|
سوزان عليوان توبخ الزمن عبر زمننا
ريبر يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 3046 - 2010 / 6 / 27 - 01:05
المحور:
الادب والفن
خلل فيلم the curious case of benjamin button إنتاج "2008" يسدل صانع ساعة المحطة المنجز في الوقت المنحسر عن ذات العقارب، الواشيةِ الأفقَ للشمس المعلقةِ أعلى جباهنا. هكذا هي الشمس كأي حدث، يمكن انزياحها عن المألوف إلى أرض اليقين المنبسطةِ فينا ـ نحن الذين نعلق الضوء على قلوبنا ونسير حيث عتمة العقل. المعرفة فاكهة ناضجة تماماً، ليس علينا مسُّها كي نرتقي بنا إلى الشكل الموسوم خارج أرض البكاء المنبسطة فينا. مَن نحن؟ لولا المعرفة لما انتابتنا الرغبة في البكاء، نحن ممسوسي عقولنا. "ساعتي تعمل إلى الوراء" منتقماً من الزمن الواثب بخطواتنا، والتي ـ تلك الساعة ـ تسدل نجمةً بيضاء عن المألوف في الذهن البشري، شارحةً الزمن بسرد آخر إثر طفل أوفدَ، عبر ولادته، ملامح وأمراض الشيخوخة إلى المألوف في الزمن / الطفلِ.. ليكبر بدوره صوب الطفولة إلى أن تنتهي به الحياة موتاً، في حجر السيدة الشيخة ـ منجبةِ فتاة من صلبه. وفي رواية (فقهاء الظلام)، إصدار1985 للكاتب السويدي، من أصل كردي، سليم بركات. يُجلى الزمن من ذهن الخصوبة في المألوف، إثر أرض المعرفة، إلى الشك عبر طفل أوفد بيد ولادته الزرقاء زمناً متسارعاً، إلى الحد الذي يبدو، للمراقب بقلبه، جديلةَ الزمن.. ساعة مجردة من عقربتيّ الدقائق والساعات. هاتان العقربتان الكسولتان. "فالدورة دورة ، سواء أاكتملتْ في يوم أم في عشرين ألف يوم " يقول بيكاس. ما الحكمة في كونها ـ سوزان عليوان، ممسكةً بقوةٍ الزمنَ / الطفلَِ / يدَ الشمس؟ أليست الشمس فزّاعة القلب النائمةَ في الفطرة، تربك ما تهادت الحواس إلى ايقاعها، عبر الزمن النابت في المتلقي السيّار عبر درب الزمن؛ ما يجعله يشعر بالوخز في سكينته لحظة توثيق زمنه الطبيعي بالزمن ـ صنيعِ حواس الشاعرة، التي تأبى أن تترك يد الزمن/ الأم الطبيعي، كما اكتسبناه عبر العقل، والذي بدوره تنكفئ الشاعرة عن مائه ذي اللون الواحد، مبللة بمائها المتعب المتعدد اللون إثر اللون. حال الزمن في حضرتها شاقةٌ كتعريفه، هل تكبر أم تصغر أم تراها الزمنُ بعينه! سيما إن أجهدنا العاطفة أكثر في ما يُسلِب منا لحظة قراءة أي كائن في كتاباتها لمسّدنا الشك براحة يد الشك ذاته، لذلك يكون السؤال الجوهر: هل ولدت سوزان عليوان امرأة مسنّة، كما يطرح فيلم the curious case of benjamin button وتكبر نحو الطفولة، إذ تصطحب في زمنها المتحول معرفة بالحياة عاليةً، بأزقتها ـ صنيعةِ الخوف من اللا معلوم الريبةِ في الآتي؛ أي في اللحظة التي تكون فيها مستيقظة في الزمن / الطفلِ.. تستيقظ في الزمن المعرفي المعاش أو المكتسب، إثر العقل، تاركةً أسئلة جوهرية في زمننا والدهشة التي تميلنا عن غصن المكتسَب إن داهمتنا الدهشة، فيدل على أنها مسّت ما عشناه في زمننا / الطفل مولّدةً بدورها حالة فصل بين ذهننا السيّار في زمننا الآني وبين ما مضى اعتادياً. إذا اندهشنا هذا يعني أننا عدنا إلى ما مضى، لتكون بذلك الشاعرة فصلت نفسها تماماً عنا نحن السيارين في عربة التفسير إثر العقل الذي يفسد القلب في فطرتنا. معرفتنا /الشيخةُ وسيلةٌ لتنقل إلينا هاجسها الأعظم ـ الزمنَ / الطفلَ.. والتي بدورها تختلف تماماً عن المعرفة الناتجة عن عقل فكّرَ بالحياة فابتعد عنها. المعرفة عندها محررة من الزمن، تنتابك لحظة ما تستوقفك كأنها حلمك لتكون بذلك أيضاً المعرفة في ما يتركها نصُّها ولونها معاً. كلاهما مواظبان على الزمن نفسه ـ زمنِنا.. آخرَ لا يفسر على الأقل في عقلنا، لأننا نكبر كأنها توبخ الزمن! ما الدهشة إلا تأكيد أننا لا نشبهها بزمننا الطبيعي. الدهشة لغة في اللحظة التي تفصلنا بالمعرفة عن الزمن / الطفل.. تكون هي ساردة عبر الكتابة واللون هواجس ذويها من الماكثين في زمنها، والذين هم يكبرون يوماً بعد يوم لتبقى هي كالحكمة / الفطرةِ جالسةً أمام نافذة بيضاء.. تنسج ما توجس الضليعون بزمنها / الطفل به والذين هم بدورهم متسللون عبر الزمن الفيزيائي، لبتقى الحالة التي تتركها عليوان بمثابة ذاكرة للزمن / الطفل موضوعة على أحد الرفوف، تبرق فينا كلما نظرنا إليها، ونحن نسير عبر زمننا الطبيعي نلاحظ الزمن / الطفل الطبيعي بدوره ينحسر عن زمنها / الطفل اللا طبيعي.. مكونة ذاكرةً ما لحالة تشبه الحلم "إلى أين تذهب الشوارع في مثل هذا الليل الطويل". هل تسير سوزان عليوان عبر الزمن الطبيعي هذا إن تجسدت في ماهيتها فكرةٌ مفادها الروح المتمثلة في لونها والجسد المتمثل في كتاباتها، والتي كلاهما يفضي إلى زمنها الخاص، إذ إن البلوغ في الزمن الشعري داخل نصها، والذي هو في كل الأحوال مفضٍ إلى المعرفة الفطرية للأشياء ـ الأشخاص، يشدّ البال إلى جغرافية أوسع من المخزون في الزمن / الطفل الطبيعي، وكأنها عاشت في الطفولة وكبرت ومن ثم عادت إلى ذاك الزمن / الطفل موفِدةً بذلك عالماً آخر، هو الغد للزمن الطبيعي، والمتمثل ـ أي ذلك العالم ـ بحكمة خامةٍ، وليدةِ التأمل وحسب؛ سيما أن نصوصها لا تدور في فلك المكتسب للعقل الذي فكر حتى نسي الحياة، أي النضوج في شعرها يسير متسارعاً إلى الحد الذي يستنبض في المتلقي الساعة المجردة من عقربتي الدقائق والساعات، والكسولتين في استدراك العين / المتلقي إلى الشكل المجسد في جسد الكتابة لديها. فالحكمة التي تفيض عن نصها تكركب المخزونَ الشعري لدى المتلقي، حتى تخال كأنها أشكال كثيرة تتحرك إلى جانب بعضها البعض للمتلقي المستند إلى اللا شعرية، وفي هذا الأمر حالة طبيعية. هناك أصوات كائنات لا يستدرك وجودَها المرءُ بالعين، مراقبةُ زمنها المتعدد عبر زمننا الطبيعي يجعلنا في حاجة إلى شعرية محضة، حتى يُمسك بالضوء في نصها إلى حيث يتراءى للمشاهد الطبيعي، نسبة إلى زمنه، حقلاً.. نسبةً إلى زمن الشاعرة المطلقةِ في سعة اللون عصافيرَ دليلاً تستنبت ما يخفق المهادن به توصيف اللا منطق إلى شكل آخر؛ ربما كي يتقن عبر لغة محايدة ما يسترعي انتباه الشاعرة إن كانت الكتابة بحد ذاتها لغة، والتي (الكتابة) بنية طبيعية نتيجة إخفاق الكاتب المستمر في تلوين جدار التعبير لديه بلغة الآخر. هنا، في حضرة الشاعرة سوزان عليوان، يحتاج المتلقي إلى ما هو لغة ثالثة تكون كيد المهادن المنطلقة من لغته ويد الشك المنحسرة عن لغة الشعر، هو إذاً البحث أبداً عن زمن مفقود في اللغة، تفقده الشاعرة المجهولة على جغرافيا الزمن الناتج عن المعرفة، لتكون بذلك واقفة في مكان ما مجهول. إن كان الزمن مجهولاً فالمكان سحابة، تمسّد بيدٍ مجهولة الشكل شكلاً مجهولاً في لحظة لا نعي منها سوى وجودها وحسب. وتكون بذلك الشاعرة مطبطبة بيد شاقة كيد الأم، وموحشة كيد الزمن / الطفل، على اللا حركة التي نشعر بها وحسب، وإن اختفت الموجودات بعد حين إلا أننا، وفي حركتها الساكنة مقارنة بزمننا، لا نعي في أي فضاء في الزمن موجودة الشاعرة، لا نعي إلى أي فضاء في الزمن ستتجه الشاعرة، لأننا نكبر لا نقوى على الإمساك بيد الزمن الطبيعي ـ زمن الشاعرة اللبنانية سوزان عليوان " لن يتبعني النهر لن تصحبني في الرحيل سحابة ". ــــــــــــــ
برلين 10ـ01ـ00
#ريبر_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
III التجريد
-
أنا حيوان أُساق من قلبي
-
التجريد II
-
التجريد
-
النشرة الجوية في سوريا وخارطة الشرق الأوسط الكبير
-
مهرجان برلين للأدب
المزيد.....
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|