أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نزار حمود - حتى نغير ما بأنفسنا














المزيد.....

حتى نغير ما بأنفسنا


نزار حمود
أستاذ جامعي وكاتب

(Nezar Hammoud)


الحوار المتمدن-العدد: 2952 - 2010 / 3 / 22 - 08:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أمضيت عمري وأنا أدافع عن رجل الشارع العربي قولا ً وفعلا ً على قدر المستطاع. فإذا ظهرت في العمل مشــكلة ٌ ما تتعلق بموظف ٍحكومي صغير سرق من المال العام أنحيت باللائمة على ظروف عمله القاسـية التي دفعته للسرقة والاختلاس. فالراتب الضئيل المتلاشي أمام حاجات الأسرة من طبابة و تعليم وملبس لائق إلخ... هي ولابد السبب في هذا المسلك الذي يجب أن يكون مدانا ً من قبل الجميع لولا الوضع العام الشــاذ... وقد قال في ذلك الصحابي المعروف أبو ذر الغفاري "عجبت ُ لمن لايجد قوت يومه كيف لايخرج على الناس شاهرا ً سيفه". وبالتالي فإن المذنب في ذلك، بالنسبة لي طبعا ً، هو المسؤول الحكومي الكبير وليس هذا اللص الظريف الصغير. وإذا تملق المقاولُ المسؤولين َ المعنيين للحصول على عقد عمل أو صفقة ما، قـلت ُ إن الجو العام هو المسؤول عن ذلك... وإن هذا المقاول مضطر ٌ لهذا المسلك الأعوج كي يجد سبيلا ً للرزق الذي عز على الجميع في بلاد العرب دون التزلف لفلان أو رشوة فلان. وإذا انطوى هذا المواطن الأشوس على نفسه وفقد الثقة بكل شيء وبكل الناس وسلم أمره وقدره لزعماء القبيلة والعشيرة والطائفة كي يـُحصِّـلوا له حقوقه الضائعة في زمن أشباه الدول العربية التي يغيب فيها القانون والدستور إلا برضاه هو ولاأحد غـيره... الحاكم بأمر الله، قلت إن هذا هو رد الفعل الطبيعي على هذا الوضع وأن الطائفية فينا ليست مرضا ً عصيا ً على العلاج بل عرض ٌ من أعراض المرض الأساسي المتمثل بغياب مفهوم الدولة المعاصرة المؤسساتية التي تحفظ فيها حقوق المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والمذهبية والعرقية. وإذا خاف هذا الرجل العربي الصغير من الحديث في السياســة وأخبار أهل القرار والحكم في وطنــــه وهو في بلاد تبعد عن هذا الوطن آلاف السنين الضوئية قـلت إن هذا الوضع الشاذ بات طبيعيا ً في بلاد يحتاج المرء بها لأن يكون بطلا ً مغوارا ً وفارسا ً لايشق له غـبار كي يقول كلمة حق واحــدة في وجه حاكم ظالـــم. كل هذا، كان ومازال صحيحا ً للغايــة ومازلت متمســكا ً به وبحذافيره الصغيرة والكبيرة ربما. إلا أن وصولي إلى كندا ومعاينة أحوال هذا الرجل العربي هنا، وضمير المذكر دوما ً يشمل المذكر والمؤنث معا ً طبعا ً، جعلني أفتح عيني على السذاجـــة والطوباويـــة التي كنت أعـاني منها.
ترى.. كيف نفســـر التكتلات الطائفية في بلاد المغترب التي لجأ إليها المهاجر العربي علما ً بأنه هرب من بلاد المنشــأ بعد معاناته الشديدة من ويلات هذه الطائفية على صعيد الأمن الفيزيائي الشخصي والنفسي وسواه؟ كيف نفسر ذلك بعد أن أصبح عالما ً داريا ً مدافعا ً عن حقوقه كأقلية عرقية أو دينية في دول المؤسسات والعدالة، النسبية طبعا ً، التي لجأ إليها؟ كيف نفسر الممانعة الشديدة التي يبديها هذا المواطن لفكرة القوانين وتطبيقها على نفسه وأسرته علما ً بأنه عانى الأمرين من فكرة غياب القوانين في بلاد المنشأ التي هرب منها؟ كيف يعي عقل هذا المهاجر العربي فكرة حقوق الإنسان واستنكار العنصرية ويبقى في نفس الوقت متمسكا ً بعنصريته هو اتجاه أقرب الناس إليه عل سطح الكرة الأرضية وأعني بذلك أبناء جلدتـــه من الأديان والطوائف الأخرى؟ لابل بل أسوق هنا مثالا ً أدهى وأصعب... كيف يستطيع هذا المهاجر العربي نقل كل هذا التراث السلبي الذي يحمله معه إلى أبناءه الدارسين والدارسات في مدارس بلاد المهجر والمتعلمين فيها أصول العيش المشترك واحترام الآخر؟ وهنا طبعا ً نراه يسعى بكل قواه لإدخال أولاده الدارسين في المدراس العامة العلمانية التي تعلم العيش المشترك واحترام كل الأديان... إلى مدارس التعليم الديني في الكنائس والجوامـــع كي لايفوت الجيل الجديد أي تفصيل من تفاصيل الاختلاف عن الآخر والاستعداد للانفصال عنه!
هل يعقل ونحن في كندا...التي نستطيع بها الاحتجاج والتأثير على سياســة الحكومة وممارساتها، طبعا ً عبر لغة الانتخاب والتصويت، أن نجد من مازال يدافع عن الحاكم العراقي المخلوع صدام حسين الذي كان السبب الأول والأخير في دمار العراق. وأقول هنا إنه كان السبب في دمار العراق من خلال تدمير نفسية المواطن العراقي وتحويلـــه بكل نجاح إلى كائن بشري لاإجتماعي يخاف الجميع ويريد الخلاص الفردي فقط ليس إلا. طبعا ً، كلامي هذا لايعني بأي شـكل ٍ من الأشكال أني مع التدخل العسكري الأجنبي ومحاولة فرض الديمقراطية بقوة السلاح (!). كيف نفسر أن هذا المهاجــر العربي مازال قابلا ً لمجرد فكرة وجود وتطبيق قوانين الطوارئ في بعض البلاد العربية منذ عشرات السنين . . . هذه القوانين التي تتيح للحاكـــم بأمر الله التصرف على هواه بمصائر وأقدار المواطنين دون حسيب أو رقيب؟ ترى لو أتيح لهذا المواطن المغترب المهاجر لبلاد الله الواســـعة أن يعود ويمارس الحكم في بلده الأصلي، هل سيكون إلا نسخة ًممن كان السبب باغترابه؟
لابد وأن هنالك شيء ما آخر غير الظروف الوضعية القاسية التي كان يعيشها هذا المواطن العربي العجيب في بلاد العـُرب ِ أوطاني. لابد وأن هذا الإشكال أعمق وأكبر من ذلك... إنه، برأيي المتواضع، إشكال ٌ ثقافي ٌ عميق ٌ للغاية يجد جذوره في عمق التراث العربي الإسلامي والمسيحي وربما الإسلامي أكثر بقليل لأسباب وضعية عديدة لامجال للخوض فيها في هذه العجالة. لابد لنا من الحرية كي نفهم كيف ولماذا ومتى... لابد من هذه الحرية وعلى كل الأصعدة كي نعرف درب الخلاص... لابد من الدفاع عن كل من يكتب بحرية ويبحث بحرية ويعمل بحرية. لقد ولى زمن الانقلابات العسكرية التي أثبتت فشلها الذريع في تحويل وتطوير المجتمع على الرغم من شعاراتها البراقـــة... الغاية لاتبرر الوسيلة والتغيير لابد وأن يأتي من القاعدة العريضة كي يفوز بنعمة الديمومة. وهنا ... أجدني مجبرا ً على التفاؤل... فإذا كانت هذه المقدمات صحيحة ... يكون لكل منا دور ٌ هام ومحوري في إحداث التغيير... ويكون لما أكتب أنا ويكتب هو وتكتب هي أثرٌ في هذا التغيير ... وإن غدا ً لناظره قريب!



#نزار_حمود (هاشتاغ)       Nezar_Hammoud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صديقي خليل
- ما لقيصر لقيصر ... ومالسليم لسليم
- الأستاذ سليم زبال
- رسالة إلى المواطن اللبناني العنيد
- والله زمن يا سلاحي !
- النار هذه المرة
- علهم في آخر الأمر يعرفون
- أغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون
- مصر يامّه يا بهية
- العرب أذكياء بالمفرق وأغبياء بالجملة
- الأنا الأعلى
- حدود الفيزياء
- غزة حتما
- الأحزاب والحزب
- إنهم عنصريون ... أليس كذلك ؟
- الذاكرة
- أنا مش كافر
- التدين البديل
- إذا لم تستح فاصنع ماشئت
- دبي... نهاية مدن الملح؟


المزيد.....




- أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج ...
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نزار حمود - حتى نغير ما بأنفسنا