|
الإسلام المقاتل: من يقاتل, أين يقاتل و لماذا يقاتل ؟
محمد كشكار
الحوار المتمدن-العدد: 2958 - 2010 / 3 / 28 - 11:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
سأحاول الإجابة حسب اطلاعي المتواضع دون الدخول في التفاصيل و دون تحيّز لأحد الأطراف المتحاربة لأنّّهم كلّهم مسلمون. لن أتكلّم في هذا المقال عن الجرائم الفظيعة التي يرتكبها المحتل الأجنبي الإرهابي في حق المسلمين لسببين اثنين: - أوّلا لأنّها قضيّة واضحة لدى الرأي العام الإسلامي و الضّحايا من المقاومين و المدنيّين الأبرياء المسلمين و غير المسلمين يموتون بشرف من أجل تحرير بلادهم من المحتل و النضال ضدّه حقّ أباحته كل الشرائع السماويّة منها و الأرضيّة. - ثانيا لأنّ قتل المسلم لأخيه المسلم جريمة أبشع و أشنع من جريمة المحتل وهي بالرغم من كونها قضيّة لا تقبل تبريرا و لا تحتمل فلسفة و تحليلا فهي غير واضحة في أذهان الناس ربّما لأسباب نفسيّة. جنّب المحتلّون بلادهم الحروب و صدّروها إلى بلداننا و نحن بتناحرنا زدنا البلاء بلاء و كبّرنا مشروعهم بأياد مسلمة و طبّقنا سياستهم حرفيّا لا بل دعّمناها بحروب أهليّة تحصد الآلاف من مواطنينا فوصلنا إلى نتائج كارثيّة من التدمير الذاتي لم يكن المحتل يوما يحلم بها فنحن منفّذو المؤامرة حتّى لو كانوا هم مهندسيها. أبدأ بالسؤالين الأوّلين في العنوان: أين يقاتل الإسلام المقاتل و من يقاتل ؟ و أحاول الإجابة قدر المستطاع: - يقاتل "الإسلام المقاتل" في الجزائر حيث يقتل المسلم أخاه المسلم جنديا كان أو إسلاميا.حصدت الحرب الأهلية عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين الأبرياء مع العلم أنه لا يوجد في البلاد محتل أجنبي واحد. أصيح هنا و بأعلى صوتي صيحة فزع و ألم شديدين: ألا يكفي الشعب الجزائري "المليون و نصف المليون شهيد" الذين قتلهم الاحتلال الفرنسي ؟ - يقاتل الإسلام المقاتل في العراق حيث يتقاتل الشيعي والسنيّ و يموتان دون قضيّة فيما بينهما و تحصد مئات الآلاف من الأرواح البريئة و لا يموت من الأعداء إلاّ بعض الآلاف و الشعبان العراقي و الإيراني لم ينسيا بعد مليون قتيل في حرب بين أشقّاء في الدّين و التّاريخ. - يقاتل الإسلام المقاتل في أفغانستان و عدد الموتى من المسلمين المقتولين بأياد مسلمة يفوق بكثير عدد الموتى من المسلمين المقتولين بأياد غربية. - يقاتل الإسلام المقاتل في ولاية وزيرستان حتّى خلتها بلدا معاديا لباكستان و أرضهم مستباحة للطيران الأمريكي. - يقاتل الإسلام المقاتل في فلسطين حيث يتقاتل الحمساوي و الفتحاوي و العدوّ يتفرّج و الاثنان ينفّذان سياسته أحسن منه و في المقابل حصيلة مخجلة لقتال العدو الصهيوني المحتل تتمثّل في احتجاز حماس لجندي إسرائيلي واحد في حين أنّ اثنا عشر ألف أسير فلسطيني يقبعون في سجون العدو. - يقاتل الإسلام المقاتل في الصومال حيث يتسابق القاتل المسلم و الجوع على الإجهاز على ما تبقّى من آدميّة الصومالي. - يقاتل الإسلام المقاتل في أمريكا و اسبانيا و بريطانيا و آخرا و ليس أخيرا في الهند حيث يقتل المئات و الآلاف من المدنيين الأبرياء من مسلمين و غير مسلمين و لا يجلب هذا القتال للمسلمين إلا الكره و الاحتقار و يشوّه الإسلام تشويها لم يقدر على فعله أعداءه على مرّ 14 قرن. أعود أخيرا للسؤال الثالث في العنوان: لماذا يقاتل الإسلام المقاتل ؟ و أطرح الفرضيّات التالية: - إذا كان يقاتل من أجل نشر الإسلام في بلدان إسلامية فعليه أن يدفع السيّئة بالحسنة. - إذا كان يقاتل من أجل نشر الإسلام في بلدان غير إسلامية فأكبر عدد من المسلمين اليوم موجود في اندونيسيا و ماليزيا و الصين و أوروبّا و أمريكا الشماليّة و الجنوبيّة حيث دخل الإسلام و تربّع بالكلمة الطيّبة و الدعوى بالّتي هي أحسن و لم يدخل بالعنف. - إذا كان يقاتل أعداء المسلمين فهم واضحون في فلسطين و العراق و أفغانستان, هم المحتلّون الذين يلبسون الزى العسكري. فما ذنب الآخرين إذا من مواطنين مدنيين مسلمين و غير مسلمين ؟ بعد هذا المسح غير الشامل لـ"بطولات" الإسلام المقاتل, أعتذر لبعض الإسلاميين المناضلين الشرفاء حتى و لو كنت أختلف معهم في الرأي والوسيلة و أقصد الأبطال اللبنانيين و غيرهم الذين دافعوا عن بلادهم ضد ثلاثة جيوش معتدية, الأمريكي و الفرنسي و الإسرائيلي و أجبروهم على الهروب بجلدهم. أحترمهم و أقف إجلالا لتضحيتهم لأنّهم حدّدوا عدوّهم العسكري و ضربوه في الصميم في بيروت و الجنوب و العراق و فلسطين و أفغانستان. خلاصة القول: المسلم إنسان و مواطن عادي ككل مواطني العالم يسالم من سالمه و يعادي من عاداه و لا يحتاج إلى التضحية بالروح و الدم ضد مسلمين مثله أو ضد مدنيين أبرياء غير مسلمين لم يحاربوه. كفانا إزهاقا للأرواح و سفكا للدماء دون قضية. يحتاج المواطن المسلم كغيره من غير المسلمين إلى محيط يتوفّر فيه العمل الجماعي و العلم و السلم و الديمقراطيّة و يتوفر فيه قطاع عام و خاص يخصص ميزانيّات ضخمة للبحث العلمي. سوء تدبيرنا و تناحرنا أجبر الآلاف من علمائنا على الهجرة - حفاظا على ذكائهم و علمهم من تلوّث جهلنا و تخلّفنا و عصبيّتنا القوميّة و الدينيّة المتطرّفة و حروبنا العبثيّة - إلى فضاء الحريّة و الخلق و الخصوبة العلميّة لا البيولوجية, إلى الفضاء المتوفّر ّفي بلاد غير المسلمين أين أبدع الحائز على جائزة نوبل العالم أحمد زويل الأمريكي-المصري و اخترع مجهرا ذو أربعة أبعاد يستطيع رصد جزيئات الذرّة في زمن لا يتجاوز "ثانية على مليون مليار" و يسمّى هذا الزمن القصير جدّا جدّا "فمتوثانية"** و أين أخرج مصطفى العقّاد الأمريكي-السوري الروائع مثل شريط الرسالة و شريط عمر المختار و ذهب شهيدا لتعصب إرهابي أعمى في نزل في الأردن وأين يشارك العالمان فاروق الباز الأمريكي-المصري و محمد الأوسط ألعياري الأمريكي - التونسي في صنع المركبات الفضائيّة الأمريكيّة. فالعائق إذا ليس الدّين في حد ذاته بل فهمنا للدّين الذي يتمثّل في التفسير و التأويل الإنسانيان الخاضعان للخطأ و الصّواب وفق المنهج العلمي الّذي تحدّثت عنه في مقال سابق و هذان التفسير و التأويل ليس حكرا على رجال الدّين بل يجب أن يخرجا عن سلطتهم و يتولاّه معهم العلماء من جميع الاختصاصات مثل علماء الألسنيّة و علماء الأنتروبولوجيا و علماء النفس و الاجتماع و علماء التربية و علماء الحياة و الفيزياء و الكيمياء و غيرهم و لا نترك "رجل الدين" هذا الموظف الدخيل على الحضارة الإسلامية يفتي في أمور دنيانا كما يشاء دون رقيب و لا حسيب و أقصّ عليكم طرفة معبّرة في هذا المجال رواها الأستاذ القرضاوي - وشهد شاهد من أهلها - في برنامجه بقناة الجزيرة: " كنّا مجمع علماء الدين في ندوة علميّة حول "التخصيب الطبي للإنجاب عند النساء" و كان المحاضر يتكلّم عن بويضة المرأة (وهي خليّة واحدة لا يتجاوز قطرها تقريبا عشر واحد من مم) فهمس "عالم دين" في القاعة قائلا لزميله: هل المرأة أصبحت تبيض أيضا". أمضي مقالي كالعادة بجملتين مفيدتين: "أنا أكتب – لا لإقناعكم بالبراهين أو الوقائع – بل بكل تواضع لأعرض عليكم وجهة نظر أخرى"..."على كل مقال سيّئ نردّ بمقال جيّد لا بالعنف لا المادي و لا اللفظي". **Une femtoseconde vaut 10-15 secondes. Une femtoseconde (fs) est pour une seconde ce qu’est l’épaisseur de la lettre « I » sur ce papier par rapport à la distance terre-soleil (150 millions de km). (Internet).
#محمد_كشكار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تبسيط المفاهيم العلمية قد يجر التلميذ إلى الخطأ.
-
هل يستطيع التلميذ بناء معرفة علميّة جديدة فوق معرفته غير الع
...
-
التصوّرات غير العلمية لا تزول بسهولة.
-
حذار من مرض السكر(Diabète) .
-
-جمنة- الخمسينات تعطي درسا في التربية الحديثة: التربية البنا
...
-
التربية الصحية بين المطلوب و الممكن.
-
خواطر في التعليم بلغة لو...
-
هل يوجد لدى الطفل مستويان من النموّ الذهنيّ ؟
-
يبدو أنّ مهنة الأستاذ المباشر في القسم في طريق الانقراض !
-
-جمنة- الستينات تعطي درسا في الطب النفسي الحديث: -الساسي بن
...
-
جمنة- الستينات تعطي درسا في التنمية المستديمة: النظام الغذائ
...
-
نساء مناضلات في -جمنة- الستينات
-
إرهابنا و إرهابهم؟
-
ماذا جنيت بعد ثلاث عشرة سنة تعليم عالي؟
-
نقد بسيط للديمقراطية الغربية
-
وجهة نظر في الجانب الدنيويّ من خطبة الجمعة
-
و شهد شاهد من أهلها.
-
تجربة اليابان مع الاحتلال الأمريكي.
-
القائد المهيب صدام حسين.
-
العلم و الدين. المواطن العالمي
المزيد.....
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار
...
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|