|
صور المالكي ... فجوة بين الواقع والشعار
محمد ناجي
(Muhammed Naji)
الحوار المتمدن-العدد: 2916 - 2010 / 2 / 13 - 22:04
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
في أكثر من مناسبة اشرنا إلى حقيقة إن صدام ونظامه قد انتهى ، ولكن الشارع العراقي لا يزال يرقص على إيقاعات الصدّامية ، التي عززت ثقافة وأنماط سلوكية استبدادية ، تستقر عميقا في خلايا العقل وثنايا الروح العراقية . هذه الثقافة لا يمكن أن تزول بمجرد سقوط رمز الطغيان والاستبداد ، بل بإشاعة ثقافة بديلة ، غائبة حتى الآن ، محورها المواطن الإنسان فتحترم عقله وتصون كرامته وتحافظ على حقوقه في دولة القانون والمؤسسات ، لا يكون الحاكم فيها أكثر من موظف مكلف بإدارة شؤون المواطنين والمحافظة على مصالحهم وحقوقهم . غياب هذا البديل لثقافة الاستبداد الصدّامية نلاحظه في الشارع يوميا ، حين تصفع وجوهنا أكثر من ممارسة ، وعلى أكثر من مستوى ، منها ما ظهر أخيرا من صور للمالكي الذي اصدر توجيه بإزالتها "وعبر دولة رئيس الوزراء ا عن شكره لمناصري القائمة داعيا إلى عدم اعتماد صوره كأساس في الحملة الانتخابية". وليس غريبا ألاّ يوضح التوجيه ، الذي اشك في مصداقيته ، ما إذا سترفع الصور فقط أم اللوحات كاملة ؟ حيث يمكن أن تحل بدلا منها في موعد لاحق صور ودعاية أخرى ، تنطلق من نفس العقلية والخطاب السياسي الدعائي (العائلي – الأبوي ... ) الاستبدادي البائس ، المأخوذ من أرشيف الطغيان ، ومنها الصدّامية البالية . إن هذه اللوحات أكثر من مجرد صورة ودعاية انتخابية قبل الأوان ، لأنها وبغض النظر عن محتواها ، تمثل خطوة في سباق التجاوز على الحق العام الذي فاز به دولة رئيس الوزراء ، بعد أن سيطر على مساحة وأماكن دعائية مناسبة قبل المنافسين ، بينما من واجب دولة الرئيس أن يحمي الحق العام ، خاصة وهو يرفع راية وشعار (دولة القانون) ! ولديه وهو يتربع على رأس السلطة التنفيذية إمكانيات دعائية واسعة ، أساسها عمله على أرض الواقع ، الأكثر مصداقيةً من ( بيع السمك في الشط ) واللعب بعواطف الناس – يمه إبشري ... أنتم أملنا ... أنتم في قلوبنا ... – وإذا وضعنا جانبا إنه وقائمته وأنصارهم يملكون صحيفة وقناة فضائية وعدد كبير من مواقع الانترنت ، تبقى لديهم إمكانية استخدام مقار تنظيماتهم أو استئجار أسطح البيوت والبنايات واللوحات ، كما تفعل الشركات التجارية مثلا . إن هذا الخطاب الدعائي السياسي البائس والتجاوز على الحق العام سيتكرر حتما من قبل نفس الجهة أو غيرها من الفعاليات المرشحة في الانتخابات المقبلة ، لأن العقل السياسي العراقي ، كما كتب عنه بواقعية إسماعيل شاكر الرفاعي في كتابه (تشريح الاستبداد - النظام العراقي نموذجا) الذي كتبه في دمشق في آذار 1998 " إنهم – يقصد المعارضة العراقية حينها ، ومنها بالطبع المالكي الذي كان مقيما في دمشق - الضحايا الذين يماهون في وعيهم جلادهم ، فهم لا يعارضون طريقة في الحكم أو منهجا في السياسة بل شخصاً بعينه ، فكما حول صدام العراق إلى ضيعة ، يريد هؤلاء إعادة إنتاج الاستبداد والدكتاتورية " . لقد تحدث مؤخرا سياسي عراقي بارز ، في مقابلة تلفزيونية ، عن ضرورة الحرص على الحق العام ، وأشار إلى الموقف المعروف لعلي بن أبي طالب (ع) من شمعة بيت المال ، وإنها المثل والمعيار . نعم حرّي بنا ، وخاصة من يدّعي الانتماء إلى مدرسة محمد وعلي وآل البيت ، وما أكثرهم هذه الأيام ، أن يثبت بالفعل وليس بالقول أنه يقتدي ويهتدي بنور تلك الشمعة ، بل وذاك النعل المخصوف ، ومعها تلك العنزة وعفطتها ، ويمجد تلك اليد التي لم تمتد لتصافح أبا سفيان وتنتهز فرصة الوصول للسلطة واستلامها بأي ثمن ، وكل تلك المواقف الإنسانية النبيلة والمثل السامية ، والوصايا ، الدستور ، لإمام المتقين ورمز العدالة الإنسانية على مر العصور ، في عهده لمالك الأشتر حين ولاه مصر ، ومنها : ( ثم اعلم يا مالك أني قد وجهتك إلى بلاد قد جرت عليها دول قبلك من عدل وجور ، وأن الناس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك ، ويقولون فيك ما كنت تقول فيهم .... فليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح . فأملك هواك ، وشح بنفسك عما لا يحل لك ، فإن الشح بالنفس الإنصاف منها فيما أحبت أو كرهت .... وإياك والاستئثار بما الناس فيه أسوة ، والتغابي عما يعنى به مما قد وضح للعيون فإنه مأخوذ منك لغيرك ....) ويا علي ! يا مولاي ... قتلتنا الردة إن الواحد منا يحمل في الداخل ... ضده !
#محمد_ناجي (هاشتاغ)
Muhammed_Naji#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نداء ( لا للتفريط بالدم والحق العراقي )
-
أزمة مياه أم أزمة نظر ؟
-
أي أمن ... وأية استراتيجية ؟
-
هي فرصتكم ... إن كنتم صادقين !
-
فخامة الرئيس ... إذا أنت أكرمت اللئيم !.
-
الفلسطينيون في العراق
-
نوال السعداوي والمثقفون العرب ونداء شعراء بغداد
-
خنادق في المتاهه العراقية
-
قبلات على جبين الوطن
-
أيام المزبّن كضن
-
صدام الأعور ملك بين العميان
-
ليكن آخر طاغية !
-
كونا - في الإتجاه المعاكس !
-
توضيح عن الدستور العراقي
-
حكاية جندي ...عراقي وبريطاني مسرحية من موسيقى مختار وسترافنس
...
-
! وزارة المهجرين والمهاجرين تلعب في الوقت الضائع
-
استحقاق انتخابي .. تكنوقراط .. قرار
-
أفراح ... وتطلعات لعراق ديمقراطي
-
موقف المرجعية ؟
-
الدستور إستحقاق وطني أم انتخابي ؟
المزيد.....
-
زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح
...
-
الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد
...
-
طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
-
موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
-
بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران
-
تصريحات ماكرون تشعل الغضب في هايتي وتضع باريس في موقف محرج
-
هونغ كونغ تحتفل بـ100 يوم على ولادة أول توأم باندا في تاريخه
...
-
حزب -البديل- فرع بافاريا يتبنى قرارًا بترحيل الأجانب من ألما
...
-
هل تسعى إسرائيل لتدمير لبنان؟
-
زيلينسكي يلوم حلفاءه على النقص في عديد جيشه
المزيد.....
|