حسين حامد حسين
الحوار المتمدن-العدد: 3082 - 2010 / 8 / 2 - 20:14
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
سيد القمني : طروحات نيرة كالضحى ... تشجبها العمائم واللحى
هل الإسلام هو سر تخلف المسلمين؟
مرة اخرى اجدني مأسورا بما يطرحه الاخ المفكر الاستاذ سيد القمني من تحديات تخص حياتنا كمسلمين , وأجد في طرحه حملة متواضعة من اجل الفكر التنويري وان كان يخلوا من التزام ديني محدد . وأستأذن القاريئ الكريم في محاولتي الدخول ساحة التحدي المعرفي هذه والتي دعى اليها الاخ الكاتب ولو ببعض الملاحظات .
ابتداءا , اني وبفضل الله تعالى كانسان أتشرف وأعتز بايماني العظيم وتديني , فاني في نفس الوقت لا أجد نفسي أكثر من مجرد فرد من الناس يؤرقني ويفزعني هول المصير في لقائي القادم مع خالقي ووقوفي بين يدي رحمته . فمحاولاتي ألكتابية ووفق ثقافتي المتواضعة تحتم علي دائما أن اكون صادقا في طرحي لما يرضي الخالق ويرضي ضميري , وان كانت هذه الثقافة قد لا ترضي غيري . فهي ثقافة في مضامينها ربما تخرج عن المؤلوف الذي اعتاد على حمله غيري من الكتاب المسلمين . ودوافعي ان شاء الله صادقة في هذه المداخلة لما وجدته مشخصا من قبل كاتب المقال عن اراء تخص الدين والمجتمع ودور المشايخ الذين يطرحون رأيهم في أسباب التخلف تأثيما وتذنيبا للناس .
فباعتقادي المتواضع أن ليس على الارض من انسان مها بلغت درجة ايمانه وورعه وتقاه يستطيع ان يجعل من نفسه مسؤولا عن ما يعمله او يتقوله أوينهجه عباد الله . وأعتقد ان وظيفة المسؤولين الرسميين من قادة الدين والمشايخ انما هي في الحفاظ على خط الاسلام الفكري والعقائدي من خلال ما أنزله الرب الخالق من اوامر وقيم دينية واخلاقية تنصب في خدمة الانسانية من أجل ان يحيا عباده حياة كريمة حرة بعيدة عن الاثام والذنوب التي من شأنها ان تسيئ الى الاخرين . ولا أعتقد ان الدرجات الدينية والتأهيلية لهؤلاء المشايخ تعني استطاعتهم من تأثيم وتجريم الانسان أوتزكيته فيما يتعلق بصدق ايمانه أوعدمه أوعلاقته بالدين . فالله هو الولي واليه يرجع الامر كله .
ولا أتفق مع الاخ الكاتب الذي يعتقد ان هذه المشايخ كان لها دورا في ان يصبح الفرد المؤمن كالانسان الالي (يردد طوال الوقت الاذكار والادعية) . اني أعتقد ان في ترديد الفرد للادعية انما يؤشر نوعا من الانغماس في نور الله وادامة ذكره . وهي كحالات التأمل التي يمارسها المجتمع الغربي في الوقت الحاضر كواحدة من وسائل تخفيف التعب والاجهاد الفكري
) .Meditation)
ولا أعتقد ان الايمان يمكن ان يجعل الانسان يعاني من الاصابة بالذهان المرضي . فالتقاليد والعادات الاجتماعية المتداولة بين الناس وكما يعتقد علماء الاجتماع لها تاثير كبير على تناقل تلك (العادات) فيما بينهم وبدون وعي أو تفكير مسبق .
والمشكلة الاساسية فيما يتعلق بالدين وصدق الايمان به وكما طرحها الاخ الكاتب كخط (مازال يستثمره البعض حفاظا على خط فكري نظري واحد يظل سيد الموقف في كل شأن وكل أمر ، وهو موقف لا تشغله الأمة ولا الناس ولا الدين بقدر ما تشغله سيادته وسيطرته على العقل المسلم واستمرار هذه السيادة السلطوية المستمدة من تعبد الناس ).
فهذه السيادة السلطوية وكما أعتقدها قد بدأت بعد وفاة الرسول الاعظم مباشرة , واستمرت من بعده في زمن تعاقب الخلفاء والخلافات فكانت قادرة على تعريض الاسلام ومحتواه الى اجراءات سياسية طغت فيها المصالح الشخصية للخليفة واقربائه وتم قهر الدين من خلال شراء ذمم المشايخ الذين راحوا يقومون بالافتاء لمولاهم السلطان الجائر مبتعدين عن تلك القيم النبيلة العادلة والتي سادت زمن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) . حيث بدا ذلك التباين بين العهدين من خلال التوجه في جعل الخلافة هي المبدأ الذي يستطيع الخليفة من خلاله تبرير زعامته شبه المطلقة والمتمسحة بالدين ولكنها أيضا في نفس الوقت شكل جديد من توجه عملي من اجل الاستفادة من السلطات الدنيوية . ولقد مورس ذلك حتى على حساب العدل المطلوب , فقد ظل الخليفة في كثير من الاحيان , مناوئا لمن يختلف معهم من المسلمين مهما كانت درجة ايمانهم وقرابتهم بأل بيت رسول الله . فهل نستطيع ان نسلم ان تقدم الأمة الإسلامية خلال القرون الأربعة الأول كان تقدما اساسه نصرة الدين والانسانية معا ؟
والوقائع من خلال معطياته التأريخية والعملية يثبت الى يومنا هذا ان أسباب نجاح السلطان في السيطرة على اوضاع المسلمين انذاك تعود في أساسها الى سيطرة الخليفة على مقدرات المشايخ وتسيسهم وفق أهواء ومتطلبات الحكم واستخدامهم كدروع واقية في تبريرات السلوك العدواني له حين يمارس قتل وسبي مناوئيه من خلال فتاوى مشايخه و تبريراتهم . أذ كانت وكما يبدوا من خلال الاحداث التأريخية التي قادت الى استنتاجات ما عليه نحن اليوم , أن الانغماس في شهوات السلطة والغرام في اهواء الدنيا وملذاتها وتحقيق المنافع الشخصية من قبل الحاكم وجلاوزته وشيوخه الدينيين , كانت هي ألاكثر قوة من أية قيم ايمانية بالمعنى الحقيقي للايمان باستثناء بعض الخلافات المعروفة تأريخيا . وهكذا تفرد الحاكم الاسلامي بانانيته وأبقى سيطرته على المجتمعات الاسلامية من خلال منح مشايخه السلطات الرسمية التي يستطيع من خلالها جلد أعدائه والسيطرة على المجتمع .
واستمرت خططهم الموحدة قادرة على اثارة هلع الانسان المسلم بالبساطة التي يجد المشايخ لها التبريرات في وجوب طاعة أولي الامر وعدم الاقتراب من الاثم والمعصية ووجوب تجنب الدخول في اشكاليات معانات المجتمع ولما يعاني من ظلم وتأخر .
فكانت تلك هي البدايات في تحديد ملامح المجتمع المطلوب لتلك الحقب , وتم بناء ذلك المجتمع على تلك الضوابط وعلى
انقاض حرية المسلمين والعلماء الدينيين الحقيقين المستلبة . اولئك الذين تفانوا في التزامهم بالمبادئ والقيم الدينية وعملوا على صيانته عن السياسة ودسائس المشايخ والسلاطين , فاضطروا الى دفع أثمانا غاليا من اجل ذلك .
وهكذا ظل الفرد المسلم حبيس الهواجس , يحسب الحساب من اجل اتقاء الشر في كل شيئ وفي كل مكان , الامر الذي عمد ذلك الشعور السلبي في ذاته الى دفن فضوله في التقصي عن سبل أفضل للحياة , وأطفأ في نفسه وهج المغامرة وسبر اغوار العالم والحياة . وضن عليه قدره فلم يهبه خبرات الاقوام التي سبقته في أديانها من يهود ونصارى وبما يمكن ان يجده مكتوبا عنهم وعن تأريخهم الحافل بصور , وان كان يجدها ربما انماطا لسلوك يتنافى ومبادئي دينه الحنيف وطبيعة أخلاقه الملتزمة. لكن تلك الخبرات الحياتية ربما كانت ضرورية له في تلك الحقب من اجل الولوج الى عوالم تفتق الذهن ووسائل الاستنارة.
والحكاية التالية التي قصها علي أحد الاصدقاء من المسيحين المتحررين عن نموذج لتلك الخبرات الحياتية بما تحمله من مكر ودهاء في تلك ألازمنة السالفة , لعلها تعطينا فكرة ما عن طبيعة العلاقات الطبيعية لخصائص فئات من الناس كمشايخ المسلمين في خروجهم عن مباديئ دينهم , وبين أنماط اخرى من غير المسلمين أيضا ممن لا يعبئ بعضهم من تبني طرقا شاذة للتفكير وممارسة سلوك المكر والذي ربما قادهم الى حياة أرحب . فكلا النموذجين يمكن حشرهما في زورق واحد بسبب قدرة كل منهما الاستثنائيه من التعايش مع الظروف وكما أعتقد .
قد تكون هذه القصة احدى الطرائف ومجرد دعابة او ربما قد تكون حقيقة , ولكنها على اية حال ذات مغزى كبير لاوضاع غير مستساغة من خلال الافتراء على الاديان السماوية .
قال الصديق أنه اثناء ابتداع رجال الكنيسة من القساوسة لصكوك الغفران في الأزمان الماضية وبيعها للناس لمحو خطاياهم ودخولهم الجنة , قام الناس بتصديق تلك اللعبة التي تم جني أرباحا طائلة من خلال ممارستها . ويقال ان أحد اليهود بينهم عمد الى أقامة صفقه مع القساوسة فاشترى منهم جهنم . ولما أصبحت جهنم ملكه , قام وخطب في الناس قائلا لهم ان عليهم ان لا يخافوا بعد اليوم من الذهاب الى جهنم , فقد اشتراها وهي ملكه الان وقد قام باغلاقها فلا جهنم بعد اليوم . ولما سمع الناس ذلك الخبر استبشروا خيرا وراحوا يطالبون القساوسة باعادة اموالهم لان صكوكهم أصبحة لا فائدة منها . وعندما سمع هؤلاء القساوسة ذلك ورأوا انه قد سقط في أيديهم وان عليهم اعادة اموال الناس , راحوا يفاوضون اليهودي ببيعهم جهنم ثانية لهم . ولم يوافق اليهودي ببيعها الا بعد ان اعطوه أضعافا لسعرها .
فهذه الحكاية الطريفة يمكن ان تدلل لنا وبشكل رمزي على حال الانسان البسيط نقي السريرة مهما كان دينه , يقابله من جانب اخر خبراء الحياة وفنونها في النصب والحيل منذ تلك العهود , رغم اننا وبلا فخر نعيش الان زمن يمتلك فيه بعض الناس دهاءا وشيطنة ربما أكبر من الشيطان الرجيم نفسه والعياذ بالله .
وهكذا استمرت هذه الصراعات السياسية - الدينية الى ايامنا هذه لجميع الاديان . وهكذا أيضا توارث رجال الدين المسلمين ميزاتهم الخبيثة والتي استطاعوا من خلالها التأثير في المجتمع الاسلامي ومؤسسات صياغة القرار السياسي بشكل مباشر من خلال فتاويهم الكثيرة التي يطلقونها كما يحلوا لهم . واستمروا يتبادلون المصالح مع أسيادهم الحكام المحليين بدون ألاخذ في الاعتبار القيم الدينية والاخلاقية المتوارثة في التراث الاسلامي والتي هي من بين أوليات مسؤولياتهم , وتناسوا تلك الالتزامات التي من شأنها ان توجد التوازن الاجتماعي والتعايش السلمي والمتاخي مع الاديان الاخرى وبما أمر الله به .
فلو ألقينا نظرة هادئة على المحيط العربي الصاخب اليوم , نجد ان المشايخ في السعودية مثلا يأتمرون بأوامر أسيادهم من العائلة المالكة التي تعتنق المذهب الوهابي وتعمد على تكفيرالشيعة المسلمين من مواطنيهم السعوديين واضطهادهم وتصب أحقادهم عل شيعة العراق وعلى الشيعة في كل مكان . ويعملوا كل ما في وسعهم من اجل التدخل في الشأن العراقي من خلال تمويل عملائهم من رؤساء الكتل العراقية من السياسيين من اجل الحصول على موطئ قدم للتأثير على القرار الوطني العراقي . ويعمدوا في صحفهم ووسائل اعلامهم الى بث التفرقة بين العراقيين بهدف زرع الطائفية واطلاق الفتاوى اللامسؤولة والاكثار من اللغو والضجيج والهراء الوضيع متجاوزين على حرمات الدين وقيمه السمحاء وبمواقف صلفة لا تتسم بالحياء حتى أصبحوا وللاسف وجها قبيحا للمسلمين في العالم . وفي الكثير من فتاواهم يعمدون الى جعل دعوات مواطنيهم المسلمين والتي تطالب بالحريات السياسية وفي حياة حرة كريمة , أوفي أي طرح للرأي فيما يتعلق بقضايا الاصلاح وتطوير المجتمع , جعلها محاولات لتحدي السلطة والخروج على طاعة المملكة وسلطة الحاكم بعد ان خولهم هذا الحاكم الدفاع عن سلطانه . وبعد ان وجد في فتاواهم تأثيرا أقوى من حد السيف على بعض العامة من الناس .
أما مواقف المشايخ في مصر في فتاواهم الهزيلة والشاذة تجاه المجتمع والدين في بعض الاحيان , وفي اضطهاد المثقفين بحجج الخروج على مبادئ الدين والمجتع انما هي توجهات مسرفة في غلوائها وتخلوا من قيم الاصلاح التي ينشدها المسلم والتي من شأنها تعميق ايمانه ونشر الفضيلة بين المسلمين وجمع كلمتهم ووحدتهم ضد الشرور .
وما نجد اليوم مما يجري في العراق من خلال السلوك الشائن لبعض المشايخ وفي مقدمتهم ما يسمى برئيس هيئة علماء المسلمين والمطلوب في قضايا اجرامية من قبل العدالة العراقية , فهو امر لم يعد خافيا على الجميع . فقد ساهم هذا المسؤول الديني عمليا في شق الصف العراقي من خلال اطلاق الفتاوى التي تحرض على تكريس الطائفية بين العراقيين وقام بالتامر مع الارهاب والارهابيين ضد الشعب العراقي . وأرتضى لنفسه التسكع في دول الجوار من اجل تعزيز مساعيه واغراضه الخبيثة واستخدامهم له من خلال تمويله بالمال والدعم المعنوي في شق الصف العراقي الوطني والمحاولة في أعادة فلول البعث الى الحكم , فهل للخيانة والاستهتار والوضاعة معاني اكبر من هذا الذي يمارسه كبير مشايخ المسلمين ؟
ولا نستثني تلك المساعي الخبيثة وما يتصرف به البعض من القادة الشيعية في العراق من اجل الاستماتة في السلطة وهم يتخلون عن مسؤولياتهم الدينية امام الله وعباده علانية . وكذلك في معاداتهم العلنية الى الوطنيين من ابناء العراق الغيارى ومحاولة تهميشهم ونعت اداؤهم الاداري بصفات لا صحة لها خدمة لاغراض ايران وولائهم المعروف للنظام الايراني من قبل جميع العراقيين . فهذه وغيرها من المواقف السياسية انما هي دلائل على ان العلة التي يعاني منها المسلمين ومن تردي المجتمع الاسلامي في الحقيقة مشخصة في الاشخاص وليس في الدين . وهي محاولات تتم بدعم السلطان ( من حكام الاخوة المسلمين ) من اجل السيطرة على أقدار المسلمين وابقائهم مجزئين ومنزوين بين دول هذا العالم السعيد .
وهذا يقودنا الى نتيجة اخرى . فمن الواضح ان من اسباب تبني الشباب الافكار الالحادية وعزوفهم عن الدين في هذه الايام ليس متأتيا من نقص في الدين اوعدم شمولية القيم القرانية او عدم عدالتها . ولكن السبب هو وكما أعتقد انه بالاضافة الى ان المسلم ذو الارادة والايمان الراسخ فقط هو وحده من يقدر على كسر شوكة الاثام والمعاصي في نفسه , نجد ان فقدان الفرد المسلم الثقة بقيادته الدينية حين يجدها منصرفة الى أهوائها الشخصية والانانية , سوف لن يستهويه الايمان كثيرا ليجد فيه ضالته من اجل كسب اجر الاخرة الذي وعده بها خالقه . فحين يجد المسلم ان قياداته الدينية وهم الذين يفترض بهم ان يكونوا النماذج العليا للدين والالتزام الاخلاقي , منشغلة عن رضا الخالق من خلال ما يستعرضونه من ظواهر حياتية في سلوكهم في مجتمعاتنا الاسلامية , من شأنه حتما ان يقود الى تلك الخسارة الكبرى لشرائح مهمة في عزوفهم عن الدين غير مبالين بالنتائج بعد ان قادتهم قناعاتهم بقياداتهم الدينية وبما يرونه من عدم جدوى الثقة بثقاتهم الدينين نتيجة الاسفاف الدنيوي وهذا أمر يؤسف له كثيرا .
وعليه يبقى هؤلاء المشايخ هم من يتحمل مسؤولية اورام المجتمع الاسلامي وانتفاخاته المرضية وفي وقوع البعض في فخاخ الالحاد وترك الدين وذلك من خلال عدم رعايتهم لقيم الدين بعد ان أصبح شاغلهم الوحيد هو الحصول على السلطة والمنافع السريعة . فالمشايخ اليوم وكما نجدهم قد اوجدوا لانفسهم مهمات غير التي أعدوا أنفسهم من اجلها من الناحية المهنية والاخلاقية من خلال تعهداتهم لتغييروجوه المجتمع نحو الافضل . فاثبتوا عدم جدارتهم بحمل ثقة المسلم من اجل السير ورائهم والاقتداء بهم . فقد استهوتهم السلطة والقوا ثقلهم في الحياة السياسية من اجل الجاه والاثراء السريع فراحت قيمهم الروحانية تجف وتنضب وأصبحت قيمهم الدينيه والاخلاقية لا تعلوا على قيم السياسيين في قذاراتهم وافترائاتهم من اجل الفوز بالسلطة والمبتغى الدنيوي . وهكذا جعلوا وللاسف من انفسهم خصوما للدين والفرد مسلما كان او غير مسلم بعد ان فهم مبتغاهم . فأهدافهم أصبحت واضحة ولن تنطلي على أحد حتى وان ظلت العمائم فوق الرؤوس وظلت اللحى تمتد الى الصدور , فهم السبب في زعزعة ثقة الاخرين وجعلهم يضطرون الى هجر الدين وعدم المبالات لقيمه وفضائله .
وبعد كل ذلك فمن الطبيعي ان يحصل اختلال في توازن المجتمع ونكوص في تبني الافراد لمسؤولياتهم من اجل الابداع والتغيير . وما يحصل اليوم هو وكما أسلفنا نتيجة لامتداد حقب من ازمنة كثيرة من عدم الالتزام الديني وعزل الفرد المسلم عن التفاعل المطلوب مع مجتمعه وأبقاه ضعيفا في زوايا النسيان . ليبقى يائسا وفي وجود هامشي ومقترن بتطبيقات سلبية لجوانب خبرات حياتية فرضتها عليه ايديولوجيات قادته المشايخ . فلا غرابة ان نجد ما نحن عليه من تأخر عن الركب العالمي حتى في أخلاقنا .
فكيف بعد هذا يمكن للاخ الاستاذ سيد القمني وغيره ممن يتطلعون الى ان يجدوا مجتمعاتنا المسلمة زاهية وتزخر بالتكنلوجيا والتقدم ومشايخنا يسلطون سيوفهم فوق رؤوس الجميع ؟ كيف والمجتمع لا يستطيع النهوض بمسؤولياته بل يجد اعتبارات شخصية انانية من خلال سلوك هؤلاء المشايخ وغيرهم من المأجورين في حملاتهم الهادفة الى شق الوحدة الوطنية وتفتيت وحدة المجتمع وتهميش الدين ؟ وكيف وان البدايات في بناء اللبنة الاولى للفرد كانت مزيجا من وحل وقش ولم تكن من كونكريت مسلح ؟ كيف ان للفرد المسلم أو غير مسلم وكلاهما من المواطنين ان يشعرا باهمية انتمائهما الى المجتمع حينما يسمعا في المساجد ومن خلال المايكرفونات تجاوز هؤلاء المشايخ على حرمة الاديان الاخرى أو المذاهب الاسلامية بما لايمكن تقبله ؟
وبما ان العقيدة الاسلامية لا تسمح لأحد ان يتعامل مع الدين كما تعامل القادة المسيحيون في اوربا مع دينهم , حينما عمدت طائفة الكاثوليك في دعواتها الى اجتماعات دورية متباعدة في الزمن من اجل توظيف الدين بما يقتضي من اجل جعله ملائما للحياة الجديدة . فلكل دين ظروفه وبيئته ومتطلبات حياته . لكن المطلوب وكما أعتقد انه من اجل تحقيق الهدفين الرئيسيين في نصرة الدين الاسلامي كي ينجوا من الاتهامات والافترائات المغرضة من قبل البعض ويستمر المجتمع في نفس الوقت في الحفاظ على قيم الدين وكما يجب , وكذلك أيضا من أجل تبني استحقاقات المجتمع من اجل تعزيز وحدته وضمان أمنه واستقراره و سيادة العدالة والحرية وتبني تطلعاته وفي وجوب النهوض والتقدم المعرفي والعلمي له , يتحتم على كل الخيرين كل من موقع مسؤوليته العمل على تطبيق تلك الصيغ والقيم الاجتماعية والدينية . وطبيعيا ان لا يمكن لشيئ كهذا ان يحدث الا من خلال مشاركة القادة الدينيين في تطبيق مسؤولياتهم الاخلاقية والدينية من خلال قطع العلاقات الانتهازية والمصلحية مع الحاكم المحلي أو الخارجي من دول الجوار بحيث تتجسد القيم الوطنية للمواطن ويبدء المجتمع في وضع اسس استقراره ورفاهيته وسد حاجات معيشة شعبه وحفظ كراماتهم واطلاق المواهب الابداعية وتبني جميع الفرص التي من شأنها بناء الحياة الديمقراطية الجديدة . فمتى عمد المشايخ وهم المسؤولون أساسا عن هذا التخلف الذي نعيشه في مجتمعاتنا الاسلامية وكما بيناه , الى تعطيل شراكتهم التظامنيه مع الحاكم وتوقف جشعهم وثرائهم الدنيوي , عند ذلك فقط قد نستطيع ان نتحدث عن اعادة الثقة بهم وبغيرهم من اجل عودتهم الى الصف الوطني .
ويبقى السؤال قائما : هل يمكن ان نجد من بين هؤلاء المشايخ من يستمع لدعوات سيد المقني ودعواتنا المخلصة للعمل على نصرة الدين واحلال المجتمع الذي نتمناه ؟ هل من شأن شيئ كهذا ان يتحقق في حياتنا ؟
hussein726@gmail .com
#حسين_حامد_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟