ناس حدهوم أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 3082 - 2010 / 8 / 2 - 00:26
المحور:
الادب والفن
ذات مساء إلتحق بمكتبي الصديق عبد الله . قفلت المكتب وولجنا حانة من حانات المدينة . بعدها
إنتقلنا إلى مدينة -المضيق- هناك بمطعم ( شيكو ) تناولنا عشاءنا مع زجاجة نبيذ من الصنف الجيد
إلى أن حان منتصف الليل فكان من البديهي أن ننهي الليلة داخل النادي الليلي - الشاطيء الذهبي-
تلك الليلة بعد احتساء كؤوسا من الويسكي أديت أغنية مع الجوق . قبل الغناء دائما كنت أتلو مقاطع
قصيرة من شعر سميح القاسم وأدونيس ومحمود درويش . كانت هذه عادتي التي يعرفها الجميع.
تلك الليلة قرأت أيضا قصيدة من قصائدي بعنوان ( سيدة الشعر ) :
سيدتي مجنونة
ملكت مني روحي سؤالا يطير
فيحط على قلبي
جاثما
وأنا في غمرة الضحى
ألهث نحو المساء الحزين
أين لي من رفيق ؟
غيرك أنت ياسيدة
يامجنونة
علمتني الأمل الرهيب
وأنت تدسين في أنفي
شقشقة العصافير السليبة
تعريني
من نهاري من ليلي
فأفقد العصا
وأرمي بالرداء
سيدتي
حلو هو هذا القيثار
هذا السيف البتول
مشتت هذا الشدو
راحلا
عبر الحلم الممنوع
قلبي يستحم بالنار
والعطش هو الأساس.
أثناء القراءة كنت أعيد الجملة الشعرية على الجمهور ( وأنت تدسين في أنفي شقشقة العصافير)
مرارا وتكرارا .
لما خرجنا من النادي كان ضوء الفجر ينشر خيوطه البيضاء . كانت شقشقة العصافير تملأ الكون
بشكل لم يسبق له مثيل .
كان الصباح يتميز بشقشقة عجيبة وكنت أنبه الصديق إلى ذلك وأنبه سائق الطاكسي الذي
لم يكن يفهم ما يدور . نزل الصديق وهو يترنح أمام باب بيته وتابع الطاكسي طريقه نحو بيتي.
نفس الإحتفال الكوني لا زال مستمرا . دخلت منزلي وكنت متعودا على تلك الشقشقة كل صباح
شقشقة العصافير بسطح منزلي فقد كان يروق لها التغريد الذي كان يوقظني من النوم لألتحق
بعملي . لكن هذا الصباح كان الإحتفال فوق العادة كما لو أن طيورا أخرى إنضافت للحفل .
وأنا داخل البيت أتلاعب بثمالتي أحسست وكأن الحفل أقلقني ودون أن أدري سببا لذلك صرخت
صرخة مدوية وبأعلى صوتي وبغضب شديد :
( إسكتوا أيها الحمير )
فإذا بالطيور تسكت بشكل موحد منفذة أمري الخطير . وساد صمت مطلق .
منذ ذلك الحين ولحد هذه الساعة لم تعد الطيور تشقشق على سطح منزلي كعادتها .
لكنني ندمت ندما عظيما على فعلتي المتهورة تلك . إفتقدت ولا زلت تلك الأصوات المغردة التي
كانت لا تخلف ميعاد صباحي .
أحيانا يحدث أن أخجل من نفسي لأنني كثيرا ما كسرت الأشياء الجميلة بتهوري .
- يتبع -
#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟