|
الإغراء
وضحى بنت سيف الجهوري
الحوار المتمدن-العدد: 3092 - 2010 / 8 / 12 - 23:57
المحور:
كتابات ساخرة
1) أول خط دفاع يتبعه الكثير من الرجال هو عبارة : المرأة تتعمد إغراءنا . لكن ما رأيكم أن كل شيء سيغري الرجل إن شغل نفسه بالجزء السفلي من جسده !!. فليست التنورة القصيرة أو البنطال الضيق أو الأكتاف العارية هي مصدر الإغراء ، فحتى إن لبست المرأة العباءة فهي مصدر إغراء .. فالزركشة الإضافية تغريه .. الشيلة بأنواعها تغريه .. وإذا التحفت بالسواد لكامل جسدها عدا عيونها ( كوسيلة وحيدة للتواصل مع العالم الخارجي المحيط بها ) فتلك العيون أيضا تغريه .. وإن قررت حجب تلك الوسيلة والسير شبه عمياء فسيجد الرجل عذرا لإصراره على أنها تتعمد إغرائه حتى لو كان لا يشغل تفكيرها . والطريف أنها إذا التزمت ولبست العباءة بدون أي زركشات إضافية تتناسب وطبيعة المرأة التي جبلت وفطرت على الزينة فستكون في نظرهم متزمتة وغير عصرية ولا مقبولة وربما مترجلة . هذا التناقض يشعرك ( بالقرف ) إذ يريد الرجل الاقتران بزوجة لا ترى الشمس ، في نفس الوقت الذي تثير تفكيره واهتمامه تلك التي تسير بلا قيود ، فإذا بقيت المرأة تشغل تفكيرها في إرضائه خسرت نفسها . والطريف في الأمر عندما يتعجبون من رغبة المرأة في الفكاك من القيود التي صنعوها لها . ويتعجبون أنها أصبحت تلبس وتسير مرفوعة الرأس غير آبهة بهم ولا ملتفتة لهم ، ولا مشغولة بنظراتهم الحائرة والمتسائلة : لماذا تزينت إن كانت لا تعبأ برغبة التواصل معنا والتعرف علينا ؟ فهل وصلت المرأة لمرحلة الخروج عن فلكنا ؟ هل أصبحت حرة نفسها ؟ قرارها بيدها ؟ في لباسها وتفكيرها واختياراتها ؟
2) في إحدى الدول الخليجية اغتصب شاب ثلاثيني طفلة في الثالثة من عمرها استدركها وقام باغتصابها ثم تركها بين الحياة والموت !!! أتسأل ما نوع الإغراء الذي اتبعته طفلة خرجت لتوها من سنوات الرضاعة لتعمي بصر وبصيرة الثلاثيني ؟ أما الحادثة الأغرب فهي لرجلين في الأربعين من عمرهما قاما باغتصاب طفلة صغيرة ثم قتلاها ( ربما حتى لاتصف تفاصيل اغتصابها للآخرين ) ، لكن ربنا كبير وانفضح أمرهما وتناقلت الفضائيات والصحف صورهما. أسأل أولئك المصرين إصرارا أن المرأة لا شغل يشغلها ولا هم تحمله طوال عمرها ولا طموح يضاهي سعيها لإغرائهم : ما نوع الإغراء الذي اتبعته الصغيرة ؟ كنزتها الصوفية ؟ ضفائرها ؟ شرائطها الملونة ؟ بشرتها الصافية ؟ ابتسامتها البريئة ؟ ربما الابتسامة .. ذلك لأن أكبر خطأ قد ترتكبه المرأة ابتسامة نبيلة لرجل .. أو رسالة ( أس أم أس ) لتلقي تحية أو تبارك لمناسبة سنوية ، فلا تستغرب إذا باغتها باتصال هاتفي أو زيارة ، فتلك المبادرات التي قامت بها بالنسبة له تعني السقوط في شراكه وأنها مشغولة بالتفكير به جل وقتها .. فلم تتحمل البعاد وقررت تقديم التهاني له .. وليتها لم تفعل !!. وهذا بالتأكيد لا ينطبق – ولا بأي شكل من الأشكال – على جميع الرجال. 3) الإغراء كلمة بلا حدود ولا مسافات ولا حواجز ، كلمة متماهية بلا أطر ولا فواصل .. متشعبة أخطبوطية .. هلامية .. كلمة تائهة ومعنى أكثر توهانا .. الإغراء يحتمل التشكيل كصلصال بين يدي طفل .. تحتمل التفكيك والتركيب .. التلوين بألوان داكنة أو فاتحة .. تحتمل الفرد بحيث تشغل مساحة واسعة والطي بحيث تتكور وتقيد .. بالتالي فلا يعتد بها ويبقى الأصل في القانون ، لا شيء اسمه أغراء ولكن هناك دائما شيء أسمه قانون ، قانون قوي ينظم ويقرر ، بلا قانون يصبح الإغراء ومن يتداوله مجرمين فوق السيطرة . عندما يتوافر قانون ينظم الحريات ويجرم ويعاقب بشدة عندها سيرتدع من يسئ للآخرين بمحاولة نهب اختياراتهم في التفكير والملبس والسلوك . القانون هو ما يميزنا عن الكائنات الأخرى على وجه الأرض وإذا غفل أو ( تسامح ) ستتفجر الطاقات الحيوانية ويعيث البعض فسادا وإجراما . وعندما يقوى القانون سيضطر الجميع لضبط النفس والتصرف وفق حدود الحريات المسموحة ضمن الإطار المحدد في المجتمعات وبما لا يخدش الحياء العام فلا يتعدى أحد على الآخر ، وسيصبح الإغراء أنشودة قديمة منسية بعد أن كانت بلا حدود ولا فواصل .
#وضحى_بنت_سيف_الجهوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تصحيح الخطاب الديني للمرأة وعن المرأة
-
مسألة الحجاب
-
المرأة في كتابات عدد من المفكرين
-
تكريم الإسلام للمرأة
-
عن المرأة العمانية وحقوقها
المزيد.....
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|