|
العلم العراقي وعلاقته بقتل المسيحيين
زيد ميشو
الحوار المتمدن-العدد: 2931 - 2010 / 3 / 1 - 18:49
المحور:
حقوق الانسان
في كل مرة تسرّب فيها إشاعة مضخمة لحدث بالغالب له آثار سلبية على المجتمع ، يقال بأن هناك مخطط سينفذ بينما الشعب يلهوا في تلك الإشاعة . في قصة العلم العراقي والإقرار النهائي لتصميم يفوز برضى كل أطياف الشعب الجريح ، وبالنظر لأهميته الكبرى فهو رمز لكل عراقي أصيل في أرض الوطن ومهجره ، لعبت الحكومة الحالية والتي ستودع منصابها قريباً عسى أن لاتعود بحلة جديدة بإسلوب معهود لايتغير ، دوراً سلبياً ببقاء علم لايليق بتمثيل كل العراقيين . والخبر منقول بتصرّف ، فقد كان يوم الأربعاء 23 يناير 2008 والذي به أعلن عن تبنى البرلمان العراقي تغييراً جديدا قديماً للعلم العراقي ، كحل مؤقت ، بعد أن رفضت الحكومة الكردية في شمال العراق رفع العلم القديم في مناطق سيادتهم ، بالرغم من طلب رئيس الوزراء نوري المالكي بأن يرفع العلم في كل شبر من أرض العراق ، إذ قد تصوّر بأن كلمته ستكون مرحب بها عند الجميع . وجاء رفض الأكراد بحجة تذكيرهم بوحشية حكم صدام حسين ويرتبط في أذهانهم بحملة الأنفال ضدهم والتي شهدت قتل وتشريد واختفاء عشرات الآلاف منهم . فما كان من برلماننا المبارك إلا الرضوخ لمطالب الإقليم ( وهذا إجراء صحيح ومحترم ولاغبار عليه وحسنة تسجل بتاريخهم ) فقاموا بفبركة صغيرة وغيروا شكل العلم ، بعد أن رفعت النجوم الخضراء في الوسط والتي يعتقد أنها تمثل الوحدة والحرية والاشتراكية ، شعار حزب البعث المحظور الذي كان يتزعمه صدام . إلا إنهم أبقوا ( وهذه بقعة سوداء بتاريخهم ) على عبارة " الله أكبر" التي اضيفت إلى العلم خلال حرب الخليج عام 1991 وغيرت بشكل غير رسمي عام 2004 باستخدام الخط الكوفي بدلا من خط يد صدام ، فبقي صدام فيما بين الحروف بارزاً أكثر حتى لفظ الجلالة نفسه . أعترض الإخوة الأكراد أيضاً وطالبوه بتغيير لون الله وأكبر إلى اللون الأصفر الذي يمثلهم ، فعلّق طلبهم إلى إشعارٍ آخر ، بحجة إن اللون الأصفر لايمكن قراءته ( حجة برلمانية ذكية ) . أصبح لنا علماً جديداً يتغير بحسب مزاج الحاكم بأمر الشيطان ، وهذه المرة مجموعة حكام ، بعد أن وعدوا بأن شكل العلم الحالي ( أحمر وأسود وأبيض في الوسط مع الله وأكبر ) هو إتفاق مؤقت ولمدة سنة ، فقلنا " كذب البرلمانيون وإن صدقوا " ، فقد مرت سنة ودارت أخرى وملف العلم في سبات يكسوه الغبار . أما من لم يعترض من الشعب على هذا القرار ، فكما يقول المثل ( الشايف الموت يرضى بالصخونة ) ، إذ قبل فترة من إقرار العلم المؤقت صعدت حمم الشعب وكان على وشك الإنفجار ، ونص الخبر ( أقر مجلس الحكم الانتقالي في العراق علما جديدا بدلا من العلم القديم . ويتضمن العلم خلفية بيضاء يتوسطها هلال تعبير قيل إنه يرمز إلى الإسلام ، وخطين أزرقين في أسفله يرمزان لنهري دجلة والفرات ، يتوسطهما خط أصفر اللون ، يرمز للأكراد . كما أقر المجلس تغيير شعار الجمهورية العراقية ، فبدلا من النسر المعروف ، الذي كان يمثل شعار العراق ، عاد مجلس الحكم الانتقالي إلى شعار الجمهورية العراقية ، التي أعقبت الإطاحة بالملكية على يد عبد الكريم قاسم عام 1958 . وقد أثار العلم العراقي الجديد ردود أفعال غاضبة لدى العراقيين . فقد عده الكثير منهم علما لا يمثل العراق . في حين رفض كثيرون استبدال العلم العراقي القديم الذي يحمل لفظ الجلالة " الله أكبر" بالعلم الجديد ، الذي خلا من هذه العبارة ) ، أنتهى الإقتباس ، وكانت النتيجة من بعدها موافقة الشعب المسكين خوفاً من ماهو أعظم ، بعد أن فقد ثقته بالبرلمان ذو الغالبية التبعية . وهذه التخطيط إستلهم من فكرة الإشاعة ، إذ لم يكن القصد من العلم المقترح من قبل الحكومة الإنتقالية هو بديل للعلم السابق ، بل لقبوله . ويعود تاريخ العلم العراقي ذو الألوان الثلاثة ، الأحمر والأبيض والأسود وبثلاثة نجوم خضراء في الوسط الأبيض إلى عام 1963 عندما إحتل البعث دولة العراق وأستلم مقاليد الحكم ، أثر إنقلاب بحكومة عبد الكريم قاسم ، وكتبت عبارة «الله اكبر» بين النجوم بخط يد قائد النصر المهزوم قبيل اندلاع حرب الخليج الثانية عام 1991 . والسؤال الذي يطرح نفسه ، هل ممكن لحزب البعث أن يختار علماً يحمل رموز تمثل كل أطياف الشعب العراقي ؟ فالمعروف بأن ألوان العلم هي نفسها علم الثورة العربية ، وبحسب وكيبيديا > . علماً بان اللون الأحمر يمثل القومية العربية ، ولاأعرف مالسبب الذي يرمز به لون الدم إلى قومية ما ؟ . وهذا يعني بأن البعثيين تبنوا العلم العربي الذي يرمز للأسلام مع تبديل رمز اللون الأحمر ، ليصبح وكأنه يرمز إلى المجازر الذي تقترف بحق الشعب العراقي الأصيل وتحديداً المسيحيين . بعد حرب الخليج الأولى ، إستضافني صديق أردني في بيته لعدة أيام ، وكانت الأسئلة متبادلة حول تلك الحرب الضروس ، ومن جهتي سألته عن لفظ الجلالة الذي إلتصق بالعلم العراقي ، فأخبرني ماتفاجأت به حينذاك إذ قال " عند دخول صدام إلى الكويت خرجت مظاهرات لعنت أبو إللي جاب صدام ، وأتهمته بالعمالة لأميركا وإسرائيل ، وبعد ان خط بيده عبارة ألله وأكبر خرجت مظاهرات تأييد لصدام حسين وبجّلته وعظّمته >> ، وااله وأكبر منكم ياعرب . ولايخفي على الجميع ، فإن تعبير الله وأكبر يأتي في الغالب حماسي ، وطالما إستخدم للبدأ في المعارك الإسلامية ، وقتال الغير مسلمين . وبين الأمس واليوم لاتغيير يسجل في القضايا المتعلقة بالدين ، لذا فقد فهم الكثير من الإسلامويين عبارة الله وأكبر على إنه دعوة للجهاد وقتل وتهجير الغير مسلمين من أرضهم ، وما شجعهم على ذلك هو إقرار البرلمان بذلك العلم . وهاهم الشعب العراقي الأصلي يقضي نهاره وليله مذعوراً من بغتة حاقد ، فالسيف مسلط على رقابهم لايعرفون متى يفصل رأسهم عن جسدهم وتحت أي راية ؟ راية الله وأكبر الموجودة في العلم العراقي الحالي والذي هو إمتداد لحقبة زمنية لعينة دمُّر فيها بلد الحضارات ، ومازال طور التدمير بدل أن نقول طور البناء . فهل ستكون حكومتنا الجديدة كسابقتها إمتداداً آخراً لحكومة البعث كما العلم ؟ في مقابلة أجريتها مع الفنان عامر حنا فتوحي حول رأيه بالعلم العراقي ، طرح سؤالاً مهماً ، إخترته لأختم هذا المقال وأبعثه بدوري للبرلمان الحالي الذي أتمنى أن أودعه ( بكسر الفخار ) ، والبرلمان القادم عسى أن يبدأ عمله بإختيار علم يمثّل كل العراقيين لا جزءً منهم ، هذا إذا كان برلماناً عراقياً . حيث قال : وهنا يهمني أن أتوجه بسؤال بريء إلى السادة البرلمانيين (حفظهم ألله) والسيد مسعود البرزاني المحترم رئيس (ما يسمى) بإقليم كوردستان العراق : هل (حرام) يا سيادة رئيس الإقليم رفع راية ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من الأخوة الكورد في مجزرة الأنفال ، ولكن (حلال) رفع راية (ألله أكبر) التي ذهب ضحيتها عشرة ملايين من سكان العراق الأصليين وعشرات الملايين في شتى أرجاء المعمورة . طرح السؤال قبل سنتين وما من مجيب ، وأعيده نشره الآن عسى أن يخرج لنا من يجيب .
#زيد_ميشو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحن كنّا ، وماذا عن الآن ؟
-
سمير إسطيفو شبيلا - يدي بيدك من أجل شعبنا المضطهد
-
رأيي شخصي - الكتابة بإسم مستعار
-
لاس فيغاس عراقي ، كفيل بتقويمه
-
زماننا وزمانكم
-
تعال يا حمار . . ميخالف - روح يا حمار . . ميخالف تعال ( أركب
...
-
حتى آدم وحواء شتمهم حرام !!
-
إسمحوا لي أن أشتم - حلقة أخرة من سلسلة تنفيس
-
بدل أن نطلق صفاة لإله واحد ، فليكن لنا أسماء لعدة آلهة
-
وهناك أنواع أخرى من التنفيس وأنا لاأعرف
-
الاديان والقوميات حافظت عليها البشريه .. ليس حبا بها بل كرها
...
-
يوم الحرية الكوني
-
الصحافة القندرية مكلفة مادياً
-
أبوك يال H1N1 لحكتنة حتى عالسلام
-
إلى لجنة إعادة صياغة دستور العراق .. إحذروا التقليد
-
إلى أهالي الناصرية الطيبين ، لكم كل الحب
-
المجلس الشعبي الطويل الإسم يسعى لتمثيلنا !!
-
وأنا أيضاً أقترح تسمية لشعبنا
-
إنظر إيها المتعالي – على ظهر من تتسلق
-
إسطورة شعيط ومعيط وجرار الخيط
المزيد.....
-
آلاف من طالبي اللجوء غادروا ألمانيا طوعا بمقابل دعم مالي
-
إردوغان يعلق على مذكرة اعتقال نتانياهو من الجنائية الدولية
-
هيئة فلسطينية: إلغاء إسرائيل اعتقال المستوطنين يسهل جرائمهم
...
-
4 ملايين عائلة مهددة بالتفكك في الولايات المتحدة بسبب خطط تر
...
-
أول تعليق لإردوغان على مذكرة الجنائية الدولية لاعتقال نتانيا
...
-
الرئيس التركي اردوغان يؤكد دعمه لقرار الجنائية الدولية باعتق
...
-
كندا وكولومبيا تتعهدان باعتقال نتنياهو
-
هآرتس: نتنياهو جلب مذكرة الاعتقال على نفسه والآن يتباكى بدعو
...
-
هيئة فلسطينية: إلغاء إسرائيل اعتقال المستوطنين يسهل جرائمهم
...
-
مقتل واعتقال اكثر من 70 ارهابيا جنوب شرقي ايران
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|