ئاشتي
الحوار المتمدن-العدد: 2946 - 2010 / 3 / 16 - 13:19
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
قد تبدو كلمات الرثاء بلا معنى،حين تفقد طعم حلاوة الذكريات،وهل يربط الراحل بمن بقى غير هذه الذكريات؟لهذا كان من الصعب عليَّ أن أُلبي دعوة الرفيق والصديق أبو الياس
بالذهاب إلى المطار،لغرض توديع عطا،حين قرر له الأطباء أن يموت في وطنه،اعتذرت عن الذهاب إلى المطار لأنني لا أستطيع أن أرى عطا منكسرا أمام جبروت الموت،وأنا الذي قرأ وسمع الكثير عن أبيه،حين أعتلى المشنقة،مودعا بكل شجاعة الشيوعي أهل مدينة الحي،مكررا لثلاث مرات،أودعكم يا أبناء مدينتي،فهل كنت أقوى على توديع عطا،وهو العارف بموته القريب؟كنت لا أرغب أن أودع الذكريات مع عطا،تلك التي تمتد لأكثر من ستة عشر عاما،يوم ألتقيته مع طفليه آنذاك حياة ومكسيم عند محطة قطارBrøndby Strand ،يتكلم معهم بخليط من العربية والروسية،ميزت اللهجة العراقية في كلامه،فسألته الأخ عراقي؟ أجابني وقد شاهد عددا من جريدة(طريق الشعب)كنت أحملها :
- أي عراقي ومن الربع( كانت الراء مكسورة) وقبل أن يترك لي مجالا لسؤال أخر أتعرف فيه على شخصيته قدم لي نفسه بكامل أسمه ،انه عطا أبن علي الشيخ حمود،عانقته بكل الحب الذي يحمله الشيوعيون العراقيون لأبيه ولرفيق أبيه عطا الدباس.وقلت له مسرورا:
- يعني أنت اللي طلب أبوك يسمونك عطا على أسم الشهيد عطا الدباس؟ أجابني وهو يضحك،
- شنو ما تارس عينك؟ عندها تهشمت كل خطوط الحواجز بييننا،حتى حين نختلف لم ننقطع عن بعض،كنت أحس بكل طيبة ابن الجنوب،لا يتوانى عن مساعدة تـُطلب منه، كل أحاديثه يطعمها بمزحة،كي تكون مستساغة،وطيبته هلامية الحدود،أحيانا يجعل لجبل الصعوبات وزن ريشة،وأحيانا يعكس الأمر تماما.
رحل عطا عنا جسدا ً،ولكن الذكريات معه لم ترحل،فمازال طعمها تفوح به الأماكن التي أرتادها والتي عاش فيها،مثلما هي في أرواحنا تلك الطيبة التي كانت تفيض بها روحه.
#ئاشتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟