|
من ارتضى بمبادرة البارزاني بقناعة ذاتية؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3188 - 2010 / 11 / 17 - 13:20
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لنا اليوم ان نتكلم بكل صراحة، لان المرحلة الحساسة قد تلاشت بعض الشيء، و يمكن ان نقول اصبحت المبادرة التي اطلقها البارزاني سوى كانت نابعة من الرؤية الكوردية الخالصة او بدافع سياسي بحت او بتحفيز و دعم القوى الخارجية الكبرى، اصبحت هي القشة التي يمكن ان يتعلق بها الكتل العراقية في نهاية المطاف و بعد ان تعبوا من المناورات و الرهانات و طال بهم الزمن . رغم الضغوطات الكبيرة التي تعرض لها الكورد طيل هذه المسيرة الصعبة و المتعبة و منذ الانتخابات الاخيرة لمجلس النواب العراقي و حتى يومنا هذا، الا انه قاوم هذه المرة و على غير عادته و خرج من المازق باقل الخسائر و لم يصبح ضحية الخلافات بين الكتل العراقية الكبرى الاخرى، و لم يسر الامور على حساب مصالحه و مستقبل اجياله و مصيرهم ، و لم يُستغل على ان يكون هو عامل خير و مضحي لما يهم شعبه و التاريخ يكتبه له و كانه هو الجزء من المشكلة و ليس من الحل الذي يدعيه الكورد و المكونات الاخرى مرارا ،لذا يجب ان يتنازل عما يخصه و يهمه في سبيل تآلف و توافق الاخرين! و دائما و في النهاية، هذه الكتل هي التي تحصد و على الكورد ان يجمع الفتات و البقايا ، و لكنه وقف حازما ربما هذه المرة دخل المصالح الحزبية و الشخصية في الامر و لم يدع اية مساومة على ما هو المطلوب. وصل الصراع بين الكتل الكبرى لحد الافلات لو لم تكن هناك موانع و اعتبارات، و تناطحوا بكل السبل الى اخر المطاف و ما كان بمقدرتهم ان يخوضوا فيه من اجل المصالح الذاتية لهم و اطلقوا البالونات و جسوا الانباض المختلفة و طرحوا الطموحات و تكتكوا و ساعد بعضهم الاعلام و المراكز الخارجية المهتمة بهم، و لكن ما افاد الكورد هو موقعهم و قدرتهم و ما اصبحوا عليه من كونهم بيضة القبان و ورقة رابحة في تعاملهم مع الاحداث ، و انهم حقا لعبوا اللعبة بنجاح و لم تميل الكتلة الكوردستانية لاي طرف دون اخر الى ان استوضحت الامور و درست المواقف و قررت ما هو الاصح على المدى البعيد، رغم الخلافات الداخلية التي كانت موجودة بين اطراف الكتل الكوردستانية مهما كان نفيهم في العلن قويا لها . فجائت مبادرة البارزاني في الوقت المناسب للجميع ، و لم يكن من مصلحة اي طرف رفضها مهما كانت مضامينها، فقبلتها جهة كمنقذ لها و للعملية و اخرى كمسايرة للامور و كانت اهميتها من الارتضاء و الدعم الخارجي لها ان لم تكن اصلا بموافقتهم المسبقة او طرحهم غير المباشر لها و من النافذة الكوردية كما يحصل في اكثر الاحيان. لم يبق امام كتلة العراقية بمكوناتها المتنوعة اما قبول المبادرة التي فيها ما لصالحها لو طبقت كما تشتهي او اختيار طريق المعارضة المحفوف بالمخاطر في المرحلة الحالية و المزدحم و غير المسالم و لم تنضج الحال لتجسيد الوضع الطبيعي لوجود المعارضة و السلطة في الحكم، لوجود التراكيب و الرؤى المختلفة في تكوين كتلة العراقية ذاتها و التي منها تؤمن بالمشاركة في السلطة مع اي كان و منها تستند على خط معلوم، و بالامكان فرط عقفدها و لم تتحمل اكثرية مكوناتها ثقل رفض الاغراءات التي يمكن ان تطرح امامهم، و السياسة مصالح و توازنات و صراع كما يعلم الجميع. فالى اخر لحظة قاومت كتلة العراقية و حاولت و ناورت و اعتمدت على الرهانات و الطروحات الخارجية اكثر شيء، و عندما جاءت مبادرة السعودية تلقفتها و كانها نزلت من السماء لها ان لم تكن بمشاورتها مسبقا ، فقبلت بها و لم تدرسها لمدة معينة حتى ، و انها حاولت ان تكون بديلا لمبادرة البارزاني لولا اصرار الاكثرية على المضي في دراسة و تنفيذ ها و ربما ساعدت من الالتزام بها من قبل البعض، و كانت لكتلة التحالف الوطني ادوارا كبيرة و حاسمة في هذا الشان ، و عقد عزمه لاجتماع اربيل و غطى ما بدر منه من التوافقات على مباردة السعودية التي جاءت في وقت غير مناسب تماما و يمكن ان نتفق مع البعض الذي يقول جاءت هذه المبادرة و هي ميتة اصلا. و فتحت الابواب امام تشكيل الحكومة الجديدة و خاصة بعد اقتناع جزء لا يستهان به من نواب العراقية في التعامل مع التحالف الوطني و دولة القانون بالذات و قبولهم المسبق بالسيد المالكي رئيسا للوزراء الذي كانت العراقية تراهن على تكليف السيد علاوي لهذا المنصب، و هي لم تنجح في مهامها مهما حاولت، و عندما ياأست غيرت من موقفها و بحذر و طالبت برئاسة الجمهورية و لكن بعد فوات الاوان، و قامت بالمناورة و اللعبة المكشوفة تحت قبة البرلمان كاخر محاولة و لم تنجح ايضا ، و حتى بعد ترك رئيس البرلمان الجديد القاعة و انضم الى كتلته على امل عدم تكملة النصاب عاد الى البرلمان بعد ان سار الامور بشكل طبيعي و لم يكن حينئذ باليد حيلة الا قبول ما يجري . و هذا ما فقد الثقة بين المتصارعين بشكل كبير و لن تعود المياه الى مجاريها مهما استوضحت مواقف سياسية على العلن و انما جرى جرى و جرى كل شيء بشكل اجباري. اصبحت المبادرة تحصيل حاصل لرؤى التحالف الوطني و قبل بها و ان لم يقتنع بمضمونها بشكل مطلق و كان القبول على ما اعتقد من باب المسايرة و الا كما يعتقد الجميع ان المواقع المستحدثة التي لم تتم تجسيدها و تثبيتها الا بتغيير الدستور من المستحيل ان تاخذ مجراها و ستبقى عالقة و يمنعها القانون و القضاء قبل اي مكون و كتلة كانت. لذا التوافقات التي حصلت ستخضع لقوة القانون و السلطة الجديدة ستكون هشة و التي لا يمكن ان تقبل مرادفا لها كي يكبل يدها في تنفيذ القرارات، و السلطة التنفيذية هي التي تحكم خلال الفترة القريبة المقبلة و يمكن ان تستمر الحال لحين اجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة ، و الاهم للشعب اولا ان الرهان ستبقى على تغيير ميزان القوى المستند على تغيير المقاعد النيابية للكتل مستقبلا ، و حينئذ سيتم تداول السلطة بشكل سلس، و هذا ما يفيد الناس و لمصلحتهم البعيدة المدى و الكلمة تكون لهم اخيرا و ليس للتوافق السياسي الرافض للاكثرية و الاقلية و السلطة و المعارضة كما معمول به في العالم و يمكن انجاح تداول السلطة من خلاله. و هنا نتاكد بان ارتضاء القوى بمبادرة البارزاني جاءت من الامر الواقع و كمحطة و ليس اقتناعا بمضامينها و اهدافها ، الا انها كانت محطة مهمة للمسيرة الطويلة و الخروج من عنق الزجاجة، والاهم هنا تلاشت احتمالات التقاطع و الاحتكاكات الخطيرة و العودة الى المربع الاول.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاستقلالية في التعامل مع الاحداث تضمن النجاح للعملية السياس
...
-
مابين تلبية مبادرة السعودية و رفضها
-
كيف يتناول الاعلام العربي القضية الكوردية
-
الشعب العراقي يصوٌت ودول الجوار تشكل الحكومة !!
-
كوردستان و التعامل مع تداعيات العولمة
-
الحوار المتمدن منبر اليسار المعتدل
-
اعتدال اي قائد قد يضمن ادارته لهذه المرحلة في العراق بنجاح
-
الديموقراطية كانجع سبيل للتوجه نحو اللاعنف
-
موقف الاتجاهات من ارتكاب الجرائم ضد الحريات العامة في العراق
-
ماوراء موقف من يرفض اجراء الاحصاء العام للسكان في العراق
-
يسعى الاسلام السياسي لاعادة التاريخ في كوردستان
-
عوامل تراجع جماهيرية الاسلام السياسي في اقليم كوردستان
-
افتعال الازمات بين السلطة و الاعلام الاهلي في كوردستان، لمصل
...
-
اين العلاقات الانتاجية من متطلبات العصر في كوردستان ؟
-
التشكك الدائم في التوجهات الفلسفية الجديدةعبر التاريخ !!
-
عدم تدخل الشعب عند تاخر تشكيل الحكومة !!
-
متى نلمس دور المثقف الحاسم في حل الازمة العراقية الاراهنة ؟
-
هل باتت ازمة تشكيل الحكومة العراقية مسالة ربح او خسارة ؟
-
كيف يُستاصل العنف و القمع في الفكر السياسي العراقي
-
النخب و الجماهير و الاحزاب السياسية في اقليم كوردستان
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|