|
veurne (قصة قصيرة)
جبار حمادي
الحوار المتمدن-العدد: 3056 - 2010 / 7 / 7 - 16:07
المحور:
الادب والفن
الاهداء ..الى كرار وروح نوار ..
لم أعرفها من قبل هيَّ التي عرفتني عليها ..كانت بعيدة عن تصوري رُغمَ قراءتي لاسمـــــها بلافتات الشوارع الزرقاء..نسير بسيارتها الاوبل بين سرعة ال 120-140كم لكن طريقها أستطال كأنتظارٍ عقيم وهذه التي معي لم يُصمتها هول الخبر..تتحدث ..تتحدث.. طوال الطريق..وأنا كنت أكلمُ نفسي.. - خالو ..نوار ماتت أنهم يمازحوه وهو لم يبرح يصدق فقد كانت حياته بلجيكية صِرفة (فِلآحة في عصر تمدن )..إذ مَزَّقَ صراخهُ بل نحيبهُ وهو يهاتفني طبلةَ قلبي وتحطمَ كأسي بين شفاهي وكنتُ إبتداتُ خمرتي المسائية توَّاً..بين مصدقٍ وغير مصدق ماالذي يُهَذري بهِ هذا الولد الذي أحب..؟كيفَ إنطلت عليه تلك الكذبةُ البيضاء ..لا ادري فاعتقادي بتربيته الاوربية قائماً لازال وهو يسقطُ بين براثن جوقة نساء جئنَّ للاستمتاع بفرح ٍإبنتهن التي أحبتهُ بكل قوةٍ وإندفاع وعطلة اسبوعية يقضيين بها بعضُ مَرحٍ نسائي لا يخلو من تَهَكُم.. -وددتُ لو ألطمها على فكها لتصمت لكن المؤسف ،هيَّ من تقود جناحاي الى ( veurne ) حيث العنوان الملصق على ذاكرة ال( gbs )..وكثرة الاصلاحات في الطرق كانت تعيق ذاكرته فتُهنا ..لم يكن مصدقاً عندما أتفقا على مسح أصدقاء الفيس حيث التقيا لينفردا ببعضهما وبسرعة مُذهلة جعلتهُ غير مصدقاً ما يحدث ..العملية واضحة جداً أظنها بدأت تميل لك فاختصتك بذلك دون غيرك ثمَّ أنك وسيم ومثقف وصادق وهذا ما احست بهِ هي..أجيبهُ عندما يسألني بألحاح ويراني كبير عمر وتجربة رغمَ أني أراها مرقت من بين يدي كومضة ٍ ..ينتصفها الكثير الذي هو غير ما يسأل عنه لكنني أُجيبهُ بمتعةٍ خافية لانهُ أنيس رائع ومستمع لطيف لواحد يفتقد أُذن تصغي لاشئ أكثر..كان مجيئه الى هنا خيبة أمل حيث ترك أهله بغية دراسة متقدمة ولا ادري من اقنعه بذلك عموما هو لم يكن راشداً وقتها وحظي كما خطط بتعليم ممتاز نحسده عليه بالتاكيد لست أنا ولكن أقرانه في هذه البلدة الجميلة التي كانت مصدر شؤم للجيوش التي خاضت الحرب ضد صلاح الدين بما يسمى بالحروب الصليبية إذ انطلقت من عندها وما يميزها اكثر انها لم تدمر خلال الحربين العالميتين ظلت بيوتها كما هي وشوارعها مكسوة بحجرالسنين الى الآن..وأحدثُ بيوتها عمرهُ ما يقارب ال800عام وميزتها الاخرى أن جميع القاطنين بها من العراقيين العاشقين الحياة لم يسعفهم قدمها وجماليتها ببعض حظ بقوا على حالهم كما جاؤا بخيبات متوارثة كامراض مزمنة ..ما يرهق جمالية التصاقي به دقتهُ بكل شئ يقابلها لااباليتي بذلك فسؤاله عن قاعة عقد قرانه أخذ منا اكثر من شهر لانه اشترطها على نفسه بمواصفات نجفية (نسبة الى مدينة النجف) وولادتها ايضا وهذا ما عجل السرَّ بالتصاقهما ببعض ،كانت مصادفة جميلة حين وجدنا أنها كانت صادقة بمحو جميع أصدقاءها من على صفحتها في الفيسبوك وكانت ابتسامة عريضة ترتسم على شفته وهو يتلصص بدخوله صفحتها ..نعم ..فقد كانت التحضيرات للحفل أكبر من امكانياتنا فنحن جميعاً بلا دخل نعيش على الهامش الحياتي لما تفترضه علينا الحالة الاوربية التي تعنى بنا أمنياً تاركة جيوبنا بهاوية العدم الموجبة بافتراض القوت العادي الذي تصنعه ضروف نصنعها نحن قبل جفاف الريق لكننا باصرار كان يقوده هو اقمنا حفلاً متميزاً شهدَ لها بذلك اهلها وجميع احبتها الذين أخجلونا بسياراتهم الفارهة وعلو شأنهم كما تؤكده نظراتنا لهم ..أما ما كان يدور بخلده بقضية إختيار اللون وزاوية الضوء فهذه وحدها تطلبت أشهراً لنتخطاها معاً لانها شراكة أقتسمناها معا وواقعٍ عشناه سوية بحجمهِ المقيت وضيق شرايين تنفسه لم يساعده أحدٌ منا من الناحية المادية ولكننا سعداء بمدّهِ معنوياً ..حتى أنني رقصتُ حتى الاعياء وهو الشئ الوحيد الذي أشعرني ببعض التكفير عن الشعور بنقص اتجاههُ تتسيدها حالتنا المادية ،وجعلنا من شققنا المتواضعة فنادق خمسة نجوم لجميع من قدمَ معها عروستنا التي حلقت بعيداً بفرحها الكبير حيث اصتدامه الواقعي بشيء اربك لها ضربات قلب ووقدَ فيها سعير حبٍّ لم تقوى عليه عفتها وقليل صبرها إذ أصبحت تنام وهيَّ تحادثهُ حتى وصلا الى ال ستة عشر ساعة من الحوار اليومي الغير منقطع حتى خفنا عليه كما أهلها هناك في لندن اذ اصبح مداد حياتها سماعه ،وهذا ما حدثته به مؤخراً أمها ..وخالاتها -الله ايخليك ، أخوية خلي ناخذ أغراضها ويانه .. لكنه كان مصراً على قاعة كبيرة وحديثة يقيم بها العرس بعدما أتمَّ شقته البسيطة وأختيارات لونه وفرشها بطريقة أشبه ما تكون بمستحيل إذ كان اللون الاسود طاغياً بغير ما نشعر كيف صبغنا الباب بهذا اللون ..؟ نتسائل كنا بحرقة وكأن الباب كان سبباً لما حدث بالمجمل من التفاصيل التي غفلناها دون شعور ..المسكين كان يعمل اثنى عشر ساعة يومياً لكي يتمها بوقت مجازي ولوحدهِ أيضاً لاأدري ما الدافع لذلك منه لكنه كا ن يجيب دائماً أهلها سيأتو لزيارتي وهي َّ فيجب أن انتهي منها سريعاً لانها لم تكن راضية على هذه الشقة بالذات لصغرها أولاً وعلوها حيث كانت في الطابق الاخير للبناية ..لكن أفكارها تبدلت بعد مشاهدتها وهيَّ تحاوره بكل شئ خلال الاثنى عشرة ساعة من العمل .. عند زيارتها له في اسبوعها الاخير يومها كان يتوسله هاتفي لكي يجيبني دون جدوى منشغلاً بها تاركاً وراء ظهره تبعاتي والآخرين وحنقي عليه تبددَ بهاتفه المؤلم لليلة شؤمي أنا ..لحظة سماعي صراخ حزنه لآخر الخسا رات..الجميع هنا لم يصدقْ مالذي ارقصني بكامل نشوتي ودفع بي خارج استحياءهم لانتفض بما بي من أَلَم عليها محاولاً إسكاتها عَليِّ أستدلُّ على الطريق مرة أُخرى، كلُ هذا وكان في بالي إكتشافَ نهاية المزحة السمجة إذ رشفتُ كأسي الاولى تواً دون ثلج مما اشعرني بحرقةِ هائلة هولَ الخبر وكَم كنت سعيداً لتناسق الالوان ودقة العمل الذي قام به صاحبي وهو يؤسس عشهُ الجميل بعيداً عن متطلباتي التي لا تنقطع منه ، غير أننا لم ننتبه لدخول اللون الاسود بقوة في ديكور الشقة والطامَّةُ الكبرى أن الاختيارات تناصفت بينه وبين اللون الابيض حتى أن السيدات قُمنَّ بالتصفيق بحرارة لحظة أرتدائها بدلة العرس لغرض القياس كان ذلك في مدينة ( أوستنده ) وهي تبعد مايقارب الثلاثين كيلومتر عن مدينتنا المتميزة بمداخلها الضيقة وكانت معانات اهل العروس والمقربين منها واضحة بعد وصولهم الى القاعة ، اختفت الجدية من على محيى الجميع لتتحول الى غمزات وضحكٍ بعدما قلبو القاعة الى باحة مسجد عند قيامهم بايقاف الموسيقى واسكات الفرقة التي يقودها بعض الاصدقاء جاؤا متطوعين لاحياءها لاقامة الصلاة .. فحزننا لايصدق أكبر حتى من التصور وشعرنا بخيبة أمل جماعية حدودها توازي حض العراق بالامن والشؤم الملازم لأهل المدينة من العراقيين على ابد الدهر..كلٌ يؤنب صاحبه - كيف لم تنتبه للون الباب ..؟ نعم ..فاتت علينا لم نقم بجميع التحضيرات بوجهها الاكمل لذلك تاخر الغداء ليصبح عشاءاً لكنه فرح والاخرون يقدرون الضروف فالكثير منا دون نساء وجُلَّ التحضيرات تصيرُ ابطالها النساء في مثلِ هذه المناسبات ، نعم كانوممتنين جداً حيث حولنا شققنا الضيقة الى مساحات حُب أراحت الجميع دون الاحتياج الى فنادق تسعهم رغم كثرة عددهم والذي لَمْ يعجب الاخرين العُزاب أقصد، أن القاعة نصفين فصار نصفٌ للنساء والآخر للرجال لكنَّ حرارة الموقف التي جاءت متاخرة دَمجت المحتفلين بنهاية الامر لتضفي عليها الكثير من البهجة بعدما اقنعت اهلها بالمجيء الى هنا من لندن ويتعرفوا على فارس احلامها الذي بلا أوراق مما جعلَ الاهل تنتابهم ريبة وخوف على مستقبلها قصير العمر وتتحول أزمنتها الى جوال دائم يمنع عنها شهيتها لكل شيء إلا لَهْ ،تعرِفنا بالاسماء لكثرة ماكان يحاورها عنّا عند نفاذ الكلام وبليلتها كانت تتفحص الوجوه باستحيائها القادم من كوكبٍ نستطيع نسبهُ الى خارج المجرة ..نعم ، حملت معي القنفات الى الطابق الثالث شعرتُ لحظتها بقوتها وفتوتها - ماما ..أعطاني (700 )يورو هي أخر مايملك لاشتري بدلة العرس من هناك .. تتحدثُ ..تتحدث عنه طوال الطريق حتى غفت لتقطع المشوارسريعاً الى حيث العودة ، لكن صمتها جعلني ارتبك بعدما ركنت سيارتها الاوبل لاتقدمَ بخطوات موؤدة الى باب المشفى حيث وجدت أمها شبه ميتة على أرضية جرداء تولول بأشياء لم يعد بامكاني فهمها وأتقدم وهي خلفي جاد الخطى الى حيث صراخ صاحبي .. - نوار ..نوار ..كلميني !!!
#جبار_حمادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ربوبيةُ الافلاس
-
الليل
-
لقطات من داخل المجلس
-
شواقيل التشيّع
-
الضابط أركان قربان دعاية الطفوف الانتخابية القادمة
-
اهجريني : قال لي البحرُ..قالت الأسماك
-
عام + عام = ؟
المزيد.....
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|