رعد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 3094 - 2010 / 8 / 14 - 19:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
سوف أستغل تقييد الشياطين في شهر رمضان الفضيل لتقديم بعض التساؤلات للمشايخ الكرام , وسأفترض عدم تلقي عبارات التكفير والتأنيب منهم , بل أطمع في ردّ مقنع من مُمثل لفكرهم كأن يكون الزميل / طلعت خيري ( كونهِ يمتاز عنهم بالأدب ) ولو أنّه مشغول هذهِ الأيام بالرّد على مقالات د. كامل النجار , الذي يرّد بدورهِ على تخاريف بعض علماء الأزهر خصوصاً اللغوية منها .
مادفعني لهذا , هو الظهور المكثّف للشيخ / يوسف البدري , من الفضائية المصرية
التي تقدّم برامج وحوارات ومسلسلات متنوعة في رمضان وأنا في الواقع صاحب إذن غريبة شوية , تُفضّل اللهجة المصرية الحبيبة .
وحتى الفنانات العرب من الأقطار الأخرى يُصبحون مُفضلين عندما ينطقون بتلك اللهجة الحلوة أمثال الجميلات ميس حمدان ونيكول سابا ومايا نصري ورزان مغربي وكذلك درّة التونسية ( فعلاً دُرّة ) وهند صبري وغيرهم .
وهذهِ بعض اللقطات التي جلبت إنتباهي هذا العام
اللقطة الأولى
في برنامج / بين قوسين , من تقديم الجميلة عَزّة مصطفى , إلتقت في اليوم الثاني من رمضان بالشيخ يوسف البدري والمحامي / جاد البُرعي .
تناولت مناظرتهم قضية الحِسبة التي ينشط فيها الشيخ ( كما قضية بيع الرُقيا ) , ويعزّها كثيراً .
ولمن لا يعرف معنى / الحِسبة ,فبإختصار شديد هي : القضايا أو الدعاوي , التي يشتكي بها أيّ مُسلم على أيّ مُبدع سواءً كان كاتب أو شاعر أو فنان أو مفكر ويتهمهُ بالإساءة للمقدسات مثلاً , ويطالب بتعويض مادي ومعنوي .
بحيث تصل العقوبات الى الغرامات والسجن والتكفير وتفريق المرء عن زوجهِ والطرد من الملّة ومصادرة كتابهِ أو مؤلفهِ وغير ذلك كثير .
ناهيك عن إثارة الدهماء والغوغاء فيقومون بالطعن بالسكاكين ( نجيب محفوظ مثلاً ) أو صلية رشاش ( فرج فودة مثلاً ) وغيرذلك من أعمال ( نشر المحبّة في المجتمع ) .
كما نعلم جميعاً حصل ذلك مع الراحل نصرحامد أبو زيد ونوال السعداوي وسيّد القمني والمخرجة إيناس الدغيدي وعادل إمام وعشرات غيرهم .
المهم , كان الشيخ البدري يصرخ دوماً كعادتهِ في دفاعهِ عن نفسهِ ويحوّل ذلك الدفاع الى هجوم مضاد بتهديده المقابل بأنّه سينال منهُ في دعوة حِسبة مماثلة قائلاً له : لقد أهنتني لأنّك كذبتني ويردد ذلك عشرات المرّات , بحيث تقفز ذاكرة المُشاهد الى ( العوبة ) وهي مفردة عراقية تعني السيدة العاقلة الهادئة ( والعاقل يفتهم ) .
وأنسخ لكم سطرين من صحيفة مصرية والرابط الخاص بها
{ في إحدى المناسبات , قاضى البدري , الشاعر العلماني / أحمد معتز حجازي لإهانته في إحدى القصائد , وصدر الحكم حينها لمصلحة الشيخ البدري.
رفض حجازي دفع الغرامة المالية و قيمتها عشرين ألف جنيه، قائلا أنه يرفض إعطاء المال لأمثال البدري "الذي يعارض حرية الرأي والتعبير".
النتيجة كانت أن أمرت المحكمة ببيع أثاث منزل حجازي في المزاد لتصفية غرامة الدعوى.
وقبل قضية حجازي، أطلق البدري قضية حسبة مشؤومة ضد المفكر الإسلامي والبرفسور نصر حامد أبو زيد في العام 1993، الذي يعتبر البعض رؤيته للقرآن مثيرة للجدل } .
http://www.menassat.com/?q=ar/news-articles/4452-
****
اللقطة الثانية
المسلسلات في رمضان كثيرة وبعضها حلوة وشخصياً أشاهد المصرية فقط
والقاسم المشترك في جميعها هو وجود لقطات الرشاوي , وكأنّها حالة عادية مقبولة .
طبعاً أعرف أنّ العراق هو الأول في العالم /في عهد صدام بالفساد والرشاوي ولا أتوقع أنّ الحال تحسّن اليوم .
كنتُ دائماً أتسائل في سرّي وعلني لماذا مجتمعاتنا الإسلامية مصابة بكل تلك الآفات الخطيرة , مع أنّ الدين ورجالهِ ومشايخه يدعون للعكس ؟ أقلّهُ في العلن ؟
جائني الجواب جاهزاً وأنا أقلب من الفضائية المصرية الى القطرية خلال فترة الإعلان
فتفضّل الشيخ / نبيل العوضي ( بالصدفة ) فأوضحَ لي السبب ببساطة شديدة .
قال : كلنا نخطيء ونذنب في حياتنا , والله يغضب علينا بسبب ذنوبنا ويزداد غضبهِ مع قوة الذنب . ( الى هنا الفكرة معقولة) وأضاف
يا أحبائي المؤمنين : الصدقة تُطفيء الخطيئة كما تُذهِب الحسنات السيئات .( فهمتُ أنّ حديثه كان عن الصدقات ) وبدأ يقرأ آية بطريقة الترتيل ( هو يحب الإخراج والتمثيل والتنويع للمشاهد ) ورتل : من ذا الذي يُقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفهُ له ... الخ الآية
ولا أعرف كيف حوّل فكرة الصدقة الى القرض الحسن لله , فلَم أتابع باقي كلامه الإستعراضي لأنّي عدتُ الى المسلسل , أفضل لي كثيراً
لكن لا أدري لماذا شعرتُ أنّهُ يبرر الرشوة في المجتمع بل يدعو لها ؟ شعورغريب مو ؟
هذا رابط له يتحدث عن عذاب القبر وينزل في الحفرة وغير ذلك ومنه تستطيعون العثور على عشرات الأشرطة ( لمن يُحبّ أن يهتدي على يديّ هذا النوراني )
http://www.youtube.com/watch?v=jY8NEl8dybs&feature=related
***
اللقطة الثالثة
المسلمون لم يتفقوا في حياتهم على بدء الصوم في يومٍ واحد وهذا ينطبق على العيد أيضاً , بل حتى ساعة الإفطار في نفس البلد وبين جارين متلاصقين يختلف بحوالي ربع ساعة .
وحتى توحيد الأذان في مساجد القاهرة , أثار حفيظة يوسف البدري وإعتبرهِ عملاً يمّس بحرية العبادة , رغم صدور القرار من وزارة الأوقاف بتوقيع أكثر العلماء شهرةً في الأزهر . ( هناك 4500 مسجد في القاهرة لوحدها ,بينما كانت تُسمى قبل عقدين مدينة الألف مأذنة ) .
إختلاف الأذان بينها في الفجر مثلاً ليس فقط نقمة بل إنتحار جماعي إجباري للسامعين !
وهذا يقودني الى التساؤل التالي : هل بدأ هذا الدين واحداً ؟
أم متعدداً بفرق وطوائف وأحزاب منذ اليوم الأوّل لوفاة النبي ؟
بحيث في زمن الخليفة الرابع كان هناك شيعة علي وسنّة وخوارج
وكثرت الفرق بعدها حتى تفرّعت عنه أديان جديدة كالدروز والبهائية وغيرها كثير .
فإذا كان المشايخ صادقين في حبّهم للدين وليسوا تجار ومضاربين بورصة في الفضائيات فليتفقوا لمرّة واحدة في أمر واحد ليكونوا قدوة لنا .
طبعاً سيجيبني أحد المتحذلقين بالحديث التالي : إختلاف أمتّي رحمة ( هاي غير رحمة ؟)
هذا يدفعني لسؤال ذي صلة , بعد دعوتي السابقة , لتأسيس حزب ليبرالي إسلامي على غرار الأحزاب الليبرالية المسيحية في الغرب .
هل يجوز لنا , طلب تجميد أنشطة المشايخ الضارة للمجتمعاتنا , خصوصاً أنّ بعضهم يشيع الكراهية والعداوة والخصومة والشكل القبيح , بين الناس عبر فتاويهم البائسة ؟
حتى أنّ الملك السعودي / عبدالله , أصدرَ أمراً بمتابعة ومراقبة الفتاوي التي تنشر عبر الفضائيات والإنترنت , فقد فاحت روائحها الكريهة وأزكمت أنوفنا جميعاً .
وبالمقابل يُسمح للمفكرين والكتاب العقلانيين والعشرات من قرائهم ومحبيهم العمل بحرية لنشر أفكار المحبة و التعايش السلمي مع الآخر ولتبدأ باكورة أعمالهم بالدعوة لتوحيد يوم الصوم والإفطار والأعياد ,كمقدمة للمحبّة والسلام مع الآخر .
والدعوة الى تحويل النفقات الدينية الى الإعمار والإصلاح مثلاً .
فتلك النفقات , تنهك المُسلم الفرد وعائلتهِ ودولتهِ عموماً من خلال الصوم والحج والزيارات المليونية وتوفير الحماية المطلوبة طيلة المدّة التي تستنزف إقتصاد دول غنية مثل العراق , فتُبقي حال الفقر والهوان طاغي على المشهد .
****
اللقطة الرابعة
لماذا تقبل دول الغرب (( الكافر)) , أنواع المهاجرين إليها ومنهم المسلمين وبأعداد وصلت الى خمسين مليون في أوربا لوحدها ؟
بينما ترفض السعودية مثلاً هجرة المُسلمين إليها مع أنّها دار الهجرة وفيها مقدسات المسلمين ؟
والمشايخ يفضلون في العلن الدين على الدولة , حتى أنّ عضو( إخوانجي ) في مجلس الشعب المصري قال : مُسلم باكستاني أو أندونيسي أحقّ عندي , بحكم مصر من قبطي مصري .
ما إفتهمنا الدين أولاً أم الدولة ؟
إذا كان الدين أولاً والحفاظ عليهِ من تأثير الفقر والجوع مهم , فليسمحوا للمهاجرين المُسلمين أقلّهُ بدخول بلادهم الغنية الواسعة وربّما لن يكلفوهم الكثير لو أحسنوا توجيههم بالزحف على الصحراء , بدل تركها تزحف على أفكارهم فتصحرّها بالمزيد من رمالها .
أليس عيباً على مشايخ الإسلام وحكامهم هذا الوضع الذي أوصلوا الناس إليه بحيث يخاطرون بأرواحهم في زوارق الموت للوصول الى بلد يحترم إنسانيتهم ؟
لماذا الغرب الكافر أحنّ على المسلمين وأكثر إنسانية من منبع الإسلام نفسه الذي توجد فيه قبلتهم وقبر نبيّهم وصحابته ؟ أريد أن أسمع مُبرر واحد من المشايخ
***
اللقطة الأخيرة / رمضانيات
أيّ مواطن مسلم مُطلع يعرف في قرارة نفسهِ أن رمضان يحمل معهُ ظاهرة إرتفاع الأسعار في المواد الغذائية كرّد فعل من التجار لإستغلال المناسبة .
بالمقابل في الغرب الكافر , كل رمضان تصلني رسالة ( مسج ) من شركة الموبايل بتخفيض أسعار المكالمات الى 19 دولة إسلامية خلال رمضان الى الثلث تقريباً
كما تخصص المحلات ( السوبر ماركت ) زاوية كبيرة للمواد التي يحتاجها الصائم من قبيل التمور والحلويات والعدس وما شابه وبأسعار أقل بوضوح عن باقي السنة .
فمَنْ هم الذين قست قلوبهم فهي كالحجارة أو أشدّ قسوة ؟
إذا لم يجيب أحد المشايخ ( النورانيين ) على تساؤلاتي , سأدعو الى إجتماع مع مشايخ العقل كالحلو والرديني والنجار وعلو وشامل وسرمد ومايسترو وسيمون و ميس أمازيغ والأخت الصائمة أغصان و كثير غيرهم ونتداول في إجراءات رمضان القادم منذ اليوم .
وسأقترح قصر الصوم على السمان فقط , الذين تتجاوز الزيادة في وزنهم عن المقبول حتى لو غرام واحد ( يعني أنا مشمول بهِ )
على الأقل ليكون للصوم فائدة عملية واحدة , بدل كذبة / الإحساس بالفقير ومشاعره وجوعهِ
***
تحياتي لكم
رعد الحافظ
14 أغسطس 2010
#رعد_الحافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟