|
بين دولة طالبان وحماس والإخوان المسلمين
شريف حافظ
الحوار المتمدن-العدد: 2921 - 2010 / 2 / 18 - 21:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
استغلت طالبان الفوضى التى مُنيت بها الدولة فى أفغانستان نتيجة تقاتل أغنياء الحرب(المجاهدين سابقاً)، وعبر العمليات العسكرية التى شنتها، تمكنت من بسط نفوذها فى أماكن متفرقة من أفغانستان. وكانت الجماعة قد تعلمت على أيدى أنصاف متعلمين يدرسون الدين وفقا للتفسير الحرفى للنصوص الدينية، فى باكستان. وعندما وصلت إلى الحُكم فى أفغانستان بدايةً من سنة 1994، طبقت تلك الطريقة المعتمدة على التطبيق النصى الذى يتغاضى عن تاريخ الدولة الإسلامية وسير الخُلافاء أجمعين. فكان أن مارست طالبان تطبيق لشريعة مختلقة، وليست الشريعة الإسلامية التى عرفها التطور التاريخى، عبر سنوات الخلافة الإسلامية.
لقد انتقلت أفغانستان من دولة على طريق التنمية ومنارة للسائحين إلى دولة استُغلت فى الحرب الباردة بدعم الولايات المتحدة "للمجاهدين" المسلمين ضد السوفيت، فى حرب يُمكن أن توصف بأنها حرب بالوكالة، دفعت فيها وكالتا الاستخبارات الأمريكية والسوفيتية مليارات الدولارات، إلى فوضى بين أغنياء الحرب، ثم إلى دولة رجعية، تدعى تطبيق الشريعة الإسلامية، بينما كانت تُطبق سياسات جاهلية، تمارس التطبيق "الحرفى" للنصوص، دون اجتهاد، بجلد من يحلق لحيته والإبقاء على النساء فى البيوت، وبقتل كل مُختلف وليس منحرفا، وما المذابح التى اقتُرفت ضد مسلمى قبائل عرق الهازار الشيعة سنة 1998، إلا تدليل على تلك الرؤية.
ولم تطرح دولة طالبان حلولا عصرية لمشاكل أفغانستان، عندما تولت الحكم، بل زادت المشاكل وتفاقمت. وكان تفسيرها للشريعة تفسيرا قاصرا تناوله المختصون بالإدانة، فى هذا الشأن قبل غيرهم. كما أن طالبان أعطت الإسلام سُمعة سيئة، خلال سنوات سيطرتها على البلاد، وأضحى العالم يشير إلى أفغانستان على أساس أنها مُمثلة، ضمن بلاد أخرى، للإسلام، رغم أن هذا لم يكن صحيحاً على الإطلاق. وفى النهاية، كان وجود تلك الجماعة فى الحكم، هو الذريعة الرئيسة، التى استخدمتها الولايات المتحدة فى بداية حربها على الإرهاب.
حماس
انتخبت حماس ديمقراطياً فى الأراضى الفلسطينية. إلا أن ما قامت به منذ انتخابها وحتى اليوم، دفع القضية الفلسطينية، قبل أى شىء آخر، إلى حافة الهاوية. فرفضها أوسلو التى جاءت على أساسها إلى سُدة السلطة، جعلها تخرج عن الإجماع الفلسطينى الحاكم. وفرضها نموذج حُكم دينى مخالف للدستور الفلسطينى، خالف أساس التعايش بين أبناء الوطن الواحد. كما أن محاربتها فلسطينيين وقتلهم، كان أكبر من أى شىء يُمكن الحديث عنه. ثم تحولت القضية برُمتها إلى ما جلبته هي، للفلسطينيين من حصار على غزة، برفضها مجمل الشرعية الفلسطينية. فإسرائيل تستغل كل الثغرات، وهو أمر مفروغ منه. ولكن الجديد، كان أن تُقدم حماس الذريعة لإسرئيل لنصبح القضية الفلسطينية هى كبش الفداء، على طاولة الدولة العبرية!
والغريب فى الأمر، أن حماس أيضاً، لم تقدم أية حلول عصرية، لمشاكل سُكان غزة، بعد أن استقلت بها، كإمارة دينية، أبعد ما تكون عن الإسلام، إلا إذا كان الإسلام هو شكل وليس جوهرا. ففرضت حماس الحجاب فى غزة، وتدخلت فى سلوكيات البشر هناك. وكـأن الناس لا يكفيهم ما يُعانوه، من جراء ما تفعله حماس وتجلبه من حروب على غزة!! وبينما يُعانى أهل غزة يتزوج إسماعيل هنية الزوجة الثانية ويشترى لها شقة فى برج فاخر فى غزة، ويشترى قطعة أرض بـ 4 ملايين دولار، والسؤال بالطبع: من أين له المال، بينما غزة ترزح تحت الحصار؟ الإجابة: الله يرحم الأنفاق!!. ولا يُمكن بأى حال من الأحوال أن نقول إن حماس نجحت فى حُكم غزة. فمنذ أن جاءت إلى السلطة وغزة تنتقل من أزمة إلى أخرى. هذا زيادة على عداء أغلب الأطراف الخارجية، لحماس. فلا يُمكن تصور أن تؤيد مصر حكم الإخوان المسلمين فى غزة. ولا يمكن تصور أن تؤيده أغلب الدول العربية. ولولا مصالح سوريا المتعارضة مع مصر لما أيدت تلك الدولة التى قتلت 25 ألفا من الإخوان المسلمين فى حماة فى فبراير 1982، دولة حماس فى غزة. أى أن سوريا تؤيد حماس، فقط وقتياً ولغاية فى نفس يعقوب!!
الإخوان المسلمون
يُعبر نموذج حكم غزة من قبل حماس عن تجربة حية، لما يمكن أن يكون عليه حُكم الإخوان المسلمين، لقدر الله، لمصر. فلقد جاء قياديو حماس بعد الانتخابات الفلسطينية، مقدمين فروض السمع والطاعة للمرشد السابق للإخوان المسلمين، مُقبلين خاتمه. ولو أنهم حكموا البلاد، فسوف يحدث أكثر بكثير مما تتعرض له غزة اليوم، لأن حكم المتشددين مستغلى الدين لمصر – وما أدراك ما مصر – سيجلب ما يفوق ما حدث فى العراق فى كلٍ من سنتى 1991 و2003، خاصةً مع ما شهدناه من انعدام قُدسية الإخوان وما ظهر من خلافاتهم التى جعلت محمد حبيب – النائب السابق لمرشد الإخوان - يستقيل ويعكف على كتابة مُذكرات، من شأنها فضح موبقات الإخوان، حسب قوله.
إن من ينظر إلى أن الحكم الدينى لن يُعادى الدنيا حولنا، ممن يملكون العلم والتكنولوجيا وأسلوب التفكير الذى لا نملكه، إنما هو واهم!! فالأمثلة واضحة وضوح الشمس سواء فيما حدث ويحدث لطالبان أفغانستان، أو ما حدث ويحدث وسيحدث لحماس غزة. وبالتالى، ولأننا نحب بلادنا، نرفض حُكم الإخوان المسلمين أو شرعيتهم، ونتفق فى هذا الخصوص، مع الدولة حول حظر تلك الجماعة.
حقيقة على الأرض
هناك نظرة عالمية مُعادية للمسلمين بناء على أفعال القلة ذوى الصوت العالى والأفعال الخارجة عن الدين منهم. وبالتالى علينا أن نُحسن تلك الصورة، ولا نعمل على قيام دولة تحمل صفة الدين، بينما نحن فى تيه من محاولة الرجوع إلى صحيح هذا الدين، بعد تشويهه من قبل الوهابية والسلفية، والمترادفين، والذين أسقطوا التاريخ الإسلامى وتطور المسلمين من حيز الزمن.
ليس من مصلحة المسلمين اليوم وجود الدولة الدينية، بل من مصلحتهم تجديد الخطاب الدينى المتمثل فى الرجوع إلى تاريخهم ومعرفة الجميل منه وتجنب السيئ فيه، وأن يتقاربوا مع قضايا العصر الحالى بتجديد الفكر الدينى والشريعة الإسلامية. وعليهم أن يندمجوا مع غير المسلمين وفى حركة العالم العالمية والتنموية، كى يستطيعوا أن يخرجوا من عزلتهم الطاغية، لآفاق أرحب، لا تُسقط الدين والقيم، من حساباتها.
استنتاج
أهم شىء هو التنوير، والتنوير لمن يُعادى الكلمات دون فهم، هو أول أمر من الله لرسوله الكريم، محمد صلى الله عليه وسلم: اقرأ!
#شريف_حافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العرب بين ثقافة الديمقراطية وثقافة الواحد (2)
-
العرب بين ثقافة الديمقراطية وثقافة الواحد
-
ما بين عشوائية القومية العربية وعلمية الصهيونية
-
حروب الفتاوى من أجل الجدار؟!
-
أحنا الخونة
-
عصا التحليل الانتقائية حرام يا دكتور قرضاوى!
-
حل عملى لإزالة الألغام من مصر
-
ثقافة تنمية الإنسان المصرى
-
فرشوط: معاداة الإنسانية والدين والدولة
-
اللعبة الإيرانية فى الجزائر
-
أؤ أم الإنهيار
-
سقوط الحوائط في الشرق الأوسط
-
دولة مصرية قوية
-
البضاعة -الرقصمالية- للإسلاميين
-
علمانية وجدى غنيم
-
تقرير جولدستون وعيوب الدبلوماسية العربية
-
رسالة مصر إلى محمد حسنين هيكل
-
أي كلام
-
هل قذف المُحصنات أصبح حلالاً؟ (2)
-
هل قذف المُحصنات أصبح حلالاً
المزيد.....
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار
...
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|