أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعد سامي نادر - كيّات وحكايات المنبر الديمقراطي – أنا كردي.. ومام جلال!!-















المزيد.....

كيّات وحكايات المنبر الديمقراطي – أنا كردي.. ومام جلال!!-


سعد سامي نادر

الحوار المتمدن-العدد: 3057 - 2010 / 7 / 8 - 16:52
المحور: كتابات ساخرة
    


سخرية مصائبنا وإخفاقاتنا نحن العراقيون تكمن حين نحولها الى ملهاة. مرة على شكل شعر شعبي واخرى نلصقها بأمثالنا الشعبية. وهذه كما يقول رواتها، تضرب ولا نقاس. لكننا في الواقع نحن ادواة قياسها الاصلاء. ومثل ما (كالوا): "رُبَّ ضارة نافعة". فمنذ عام 1991 ومشكلتي المزمنة مع ضمور شبكية عيني. أرغمتني على ترك سيارتي الشخصية وهمومها العديدة: من حر الصيف الذي يقلي البيض بداخلها عند زحمة السير وحواجز التفتيش، الى مشكلة تأمين الباركنك وحمايتها من السرقة.و و و.. ناهيك عن متاعب بنزينها وتكاليفه المتصاعدة. بالتالي ساقني قدري وهجرانها الى التعرف على مؤنسين جدد كبدائل لتنقلاتي: الكوستر والتاتا والكية وأحيانا أخرى التكسي.
خلال تجربتي الطويلة والظريفة مع عالم الكيات وبرلماناته التي تجوب الشوارع. تعلمت كيف افرغ همومي ومتاعبي وتوظيف معلوماتي المتواضعة في تحريك حوارات شعبية لطيفة مغرية ترطب الحياة. وعلمتني تجربة الخوف ايام جمهورية الخرس، كيف ومتى أدلو بدلوي في مختلف المواضيع الساخنة والشائكة. وكان الخط الاحمر في حوارات زمن صدام معروف وواضح. وهو عدم تجاوز الرمز!!. وهذا لم يكن صعبا معرفته. فقد تعلمته من احد اصدقائي. كان طيارا حربيا برتبة عقيد. وكان سكيرا يحب الشرب والسياسة معا خلطة عجيبة في زمن عجيب. وخاصة في مشاربنا العامة في عرصات الهندية. لكنه هكذا رغم الشرب متقد الذاكرة. يتباهى كونه لا يفقد اتزانه عندما يتحدث بالسياسة. ذات مرة، استلم الحكومة بالتشريط والتجريح. لم يسلم من لسانه ولا مسئول في الدولة . في تلك الأمسية دفعنا الحساب مقدما وهربنا من حوله وبقى لوحده مع ندمائه قناني البيرة التي يعشقها. في اليوم التالي عاتبه صديقه الودود نبيل على ما جرى ليلتها. صعقه حين قال له بكرياء: "كان هناك من يسجل لي حديثي. لكن يا نبيل، تذكر إني لم أذكر أبانا صدام بسوء، بل على العكس زدت له أسماءً حسنى اخرى". المدهش بعد اسبوع رقي الى آمر قاعدة (....) الجوية!.
تجربة زمن الخرس هذه علمتني متى أصم فمي وألوذ بصمتي داخل عالم الكية الصاخب. جمعت خلالها خبرة وتقنيات صغيرة في صعودها ونزولها وكذلك اختيار أحسن واكثر المقاعد أمنا وملائمة لراحة شخص بعمري بدون أذى. وبحكم كرمي الفائض عن الحاجة، سافشي لكم سرَّ براءة تقنيتي البسيطة هذه: وجدت بعد عناء سنين طوال، إن أفضل مقعد للجلوس في كية لرجل مسن لا يعاني من دوار "الجلوس عكس السير"، هو المقعد الطويل الذي خلف السائق مباشرة. والسبب فيزيائي بحت. فهناك فقط من دون سواه، ستتحمل كراكب مزمن وعجوز، أهون الشرّين. أما امتصاص كرسيّك أذى ووجع ظهرك من رعونة وعادات سواق الكيات في كبح فراملهم (البريك) بدون مبرر وبهزة مفاجئة تكسر العمود الفقري. أو، تحملك سقوط من يجلس امامك على عظمتي ركبتيك ساجدا طالبا المغفرة عن رعونة السائق. وأطن ان وجع الركبة أهون بكثير من وجع ظهر الساجدين على ركبتيك. أليس كذلك؟.
هكذا نستنفذ نحن المتحضرون " المتمدنون" ما نقرأه في "نقد العقل التجريبي والعملي " لـ(كانت)، لنستفيد منه في واقعنا اللاهث دون جدوى وراء فتات سقط الفساد الملطخ بالدم.
حقيقةً، أدّت خطة الحكومة الأمنية مفعولها في العديد من مناطق بغداد الملتهبة والساخنة. لكنها بالمقابل جعلت الناس متذمرة كافرة بعيشتها من كثر حواجز ونقاط التفتيش وما سببته من اختناقات مرورية جعلت معظم ركاب السيارات، تكمل مشوارها لكيلومترات عدة مشيا على الاقدام هاربة من موتها داخل لهيب علب الصفيح الملتهب الواقفة بانتظار الفرج وفتح منافذ الشوارع. بالنسبة لي كانت قنينة الماء ومنشفتي الصغيرة ادوات التبخير والتبريد التي لا تفارقني وتعينني في إكمال مراجعاتي اليومية لبعض الدوائر. صعدت اول كية ، ثورة- شارع فلسطين – باب الشرقي.. كان المحروس، مقعدي المفضل بانتظاري فارغا على طوله. عرفت ان الكل مصابون بدوار الدوخة. حقاً، ان مصائب قوم عند قوم فوائد!! يا لمسخرة دوخة الحياة الكبرى!!.
كان يجلس امامي شاب وجنبه امراة تحمل طفلا وتحصر بين ساقيها طفلتها الكبرى. عباءتها استقرت على كتفها من الحر. لكنها كانت تبكي بحرقة ومرارة. راحت بعدها تمسح دموعها ومخاطها بعصابة راسها المتدلية على كتفها غير مبالية لكشفها "حرمة" شعرها المصبوغ بالحناء. هذا موجز مما قالته ويستحق جمعه والبوح به دون خوف:
خوية والحسين.. العباس يكون ياخذ روحي اذا اجذبت. يمه ما عدنه كل شي.. دناكل هوه. بعنه الثلاجة والبنكات. والفريز خرب وصار ال خلاكينه وهديماتنه الكلهة لنكات. جا هيج كالوهه يا ريسنا جلال. والله لو باقين عله صديم جان والعباس احسن. كاعد بس يكبر بكرشة مثل ال....وميدري شدي صير بينة وبولد الخايبة. ولكم ما تستحون، ولكم ما عدنة فلوس الحصة حته ناكل ولا عدنة نشتري دوة الهاليهال المرضة وحتى هديماتنة لنكة من السيد الله يحفظة وينصرة عالكفار بجاه الحسين.
ألمني بؤسها المفصوح باسمال طفليها وعينيهما المغلقتان بالتراخوما (الرمد). دسيت في يدها مبلغا من المال وكي لا اذي كرامتها قلت بتوسل: خيتي، الله يخليج الجهالج.. إدعيلي، آني رايح وعندي معاملة بالشرطة. وما اريد عريضي يطلع لي صفح وي وكفهه.. وبس دعاء الفقره مستجاب والله يسمعة!. وفتحت يدي وقلت ربي التفت لاولاد الحلال المحرومين ولو مرة !!.
هي الأخرى، فتحت كفيها ومن قلبها صاحت: "روح الله لـَيْ شوفك عريضي ولا جلال الموتينه من اليوع (الجوع)". هنا ضحكت وقلت لها مازحا: " آني كردي"** ومام جلال كلشي ما بيده والله. البله الاسود بجماعتنه الملحان!!". ضحك الفتى الجالس قربها وقال: "جنـَّك بكلبي حجي.. تره اختنه صارلهه نص ساعه شادة كريته ويه مام جلال".
نست حزنها وابتسمت وقالت : "جا موهو ريسنا وبيدة كل شي مثل صديم".. رفعت كفيها وراسها الى السماء وقالت : هاي ابختكم. انشالله انشالله يبينه الله بولد كلمن سوه بينه هيج.. وانشالله يطللع ابو العدالة المهدي صاحب الزمان ويقصف عمرهم واحد واحد عله هالدكايك السووهه بينه".
مسكت شاربي للرهان الصعب واستغفرت ربي وكتمت سري ، كي لا أطفئ بصيص الامل في بؤس فقرهم الباكي المهان وعزاء رجاءها الواهم.
ودعتها: الله وياج خيتي..اجابت بفرح :ميَسَّر خويه.. بعون الله!
***********

**أنا كردي: من اعز اصدقائي المرحوم عادل المسعودي( استشهد في حادث تفجير ارهابي) كانت معه زميلة بسيطة مؤدبة تحترمه وتحبه لما فيه من كمال ورفعة ورقي اخلاق. ذات مرة تندرت على الاكراد بنكتة وعندما فاجئها عادل ب "آني كردي" ماتت خجلا وتلعثمت وراحت تبحث عن الاعذار. لكنها (عِمَتهه) بنكتة أقوى من سابقتها: " أصلا.. شبيهم الاكراد! أصلاً.. أحسن ناس. أصلاً.. أحنه الأكراد وانتو العرب!". مؤشرة على ابو العدالة. غفرانك ربي!!. كيف سلبت منا هذه الروح العفيفة الطاهرة وتركت لنا أنجاس الضلالة تعبث فسادا في أرضنا.



#سعد_سامي_نادر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أين لنا من قديس يشبه -مانديلا-؟؟
- كيّات وحكايات –نظرية المؤامرة-
- --كيّات- وحكايات المنبر الديمقراطي-
- نوافذ- .للحب. للذكرى. .للغربة -
- يوميات هولندية 13 - حكايتي مع -هُبل العظيم- -
- يوميات هولندية 12- آداب الحمام بين السياسة والدين_
- يوميات هولندية11 -حذاري من البصرة!.السبب ليس الكهرباء!!
- يوميات هولندية 10 -تعزية!!.. أم تهنئة؟؟-
- يوميات هولندية -9 -أيها العراقيين: هلهلوا، تفوقت -يُوويَهْ--
- يوميات هولندية (3)*- في الطريق الى أمستردام-
- - رحمة الله الواسعة من الجهل والجاهلية!!-_
- يوميات هولندية-8 - سوبرانو الحي الذي لا يطرب -
- الى أخي..- شيخ العارفين -
- يوميات هولندية-7
- قصة قصيرة- اعتداد -
- نوافذ الفنار
- يوميات هولندية -5: - نحيب من الجنة -
- يوميات هولندية- 6 - دون كيخوت وطواحين الدم -
- يوميات هولندية -4 : - حديث في السياسة والنار -
- - هُبَليات -


المزيد.....




- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعد سامي نادر - كيّات وحكايات المنبر الديمقراطي – أنا كردي.. ومام جلال!!-