أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود إبراهيم الهالي - قصص الساقطة لهيفاء بيطار.... واقعنا بعيون متمردة














المزيد.....

قصص الساقطة لهيفاء بيطار.... واقعنا بعيون متمردة


داود إبراهيم الهالي

الحوار المتمدن-العدد: 3065 - 2010 / 7 / 16 - 00:59
المحور: الادب والفن
    


قصص الساقطة لهيفاء بيطار... واقعنا بعيون متمردة

قدّم النقد: داود إبراهيم الهالي
ندوة اليوم السابع- القدس 15 من تموز 2010

الساقطة هي مجموعة قصصية للكاتبة هيفاء بيطار المولودة في مدينة اللاذقية في شمال سوريا عام 1960، وقد صدرت مجموعتها هذه عن دار السوسن في دمشق عام 2006 في 147 صفحة من القطع المتوسط.

عند الكتابة عن روايات هيفاء بيطار فالأمر يتطلب لغةً مختلفة وتعبيرات ليست كالتي عهدناها من قبل، ذلك أننا أمام كاتبةٍ تتمتع بأسلوب آخر تطغى عليه روحُ التمرد والجراءة في نسجها للقصص من واقعنا المعاصر، تظل المرأة العربية حاضرة فيه في زمن تسود فيه ذئاب بشرية.

في قصصها الأربع عشرة تتخذ الكاتبة من الأحداث والقصص التي تظل غالباً مدفونة –تتخذ منها- مادةً تضعها بين يدي القارئ العربي مقدمةً إياها بعيون ثاقبة وروح جريئة تشكل صوراً لجوانب مهمة من واقعنا العربي المعاصر. وإن تحفظنا تجاه بعض التعابير والإباحية القبانية في لغتها كما في قصة الصرخة أو تسوّق خاص.

تندفع المرأة أو يزج بها وفقاً للكاتبة في أزقة مظلمة وموحشة في مدينتنا العربية التي طغت عليها المادة الحقيرة، وتحوّل فيها الناس إلى ماكنات تسحق كل ما يعترض سبيلها من قيم ومبادئ وأخلاق هي كنوز تتلاشى شيئاً فشيئاً، والنفيس منها يتحوّل إلى دفائنَ في قعر هذه الحياة، وتلك زمر أخرى من البشر أخذت على نفسها عهداً أن تتحول إلى ذئاب وتماسيح وكلاب شرسة تبرر سلوكها الذي فاق الحيوان وحشية، ففي قصة تحقيق الذات (ص136) يقول وجيه مخاطباً زوجته: "شخص مثل أخيك لم يحصل على الشهادة الإعدادية يصير مليونيراً! لا تقولي أن الله أعطاه، فهذه الجملة يختبئ خلفها اللصوص كلهم".

تجعل الكاتبة بيطار من المرأة العربية محور قصصها دون أن تتجاهل الأدوار الأخرى في المجتمع بلا تعميم أو مبالغة نجدها في كثير من الأحيان في تعابير من يتظاهرون بدراسة النوع الاجتماعي ومكانة المرأة، فالمرأة بنظر الكاتبة ببساطة إنسانة إما أن تتعرض للسحق بعجلات مدنيتنا الزائفة المشوهة كما في قصة "صفعة حب" حيث تظهر فيها حنان كقصعة يتكالب عليه الأخ والأخت والأبناء طمعاً ونهماً، وقد تكون المرأة في إحدى أدوارها الإنسانة التي تتخذ من جسدها جسراً تحقق به مآرب دنيئة كتحقيق الذات الزائفة كما في قصة شطارة وقصة "تسوّق خاص". فهذه تبالغ في تزيين جسدها بما يتماشى والموضة وإن تطلب الأمر أن يكون جسدها محط يدي رجل يكاد يأكلها شهوةً مقابل حصولها على جوارب غالية الثمن أو تسديد فاتورة غسالة كهربائية وتبرر كل هذا بتوفير قوت أبنائها (ص142).

أتقنت الكاتبة نسجَ قصصها بأسلوب يشد القارئ وتجبره على أن يكون شاهداً على ما انتاب مجتمعنا المعاصر من سلوك غير أخلاقي مصورةً إياه بمجتمع يسيطر عليه ثلة من البشر المفترسين، يمضي فيه الأفراد بسعي حثيث وراء الربح والشهرة، ورغم كل ذلك يظل سراج الأمل منيراً كما في قصة "تحقيق الذات" في أحلك الظروف التي هي إيحاء إلى تلك الشعوب التي اعتادت أن تؤمر ولا تأمر، وأن تنفذ ولا تعصي أو تقرر، وأن تذعن ولا ترفض، وحتى أن تتعرى ولا تكتسي بثياب الكرامة.

يبدو ان الكاتبة أرادت ان توصل من وراء قصصها هذه رسالةً كُتبت حروفها من واقع تدوّي فيه الصرخات وتحكم فيها التماسيح ويتخلله نوبات ربو... ونوبات حب على حافة الحياة، وتتعالى فيها أصوات ترنو إلى تحقيق الذات في زمن حرمة القرارات المصيرية. ومن جهة ثانية يظل حاضراً في هذا الواقع التسوّق، ولكن بدفع ثمن جنسي مهين...

ليس من السهل تدوين القدر الكافي من قصص الساقطة في صفحات قليلة، فكل قصة تترك نهراً يفيض بالأسئلة والتقييمات... حتى تكاد بعض القصص رغم قصرها أن تكون درساً بليغاً في الحياة. والكاتبة بجرأتها وتمردها ودقتها في تصوير بعض جوانب مجتمعنا العربي تسير على نهج نجيب محفوظ في أعماله الثلاثية أو حيدر حيدر في "وليمة لأعشاب البحر" المثيرة للجدل.

داود إبراهيم الهالي
ندوة اليوم السابع- القدس 15/7/2010



#داود_إبراهيم_الهالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة ...
- الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
- “من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج ...
- المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ ...
- بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف ...
- عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
- إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع ...
- تكريم الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د ...
- ”أحـــداث شيقـــة وممتعـــة” متـــابعـــة مسلسل المؤسس عثمان ...
- الشمبانزي يطور مثل البشر ثقافة تراكمية تنتقل عبر الأجيال


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود إبراهيم الهالي - قصص الساقطة لهيفاء بيطار.... واقعنا بعيون متمردة