لطفي الهمامي
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 3015 - 2010 / 5 / 26 - 08:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أمام القنصلية التونسية بباريس :
رأينا "عمّار 404" مرتبكا أو "نهار على عمّار"
يوم السبت 22 ماي 2010، الساعة الثالثة مساء، على بعد حوالي المائة متر أو أكثر بقليل من القنصلية التونسية، حاجز من القوات الفرنسية لا يمكن اختراقه لبلوغ قنصليتنا الموقرة. تجمّع شباب الغضب الانترنوتى على حافة الطريق حاملين معهم معدات مواجهة "عمّار"، من ألبسة بيضاء كتب عليها بالأسود وأوراق متناثرة بين الأيادي لكتابة رسائل غير مضمونة الوصول إلى "عمّار"، كما تسلح المتظاهرون بحناجرهم العملاقة وأفكارهم الخلاقة. أمّا هو، أي "عمّار 404"، كان بالفعل موجودا يومها فأسرع بغلق أبواب القنصلية وأنزل الستار على النوافذ وأطلق موظفيه من البوليس السياسي ومن مليشيا التجمّع الحاكم لمراقبة الشبان ومحاولة إرباكهم في حين أنه كان مرتبكا ومتحصنا بالأبواب والجدران.
الانترنوتيون لم يترك لهم "عمّار" مكانا للإبحار، فما أن يبحر أحدهم حتى يقصف مركبته على الشبكة العنكبوتية، يلاحق مدوناتهم ومراسلاتهم ويقصف مختلف المواقع ويرصد الكلمة لملاحقتها ومعاقبتها على جرأتها.
هم أيضا كانوا من بين الحاضرين المنددين بـ"عمّار"، هم المعارضون اللذين تعرّضت مواقعهم للحجب والتخريب المتتالي منذ سنوات وحرموا من إبلاغ صوتهم إلى شعبهم.
هذه المرة اختلفت الشعارات عن المسيرات الطلابية والمنجمية والنقابية وعن غيرها من شعارات الصراخ التونسي ضد "عمّار"، وأخذت طابعا خاصا، فدوّى صوت الشباب عاليا:
"يا عمّار، يا عمّار، سيّب صالح يا عمّار"
"يا عمّار، يا ميشون (méchant)، رجّع الكونكسيون (la connexion)"
بطبيعة الحال لا يقصدون عمّار ابن الشعب، ابن حي التضامن أو سوسة أو الملاسين أو القيروان أو مساكن أو بنزرت أو قفصه أو بوزيد أو عمّار ابن عمي، إنهم لا يقصدون عمّار المناضل والمواطن والعامل والبطال والتلميذ والطالب والمعلم، إنهم لا يقصدون "عمّارنا" ابن شعبنا ولكن "عمّار" الحنش (الثعبان)، يقصدون "عمّار" بوليس الانترنيت، يقصدون مقصّ الرقابة وأجهزة الدولة والأيادي الخفية المبثوثة في كل مكان من وطننا، تلك التي تراقب وتعاقب."عمّار" هو الاسم المستعار الذي اختاره الشباب كتقية وكرمزية وكتهكم على المخبرين الجدد على الانترنيت. "عمّار" المتعدد والحامل لرقم واحد هو 404 التي تظهر كدليل على مروره على ذلك الموقع أو تلك الصفحة أو تلك المراسلة، "عمّار" الخبيث الذي لا يواجه إلا في الخلف، في الظهر.
"فيا عمّار يجيك نهار"
متابعة لحدث
#لطفي_الهمامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟