|
مسرحية سوناتا الخريف من السينما الي خشبة المسرح
عصمان فارس
الحوار المتمدن-العدد: 2919 - 2010 / 2 / 16 - 12:11
المحور:
الادب والفن
كسر ستر الرياء علي الخشبة
لقاء مابين الام شارلوت وابنتها ايفا حوار وعتاب وخصام ودي لكسر ستر الرياء ودهاليز الاسرة. مسرحية سوناتا الخريف في شهر نوفمبر ثشرين الثاني وخريف ستوكهولم النهار قصير يسود الظلام سماء ملبذة بالغيوم ورذاد المطر موعدنا في المسرح الملكي دراماتن مع شاشة كبيرة علي شكل جدار وسط المسرح ويشكل مرأة الاحداث ويفصل بين خفايا وجدران هذا البيت الخريفي المظلم بكل اسراره تعرض عليه الصور وذكريات الماضي ويتحول لقاء الفرح الي صراع والجدار يشكل الحد الفاصل مابين قلب البنت ايفا وقلب الام شارلوت، ألة بيانوا طاولة ومجموعة كراسي ومسرح دوار وضياع المتلقي مابين الحلم واليقضة وأصوات محبوسة وسط الظلام تنتظر من يفجرها شارلوت الام عازفة البيانوا ماري يورانزون تزور ابنتها ايفا وزوجها الكاهن فيكتوروقد مات ابنهما غرقآ، كابوس الزيارة وتعكير جو اللقاء هو وجود ابنتها هيلينا المعوقة في البيت يغير من مزاج شارلوت الام، حوار ليلي طويل ومنولوجات وعتاب وتجديد حسابات وفتح سجلات قديمة واحتدام سجال حاد مابين ايفا البنت وامها شارلوت ومحاولة الام شارلوت الخروج والخلاص من هذا المأزق الذي وقعت فيه بسبب الزيارة
الفرصة الكبيرة
وكتابة ايفا رسالة الختام والتي تطلب من فيكتور زوجها الكاهن ان يقرأها قبل ان ترسلها الي الام "رغم الخصام تبقي وشائج الحب مابين الام وابنتها وفق مضمون الرسالة فيكتور يقرأ مضمون الرسالة : "ادركت إنني قد اسأت اليك. بادرتك بالمطالب بدلا من العاطفة. عذ بتك بكراهية قديمة مريرة لم تعد حقيقية. كل ما فعلته كان خطأ واريد ان اطلب مغفرتك. ان حدس هيلينا اقوي كثيرا من حدسي. لقد اعطت بينما كنت انا متطلبة. كانت قريبة منك فيما ظللت انا بعيدة. وفجأة تبدي لي انه علي ان اعتني بك، وان ما فات قد فات. وانني لن اتخلي عنك ثانية. لن اتركك لوحدك مرة أخري. لست ادري إذا كانت هذه الرسالة ستصلك، ولا اعرف حتي إن كنت ستقرأينها. ربما كان كل شيء قد فات عليه الزمن. ولكنني آمل علي اي حال الا يكون اكتشافي بلا فائدة. هناك نوع من الرحمة في النهاية. أعني الفرصة الكبيرة لان نعتني ببعضنا البعض، لأن نساعد بعضنا البعض، ولأن نفصح عن عاطفتنا. اريدك ان تعلمي انني لن ادعك أبدا تذهبين ثانية، ولن ادعك تختفين من حياتي. سوف اظل علي تصميمي، ولن استسلم، حتي ولو كان الوقت قد فات. لا اعتقد ان الوقت قد فات". تبقي الممثلة ماري يورانزون كبيرة وصادقة في اذائها ممثلة تشكل قامة من قامات المسرح السويدي اما الممثلة ماريا وينفي شخصية جميلة وقوية وذات بصيرة ومقنعة في أدائها. نقتحم كمتفرجين وضيوف ودهاليز الاسرة ليلآ في جو خريفي بصحبة الظلام لاول مرة يتحول فلم سوناتا الخريف تأليف انجمار بيرجمان انتج فلم سوناتا الخريف سنة 1987 هو الذي رشح لجائزة اوسكار في فئتين ، هما أفضل سيناريوا وأفضل ممثلة وحصل علي جائزة سيزار من فرنسا والولايات المتحدة من غولدن غلوب لافضل فيلم اجنبي سيناريوا ،وحاليآ تعرض مسرحية علي المسرح الملكي الكبيرفي ستوكهولم وتجسد العلاقة المضطربة القائمة بين أم وابنتها. تقوم عازفة البيانو الشهيرة شارلوت ماري يورانزون لأول مرة منذ سبع سنوات بزيارة ابنتها إيفا ماريا وينفي المتزوجة من الكاهن فيكتور يوهان هولمبري يسكنون في منطقة ريفية. بينما تحاول كل من شارلوت وإيفا جهدهما أن تتصرفا علي نحو لائق، إلا أنه من الواضح وجود فجوة عاطفية عميقة بين السيدتين. فإيفا مستاءة من والدتها لأنها لم تلق منها العناية الكافية عندما كانت طفلة، وتشعر بأن أمها كانت مهتمة أكثر بمهنتها وبابنتها الأخري هيلينا (لينا نايمان) المعاقة التي لا تستطيع التواصل مع الآخرين إلا بواسطة أصوات غير محددة أو معبرة يغلب عليها الضوضاء والضجيج. أما الأم فلا تشعر بالارتياح لأن هيلينا تعيش مع إيفا التي لم تتعافي بعد جراء الانهيار العاطفي نتيجة وفاة زوجها مؤخراً. وانطلاقاً من هذه الحقائق يبحر المخرج ستيفان لارسون في تأمل النفس البشرية بروحٍ التشاؤم وكشف المكبوث في نفوس شخصياته في مسرحية الخريف وفي خريف شارلوت بعد غياب طويل تزور ابنتها ايفا وزوجها القس فكتور قد تفاجآ الام بوجودهيلينا المعوقة في البيت عند اختها ايفا، سيكون لقاء مع كدمات الاتهامات ومتنفسا للبوح بالعواطف المكبوثة مسرحية سوناتا الخريف مسرح الغرفة المبعثرة بشخوصها ،دراما عائلية محور الصراع فيها الام شارلوت وابنتها ايفا صراع مبني علي المكاشفة وتقصير الام في تقديم الرعاية والحنان داخل اسرتها والفشل في زرع بذرة الحب ضمن حدود اسرتها لكونها كانت دائمآ خارج المنزل ، والتشتيث مابين العمل والاسرة وعشق الام وتفرغها للموسيقي اكثر من اسرتها من خلال حيثية الصراع النفسي والصراع علي السلطة. اسعفني الحظ ان اشاهد الفلم وتأصلت رؤيتي لمشاهدة سوناتا الخريف ممسرحة علي خشبة المسرح الملكي دراماتن وانا اشاهد هذه المنظومة الجمالية من حيث السينوغرافيا والموسيقي والتمثيل، خشبة المسرح عبارة عن غرفة وفضاء مفتوح محاط بظلام دامس خريفي شاشة في الوسط علي شكل جدار متحرك يوحي الي زوايا البيت الة بيانوا وهي علامة واشارة لمحور الصراع وبناء الحدث ، وجدت نفسي ضيفآ علي اسرة شارلوت المكونة من الام شارلوت والبنت ايفا وزوجها الكاهن فيكتور وابنتها الثانية لشارلوت هيلينا المعوقة ربما بسبب اهمال وانانية الام ونرجسيتها. وضعنا المخرج ستيفان لارسون في امام عدة حقاق مرعبة في مصارحة البنت لامها واتهامها ومحاكمتها بالتقصيرادارة بيتها واهمال اسرتها والسير نحو نزواتها الخاصة ونكتشف حقيقة الصراعات الخفية خلف جدران هذا البيت المظلم، لكي نقف امام المشاعر الحقيقية وخفايا العلاقات مابين الابناء والاباء داخل الاسرة الواحدة، والعرض يثير كل تلك الاسئلة ويكفي باثارتها تاركآ لنا البحث عن الاجابات ايفا: "لانك لاتصغين ابدا. لأنك انسانة هروبية سيئة السمعة، لأنك مصابة بشلل عاطفي; لأنك في حقيقة الأمر تزدرينني انا وهيلينا، لأنك دون أمل يرتجي مغلقة علي نفسك، لأنك دائما تقفين داخل دائرة نورك الشخصي، لأنك حملتني في رحمك البارد ولفظتني إلي الخارج باحتقار، لأنني احببتك، لأنك اعتبرتني مثيرة للاشمئزاز عديمة الذكاء وفاشلة، ولقد تمكنت من جرحي مدي الحياة تماما كما انت مجروحة، مزقتي كل ماهو حساس ورقيق، حاولت ان تخنقي كل ما هو حي ، تتكلمين عن كراهيتي، كراهيتك لم تكن أقل، كراهيتك ليست أقل، كنت صغيرة وطيعة ومحبة، كبحت جماحي، اردت حبي، تماما كما كنت تريدين ان يحبك كل انسان آخر. كنت تحت رحمتك فعلت كل هذا باسم الحب. رددت طويلا انك احببتني واحببت والدي وهيلينا. كنت اخصائية في الترنيمات والحركات التي تعبر عن الحب. الناس امثالك خطر علي الآخرين ، يجب ان تسجني بعيدا وان يتم العمل علي جعلك غير مؤذية. ام وابنة - يا للمزيج الرهيب من المشاعر والتشوش والدمار! كل شيء ممكن، وكل شيء يتم باسم الحب والعناية المفرطة. جراحات يجب ان لاتجلب للابنة خيبات امل. الأم: "يجب ان تدفع الابنة ثمنها، تعاسة الأم يجب ان تصبح تعاسة الابنة. يبدو الامر وكأن حبل السر لم يقطع ابدا. سوء حظ الابنة هو انتصار الأم ، حزن الابنة هو سرور الأم الخفي
لغة غير مفهومة
والتجريب له دلالات متعددة والمخرج ستيفان لارسون له مفهومه الخاص عن التجريب فهويحرب علي العوامل النفسية لشخصيات المسرحيات التي يعمل ويشتغل عليها من خلال عمله واختياره واكتشافه مع الممثلين في معمل تجريبي في (مسرح الفركيت )وتركيزه علي ابعاد الشخصية والنفسية وكيفية التعبير عنها من خلال توظيف الممثل وتحولات الجسد لملئ الفراغ المسرحي وكان نتاج هذا العمل التجريبي وسيناريوا فلم سوناتا الخريف للمخرج وكاتب السيناريوا انجمار برجمان سيناريوا سينمائي تحول الي مسرحية بقيادة ثلاثة نساء والرجل االكاهن كل الاحداث تدور في مكان احد وسط المسرح الاستهلال عبارة عن تواجد الجميع هيلينا تمشي بشكل طبيعي وتمارس لعبة العوق عندما تجلس عل كرسي المعوقين حقائب سفر زيارة الام شارلوت الي بيت ابنتها ايفا وتهيئة الطعام من قبل الزوج ، الام تفاجآ بوجود ابنتها هيلينا في بيت اختها ولماذا هنا وليس في دار رعاية المعوقين الام تحضن ابنتها هيلينا تتكلم بلغة غير مفهومة والاخت ايفا توضح ماتقوله الاخت لاانها تفهم ماتقول،الحوار عن الماضي وحكايات وذكريات مليئة بالمرارة واهمال الام جلسة ليلية تقتل الحاضر الراهن والحديث عن الم الماضي حوار ساخن مابين ايفا وامها شارلوت كل شيئ فات وانتهي واصبحت ذكريات وعملية تفجير ذكريات ودمامل الماضي ومرارته وسلوك الام مع الوالد وصديق هيلينا ليونارد الذي ترك البيت وكان السبب في مرض هيلينا ،ودفاع الام عن اتهام ابنتها لها بالتقصير،وقد اشركنا المخرج في بعض تقنيات اللعبة من توتر وقلق وترقب ماذا سيحصل؟ تستنجد الام بوكيل اعمالها لكي يرسل لها برقية عمل جديد وحفلة ويكون مبررآ لها لكي تسافر وتترك المكان وتتخلص من هذا المأزق الذي وقعت فيه. علي مستوي الكلمة والحوار والجسد توفقتا الام وابنتها في شد وجذب انتباه المتلقي لمتابعة الحدث رغم الحوارات السردية الطويلة ،انها كانت لعبة ثرية قادتها نساء وهن يتقمصن الادواروتبادل الالام، شارلوت الام تحاول ان تمارس لعبة الحنان والعطف اتجاه البنات، ولاارغب في الحديث عن مفردات العرض وكنت اشعر بالزهو والمتعة لهذا العرض وانا اشاهد الممثلة المبدعة ماريا كورازون وقد شاهدتها في كثير من العروض المسرحية شخصية قوية لها باع طويل في عالم التمثيل والممثلة ماري بدور ايفا البنت اذهلتني في ادائها الرائع ...
#عصمان_فارس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بونتيلا وتابعه ماتي... بريخت من جديد
-
مسرح الباليه والرقص الحديث في ستوكهولم: معجزة الجسد وسحر الر
...
-
مسرحية أنتيغون للكاتب الفرنسي جان أنوي: فتاة في مواجهة البطش
-
كربلاء عاشوراء ومسرح الفرجة والتحريض الحسيني
-
المسرح النسوي السويدي...حين يحتج الصوت الناعم
-
وداعآ جلال جميل عاشق الضوء
-
رؤية في ثلاث تجارب مسرحية للمخرجة ايفا برجمان
-
فوبيا الانتظار في مسرحية غودو
-
روميو وجوليت يلتقيان علي سيرك الحب
-
مسرحية الزمن المظلم تخترق ستر الرياء وتبكي القلوب الجريحة
-
مخرج عراقي يمسرح المشاعر المفقودة
-
مسرحية الهروب للكاتب الروسي بولغاكوف تعاد في ستوكهولم برؤية
...
-
مسرح داريو فو تهكم مرير ورقص ساخر
-
السويدي اوجست سترندبري يستعيد الارث الكونيالي ويتحرر من الوا
...
-
المسرح والنقد ثنائية لألمع الثمرات الأدبية
-
مسرح ستوكهولم يحتضن موت راشيل كوري
-
المخرج يوقظ الكلمة بأوكسجين الحياة في المسرح التجريبي
-
فتاة البجع مابين تضاريس الحب وجغرافية الوطن
-
شخصيات تشيخوف تعاني العزلة ومحاصرة بالذكريات
-
المسرح الامريكي يفجر الصورة السائدة بعد الحرب العالمية الاول
...
المزيد.....
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
-
فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م
...
-
ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي
...
-
القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|