|
أشباح..و-أشباح موظفون-!!
زهير الفارسي
الحوار المتمدن-العدد: 2933 - 2010 / 3 / 3 - 18:58
المحور:
كتابات ساخرة
منذ صغر سني وأنا أسمع الناس من حولي يتحدثون عن وجود الأشباح وما شابه ذلك من الكائنات الخفية والأرواح الشريرة. ولا أخفي أنني كنت أخاف من الأماكن المظلمة وأتجنب ولوجها، باعتبارها لباسا معتما وساترا للأشباح كما قيل لي. ولما كبرت وبدأت أتعقل الأشياء والموجودات من حولي، ولم يعد عقلي يسعفني في تقبل الحقائق والاستيهامات المكونة للمخيال الجماعي دونما تمحيص أو اختبار. كان أول شيء دفعني الى الشك في حقيقة وجود الأشباح واعتبارها مجرد خرافة هو عدم رؤيتي لها، إضافة إلى هذا، لاأحد من معارفي ممن يعتقدون في وجود الأشباح، أكد لي روؤيته لشبح ما وأن كل ما هنالك هو سماعهم بوقوع حادثة ما لشخص آخرلا أكثر. ولأنني عنيد، عناد هذا التخلف العربي، وهذا حسب شهادة المقربين مني، حاولت النزول إلى الميدان والقيام ببحث ميداني في الأمالكن القفار والمروج والأودية، حيث يرجح تواجد الاشباح، لكن ولخيبتي لم أجد ولوشبحا صغيرا، كتعويض عن تعبي وشقائي .
ومن حينها وضعت فكرة وجود الأشباح في سلة المهملات "الفكرية" إلى ان حدث أمرجعلني أعيد النظر في "الأشباح" .وكان ذلك يوم أخبرني صديق لي في العمل، بعودة أحد الزملاء، كان قد شاع خبر مغادرته والالتحاق بالوظيفة العمومية، ليستأنف من جديد مهامه كلاعق لعاب المدير، داخل الشركة فعاجلته بالقول كيف له أن يترك منصبا بأجر مجز وتقاعد مريح ليعود للعمل في منصب ليست بخافية عليه عيوبه؟، ثم استطردت قائلا أم أنه طرد لعدم كفاءته؟. فأجابني مقاطعا بأنه يشغل الوظيفتين في نفس الآن ويتقاضى عند نهاية كل شهر أجرتين. ولما رأى علامات الدهشة والحيرة بادية على وجهي ، ولكي لا أتهمه باستغباءي، قال لي بأنه "موظف شبح". مباشرة بعد هذا الحوار، أبحرت في الأنترنيت للتأكد من وجود هكذا كائنات، فوجدت أن هذه الكائنات موجودة فعلا وفي كل القطاعات الحكومية.
ولأن هذا الشخص قميئ ويناصبني العداء وأنا لا أنظر اليه إلا كأحد الزواحف الناطقة، وما أكثرها، توجست خيفة من ان يصيبني مكروه منه. صرت أضع تميمة في جيبي، كانت قد أهدتنيها والدتي وقالت لي بأنها من مادة نادرة، وقادرة على صد أي ضرر قد يأتي من "الأرواح الشريرة"، ولا أخفي أنني كنت قد قبلتها منهاحينئذ فقط إكراما لها، واعتبرتها هدية للذكرى لا أكثر. ومن حينها وأنا أحرص على وجود هذه التميمة في جيبي كلما هممت بالخروج من البيت قصد التوجه للعمل، لأنها هي الوحيدة القادرة على رد السوء عني وحمايتي في صحتي ومالي. ولتحصين نفسي أكثرأنتوي، أيها السادة ، مطالعة بعض الكتب الصفراء اقتنيتها مؤخرا وهذه بعض عناوينها "الصارم البتار لمحاربة الجن والأشباح الأشرار" و"سحر الكهان في حضور الجان".. وأرجو أن لا تمطروني بابتسامات الاستهزء والتفكه على ما أعتزم فعله،لأنه كما تعلمون ياسادة فالخرافة وليدة العجز، وأنا عاجز. وإذاحدث ونسيت تميمتي وتناولت الطعام في العمل ولم أحس بالشبع أو إذا ضاعت مني بعض النقود أولم أذكر فيم صرفتها، لايسارني شك في أنه هو من التهم قوتي أو سرق مني مالي دون أن أحس بذلك. كيف لا أشك في هذا" الشبح"؟ وهو وباقي أشباهه، في جميع القطاعات الحكومية، يسرقون عند نهاية كل شهر مزانيات محترمة من أموال الدولة والتي هي، أساسا، من عرق وكدح الفقراء. .. وهم جشعون لدرجة أن منهم إذا لم يسطع سرقة أجرة وظيفة يمكنه يسرق بعض الخدمات، وآخر مثال قرأته في هذا الباب خبرا في جريدة صدرت الأسبوع الفارط يتحدث عن اكتشاف 20 شخصا يستفيدون من خدمة الهاتف النقال تدفع فاتورتها من ميزانية البرلمان، وهم لايشتغلون بهذه المؤسسة.
والخطير في الأمر أن هذه الدولة غير قادرة على صد هؤلاء "الأشباح"رغم توفرها على أجهزة قمعية متعددة ومتنوعة. فحتى أجهزة المخابرات غير قادرة على رصدهم واستشعار وجودهم، وهي المعروفة بقدرتها على عد أنفاس المواطنين. أضف الى هذا أن هناك وزارة خاصة بالشأن الديني ويخضع لسلطتها جيش عرمرم من رجال الدين والفقهاء، لم تقدر على مواجهة مصاص الدماء، هذا الذي يسمى "الموظفون الأشباح" على الأقل بأدعية ما . أحيانا لا أدري لم أعتقد بأن هذا الكائن "الشبح" هو صنيعة الدولة وهي من خلقته لسبب ما؟..ربما لأن هذا "الشبح" قوي بشكل يوازي قوة الدولة ولأنه لصيق بأجهزتها فقط.
#زهير_الفارسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شكرا!، وطاب يومك /قصة قصيرة
-
في الحاجة لجعل القراءة حاجة فردية
-
حدث في الشاطئ
-
العنف المدرسي...و أي دور للأستاذ
-
الإشهار..أو الرشوة “النظيفة”
-
ماهي الهوية بالنسبة إلي؟ !!
-
يوم بدون حاكم عربي!!
-
الأعياد الدينية..من الطابع الديني إلى الإحتفالي
-
أمريكا تقدم يد العون..والخلاص أيضا!!!
-
المال مقابل لقب من درجة حكيم
المزيد.....
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|