|
هؤلاء المتأسلمون أعداء الحياة ..؟!
خليل صارم
الحوار المتمدن-العدد: 3013 - 2010 / 5 / 23 - 14:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لن أقول مسلمون لأنهم لاعلاقة لهم بالإسلام مع احترامي الشديد لكافة الأديان والمعتقدات السماوية والإنسانية . ماقرأته في كتب الرسالات وعلى رأسها القرآن الكريم بعيدا ً عن التأويلات المنحرفة والمحرفة هو التركيز الشديد على المنظومة الأخلاقية واعتبار الإنسان وإنسانية الإنسان الأسمى في الوجود وأن الدين قد جاء لخدمته ورفع الظلم والحيف عنه ومنحه فضاء ً رحبا ً واسعا ً غير محدود ليسبح فيه معتمدا ً عقله في التعامل مع المحيط والكون وبما يناسبه ويلائم قدراته العقلية والجسدية ويوفر لنفسه أسباب وأدوات سعادته .. ولم يطالب الإنسان بأن يكون في خدمة الدين أو وقودا ً له . إن كل معايير المحظور والمسموح تدور في فلك المنظومة الأخلاقية وهي لم ترد في صيغة الإلزام والجبر والقهر ولكنها وردت في صيغة التحذير والتنبيه والترغيب . فالإلتزام الحر الأخلاقي يوفر حياة سعيدة ومريحة أما مخالفة قواعد الحياة الأخلاقية فإنها تنعكس سلبا ًعلى الحياة "هذا في كافة العقائد والرسالات بدون تحريف وتأويل وتلاعب ". كذلك الحال مع كافة معايير البيئة والمحيط والمجتمع سلبا ً وإيجابا ً .وكما أن للبيئة قواعدها الدقيقة التي إذا مافرط في أي منها انعكس ذلك بالضرر عليها كإزالة الغابات مثلا ً أو زيادة نسب التلوث ..الخ وكذلك بالسبة للمجتمع حيث هناك قواعد دقيقة تحكم تطوره وتؤثر في انسجامه أو لحمته كالتلاعب بمعايير العدالة أو الجنوح إلى الظلم وتخلف القوانين التي تعرقل سنة التطور الطبيعي وتسلط طبقة أو مجموعة على البقية وعدم مراعاة حقوق الأفراد بالتساوي ..الخ لم تقل الكتب السماوية أو ماورد فيها على لسان الإله أنه قد كلف حراسا ً لضبط هذه المعايير ومحاسبة الناس على تطبيقها من عدمه بل ترك القرار للإنسان بذاته في اتخاذ القرار مقدسا ً حريته التي لايجوز المساس بها وهذا الأمر يتطور مع تطور تنظيم المجتمع وتقدمه . لكن ظهور فئة أو مجموعة متسلطة استغلت عقائد الناس لتكيفها وفق مصالحها واختلاقها مبررات لخرق المنظومة الأخلاقية أو التشدد في معاييرها وتحويلها إلى حالة فرض وقهر بغية التستر على موبقات هذه المجموعة أو المجموعات مستغلة ميل الناس إلى الجانب الخير بشكل فطري لتستغل هذا الميل فتنصب نفسها حارسة على القيم ثم تأخذ دور الآلهة وتلزم الناس بعبادتها . هذا مابرز مع ظهور الكهنوت في المسيحية ثم تلاه الكهنوت في الإسلام الذي تجاوز كافة الحدود مخالفا ً بذلك منطق التاريخ وتطور الحياة ليظهر بأشكال مختلفة وكلها تأخذ جانب العنف والقهر والظلم في واقع الأمر فإن هذه الشعوب تحمل على عاتقها مايقارب ألف عام من التخلف المتصاعد على عكس التطور الطبيعي . والغريب أنه وفي هذا العصر تخرج علينا مجموعات من هؤلاء المتأسلمين يصارعون للحفاظ على سمة التخلف لابل أنهم يخرجون من جعبتهم المزيد من سمات التخلف الأسوأ . إن نفاق هؤلاء يتجلى في أنهم يتبنون الديمقراطية عندما يلقون مقاومة شعبية لأفكارهم متذرعين بحق حرية الرأي لنفاجأ بآراء هي الأقبح حاشرين نصوص قرآنية في غير موضعها وبما يخالف سياق المنطق إن حجم التضليل الذي يمارسه هؤلاء أكبر بكثير مما هو عليه ظاهر الحال يساندهم في ذلك مجموعات خبيثة من الدعاة والمتقمصين دور رجال الدين ليغرقوا الناس في فتاوى تافهة وسخيفة والقصد هو إبعادهم عن الإهتمام بقضاياهم الأهم والهائهم عن النظر في واقعهم المعاشي وحجم الظلم الذي يمارس عليهم تحت مزاعم الإيمان والدفع بهم للتهالك على الشعائر دون الغوص والتعمق بالبحث في الجانب الذي يوصل إلى استنباط الحلول القابلة للتحقق عبر جوهر المنظومة الأخلاقية .. هنا يشهر هؤلاء مقولة الكفر والإيمان ..؟! وعلى هذه المقاييس أدخلوا السياسة تحت مقاييس الكفر والإيمان بقصد تحويل هذه الشعوب إلى مجرد قطعان تقاد إلى مراعي الاستغلال والاستعباد للقوى العالمية الرأسمالية التي تسعى لإبقاء المنطقة في قبضتها . إن ماتفعله هذه القوى المتأسلمة الآن هو أكبر خيانة في التاريخ تصيب بأذاها أمما ً وشعوبا ً بكاملها وتقضي على أحلامها في التطور والتقدم . بنظرة خاطفة إلى مايجري في أفغانستان ومن خلال الاطلاع على توزع خريطة الصدام والمناطق الملتهبة نلاحظ أن مناطق زراعة الخشخاش هي الأكثر هدوءا ً وكأن هنالك اتفاقا ً غير معلن بين الأمريكيين وبين جماعة القاعدة وطالبان فيما يذهب الضحايا بالعشرات بل بالمئات من المواطنين الأبرياء والأشد فقرا ً في بقية المناطق . كذلك الحال في باكستان حيث يسقط الأبرياء ضحايا التفجيرات والمفخخات ضمن الأسواق والمدارس والمساجد والآمنين في بيوتهم حيث تباد عائلات بكاملها . ننتقل إلى العراق لتظهر الصورة جلية حيث يضرب العنف بكافة أنحائه دون استثناء والذي لايصيب سوى المدنيين الأبرياء عائلات بنسائها وأطفالها , طلاب مدارس وطلبة جامعات , عمال يبحثون عن مصادر رزقهم , خليط من الفقراء ومحدودي الدخل في الأسواق الشعبية , مشافي , دور عبادة لمختلف الطوائف . حتى الملاعب الرياضية والتفجير بين حشد المتفرجين . نحنً لانشاهد حربا ً بين قوى محتلة وبين قوى رافضة لهذا الاحتلال وإن وجدت فإنها خارج الصورة . لقد تمكنت القوى الظلامية من تحويل العراق إلى بؤرة لضخ المذهبية والطائفية والعرقية والأثنية وتسميم أجواء المنطقة . ومع ذلك تراهم يحدثونك بكل وقاحة عن الديمقراطية ليس إيمانا ً فيها ولكنهم وجدوا فيها غطاء ً وستارا ً يضخون من خلالها أفكارهم القبيحة تحت مزاعم حرية الرأي .. هنا فقط تعجبهم الديمقراطية مع أنهم وبدون خجل يشهرون عدائهم الشديد للقوى التقدمية والديمقراطية الحقيقية التي تسعى للخروج بالعراق من هذا الجحيم وضد خلق مقاومة وطنية تضم كافة الشرائح وانتماءات الطيف العراقي أو في الحد الأدنى تآلف وطني تحت سقف المواطنة بدون تمييز . الغريب في الأمر هو هذا الغياب لقوى العلمانية واليسار التي كانت تشكل النسبة الأكبر بين أبناء العراق ولم يسبق أن كان هناك أي دور لقوى التشدد والظلام التي وجدت في الفوضى التي ظهرت مع الاحتلال وبسبب ظروف الحرب .؟ فهل هذا الظهور بريء أو عفوي وتلقائي ..؟ اطلاقا ً .. إن من يوزع الموت والدمار والتخريب هو حقيقة لايهدف إلى مقاومة المحتل بل هو اليد الضاربة له وهو من يعطل تفاهم كافة أبناء العراق بقصد إطالة أمد الاحتلال والإتيان بقوة ظلامية تسيطر على العراق من خارج الحدود . إن مايفعلونه هو تنفيذ كامل لمخطط الفوضى الخلاقة التي تستهدف كامل الشرق الأوسط وصولا ً إلى أواسط آسيا ثم باتجاه روسيا أي أنهم يستهدفون كل من يختلف مع السياسة الأمريكية التي تسعى لفرض هيمنتها على العالم . وليس دفاعا ً عن الدين كما يزعمون ولاأدري حقيقة متى كان الدين أي دين .؟ بحاجة إلى العنف لحمايته أو نشره . إن أي معتقد أو فكرة أو نظرية تسعى إلى فرض نفسها بالعنف كالنازية والفاشية هي ساقطة أصلا ً ومليئة بمخالفة سياق المنطق والعقل والإنسانية لذا فإن مايسعى إليه هؤلاء المتأسلمون لاعلاقة له بما يزعمون أنه إسلام هم يكفرون الناس جميعا ً والحقيقة أنهم هم الكفرة الفجرة ..أعداء الإنسانية وأعداء الله والأخلاق . إن من يقتل أو يتسبب بقتل طفل أو إمرأة أو شيخ أو أي آمن كائنا ً من كان هو أسوأ كائنات هذا الكوكب وأكثرها حقارة ودونية وضعة لأي طيف انتمى وكائنا ً من كان . مانعرفه أن الثقافة الصحيحة للأديان تركز في جوهرها على الجانب الإنساني المليء بالرحمة والمحبة والتواضع والإنصاف والعدل بين الناس وهي تشجع المظلوم ليقف بوجه الظالم وتحرير الناس من ربقة الاستعباد والاستغلال . تتجلى مخالفة هؤلاء زاعمي الإيمان والمتأسلمون بأنهم يعادون أية فكرة تهدف إلى العدالة وتحرير الإنسان ويصمونها بالكفر ومواقفهم من العلمانية التي تنادي بحق الاختلاف وترفض أي شكل من أشكال القمع وتطالب بتحرير الإنسان من كافة أشكال السيطرة والاستغلال وتطالبه بالتعامل العاقل والمنطقي مع محيطه وواقعه .تدل على مدى عنصريتهم وتعصبهم الأعمى القبيح . عندما نتحدث عن العلمانية يقفز هؤلاء ليقولوا " ومن يبتغي غير الإسلام دينا ً فلن يقبل منه ....". الخ لاحظوا كيف يحشرون النصوص بما يوافق أهوائهم . ومن قال أن العلمانية دين ..؟ لكنهم يتسترون بالنص لتمرير عدائيتهم للأفكار والمفاهيم النبيلة ذات البعد الإنساني وبالتالي فإنهم هم من يخالف الدين ويكفر به ومع ذلك هم يكفرون الناس ولنفكر معا ً كيف أن " الكافر يكفر البشر " فهل هناك من عهر أقبح . " أنتم يامن تشقون الصدور خوفا ً على الإسلام كما تزعمون قد تسببتم بزرع الكراهية والأحقاد والخلافات وبالتالي أنتم منافقون وتعلمون أن النفاق هو أحقر صفة كما وردت في القرآن الكريم " فهل أنتم تقرأونه أم تستغلونه لترفعونه بوجوه الناس استكمالا ً لنفاقكم .؟!!
#خليل_صارم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأول من أيار بعيدا ً عن الأنظمة السياسية .
-
اسرائيل تريد السلام ...حسنا ً ..؟
-
مالذي يعدونه لسوريا ..؟!!
-
ثقافة العنصرية والتكفير والتشدد ...ثقافة الموت 2/2
-
ثقافة العنصرية والتكفير والتشدد ...ثقافة الموت ..1/2
-
القرآن - العلم - العلمانية /الجزء 16
-
القرآن - العلم - العلمانية /16
-
النظام السياسي العربي .. وعدائه التاريخي لحركات التحرر ..!!؟
-
القرآن - العلم - العلماني /15
-
الأوناسيسيون..؟
-
ثقافة المقاومة ..ثقافة الحياة ../ 2
-
القرآن - العلم - العلمانية ../13
-
ثقافة المقاومة ..ثقافة الحياة /1
-
حوار مع المجتمع ... القرآن - العلم - العلمانية /14
-
أهذه هي الحرية..التي تبشرون بها ..؟
-
أنظمة الأعراب ..وإرث النفاق ..؟ / 1
-
حمامات السلام الأمريكية ..والسماسرة العرب ..؟
-
ثقافة الحوار والاختلاف / واقعنا ..2
-
تهنئة الى الليندي وبابلونيرودا
-
الحوار والاختلاف ..ثقافة .. أين نحن منها ..
المزيد.....
-
لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
-
“هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024
...
-
“شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال
...
-
قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران
-
بالفيديو: خطاب قائد الثورة الإسلامية وضع النقاط على الحروف
-
السفير الديلمي: كل بلدان العالم الاسلامي مستهدفة
-
مقتل وزير اللاجئين في حركة طالبان الأفغانية بانفجار في كابول
...
-
المرشد الأعلى الإيراني: الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي
...
-
المرشد الأعلى في إيران يعلق على ما حدث في سوريا
-
بابا الفاتيكان يوجه رسالة للقيادة الجديدة في سوريا
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|