقت وحتى اليوم *الجبن/كره تشبه كرة التنس ولكن اكبر *أم تلث دراهم/كره بلاستيكيه متوسطة الحجم/لونها جوزي *النكَيره/لعبه جماعية حيث تحفر عدد من الحفر على عدد اللاعبين وترى عليه كرة الجبن ومن تدخل حفرته يجب أن يسرع ليضرب بها من يتمكن *الجعاب/عظم في رجا الخروف ومأخوذة من الكعب *أعظيم اللاح/لعبه ليليه يستخدم فيها عظم ساق الخروف حيث يضرب في عمود الكهرباء ويرمي ومن يلتقطه عليه ألعوده به ليضرب العمود وهي بين فريقين *الشريف/مزار لمكان يعتقد انه مقام الشريف ابن أبي طالب ويقع في مكان جميل يعبر له بالمراكب يقيم فيه أهالي الناصرية عيد(الدخول) الذي يصادف يوم21اذار من كل عام وهو ما يقابل عيد النيروز ح.ق/رمز للحرس القومي حيث كان كل واحد منهم يحمل شارة أو رباط اخضر على ذراعه اليسرى مكتوب عليه(ح.ق)
#عبد_الرضا_حمد_جاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من حياتي/مواقف
-
الخاتمه/الحوار المتمدن في مجلس الشيوخ الفرنسي
-
الحوار المتمدن في جلسة مجلس الشيوخ الفرنسي 2/2
-
الحوار المتمدن في مجلس الشيوخ الفرنسي1/2
-
سلاماً يا عراق
-
جراح الشيوعيون فم
-
فساد
-
التخلف ودور الحكام في ذلك
-
جاناثان آسانج/ويكي ليكس
-
دروس بين الصغار والكبار
-
بوش وانور العولقي
-
الى المحترم الدكتور كامل النجار
-
ردود حول مقال/محمد الحو لايقول الحلو
-
الطرود المفخخه..وكنيسة النجاة..والدعوه السعوديه
-
في اربعينية أبا مسار/ الراحل عبد علوان صخي
-
محمد الحلو...لايقول الحلو
-
قصة آدم
-
أنا وميركل/أنا عنصري وهي غبيه
-
ليس دفاعاً عن صدام حسين..الشيعه والأكراد وصدام حسين
-
الأمام المخضرم .النسخه الثانيه
المزيد.....
-
المرصد السوري: نحو 105 آلاف شخص قتلوا تحت التعذيب بالسجون خل
...
-
تونس: المفوضية الأوروبية تعتزم وضع شروط صارمة لاحترام حقوق ا
...
-
وسط جثث مبتورة الأطراف ومقطوعة الرؤوس... سوريون يبحثون عن أق
...
-
مسئول بالأونروا: ظروف العمل في غزة مروعة.. ونعمل تحت ضغوط لا
...
-
جمعية الإغاثة الطبية بغزة: أكثر من 70% من سكان القطاع بلا مأ
...
-
-حفلات يومية-.. ممارسات تعذيب -احترافية- في مراكز الاحتجاز ا
...
-
الأمم المتحدة تبحث وقفا -غير مشروط- لإطلاق النار في غزة
-
أردني محرر من سجون سوريا يروي معاناة 26 عامًا من الاعتقال وي
...
-
هآرتس: وفاة 4 فلسطينيين تحت التعذيب بإسرائيل منذ أكتوبر 2023
...
-
وصفتها بالمتسرعة.. برلين ترفض مطالب بإعادة اللاجئين السوريين
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|