حسين محيي الدين
الحوار المتمدن-العدد: 3094 - 2010 / 8 / 14 - 20:56
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لم يعد من الوارد أن نقارن بين العراق وبين بلدان أخرى تحررت حديثا من دكتاتوريات عاتية أمعنت في إيذائه وإذلاله وتدمير بناه التحتية . كما لم يعد لنا أن نقارن الوضع فيه مع دول تبنت الديمقراطية نظام حديث لها . كما هو الحال عليه في دول الاتحاد السوفيتي السابق . بل لم يعد لنا الحق في أن نقارن الوضع بينه وبين دول الجوار ممن تعاني من دكتاتوريات متخلفة . معروف عنها عدم احترامها لحقوق الإنسان وبقوانينها الموغلة في التخلف وباضطهاد شعوبها وحرمانها من المشاركة في قراراتها المصيرية وسيطرة حكامها على كامل ثرواتها ونظرتهم المتعالية التي تنظر إلى شعوبها على أنهم خدم وعبيد ورعايا لهم .
وإذا جاز لنا أن نقارن فلا يحق لنا إلا أن نقارن بين حالنا اليوم وحالنا بالأمس ! والأمس لا يحمل في طي ذكرياته إلا حوادث تشيب لها رؤوس الأطفال وتنحني أمامها هامات الرجال لعظمة هولها ومئاسيها . حروب جائرة ومقابر جماعية ومصادرة للحريات وعبث بالمال العام وهجرة وتهجير وغياب الرأي الآخر ودكتاتورية لا تختلف عن أعتا دكتاتوريات العالم كما أنها تحمل معها مزايا الأنظمة الدكتاتورية بمساوئها ومحاسنها ! وربما هنالك من يقول . هل للأنظمة الدكتاتورية من محاسن ؟ أقول نعم . هنالك الكثير من المحاسن للدكتاتورية , وحتى أكون أكثر دقة في تسليط الضوء على بعض محاسن الدكتاتورية لنأخذ مثلا على ذلك نظامي السعودية وليبيا وهي أنظمة تعارف على تسميتها السياسيين بالأنظمة الدكتاتورية . أقول أن الشعب الليبي والسعودي يعيش في بحبوحة من العيش والأمان والحرية وتوفير المتطلبات اليومية والاعتزاز بالنفس وهي من أقل الشعوب تعرضا للقتل والإذلال ولا يشكون أبدا مما نعانيه في حياتنا اليومية . كذلك هو حالنا في ظل البعث المقيت حتى قيام الحرب العراقية الإيرانية وما تلاه من مضاعفات تلك الحرب وحتى سقوط النظام في 2003 . لقد شهد العراقيين نمو اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا قل نظيره في عالمنا الثالث . فكانت البعثات الدراسية والنشاطات السياحية للعراقيين في كافة أقطار العالم وصلابة الوحدة الوطنية والأمن والأمان والإنتاج الفكري على أوجه . والسيئة الكبيرة التي ارتكبها النظام آنذاك هو محاربته لفئات سياسية بعينها أثبتت الأيام والسنين كذب أطروحاتها وزيفها . كانت تلك الأحزاب تتهم البعث بتنفيذ أجندات أجنبية وعمالته للغرب وأمريكا خصوصا . وهي اتهامات ليس بالضرورة أن تؤخذ بعين الاعتبار إذا ما قورنت بحقائق ارتباط القادمين مع الاحتلال به . فهم يتباهون بمدى حرصهم على رضاء الراعي الأمريكي وتمسكهم ببقائه ومرجعيتهم له . أما مدى رضاء الشعب عنهم وحرصهم على تحقيق مصالحه فهذا آخر ما يفكرون به !
واليوم حيث بلغ الظلم مراحل متقدمة فاقت كثيرا ما كنا نتوقعه وأصبحت الحياة عبئا على من يعيشها . ألا يحق لنا أن نترحم على تموز فقد قتلنا آب بحره .
#حسين_محيي_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟