|
في ماهية الخطاب الانتخابي العراقي
صادق الازرقي
الحوار المتمدن-العدد: 2930 - 2010 / 2 / 28 - 13:42
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
يفترض بالخطاب الانتخابي ـ أي خطاب انتخابي ـ ان يكون لصيقا بما رشح من مناقشات مستفيضة داخل الحزب او الكيان السياسي المعني بصفته المدنية وليس الأيدلوجية أي ان على ذلك الخطاب ان يتوافق مع الصورة الواقعية التي تظهر فيها سمات المكون من خلال علاقته بالناس وتمثيله لمصالحهم والمطالبة بتلبيتها وليس من خلال صفاته المفترضة (النظرية بمجملها) أو ايدولوجيته التي يصوغها كأهداف بعيدة التحقيق، إذ لم يعد مقبولا في الزمن الحالي أن نعد الجماهير بعموميات الأشياء كأن نقول لهم ان الحزب يسعى لتحقيق طموحات الأمة في الوحدة والتحرر مثلما كان عليه الخطاب السياسي في مدد سابقة من القرن الماضي او ان يقول حزب انه يسعى للقضاء على الطبقات ويسعى لإقامة حكم الطبقة العاملة او ينادي آخر بأن الإسلام هو الحل.. لم تعد مثل تلك الخطابات مقنعة للمواطن الذي تسحقه الأزمات المعيشية وعلينا ان نكلم الناس بلغتهم انطلاقا مما تمثله حاجاتهم في الحياة اللائقة ببني البشر . فليس معقولا ان نطالب جماهير جائعة بأن تسعى لتحقيق الوحدة والمصالحة او أي اهداف سياسية في الوقت الذي تعاني من انعدام العدالة الاجتماعية وانعدام فرص الحياة المزدهرة. لقد تناول مفكرون أوروبيون قضية انتقال الإنسان من الحياة البدائية الى مرحلة تكوين المجتمعات والدول وهم إذ يشيرون الى الايجابيات التي يحملها كلا النمطين الحياتيين فانهم يوصون بعدم التضحية بأحدهما لحساب الآخر وفي هذا الصدد يقول المفكر والسياسي الانجليزي جون لوك (توفي عام 1704 م) في تعليقه على هذا الانتقال: لا نستطيع أن نترك حالة الطبيعة من أجل حالة ربما تكون أسوأ منها. وفي رده على آراء بعض المفكرين الذين عاصروه والذين قالوا بان الانسان كان مستعدا للتضحية بحريته من أجل حماية حياته فان لوك يقول " ما يهم الإنسان هو الحديث ليس عن حياته بل عن السعادة والازدهار ... ولكن نحن لسنا مستعدين لدفع الثمن نفسه للمضي إلى الحالة السياسية .. إننا لن نغير إلى الحالة السياسية إذا لم تكن الشروط في هذه الحالة ، في الأقل ، تكون بمستوى الحالة السابقة..) . ما دفعنا الى الاستعانة بهذا الاقتباس هو ما رشح عن طريق متابعتنا للخطاب الانتخابي العراقي في هذه المرحلة والذي يوضح كثيراً من التخلف في ذلك الخطاب إذ يحاول البعض ولاسيما في بعض الكتل الكبيرة القفز على تلك الحقيقة والتضحية بحياة الأفراد من اجل اهداف سياسية وهو امر لن يخدم المواطن في شيء. واننا وبرغم مرور اكثر من ثلاثمائة عام منذ ان طرح لوك افكاره والتي تفاعل معها العقل الاوروبي ليصل الى مجتمعات تراعي حقوق الناس وتلبي حاجاتهم المعيشية في الوقت الذي تحفظ كرامتهم وحريتهم فاننا نجد لدينا وفي الأعم من مجريات الحملة الانتخابية المنطلقة في هذه الايام خطابات تقدم السياسي على الحياتي وتتطرق الى الوحدة والاتحاد و (اللحمة ـ بكسر اللام ـ) من دون ان تقول لنا كيف ستحل فيما لوجاءت الى السلطة مشكلة الكهرباء او تنقذ العاطلين من البطالة وهل انها تفلح في إزالة اكوام القمامة من الشوارع ام تتركها نهباً للرياح وللجرذان والكلاب السائبة .. لم يعلمنا أكثر الأحزاب التي تقدمت لخوض الانتخابات عن اسلوبهم في التصرف بعائدات البلد النفطية او عن الاستثمارات وإعادة الحياة الصناعية والزراعية للبلد.. واقتراناً مع ذلك نجد مرشحين يقصرون دعايتهم الانتخابية على ركن واحد من أركان الحياة كأن يقول مرشح ويكتب ذلك في لافتته الدعائية انه (صديق الرياضيين) فهل ان الرياضيين هم وحدهم اصدقاؤه؟ من الامور الاخرى التي لوحظت في الشعارات والبرامج الانتخابية هو سيادة (المزاج العصبي) في ردود المرشحين على اسئلة الناخبين التي توضحت في اثناء لقاءاتهم مع المحطات الفضائية إضافة الى محاولة (تخوين) الآخر ومحاولة التقليل من شأنه بل اتهامه في بعض الاحيان. المطلوب من المرشحين بما يمثلونه من احزاب وكيانات او افراد ان يلجأوا الى خطاب متحضر وبرامج تشخص مشكلات الناس المعيشية وتقترح الحلول لها عن طريق تفعيل البرامج الانتخابية ونشرها في وسائل الاعلام وتوضيحها والرد على الاسئلة المتعلقة بها ونرى ان على المرشحين ان يبتعد كل منهم عن محاولة (تسقيط) الآخر والتهجم عليه فالمحك الحقيقي هو رأي الناس والحكم هو صناديق الاقتراع.
#صادق_الازرقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مواسم التراب!
-
أعمدة ووعود
-
نحو المشتركات الوطنية
-
بعض أولويات المواطن
-
هل يُتاجر بحياة الأبرياء؟
-
فوضى المسؤوليات
-
وما خفي أعظم!
-
ومتى اكتمل النصاب؟!
-
المبدعون العراقيون يواصلون التألق
-
رجل محرم!
-
وأد التعليم والتربية مع سبق الإصرار
-
العراق رابعاً على العالم!
-
عذرهم أقبح من فعلهم
-
كركوك ضحية السذاجة السياسية والتخلف
-
إنشاء جهاز أمن واحد مطلبٌ شعبي
-
التهاني بالفشل!
-
مصارف النساء إمعان في تفتيت المجتمع العراقي
-
امثولة الشعب الفرنسي الناصعة
-
شرعنة النقد التسقيطي
-
اعتداءات متكررة من دون حساب
المزيد.....
-
-لا خطوط حمراء-.. فرنسا تسمح لأوكرانيا بإطلاق صواريخها بعيدة
...
-
الإمارات ترسل 4 قوافل جديدة من المساعدات إلى غزة
-
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي روته يلتقي الرئيس المنتخب ترا
...
-
رداً على -تهديدات إسرائيلية-.. الخارجية العراقية توجه رسالة
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة في لبنان؟
-
زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح
...
-
الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد
...
-
طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
-
موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
-
بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران
المزيد.....
|