|
حاجتنا لتشكيل نظام الأقاليم العراقية الثلاث
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 3178 - 2010 / 11 / 7 - 19:53
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
حان الوقت لكي نقول : أن لا مندوحة من الركون إلى العقل برهةً وسماع صوته في قضايانا المصيرية ، ومنها قضية تقرير المصير وبناء المستقبل حسب اللوازم والمقتضيات الممكنة والواجبة ، كما لا مندوحة من الرجوع عن تلك الأفكار التي لاتستطيع العيش أو التكيف مع الواقع ومع الحياة في ثوبها الجديد الذي نرآه ، ونحن في هذا قاصدين إن يعيش العراق وشعبه بسلام ، ولكي يكون ذلك ممكناً علينا أولاً : الإعتراف بان الذي أصاب شعب العراق ليس من المحتل ، بل هو منا نحن أهل البيت دعاة الطائفية ودعاة الدين السياسي ، فنحن العراقين كشيعة لانرضى ان يكون حاكمنا سُنياً ، وهكذا نحن العراقين كسُنة لانرضى ان يكون حاكمنا شيعياً ، ونظل في هذه الدوامة إلى ماشاء الله ، الدوامة التي ينفث الجيران بين ثناياها كي لانعيش بكرامة ولا نعيش بإرادة حرة مستقلة - طبعاً كل جيراننا - من غير إستثناء . في ظل هذا الواقع السيء الذي مات فيه العراق وشعبه وأستبيح به كل شيء ، فالواجب أقول، الواجب يقتضي ان نختار بين ماهو مناسب وممكن لنا بالفعل وبين ماهو غير مناسب وغير ممكن ، وتعريف المناسب : هنا نابع من الحاجة ومن الواقع وليس من الخيال و الشعارات التاريخية ، ودائماً يرتبط المناسب هذا بواقع الحياة المجتمعية التي يتداخل فيها الحاضر بالمستقبل وكيف يجب ان يكون ؟ ، تداخلاً موضوعياً وقيمياً وأخلاقياً ، ومن هذا المنطلق ومن خلاله تتم تلك النظرة لما يجب أن يكون وكيف ؟ . ولقد كنت والله يدري من اشد المعارضين لفكرة الإنشطار الإقليمي للجسد العراقي ، لأني كنت أؤمن بالوحدة كما كنا نعيشها ، لكن اليوم ثمة ماهو ضاغط أقوى وأشد يستدعي القول بنظرية الأقاليم ، وبصراحة تامة إن حياة العراقي كل عراقي عندي أغلى من كل غال ، كما إني أقتنعت بعد هذه السنيين وبعدما أصبح الدم أنهرا ، أقتنعت ان لاخيار في هذه المرحلة غير خيار الأقاليم حلاً ، لكي يبقى لنا ماتبقى من عراق ، وهذا حسب ما أظن هو من مقتضيات ولوازم المصلحة الوطنية العليا ، فالإيمان لابد ان يقوم على أساس ماهو ضروري ولازم وليس على أساس ماهو متخيل ، وهنا لانريد ان نناكف غيرنا فالكل أصبح مقتنعاً بذلك ، عدى بعض من المثاليين والحالمين الغارقين بهوس وجنون الوحدة الإكراهية ، تلك الوحدة التي أصابنا منها الكثير من العنت واللؤم والحسد والخوف وقلق الجيران وموت الشعب ودماره ، إذ لولاها لماكان ماكان ولكنا كما في الماضي جسد واحد همومه ومشتركاته واحدة . واليوم ونحن نشاهد كل هذه المجازر التي يرتكبها حمقى باسم الدين وباسم الطوائف ، نقول : ها قد حان الوقت لكي نضع لكل شيئ حدا ، فالدين والسياسة لاينسجمان مع بعضهما ولا يتفقان ، فالأول كما نعرفه قيم وأخلاق ، والثانية كما نعرفها نفاق ومصالح ، ولا يمكن الجمع بين النفاق والأخلاق ، ولهذا يجب تعميم هذا المنشور على الجميع ، كي يعرفوا ان الخلط ليس شطارة سياسية ولا هي جالبة للحظ والنصيب ، نعم ربما يستمتع ذوي النفوس الصغيرة بذلك ،لكن كدورتها على المستوى البعيد كبيرة ومؤلمة ، وليس من حق احد أن يجعل العراق وشعبه حقلاً للتجارب . ثم إن تجربة دول الجوار في أسلمة الدولة والحكومة خير دليل لنا على ذلك ، كما يجب الإعتراف بان البعض من هذه الدول تجربتها أعمق ووعيها الديني أكثر بحكم مالديها من رجال ومؤوسسات ، وهي ليست مثلنا بكل تأكيد فرجال الدين عندنا قليلي الخبرة وثقافتهم الدينية مجرد سماع ، وكل ماعندهم هو حكايات وقصص تتناقلها ألسن الوعاظ وأهل المنابر ، وبالكاد تذكر فيها القضايا الكبيرة بوعي ودراية ، وهذا لايؤهل لمن يريد أسلمة الدولة والحكم عندنا لا في الكيف ولا في الشكل ولا في المضمون ، ناهيك عن إننا نفتقد للحوار كطريق للتعايش وفهم الأخر ، لأن البعض منا يعتقد إن ماعنده هو الصواب ودونه الخطأ ، وهذه إشكالية معرفية بحد ذاتها معيقة ومربكه ، ولقد كان لها دوراً فيما نحن بصدده ، ولاتتم المعالجات بالترقيع ولا بالقفز على الجراح كما يُفعل في العادة ، بل يجب كما نقول دائماً المصارحة وإتخاذ القرارات الشجاعة . ولعل تجربة أقليم كردستان العراق بما ينعم به من حكومة محلية ، تسهر لحمايته وتوفر له الأمن وتفتح أمام المواطنين أبواب العمل ، مما يُتيح لهذا الأقليم ان يتقدم في مجالات كثيرة خاصة في مجال حقوق الإنسان والتداول السلمي للسلطة ، هذه التجربة على قصر عمرها تفيدنا نحن في العراق كي نجعل منها الأساس ، ونحن نستعد لفعل مثلها في الجنوب وفي الوسط ، فهذه الأقاليم بحاجة إلى التنمية وإلى الإعمار وإلى الأمن ، ولن يكون ذلك ممكناً من دون تحقيق التنمية بالفعل وهذه لاتتم من غير أمن ، وهذا حسب الواقع مرتبط بتطبيق نظرية الأقاليم في العراق ، وتجربة أقليم كردستان العراق هي ليست تجربة مستوردة من الغرب أو من أمريكا ، حتى لا يُقال من المستحيل صناعتها عندنا ، بل هي تجربة نمت وترعرعت من بيننا ، ورحم الله من كان ينادي بدولة الأقاليم ، وكنا حينها نستهجن ذلك آملين بالتعايش والعيش المشترك ، وهذا منا كان خطئاً معلوماً . واليوم تبدو حاجة العراقيين لنظام الأقاليم حاجة داخلية سياسية وأمنية وثقافية وإقتصادية وكذا هي حاجة إجتماعية ، ويخطئ من يقول إننا نريد التقسيم ، ذلك لأن التقسيم شيء ونظام الأقاليم والفدرالية شيء أخر ، فحاجتنا للأقاليم تنطلق من وعينا للمجتمع الذي تمزق ومات فيه أفق العيش المشترك ، كما إن الساسة الذين يتصدون تعوزهم القدرة على الجمع ونكران الذات ، فكلهم كما نعلم نرجسيون الفكر والطباع والرؤى ، وفي ذلك إنما نصف حال كي لا يقال إننا ننتقد من أحد ، ووصف الحال هو بيان لصفة الموصوف ، و هو بيان للمفهوم وعلى الجميع مطابقة ذلك على الواقع ...
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا بعد تقرير ويلتكس
-
العراق بين خيارين
-
الليبرالية الديمقراطية من أجل الحياة
-
الإسراء والمعراج بين الوهم والحقيقة
-
مأزق الديمقراطية في العراق 2
-
معالم في الطريق إلى الليبرالية الديمقراطية
-
ماذا تريد تركيا ؟
-
مابين الليبرالية والرأسمالية من تفاوت
-
الليبرالية في الفكر النبوي
-
شركاء يتقاسمون الخراب
-
كيف نفهم الليبرالية ؟
-
قول على قول
-
الليبرالية والحكومة القوية
-
واحد آيار عيد العمال العالمي
-
الحل في طهران لا في بغداد
-
إنتخابات الخارج ومشكل الوطنية
-
المثيولوجيا والدين 2
-
قول في الإجتثاث
-
قراءة في كتاب نقد العقل الإسلامي
-
بعض من الأخبار المزيفة في قضايا وقعة كربلاء
المزيد.....
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|