ئاشتي
الحوار المتمدن-العدد: 2947 - 2010 / 3 / 17 - 22:27
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
تحاول ُأن تنزع َعن روحك،ثقل سنوات اكتظ فيها الحزن حد الرقبة،فتضيع كل محاولاتك على عتبة ذاكرة التاريخ الصارخة،وتتسعُ في روحك شطأن الوجع المر،فتشكمُ راحلتك عند أكثر المواجع حرارة،تلك التي ينحني فيها رجل كهل على أبنته،أو عند غرفة ينام بها سبعة أشخاص بأجساد باردة،مثل برودة أعصاب مجرم يلقي بغاز الخردل،كي يقتل بحقده كل جزئية من الحياة،في مدينة لا زالت صرختها تصم إذن التاريخ،تسمى حلبچة.
تحاول ُ أن تنزع َ عن روحك ثقل هذه السنوات،ولكنَّ الصرخة أكبر من محاولتك،فتستعيد كل التفاصيل،تلك التي اعشوشبت في ذاكرتك،وتمازجت بعروق الحزن في روحك،
الزمان..... عصر السابع عشر من آذار
المكان..... كَلي زيوه
وسيلة الاتصال.... جهاز المورس وشفرة لا سلكية، ومساءً ....إذاعة صوت الشعب العراقي.
العنوان... كارثة بشرية...جريمة ترتكب في مدينة حلبچة،ضحيتها خمسة الآف إنسان.
ويبدو أن العالم كان به وقر لحظتها،لهذا لم يسمع صرخات الضحايا،ولم يسمع صمت الموت الذي انتشر ضجيجه في كل الوديان،وفي الشوارع،ومنحنيات الطرق الجبلية،وكل بيوت حلبچه،مزارعها،عيون الماء فيها،ومرابط حيواناتها،كان الموت هو الحاضر فقط في هذه المدينة،والعالم المتحضر يغرق في الصخب والرقص،عالم الكذب والزيف،ذلك الذي يمثله رامسفيلد،وهو يوقع عقود بيع الغاز السام لنظام الجريمة،ينفض ُأطراف أردانه عن كينونتها،وهو لا يدري أن للمدينة ذاكرة تصرخ بوجه التاريخ،مادامت الضحايا هي التي تسجل مفردات هذا التاريخ.
تحاول ُ أن تنزع َعن روحك ثقل تلك السنوات،مرارتها،أحزانها،فلم يحالفك الحزن في ذلك،مادامت للأماكن التي عشتها،والأماكن التي عاشت فيك،ذاكرة من نور،لا تختفي هي ولا أنت قادر على تجاوزها،ومن هذه الأماكن حلبچة،تلك المدينة التي لها ذاكرة من نور،ولكنها ذاكرة صارخة بوجه التاريخ،مثلما هي صارخة بوجوه الجلادين.
*نشرت هذه المادة في جريدة(طريق الشعب)يوم 17 آذار 2010
#ئاشتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟