أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سامية نوري كربيت - الجذور المسيحية للحضارة العربية الاسلامية - 1















المزيد.....

الجذور المسيحية للحضارة العربية الاسلامية - 1


سامية نوري كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 3044 - 2010 / 6 / 25 - 12:06
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ان الموضوع الذي سأتناوله في هذه المقالة من السعة بحيث لا يمكن ان تغطيه مقالة واحدة ولهذا سوف اجعله على شكل مقالات متعددة , ومع ذلك سوف يكون ما اكتبه ملخص الملخص عن موضوع يستحق ان يكون بحثا لرسائل ماجستير واطاريح دكتوراه لما فيه من معلومات غزيرة تطلع الباحث على جانب مخفي من حضارة مسيحي الشرق التي ليس لها الفضل الاول على الحضارة العربية الاسلامية فحسب , بل على الحضارة الاوربية والعالمية ايضا وذلك عندما نقل الاوربيين التراث العربي الاسلامي الى اوربا عن طريق الاندلس او جزيرة صقلية او خلال الحروب الصليبية فكانت بحق من العوامل الرئيسية في نهضة اوربا الحديثة والتي لا ينكرها الغربيون الى اليوم بل يؤكدون على ذلك اعترافا بفضل العرب المسلمون ولا ينسبوها لانفسهم كما يحدث في الوطن العربي .
ان التاريخ هو تفاعل مستمر بين الماضي والحاضر فهو صيرورة متحركة ومتجددة , ولا يجب ان يدرس التاريخ بشكل مجرد لأن ذلك يجرده من محتواه بأعتباره حصيلة الماضي بحيث يكون وثيق الصلة بالمعنى الصحيح للحدث , وقد يتحول التاريخ احيانا الى مجموعة من القصص والاساطير الماضية تؤدي الى ان يصبح المجتمع اسير تلك الاساطير والقصص فاقدا القدرة على تجاوز تلك المرحلة التي تتمثل في خياله واقعا معاشا لا يستطيع الخلاص منه , والمجتمع الذي يفقد قدرته على التقدم الى الامام سرعان ما ينكفأ الى الوراء ويشغل نفسه في الماضي كما يحدث الان في العالم العربي لأنه يعيش عصرا من العجز والانحطاط جعله ينكفأ الى الماضي ويحاول ان يستمد منه ما يعجز الان عن تحقيقه , فيتمسك بأبراز ملامح حضارية لم تكن جذورها وقفا عليه وحده او التغني ببطولات اضافت مخيلته عليها من الخوارق متجاهلا ذكر الجوانب السلبية منها بسبب عدم قدرته على نقد الذات ومواجهة الحقائق وابراز تاريخه بكل جوانبه السلبية والايجابية بشكل منطقي وواقعي , وبمعنى اخر عدم قدرة العربي على قراءة التاريخ بشكل صحيح ومحاكمته كما حصل في الدول المتقدمة التي استطاعت ان تضع تاريخها بأيدي باحثين ومفكرين ومؤرخين نزيهين كان اهتمامهم الوحيد هو الوصول الى الحقائق , والذين عملوا على دراسته والتدقيق في كل جوانبه الايجابية والسلبية , وانتقدوا بقسوة كل اخطاءهم وفشلهم وتعدياتهم على الاخرين , اي انهم عملوا على نشر غسيلهم النظيف منه والقذر لكي يتطهروا من ادران الماضي من ناحية وليستلهموا من الجوانب الايجابية حوافز للانطلاق لبناء مستقبل يقوم على اسس واقعية وليس على الخيالات كما يحدث مع قسم كبير من كتابنا وباحثينا ومؤرخينا .
ان التاريخ يذكر لنا بأن العرب في جزيرتهم العربية كانوا بعيدين عن أي تطور حضاري بسبب طبيعة حياتهم البدوية , حيث لم يعرف ابناء الجزيرة العربية قبل الاسلام العلوم والمعارف بأستثناء اليمن بحكم العزلة التي فرضتها الصحراء عليهم , وعزلتهم عن اقطار الشرق المجاورة لهم والتي بلغت درجة كبيرة في سلم الرقي والتقدم , واقتصرت اهم معارف العرب قبل الاسلام في موطنهم الاصلي على معرفة بالانساب والتنجيم والشعر والتاريخ , وحتى هذه المعارف كانت اولية ومنقولات شفهية تمتزج فيها الاساطير بالحقيقة خاصة ان اغلبيتهم كانوا رعاة دائمي التنقل بحثا عن الماء والكلأ ومن المعروف ان حياة البدواة لا تساعد على قيام اية حضارة وتمتاز بشظف العيش وقلة الموارد , ولهذا السبب افاضت الصحراء في الجزيرة العربية في فترات متعاقبة من الزمن ما زاد من سكانها نحو سهول العراق وبلاد الشام حيث كانوا يستقرون ويتكاثرون بسرعة ثم كانوا يذوبون في المجتمعات التي قدموا اليها , واحيانا استطاعت هذه الجماعات اكتساب حضارة البلاد وطورتها واقامت دولا كبيرة بل امبراطوريات حكمت العالم المعروف في ذلك الزمن , واحيانا اخرى يسلكون طريق العنف والقوة فيسيطرون على الارض ويصبحون هم الحكام ومن ثم يستعبدون الناس بل وحتى قتلهم وابادتهم كما حصل لمسيحي العراق وبلاد الشام .
اما الدول المحيطة بالجزيرة العربية والمسماة بالهلال الخصيب والمقصود هنا بلاد الشام والعراق فكانت عند ظهور الاسلام قد وصلت الى اعلى درجات التطور والرقي نتيجة لأرتباط ثقافة سكان البلاد الاصليين بالجذور الحضارية للعراق وسوريا خاصة الحضارات السريانية والاشورية والكلدانية والتي انضوت تحت اسم الحضارة السريانية بعد اعتناق معظم سكان العراق وبلاد الشام الديانة المسيحية خلال القرن الاول الميلادي , فأصبحت اللغة السريانية معبرة عن حضارة مسيحي الشرق نسبة الى سوريا التي قدمت منها الديانة المسيحية , وكانت من نتائج انتشار المسيحية ازدهار حركة التأليف والترجمة واشتهر السريان في تصنيفاتهم وترجماتهم الفلسفية والطبية والتاريخية ونقلها من اليونانية كما انشئت المدارس وانتشرت انتشارا كبيرا حيث أسس السريان مدارس كانت تعلم الى جانب التعليم الديني واللاهوتي وشروحات الكتاب المقدس والطقوس والموسيقى الكنسية علوم مختلفة في اللغة والترجمة والشعر والتاريخ والطب والفلسفة والعلوم الطبيعية والفلك والجغرافية والرياضيات والكيمياء , ولقد اسس السريان في كل مدينة او قرية استوطنوها مدرسة او اكثر حتى بلغ عدد مدارسهم في بلاد الرافدين وحدها زهاء خمسين مدرسة من ارقى المارس تعلم فيها كافة العلوم باللغتين السريانية واليونانية وكانت هذه المدارس تحوي مكتبات فيها الكتب المترجمة من مختلف اللغات .
ان كتابة التاريخ امانة علمية يفتقدها الكثير من كتابنا ومؤرخينا خاصة بعد استقلال الدول العربية قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها حيث اصبحت لهذه الحكومات سيطرة على الجوانب التعليمية والثقافية في بلدانها ولكننا لانجد اي ذكر لفضل الحضارة المسيحية على قيام الحضارة الاسلامية , اليس هذا اجحافا بحق من وضع الاسس الاولى للحضارة العربية الاسلامية حيث ان اوسع احتكاك للعرب المسلمين جاء بعد فتحهم للعراق وبلاد الشام واتصالهم بأقوام ذوي حضارة وانظمة اجتماعية واقتصادية وعلمية متطورة , فأرغمت الاوضاع الجديدة المجتمع الاسلامي على الاخذ بالاساليب والانماط الحضارية المتقدمة من تلك البلدان والتعرف على علومها ومعارفها وقوانينها وفلسفتها , وبهذا تكون الحضارة العربية الاسلامية قد استمدت جذورها من خلاصة الحضارات العالمية التي تمكن منها مسيحي الشرق ونقلوها الى العرب المسلمين , فالحضارة هي نتاج تلاقح عدد كبير من الحضارات ولكن يبقى هناك دائما من يتميز بدور بارز ومؤثر في مسيرة الحضارة الانسانية ويترك فيها بصمات لا تمحى على مر العصور والدهور .
للموضوع تتمة في المقالات القادمة



#سامية_نوري_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قادة العرب لا يتعلمون من التاريخ
- اسهامات مسيحي الشرق في اغناء الحضارة الاسلامية
- ضعف دور مؤسسات المجتمع المدني في حياة المرأة العربية
- اقتل مسيحيا وتمتع بالجنة
- الفساد الاداري والمالي للسلطة الحاكمة واثره في تخلف المجتمع
- حرية الرأي وثقافة الخوف في العراق
- لماذا تهدر حقوق الأقلية المسيحية في العراق
- الصراع بين العلمانية ورجال الدين في العراق
- حقوق الإنسان في العراق المؤمن و حقوق الكلاب في دول الغرب الك ...
- العلمانية بداية الطريق لتحرير المرأة العربية
- حداثة الديمقراطية في دول العالم الثالث
- تعقيب على مقالي عن ختان الفكر والجسد للمراة العربية
- ضياع المرأة العربية بين ختان الجسد وختان العقل
- الحرية الدينية في المجتمعات الديمقراطية
- الأيديولوجيات الدينية وأثرها في تخلف المجتمع
- دور المرأة العربية في الحياة السياسية
- الانتخابات والمصالح الشخصية والفئوية للأحزاب السياسية
- الانتخابات وصراع السلطة !!
- الانتخابات الديمقراطية ومتطلباتها
- التجربة الديمقراطية في تركيا


المزيد.....




- تعود إلى عام 1532.. نسخة نادرة من كتاب لمكيافيلّي إلى المزاد ...
- قهوة مجانية للزبائن رائجة على -تيك توك- لكن بشرط.. ما هو؟
- وزيرة سويدية تعاني من -رهاب الموز-.. فوبيا غير مألوفة تشعل ا ...
- مراسلنا: تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيرو ...
- الرئيس الأمريكي: -أنا زوج جو بايدن.. وهذا المنصب الذي أفتخر ...
- مسيرة إسرائيلية تستهدف صيادين على شاطئ صور اللبنانية
- شاهد.. صاروخ -إسكندر- الروسي يدمر مقاتلة أوكرانية في مطارها ...
- -نوفوستي-: سفير إيطاليا لدى دمشق يباشر أعماله بعد انقطاع دام ...
- ميركل: زيلينسكي جعلني -كبش فداء-
- الجيش السوداني يسيطر على مدينة سنجة الاستراتيجية في سنار


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سامية نوري كربيت - الجذور المسيحية للحضارة العربية الاسلامية - 1