|
مَوَاسيرُ الطُّفَيْليَّة!
كمال الجزولي
الحوار المتمدن-العدد: 3001 - 2010 / 5 / 11 - 22:00
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
الاثنين إن القلبَ، مهما تحلى بالثبات، ليخفق، أحياناً، عن جزع نستغفر الله عليه كثيراً، وإن اللسان، بالغاً ما بلغت بلاغته، لينعقد، مرَّات، من عِيٍّ عمَّا يفي بذكرى حبيب راحل، أو يكافئ قامة مديدة كما الرجل الذي استقبلنا جثمانه الطاهر بمطار الخرطوم، فجر الاثنين السَّابع والعشرين من أبريل 2010م، لنواريه ثرى الوطن الغالي بمقابر ضاحية بُرِّي؛ ولا غرو، فإن أقلَّ ما يمكن أن يقال في وصف مناقب عبد السلام حسن، عليه رحمة الله ورضوانه، إنه عاش ابناً شديد البرِّ بأهله وعشيرته الأقربين، وعاش صديقاً صدوقاً تهشُّ الدنيا بأسرها، لحضوره ، وتبشُّ، وعاش أخا أخوان موطأ الأكناف، لكلِّ مَن حوله، لدى الرزايا والنائبات بالأخص؛ وعاش إنساناً حسن الطويَّة، نقيَّ السِّيرة، محمودَ السَّريرة، تحفه هالات النبل، أينما حلَّ، وتشعُّ ملامحه الوضيئة بإمارات الزكاوة، ودلائل نكران الذات؛ وعاش مثقفاً نادراً، بكلِّ ما يحتقن به لفظ (الندرة) من رحيق البذل الوافر بلا منٍّ، وما ينشع فيه من أريج العطاء الطيِّب بلا أذى؛ وعاش مناضلاً حُرَّاً، صلباً، متجرِّداً، مبدئيَّاً، ما لانت له، مرَّة، أوان اعتكار الزِّيَم، قناة، ولا بَهْرَجَ، لحظة واحدة، يومَ دُواس. إختزلت حياة عبد السلام، العامرة بجلائل الفكر والعمل، أقصى ما يستطيع إنسان أن يهب من حقٍّ، وخير، وجمال، لأهله، ولمواطنيه، وللإنسانيَّة جمعاء؛ فقد كرَّس كلَّ ما حباه الله من عِلم رفيع لخدمة المظلومين، وأوقف جميع ما وهبه الخالق من طاقة واسعة لنصرة المقهورين، وسعى، ما وسعته الحيلة، داخل السودان وخارجه، للإسهام في تحويل عالم المقموعين إلى مكان أكثر عدلاً، وفي تمكين المستضعفين من انتزاع حقوقهم التي ما انفكَّ يجحدُها الظالمون، المتجبِّرون، ويَمْحقونها بباطل الإثم والعدوان. كانت لعبد السلام، منذ سنوات الصبا الباكر، وهو لمَّا يزل، بعدُ، طالباً بجامعة القاهرة فرع الخرطوم، خلال سبعينات القرن المنصرم، صولات وجولات فكريَّة وسياسيَّة مشهودة في البحث الدءوب عن منصَّة تستوعب طاقاته، وتناسب طموحاته، وتحقق مثاله النضاليَّ الأعلى؛ فجرَّب الانتماء، ردحاً من الزَّمن، إلى صفوف حزب البعث، حتى مطالع الثمانينات، ثمَّ انتقل إلى صفوف الحزب الشيوعي، عام 1982م، حيث عرفناه، وزاملناه، وصادقناه، وأحببناه. ولمَّا أرخت سحابة الثلاثين من يونيو عام 1989م سدولها الداكنة على شمس الديموقراطيَّة الثالثة في بلادنا، وشاعت ممارسات الاعتقال الإداري، والقهر، والتعذيب، والتشريد، والملاحقة، وطاله منها، مع علل الجَّسد، ضغثاً على إبالة، ما طاله، غادر البلاد، مضطرَّاً، يحتقب عزَّة نفس أبيَّة، وهموم وطن سليب، إلى المنافي البعيدة، ضمن أمواج متلاطمة من السودانيين، رجالاً ونساءً وأطفالاً، حتى استقرَّ به المقام في لندن. ما لبث الفقيد أن انخرط، هناك، في شتى صور النشاط السِّياسي المعارض. لكنه نشط، أيضاً، في العمل بمنظمة (آفريكا ووتش) الدوليَّة، حيث اكتشف، في خواتيم التسعينات، أن أكثر ما هو مُيسَّر له، وما يتقنه بأفضل ما لديه من فكر وطاقة، هو الدفاع، من خلال منظمات المجتمع المدني، عن حقوق الإنسان والشعوب، وعن سيادة حكم القانون، وعن عدالة التشريع وديموقراطيَّته. وسرعان ما انتخب سكرتيراً عاماً، متفرغاً ومتطوِّعاً، للمنظمة السودانيَّة لحقوق الإنسان، خلال الفترة من1995م إلى1999م؛ ثم انتقل للعمل في منظمة (جستِس آفريكا) حتى 2006م، يبذل من العطاء ثرَّه بشهادة جميع زملائه فيها، وعلى رأسهم البروفيسور أليكس ديوال؛ وذلك قبل أن يلتحق بالعمل مستشاراً لدى منظمة (ريدريس)، ويتولى، منذ أكتوبر عام2007م، مهام المنسِّق العام لبرنامجها الخاص بالإصلاح القانوني في السودان. وعبر تلك السنوات الطوال استطاع عبد السلام أن يحفر اسمه عميقاً، بدأب وصبر وتواضع، في لوح العمل الطوعي على صعيد هذه القضايا النبيلة، حتى لقد اعتبر واحداً من خبرائها المتميِّزين في المستوى الدولي، وشارك في تأليف كتاب ((The Phoenix State, Civil Society and the Future of Sudan, 2001، بالإضافة إلى نشره عشرات الدراسات، والبحوث، والمقالات، والأوراق العلميَّة، ومشاركاته العديدة في مختلف المؤتمرات والندوات والسمنارات العربيَّة والأفريقيَّة والعالميَّة. في الأثناء واصل الراحل العزيز اهتماماته القديمة بالأدب، وبالأخص في مجال القصة القصيرة والنقد، حيث كان قد نشر طرفاً من أعماله بمجلة (الثقافة السُّودانيَّة) في عهدها الزَّاهي، كما كانت له مساهماته الرفيعة في إطار الكثير من الفعاليات. وواصل، إلى ذلك، اهتماماته على صعيد الفكر، وكانت آخر عطاءاته الثريَّة، في هذا المجال، شروعه، منذ يناير الماضي، بالاشتراك مع صديقه د. محمد احمد محمود، في إنشاء منظمة جديدة تعنى بقضايا التفتح والاستنارة، لولا أن يداً آثمة امتدت لتغتاله، فجر السبت الثالث عشر من مارس 2010م، وتصبغ بدمه الزكيِّ، في خسَّة ووضاعة، أرضيَّة شقته الكائنة في مبنى قديم، بضاحية نائية، هي من أقلِّ المواقع أمناً بالعاصمة البريطانيَّة }وَمَا تَدْري نَفسٌ بأيِّ أرْض تَمُوت{ صدق الله العظيم. وبعد، اللهمَّ إن عبد السلام لم يهُن إلا عليك، وها هو قد أمسى في رحابك، ضارعاً يتكفف غوثك ببابك، فحاشا أن نزكيه عندك، وأنت المليك المقتدر، وإنما نتوسل بك اليك، لنسألك، بحقِّ عزَّتك وجلالك، أن تسبغ عليه رحمتك، وأنت خير الراحمين، وأن تغفر له، وأنت خيرُ الغافرين، وأن تكرم نُزُله، وأنت خيرُ المُنزلين، وأن تؤنِسَ وَحشتهُ، وأنت خيرُ المؤنِسين، وأن تعيذه من العذاب، وأنت الغنيُّ عن عذابه يومَ الدِّين، فيمِّن، يا ربُّ، كتابه، ويسِّر حسابه، وثبِّت علي الصراط اقدامه، وثقـِّل بالحسنات ميزانه، وافرش قبره من فِراش الجنة مع الصِّدِّيقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا. اللهمَّ إن سفراً مقدَّراً قضت به إرادتك التي لا رادَّ لها منذ بَدءِ الخلق، لمِمَّا يَحسُنُ الصبرُ عليه، حتى نعقِل حكمة مشيئتك، سبحانك، في أنفسنا وفي الآفاق، فبدِّل، يا ربُّ، حزننا عليه تسليماً بقضائك، ورضاءً بقدرك، وجمِّل صبرَنا على فقده، وسلواننا على فراقه، واحسن عزاءنا فيه، واجعل البركة في ابنته عزة، وفي أمِّها وفاء محمود حسين، وفي أفراد أسرته وأصهاره كافة، وفينا أجمعين نحن أصدقاءه وزملاءه وسائر عارفي فضله؛ إنَّا للهِ وإنَّا إليهِ راجعون.
الثلاثاء رغم المبالغة والتهويل، وربَّما المغالاة (الأيديولوجيَّة) في التعبير، مِمَّا احتشدت به كلمات الصَّحفي السُّعودي تركي الصهيل، إلا أنه، مع ذلك كله، لم يغادر الحقيقة كثيراً، حين كتب يقدِّم للحوار الذي أجراه معي، قائلاً إن مهمَّة إقناعي لم تكن سهلة بقبول الدَّعوة لحضور الدورة الخامسة والعشرين لمهرجان الجَّنادريَّة الثقافي السَّنوي بالمملكة، خلال النصف الثاني من مارس الماضي، ".. فما كان يسمعه (كمثقف شيوعي) عن الرِّياض، وتصويرها بـ (الممارسات الإقصائيَّة)، كان كفيلاً بتفضيله الذهاب إلى (جهنم) بدلاً منها" (الشرق الأوسط، 25/3/10). يعني .. مُش لدرجة (جهنَّم) طبعاً! لكن كانت لديَّ، بالفعل، ومن بعيد لبعيد، من الانطباعات السَّالبة عن هيمنة (السَّلفيِّين) على ثقافة الرِّياض واجتماعها، وبالأخصِّ قمعهم، بالمطلق، للحرِّيَّات العامَّة والحقوق الأساسيَّة، كحريَّة التعبير والنشر وما إلى ذلك، ما يكفي لإماتة الهمَّة عن زيارتها. مع ذلك قبلت الدَّعوة الكريمة، وإنْ بعد لأي، لسببين رئيسين: أوَّلهما، وأكثرهما حسماً، يتصل بالفكر، إذ قدَّرت أن الزِّيارة قد تتيح لي الوقوف، عن كثب، على مدى الحقيقة في ما ظللت أطالع حول التفكير الجديد الأكثر انفتاحاً لدى القيادة السُّعوديَّة، والتغييرات المجتمعيَّة والثقافيَّة المنهجيَّة الجارية هناك، منذ حين، مِمَّا لا تزال تسير بذكره ركبان الأخبار والتعليقات، ليس في الفضاءات الأسافيريَّة وحدها، بل وعلى صفحات الجرائد الورقيَّة التي تصدر في السُّعوديَّة ذاتها. من ذلك، مثلاً، السَّماح للمحاميات بالظهور أمام محاكم الأحوال الشَّخصيَّة .. والعافية درجات! وكذلك السَّماح للنساء بالعمل في بعض المحلات التجاريَّة؛ وإقدام بعض الكتاب (الليبراليين) على التصدِّي، جهاراً نهاراً، وعبر صفحات الصحف وأجهزة الإعلام السُّعوديَّة نفسها، للمشايخ (السلفيين) الذين وقفوا ضدَّ هذه الخطوة، كما فعل الكاتب مشعل السديري في ردِّه الجريء على خطبة مفتي المملكة العام في صلاة الجمعة (موقع "فراشة حوَّاء" على الشَّبكة، نقلاً عن صحيفة "عكاظ" السُّعودية)؛ ومن ذلك، أيضاً، افتتاح جامعة مختلطة، لأوَّل مرَّة، باسم جلالة الملك عبد الله، بميزانيَّة تبلغ عشرة مليار دولار! والجدل العنيف بين معارضي هذه الجامعة من (علماء الدِّين)، كالمفتي عبد العزيز آل شيخ، ودفاع آخرين منهم عنها، كوصف الشيخ عائض القرني لها بـ "دار الحكمة والتسامح"، ونعته لمعارضيها بـ "الجهل والغباء"، رغم أن تاريخ الإفتاء في المملكة ظلَّ يشهد أكثر الفتاوى (السَّلفيَّة) تطرُّفاً ضد (الاختلاط)، كالفتوى الشَّهيرة التي كان أصدرها المرحوم الشيخ عبد العزيز بن باز، المفتي العام الأسبق، تحت عنوان "الاختلاط وسيلة لشرٍّ كثير، وفساد كبير لا يجوز فعله" (موقع "السِّجالات السُّعوديَّة" على الشَّبكة)؛ وكذلك الجَّدل حول الدَّعوة المطروحة للسَّماح بسفر المرأة بدون محرم؛ والجَّدل الذي ما يزال دائراً حول التعاون (الفنِّي!)، في أكثر من عمل (غنائي)، بين الشيخ القرني وبين الموسيقار المطرب محمد عبده (المصدر). ولعلَّ آخر ما طالعت، قبل المهرجان، اعتبار بعض كتاب الرَّأي السُّعوديين هذه الظواهر، وغيرها، ضرباً من التوجُّه (الليبرالي) المطلوب، بإلحاح، لتجاوز حالة الاختناق التي بلغت أقصى أمدائها، وقعدت بقدرات المجتمع، وعطلت طاقاته، إلى حدٍّ مقلق، حيث شرح ناصر الصرامي، مثلاً، أن (الليبراليَّة) لا تعني، مطلقاً، نسف معتقدات المجتمع، بل تغيير "الفكرة السائدة التي تجعل من الثقافة العامَّة خطاً مستقيماً واحداً بين نقطتين لا خيار أو إبداع أو حراك بينهما"، وذلك عندما يختطف تيَّارٌ فكريٌّ واحدٌ مجمل الوعي العام، ويحكِم قبضته على ملامح الحياة كلها. فالمطلوب هو المجتمع المنفتح، الأقل عنفاً واحتقانا، والمتسامح مع مكوِّنات ثقافته، ومع تنوُّع خطابه الداخلي، ومع حرِّيَّات أفراده، ومع مشروعيَّة اختلافهم، مع مراعاة حقوق الآخر دائماً، باتجاه المدنية والعلم، وبعيداً عن العصبية أو التشدُّد. في الإطار أشار الصرامي إلى أن نشر ثقافة حقوق الإنسان، وإقامة منظمات المجتمع المدني، إنما هي مظاهر (ليبراليَّة) مطلوبة للتجديد؛ وأن الانفتاح الحادث في الإعلام الآن، من تنوُّع وحريَّة تعبير، لهو، أيضاً، من سنخ (الليبراليَّة)، بامتياز، حتى وإن اختلفت الأصوات، أو تعاركت المفاهيم، فالمجتمع (الليبرالي) قادر، دائماً، على تصحيح مساره بنفسه؛ وأن ما تمَّ اتباعه، في الدَّورة الأخيرة لمعرض الرِّياض للكتاب، إنما يمثل، أيضاً، نهجاً (ليبراليَّاً) قلل الرَّقابة، فأتاح المعرفة، وصان حقَّ الاختيار الثقافي، ووفر الإصدارات من مختلف التيَّارات والاتجاهات الفكريَّة). وأكد الكاتب على أن تفعيل القوانين الحامية للحرِّيَّات الشخصيَّة، ووضعَ المجتمع بأسره على الطريق (الليبرالي)، ستنعكس نتائجه على كلِّ الأصعدة الثقافية والإنتاجية والإبداعية. وهاجم، بضراوة، "الراديكاليَّة الإسلاميَّة، ومتشدِّديها، والقوميين الذين بقوا في مواقعهم مدافعين أو متعاطفين مع ثقافة الاستبداد"؛ فهؤلاء هم من يناوئون (الليبرالية)، باسم (الإسلام)، أو باسم (القومية)، أو باسم مناهضة (الإمبريالية)، (صحيفة "الجزيرة" السُّعوديَّة، 14/3/10). أما السَّبب الثاني الذي حدا بي لقبول الدَّعوة الكريمة فإنساني بحت، وهو تقديري، كمستعرب سوداني قح، للإيماءة اللطيفة التي تفضَّل بها، مشكوراً، السَّيِّد ناصر البرَّاق، الملحق الثقافي بسفارة المملكة بالخرطوم، وهو شاب واسع الثقافة، ودبلوماسي ذو شخصيَّة آسرة، عندما أصرَّ، بأريحيَّة ونبل، وبعد عدة محاولات هاتفيَّة ربَّما لاحظ، من خلالها، تحفظاتي، أن يتكبَّد مشقة زيارتي بنفسه في منزلي، مضحِّياً بوقت راحته، ذات نهار خرطوميٍّ تدلت شمسه فرناً على رءوس البشر، كما في تعبير طيِّب الذكر الطيِّب صالح، وذلك حرصاً منه على تسليمي، شخصيَّاً، بطاقة دعوتي من سموِّ الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز، نائب رئيس الحرس الوطني للشئون التنفيذيَّة، ونائب رئيس اللجنة العليا للمهرجان، والمرسلة عن طريق سعادة السفير محمد بن عباس الكلابي. لقد صبر أبو نوَّاف، مع كثير من التهذيب ودماثة الخلق، على الاستماع لتحفظاتي، ومناقشتي بشأنها، وإقناعي، في نهاية المطاف، بأن من رأى ليس كمن قرأ أو سمع! وعندما سألته عن المدعوين غيري من السودان، كان الرَّجل لمَّاحاً بما يكفي كي يتعمَّد أن يركز، مبتسماً، على د. منصور خالد والرِّوائي عبد العزيز بركة ساكن، فالتقطت الرمزيَّة الثقافيَّة (الليبراليَّة) الخاصة، والمقصودة، بلا شك، في هذه الدعوة، فحزمت أمري .. وسافرت! بضعة أيَّام ليست كافية، بطبيعة الحال، لالتقاط ما يكفي من الظاهرات، والحكم عليها. ومع ذلك لم يكن من الصَّعب ألا تلمح العين، ولو خطفاً، بعض الاختراقات الإيجابيَّة الجديدة؛ وهذا، في حدِّ ذاته، وإنْ كان في أولى عتباته، إنجازٌ يستحقُّ الانتباه إليه، والتنويه به. وكانت أبسط تمظهراته تلك الحوارات الصَّريحة، والمناقشات التلقائيَّة الحيويَّة التي كانت تجري، علناً، حول مختلف القضايا السَّاخنة، بين الضيوف وبين المضيفين السعوديين، في قاعة الطعام، أو في بهو فندق ماريوت، والتي كانت تستمرُّ، أحياناً، حتى السَّاعات الأولى من الصَّباح، دون أن يشعر أحد بأيِّ شكل من أشكال الرقابة أو المضايقة! كانت مجموعتنا تضمُّ، أيضاً، د. صديق عمر صديق، ومحي الدِّين الفاتح، ود. سعد عبد القادر، وكنا ما ننفكُّ نتساءل، مندهشين، بين الفينة والأخرى، إن كنا، حقاً، في قلب الرِّياض، وفي عقر دار (السَّلفيَّة)! بسبب ازدحام برنامج المهرجان، إخترنا، بركة ساكن وشخصي، أن نركز، أساساً، على فعاليَّتين رأينا أن من شأنهما أن تلخِّصا لنا الكثير مِمَّا يهمُّنا بوجه خاص: ندوة (السلفية: المفهوم ـ المراحل ـ التحولات)، بقاعة مكارم بماريوت، نهار الأحد 21/3/2010م، وندوة (الرِّواية السُّعوديَّة: قراءة ومقاربات)، بقاعة الملك فيصل للمؤتمرات، مساء الإثنين 22/3/2010م. ولضيق المساحة سأعرض، باختصار، لأهمِّ وقائع ندوة (السَّلفيَّة)، آملاً أن أتمكن، في رزنامة قادمة، من استعراض وقائع ندوة (الرواية). وإذن، ففي ندوة (السَّلفيَّة) كان الفرق شاسعاً بين طروحات (المحافظين) وطروحات (الاختراقيين)، وإن كانت الغلبة للأخيرة! فقد استهل المساهمات الشيخ الدكتور صالح بن حميد، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، بورقته حول ماهية (السَّلفيَّة)، وتاريخها، ومقوِّماتها المنهجيَّة، فجاءت تقليديَّة، جافة، حذرة، لم تضف جديداً واحداً، حيث عرضت للكثير من تعريفات (السَّلفيَّة)، خصوصاً انقسام المعاصرين ما بين نسبتها، كمنهج، من جهة التاريخ، إلى أهل القرون الثلاثة الأولى الذين شهد لهم الرسول (ص) بـ (الخيريَّة)، وبين نسبتها، من جهة المضمون، إلى موافقة الرأي لـ (الأصول) في الكتاب والسُّنة، وابتعاده عن التقليد المذهبي والفقهي. كما أوردت الورقة، أيضاً، نماذج من تعريفات (السَّلفيَّة) في الفكر الغربي. ورغم تفضيله تعريف المنهج من جهة التاريخ، باعتباره الأصحَّ، حيث يقع باطلاً أيُّ اتباع لما لم يكن عليه نهج الرسول (ص) وصحابته، إلا أن بن حميد خلص، مع ذلك، إلى وجوب ألا يشكل هذا المصطلح أو المنهج مدخلاً للتنازع بين جمهور المسلمين؛ وربَّما كانت تلك الالتفاتة هي الحسنة الوحيدة في الورقة! على أن الندوة شهدت، أيضاً، طرح أوراق أخرى، ومداخلات أكثر حرارة، وحيويَّة، وحفزاً للتفكير في أسئلة الواقع الملحَّة، كورقة د. سعيد العلوي، مثلاً، بعنوان (السلفيَّة والسلفيَّات الأخرى)، والتي عرضت لـ (السلفيَّة الكلاسيكية)، و(السلفيَّة الجهاديَّة)، و(السلف والسلفيَّة بين منظومتين)، ونبَّهت إلى كمون الاختلاف بين كلِّ (سلفيَّة) وأخرى في شروط النشأة، ومن ثمَّ في البرامج والأهداف. وتناولت الفرق الشاسع بين واقع البلاد العربيَّة الإسلاميَّة في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وواقعها خلال الفترة التي شهدت إعدام سيِّد قطب وهزيمة 1967م؛ كما تناولت واقعاً مغايراً لواقع المسلمين في بلاد الإسلام العربيَّة وغير العربية، وهو واقع الشباب المسلم المنتسب إلى الجيل الثالث من المهاجرين المسلمين إلى الدول الغربية، حيث شكلت أحياء المسلمين(الهامشيَّة)، في كثير من مناطق أوروبا وأمريكا، تربة صالحة لظهور الحركات (الجهاديَّة)، ثمَّ انتقالها، في شكل من أشكال (التصدير)، إلى العديد من البلدان العربية والإسلامي. وخلص الباحث إلى أن إعادة قراءة الفكر العربي الإسلامي في عصر النهضة، والذي يُعتبر فكر (السلفيَّة الكلاسيكيَّة) جزءاً منه، يمكن أن تمدَّنا بالأدوات التي نحتاجها لتحليل الواقع العربي الإسلامي المعاصر، ودفعه باتجاه التطوُّر الإيجابي، وتمكينه من فتح آفاق جديدة لحوار مثمر، في عالم لن يكون ممكناً، ولا معقولاً، إلا إذا أصبح التعدُّد الثقافي، والحوار الإيجابي، مجاله، والموجه فيه. من جانبها سعت ورقة د. عبد الله البريدي، بعنوان (بحث في الإشكاليات الاصطلاحيَّة والفكريَّة للسلفيَّة: معطيات واقعيَّة ومؤشرات مستقبليَّة)، وهي من أميز الأوراق التي قدِّمت، إن لم تكن أميزها طرَّاً، إلى مقاربة الموضوع من زاوية الإشكاليَّات التي يفرزها الواقع، وانعكاساتها، بالضرورة، على تنوُّع مناهج وأنساق الفكر الإسلامي المعاصر، وبالتالي خطل الركون للتبسيط عند التصدِّي بالتحليل لمنظومات هذا الفكر المفاهيميَّة والمنهجيَّة، أو تصنيف مدارسه وتياراته، معتبراً (المصطلح) كائناً ثقافيَّاً ديناميكيَّاً،تتجدَّد دلالاته ووظائفه بحسب تفاعلات البشر في المكان والزَّمان الثقافيَّين المعيَّنين، وأثر ذلك على معتقداتهم وقيمهم وأمزجتهم. وعلى خلفيَّة هذا النظر انتقل البريدي لتحليل الأبعاد المفاهيميَّة والفكريَّة والسِّياسيَّة لـ (السَّلفيَّة)، من حيث إشكاليَّاتها الصَّارخة في جانبها الاصطلاحي، أو ما أسماه بـ (فنائيَّة المصطلح) التي رأى أنها تنعكس على فكرها ومسلكها، في صور مختلفة من (الفنائيَّات) النموذجيَّة، والفكريَّة، والثقافيَّة، والجماعيَّة، والتاريخيَّة. ثمَّ عَمَدَ إلى تحليل التغيُّرات التي وقعت في محيط (السَّلفيَّة) المعاصرة، فصاغت السِّمات الأساسيَّة لرموزها ومبادئها وتطبيقاتها، وحدَّدتها بالارتهان للتاريخ، والتسويف للواقع، وغلبة الفكر الشَّفهي، والاستغراق في المحليَّة المتلبِّسة بالعالميَّة. في ما يتعلق بـ (الارتهان للتاريخ) أوضح البريدي أن الفكر السلفي يرهن عقله ووجدانه لمفاهيم وممارسات وقوالب (السلف الصالح)، عبر معايشة وجدانيَّة، وتجارب شعوريَّة ولا شعوريَّة، مِمَّا يجعله منتزعاً، تماماً، من اللحظة الرَّاهنة لصالح لحظات تاريخيَّة معيَّنة، ويفقده الرَّغبة، بالكليَّة، في التزوُّد بالأدوات والمهارات اللازمة للتعاطي مع تعقيدات الحاضر. أما في ما يتعلق بـ (الفكر الشَّفهي)، فقد قال إن العقل (السَّلفي) عادة ما يقوم بعملية ثابتة تستهدف التعاطي المباشر مع أيَّة مسألة أو إشكاليَّة، وذلك في حدود ما يختزن من أفكار ونماذج، لكن الوقت المتاح لا يسمح له بمعايشة كافية مع تلك المسائل والإشكاليَّات، ومن ثم لا يسمح له بتقليب التفكير في الزوايا الممكنة لتفتيت التعقيد حولها. واعتبر البريدي، أيضاً، أن الفكر (السَّلفي) يتسم بـ (المحليَّة)، الأمر الذي أسهمت فيه عوامل كثيرة، من أهمها عدم تعرض الجزيرة العربيَّة للاحتلال الأجنبي، وضعف البنية الاقتصاديَّة قبل اكتشاف النفط. وخلص البريدي إلى أن أهمَّ تمظهرات الأثر الضخم لـ (السَّلفيَّة) في فضاءاتها الفكريَّة والسِّياسيَّة، خصوصاً في الجزيرة العربيَّة، هو تشكيل (التفكير الجَّمعي)، وهو تفكير (تراكمي) يمثل، في سياقاته التاريخيَّة والجغرافيَّة، مصنعاً لـ (الأجهزة المعرفية) التي يتم تركيبها في العقول، والتي تتكوَّن من منظومات وأخلاط من القيم، والمفاهيم، والمصطلحات، والمعتقدات، والعادات، وطرائق التفكير، وأدوات التحليل، وقواعد السلوك الصحيحة والخاطئة تجاه القضايا، والأحداث، والأشخاص. تلك بعض ملامح عامَّة من ثلاث أوراق، فحسب، اخترناها كنماذج، لضيق المساحة، من بين جمهرة دراسات وبحوث قدِّمت ونوقشت، طوال جلستين، في هذه الندوة الفريدة. ويجدر بالذكر، هنا، أن النقاش تطرَّق، أيضاً، إلى دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، كامتداد لـ (السَّلفيَّة)، وكنسخة أصلية من نسخها المتعدِّدة. وقد طالها نقد منهجيٌّ صارم، حيث تساءل رضوان السَّيِّد، مثلاً، عمَّا قدمت في مستوى القدوة، على صعيد التعليم، أو الإعلام، أو الثقافة، أو خلافه. مهما يكن من شئ، ورغم الحساسيَّة التي تتسم بها موضوعة (السَّلفيَّة)، تقليديَّاً، وبالأخص داخل مناخاتها التاريخيَّة والفكريَّة في المملكة، إلا أن طرحها، من قِبَل منظمي الجنادريَّة لهذا العام، كمحور نقاش مفتوح، من جهة، والجرأة والشفافية اللتين نوقشت بهما، من جهة أخرى، إلى حدِّ الدَّعوة لإخضاع مفهومها للمراجعة الشاملة، في ضوء التحولات الكبرى التي ما تنفكُّ تجابهها، شكل خطوة نوعيَّة واسعة باتجاه الاختراقات الهائلة التي يشهدها هذا البلد في الوقت الراهن.
الأربعاء أخيراً، وبعد كثير من المطل واللتِّ والعجن، حزم المجلس الاتحادي للمصنفات الأدبيَّة والفنيَّة أمره، وأصدر قراره، في 7/4/2010م، بحظر رواية (الجنقو: مسامير الأرض) للرِّوائي عبد العزيز بركة ساكن. بصرف النظر عن أن القرار داس بحوافره على عمل نعتبره نموذجاً لرواية ما بعد الطيِّب صالح، إلا أن المجلس، قبل ذلك، زنق نفسه في مطبٍّ بالغ الضيق، حين سمح لـ (بيروقراطيَّته الإداريَّة) أن تضع تقديرها فوق تقدير (خبراء) الأدب والنقد الذين كلفتهم مؤسَّسة في قامة مركز عبد الكريم ميرغني بتقييم هذه الرِّواية، لأغراض مسابقتها المخصَّصة للرِّواية باسم الطيِّب صالح، ففازت، لديهم، بالجَّائزة الأولى! سنعود، يقيناً، إلى الرِّواية والقرار؛ لكن (أفنديَّة) المجلس مطالبون بإقناع الجمهور، أوَّلاً، بأنهم (يفهمون) في (النقد والتذوُّق) بأفضل مِمَّا يفعل (أساتذة) الأدب و(خبراؤه) و(نقاده)!
الخميس لا رغبة لدينا في التعليق، في هذه المرحلة، قانونيَّاً، على التحرِّيات التي يقال إنها جارية بشأن كارثة، أو فضيحة، سمِّها ما شئت، (سوق المواسير) في الفاشر؛ لا لأننا ليس لدينا ما نقول، فثمَّة صيد قانوني وافر، حتى الآن، في تلك الأحداث؛ ولا لأن ثمَّة تشريع يمنعنا من التعليق، فقد تطرَّقنا لذلك، من قبل، وفنَّدناه، في أكثر من مناسبة؛ وإذن، كلُّ ما في الأمر هو أننا نريد، برغبة ذاتيَّة محضة، توفير أكبر قدر من الأجواء الملائمة لتسيير العدالة في هذه التحقيقات والتحرِّيات، حدباً على مصالح 2500 متضرر، نهبهم (المواسيرجيَّة)، بحسب أصحاب الوجعة حوالي 240 مليار جنيه، أي قرابة 100 مليون دولار، وبحسب السَّيِّد عبد الباسط سبدرات، وزير العدل النائب العام، 60 مليار جنيه، 38 منها شيكات، و22 إيصالات أمانة. على أننا نرغب، فقط، في إضاءة المسألة التي أثارها السَّيِّد كرم الله عباس، والي القضارف، ربَّما عن غير قصد، من زاوية (الاقتصاد السِّياسي للطفيليَّة)، عندما هاجم المتعاملين بـ (الرِّبا) في ولايته، قائلاً "إن القضارف غارقة في مستنقع المواسير الآسن منذ ثلاثين عاماً " (الأحداث، 7/5/10). وحتى نعود إلى الأمر، بتمكث، نرجو ألا يقولنَّ كريم: شتان بين الفاشر والقضارف، فكله عند الطفيليَّة (مواسير)!
الجمعة طبعاَ لا يشترط ، بالضرورة، لكي تعجب بكتاب ما أو مقالة ما أن تتفق، تماما،ً مع الكاتب، في أفكاره، بل يكفي أن يجذبك منهجه مثلاً. وهذا ما يحدث لي كثيراً مع كتابات صديقي د. حيدر إبراهيم علي، فقد أختلف معه في أفكاره أو استنتاجاته، دون أن أمنع نفسي من الإعجاب بمنهجه. غير أنني وجدت نفسي ، للأسف، أختلف معه، منهجاً واستنتاجاً، في مقالته بعنوان (السودانيون ومرض استوكهولم)! فقد بدا لي أن حيدر لم يستطع إقناعي، ابتداءً، بأن السودانيين، من غير القوى الاجتماعيَّة المستفيدة من الإنقاذ، والداعمة لها، قد أدلوا بأصواتهم، فعلاً، لرئيس الجمهوريَّة مرشَّح المؤتمر الوطني، قبل أن يقنعني بأنهم فعلوا ذلك لأنهم .. مصابون بـ (مرض استوكهولم)!
السبت بالأمس تحَّدث د. الدرديري محمد احمد، القيادي في المؤتمر الوطني، لإذاعة أم درمان، حديثاً جديداً، واضحاً، ساطعاً، قاطعاً كالسَّيف، لا لبس فيه ولا التواء ولا غموض، مِمَّا درج عليه زملاؤه في قيادة الحزب الحاكم، منذ نهاية الاقتراع، وذلك حول مشروعهم المسمَّى بـ (حكومة القاعدة العريضة)، واصفاً إياها، في صراحة يُحمد عليها، بأنها (حكومة المؤتمر الوطني!) الذي سيأتلف مع من يوافقه (برنامجه!)، باعتباره منتخباً من الشَّعب، وذا أغلبيَّة في البرلمان، و".. الما داير برنامجنا ما عندنا ليهو فرقة!" أو كما قال (برنامج "مؤتمر إذاعي"، 7/5/10). أما (الانفصال) الذي أضحت مخايله تلوح، الآن، أكثر من أيِّ وقت مضى، باعتباره الاحتمال الأرجح في (استفتاء يناير2011م)، والذي يبدو أن المؤتمر الوطني يحاول تفادي وقوع المسئوليَّة عنه على أم رأسه وحده، بطرحه الناعم، فجأة، لمقترح إشراك (الآخرين) معه في الحكومة القادمة، حرصاً منه على أن يكون هؤلاء (الآخرون) مرتدفين معه، في نفس زورق الحكم، ولو مؤقتاً، ريثما تمرُّ اللحظة التاريخيَّة الثقيلة، وعالقين، مثله تماماً، في طمي مسئوليَّتها اللبيك، فقد قال عنه د. الدرديري، هذه المرَّة: "حزبنا سيتحمَّل المسئوليَّة حال (الانفصال)، باعتبار أن (الانفصال) حدَّده (الاستفتاء)، و(الاستفتاء) آليَّة لممارسة (حقِّ تقرير المصير)، و(تقرير المصير) منصوص عليه في الاتفاقيَّة!" (المصدر). هذا يشي بأن الحزب الحاكم فشل، حتى الآن على الأقل، في إقناع القوى التي يريدها معه على سطح الزَّورق on board وقت الاستفتاء! ولذا فكلام الدرديري كلام عديل، يضع النقاط في الحروف، ويجنبنا الاضطرار لتحمُّل صداع اللفِّ والدَّوران .. من يوافق على المشاركة في السُّلطة، فليعلم أنه إنما يفعل ذلك ببرنامج المؤتمر الوطني وشروطه! وليس أوضح من هذا، ولا (أعدل)! لكن دعونا، قبل ذلك، نتبيَّن مواطئ أقدامنا مع د. الدرديري؛ فحين يقول إن (الانفصال) حدَّده (الاستفتاء)، و(الاستفتاء) آليَّة لممارسة (حقِّ تقرير المصير)، و(حقُّ تقرير المصير) منصوص عليه في (الاتفاقيَّة)، فعلينا أن نقول له إنه يستخدم منطقاً شكليَّاً لا يسمن ولا يغني من جوع. ذلك أن الصحيح هو أن نقرَّ، بادئ ذي بدء، بأن حزبه لم يتحمَّل شيئاً من العبء التواثقي الملقى على كاهله، طوال سَّنوات الفترة الانتقاليَّة، من حيث التزامه المفترض بجملة نصوص من (المبادئ المتفق عليها)، ضمن (بروتوكول مشاكوس) المبرم في 20/7/2003م، كالبند/1/1 الذي يجعل الأولويَّة لـ (الوحدة) القائمة على "إرادة الشَّعب الحُرَّة، والحكم الديموقراطي، والمساءلة، والمساواة، والاحترام، والعدالة"؛ وكذلك البند/1/5/1 الذي ينصُّ على إقامة (نظام ديموقراطي) في البلاد؛ والبند/2/5/1 الذي ينصُّ على أن (السَّلام) لا يكون بمجرَّد إيقاف الحرب، وإنما بالعدالة الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والسّياسيَّة"؛ فضلاً عن البند/1/5/5 الذي يقترن فيه (الاستفتاء) نفسه، كممارسة مستحقة لـ (تقرير المصير)، بشرط العمل على جعل (الوحدة) خياراً (جذاباً)؛ وكذلك البند/2/4/2 من (الجزء ب: عمليَّة الانتقال)، والذي ينصُّ على وجوب عمل الأطراف مع (مفوضيَّة التقويم والتقدير) لجعل الوحدة) خياراً (جذاباً للجنوبيّين! إغفال تنفيذ تلك الالتزامات من جانب الحزب الحاكم يجعل (الاستفتاء)، في النهاية، معلقاً في فراغ، أي مجرَّد ممارسة شكليّة نتيجتها المؤكدة هي .. (الانفصال)!
الأحد سأل الطفل أباه: ـ "يا بابا مُش الناس الكبار ما بيكضبوا"؟! فكر الأب، برهة، ثمَّ أجاب: ـ "أيوة .. بس مُش الكبار خالص"! ***
#كمال_الجزولي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكاية الجَّماعة ديل! (4 4) أَحْلافُ النَّظَائِرِ والنَّقَائ
...
-
حكايةُ الجَّماعة .. ديل! (3) هَمُّ الشَّعْبي وهَمُّ الشَّعْب
...
-
حكايةُ الجَّماعة .. ديل! (2) إرتِبَاكاتُ حَلْبِ التُّيوسْ!
-
حكايةُ الجَّماعة .. ديل (1 2) الاِسْتِكْرَاد!
-
مَنْ يَرقُصُ لا يُخفي لحْيَتَه!
-
بَرَاقشُ .. الأَفريقيَّة!
-
السَّيْطَرَةُ الهجْريَّة!
-
رَدُّ التَحيَّة بأَحْسَن منْهَا!
-
لَيْلَةُ البَلاَلاَيْكَا!
-
الهُبُوطُوميتَر!
-
عَودَةُ العَامل والفَلاَّحَة!
-
آخرُ مَولُود لشُرطيّ سَابق!
-
طَبْعَةُ وَاشنْطُنْ!
-
إشكَاليَّةُ القَاوُرْمَة!
-
مَنْ يُغطّي النَّارَ بالعَويش؟!
-
أيَّامٌ تُديرُ الرَّأس!
-
مَحْمُودٌ .. الكَذَّاب!
-
يَا وَاحدَاً في كُلّ حَالْ! (2)
-
يَا وَاحدَاً في كُلّ حَالْ!
-
عَتُودُ الدَّوْلَة (الأخيرة)
المزيد.....
-
لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن
...
-
مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد
...
-
لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟
...
-
إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا
...
-
مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان
...
-
لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال
...
-
ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
-
كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟
...
-
الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
-
مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|