|
قراءة نقدية في المخطط الاستعجالي :مخطط الاستعجالي أم تسريع خوصصة التعليم
ميمون المغربي
الحوار المتمدن-العدد: 2903 - 2010 / 1 / 31 - 18:20
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
قراءة نقدية في المخطط الاستعجالي : مخطط الاستعجالي أم تسريع خوصصة التعليم تــقـــديــــــم:
شكل التعليم مند الاستقلال الشكلي، مركز صراع حاد بين نضام الحكم المطلق، و الجماهير الشعبية المتشبتة بحقها في تعليم مجاني، نظرا لموقع قطاع التعليم في سلسلة انتاج و اعادة انتاج نفس علاقات الانتاج القائمة على كافة المستويات الايديولوجية و السياسية و الاقتصادية، حيث يسعى النظام القائم إلى ضرب مجانية التعليم بشكل مباشر، و فرض التعليم المؤدى عنه تحت يافطة كبيرة يسميها (إصلاح) التعليم (تخريبه) حتى تسهل عملية بيعه في المزاد العلني لأسياده الإمبرياليين بأبخس ثمن، حيث يشكل المصمون الاساسي لهدا الإصلاح هو ضرب مجانية التعليم وبالتالي حرمان أبناء الجماهير الشعبية من حقها في التعليم.
الشروط العامة
كل المخططات الطبقية التي نزل بها النظام القائم، كانت تصب في خانة ضرب المجانية وخدمة مصالح الطبقات السائدة، بدءا من إصلاح التعليم لسنة 65 مرورا بإصلاح 75، بالإضافة إلى المخططات التي أنزلها في بداية 80، نتيجة تطبيق برنامج التقويم الهيكلي المملى عليه من طرف أسياده الامبرياليين (صندوق النقد الدولي...)، والتي كانت تصب في خانة التقليص من مساهمة الدولة في ميزانية التعليم وتحميل الجماهير الشعبية أعباء تعليم أبناءها، وصولا إلى الحلقة الأخطر من حلقات الهجوم على مكتسبات الجماهير الشعبية، والمتمثلة في الميثاق الطبقي للتربية والتكوين التي جند لها النظام القائم كل إمكانياته، من أجل ضمان النجاح لمخططه وباقي المخططات الرامية إلى تركيع و تبضيع الجماهير الشعبية، من إجماع وطني، وتهيئ الظروف السياسية والمتمثلة في ما يسمى حكومة " التناوب التوافقي" من أجل ترميم بيته الداخلي ... بهدف ضمان انتقال العرش بشكل هادئ. هدا المخطط الذي جاء في ظروف سياسية دولية، اتسمت بانهيار التحريفية السوفياتية وانفراد الامبريالية الأمريكية بقيادة العالم، الشيء الذي فرض عليها مهام جديدة اتجاه عملاءها حيث بدأت تعمل في إطار مغاير لما كانت تنهجه أثناء الحرب الباردة، وبشعارات جديدة كحقوق الإنسان والديمقراطية…، من أجل تحقيق نوع من التوازن والاستقرار السياسيين داخل هده البلدان، حتى تتمكن من فتح الأبواب أمام دخول مؤمن لرؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار-الاستغلال، ودلك راجع لما تتوفر عليه هده البلدان من يد عاملة رخيصة، هده الوضعية انعكست على المغرب وبالتالي سارع إلى ترتيب بيته الداخلي بتنصيب حكومة " التناوب التوافقي" التي أوكلت لها مهمة تسريع الإجهاز على ما تبقى من المكتسبات والحقوق العادلة والمشروعة للجماهير الشعبية. لكن هدا المخطط سيلقى نفس مصير سابقيه، ببساطة لأن صخرة الواقع كانت أعند و أصلب والتي تكسرت عليها كل المخططات الطبقية للنظام القائم التي لا تمثل مصالح الجماهير الشعبية، بالإضافة إلى المقاومة التي ووجه بها خاصة داخل الجامعات نظرا لوجود رؤية سياسية مرتبطة بمصالح الجماهير الشعبية والتي قدمت إجابة علمية تمثلت في الشعار التكتيكي الذي رفعه الطلبة القاعديون - المجانية أوالاستشهاد- كإجابة علمية، على حجم الاستهدافات الخطيرة، التي تتعرض لها الحركة الطلابية، حيث عرفت الساحة الجامعية معارك بطولية بمشاركة كافة الفصائل الاوطمية المناضلة، استطاعت تجميد العديد من بنود التخريب الجامعي في المواقع التي يوجد فيها فعل نضالي متقدم.
فبعد مرور ثمان سنوات من تطبيق بنود الميثاق الطبقي للتربية والتكوين مما يصطلح عليها بعشرية ( الإصلاح) تم الإقرار و بشكل رسمي بفشل كل المحاولات التخريبية، لكن هدا لا يعني أن النظام فشل بشكل كلي في تحقيق بعض من أهدافه في تخريب التعليم فقد استطاع النظام القائم تحويل المدرسة إلى فضاء ينتج البطالة وهدا ما زكاه الجيش الضخم من المعطلين حملة الشهادات، فواقع التعليم بالمغرب لن يختلف أحد على انه واقع مزر، وهدا ما أكده خطاب الكمبرادور في أكتوبر 2OO7 في البرلمان وتقرير المجلس الأعلى للتعليم الذي أقر بفشل الميثاق الطبقي للتربية والتكوين بعد تشخيص الوضعية التي يوجد عليها التعليم، وكل التقارير الدولية الصادرة حول وضعية التعليم بالمغرب تؤكد هده الوضعية المزرية و التي صنفته في الرتب الاخيرة. لكن عوض التراجع عن هدا المخطط، سيقوم النظام القائم بتعميق الهجوم على ما تبقى من مكتسبات الجماهير الشعبية، ودلك راجع إلى طبيعته اللاوطنية اللاديمقراطية اللاشعبية، وبارتباطه وتبعيته للدوائر المالية الامبريالية، بالإضافة إلى غياب المعبر الحقيقي عن مصالح الجماهير الشعبية، القادر على إعطاء وتجسيد الإجابة البديلة، وبعدما استطاع جر القوى الإصلاحية إلى مستنقعه، مستنقع المهادنة والسلم الاجتماعي والعهد الجديد، وهدا ما توضحه كثرة القوانين والمخططات التي أنزلها في السنوات القليلة الماضية أو يقوم بالتحضير لإنزالها في السنوات أو الشهور القادمة كقانون الإرهاب، قانون الأحزاب، قانون الإضراب، مدونة الأسرة، مدونة السير،" إصلاح" القضاء..... واخرها وليس أخيرا المخطط الاستعجالي، الذي يعتبر بمثابة خارطة طريق تحدد الخطوات العملية التي يجب الالتزام بها من أجل تسريع تنفيذ بنود الميثاق الطبقي للتربية والتكوين "لإصلاح" المنظومة التعليمية المغربية، أو برنامج استدراكي للميثاق الطبقي للتربية والتكوين حسب تعبير الوزارة الوصية. فادا كان المسؤولون على وضع هدا المخطط قد أكدوا مند البداية على أن المرجعية التي اعتمدوا عليها هي الميثاق الطبقي للتربية والتكوين وهدا ما يتضح كذلك من خلال التقرير التركيبي الذي قدم للنقابات، حيث نجد الوزارة الوصية تؤكد في مقدمته "يهدف الإصلاح الذي انطلق العمل به ابتداءا من سنة 2000 إلى أجرأت مقتضيات هدا الميثاق، ورغم مشارفة العشرية الأولى على نهايتها ورغم المجهودات المبذولة ورغم النتائج الملموسة في عدد من المجالات، ما زالت الإنتظارات كبيرة والتحديات عميقة والطريق طويل" * فهده المقدمة قد تعفينا من قراءة مضامينه لكن لا بأس من بعض الإضافات حتى نتمكن من توضيح أكثر وحتى لا يبقى مجال للشك ففي الخاتمة نجد "إن البرنامج الاستعجالي الذي يندرج في رؤية مستقبلية يركز على الاستمرارية، إذ يحتفظ من جهة، بالإطار المرجعي الميثاق الطبقي للتربية والتكوين، مستهدفا" إعطاء نفس" جديد لإصلاح منظومتنا التربوية" إدن لنرى أي انتظارات وتحديات عميقة مازال لم يتم الوصول اليها !!!!? أ إلزامية وتعميم التعليم -كما يزعمون- أم خوصصة التعليم أم الجودة التي ينادون بها أم مادا؟ ادن من البداية يتضح مضمون وجوهر هدا المخطط الابن ومادامت الخلفيات السياسية و الاقتصادية و الإيديولوجية واضحة للميثاق الطبقي للتربية و التكوين (انظر مقال : قراءة نقدية في للميثاق الطبقي للتربية و التكوين)*، فان هذا البرنامج يسعى إلى "تحقيق فعالية قصوى لسابقه (الميثاق) و ذالك بتبني منهجية جديدة تشكل قطيعة مع الممارسات والمنهجيات السائدة إلى حد الآن، والاعتماد في القيادة إلى صيغة المقاربة بالمشروع أي تحويل المؤسسة إلى مقاولة يحكمها قانون الربح، وبالتالي اعتماد نظام تدبير مقاولاتي في تسيير المؤسسة، وسيتم تعيين مدير المؤسسة على ضوء المشروع الذي سيقدمه، وأول الخطوات هي تأسيس جمعية دعم مدرسة النجاح !!! في جميع المؤسسات التعليمية مهمتها تسيير المؤسسة، والبحث عن الشركاء من أجل الدعم و التمويل، تقديم دعم مالي، ضرب الوظيفة العمومية بتوظيف الأساتذة وفق نظام التعاقد على صعيد الجهة أو ربما مستقبلا على صعيد المؤسسة وبمدد زمنية قصيرة قد لا تتجاوز السنة.
تـعمــيــم الـتعلــيم
ادا كان النظام القائم يرفع شعار )إصلاح( التعليم، بعدما استنفد مهمته المتمثلة في تخريج الكوادر التي كان يحتاجها في بناء جهاز دولته من أجل تثبيت سيطرته وإدامتها، فدلك لا يعني أن النظام القائم تهمه مصالح الجماهير الشعبية، بل فقط من أجل إيجاد المشروعية اللازمة لخوصصة التعليم والتي غالبا ما يتم تغليفها في إطار ما يسمى" الإصلاح التعليمي" أو "تحديث" التعليم، ولكي يجد المبرر لدلك يتبعها بشعار أخر وهو تعميم وإلزامية التعليم إلى غاية السن 15، وللإشارة فان التعميم أصبح مكسب موضوعي نسبيا للجماهير الشعبية، حققته أولا بفضل التضحيات التي قدمتها من أجل تثبيته، وهدا ما عبرت عنه انتفاضة 65، اثر قرار بلعباس القاضي بتقنين الولوج إلى المدارس، لأنها كانت ترى فيه الملجأ الوحيد لحل أزمتها والخروج من الفقر الذي ترزح فيه، وهدا ما تجلى في التدفق الهائل لأبناء الجماهير الشعبية إلى المدارس إبان الاستقلال الشكلي، والحرص على تعليم أبناءها، ثم ثانيا الواقع الموضوعي، الذي أصبح لا يقبل بوجود إنسان لا يعرف الكتابة والقراءة أو كما يصطلح عليه بالإنسان الأمي، فحتى تعريف الأمية تغير، إضافة إلى أن الرأسمالي هو بحاجة إلى قوة عمل مؤهلة تتوفر فيها شروط الكفاءة وليس إلى قوة عمل غير مؤهلة، ودلك بحكم أن الامبريالية قامت بتطوير وسائل الإنتاج باستخدام وسائل متطورة ومعقدة، ودخولها عصر التكنولوجية الدقيقة، وبالتالي يتطلب توفير يد عاملة مؤهلة، لمسايرة التقدم التقني والتكنولوجي، وهدا شبيه بما قامت به الرأسمالية في المراحل الأولى من ظهورها برفع شعار الحرية وحرضت العبيد على الانتفاضة على أسيادهم، فهي في تلك المرحلة كانت بحاجة إلى قوة عمل "حرة". بالإضافة إلى تنفيذ توصية البنك العالمي الذي أوصى المغرب بالاستثمار في مجال الرأسمال البشري الذي اعتبره المسألة الأكثر أهمية التي تطرح على المغرب بعد مرحلة التقويم الهيكلي، وبما أن النظام القائم يعتبر التلميذ النجيب في تطبيق توصيات صندوق النقد الدولي و البنك العالمي، وبالتالي أصبح التعميم واقع موضوعي نسبيا فرضته الامبريالية ليس حبا في هدا الشعب أو رغبة ذاتية لهدا النظام بل أصبح رغبة الدوائر المالية الامبريالية لما يتوفر عليها المغرب من يد عاملة رخيصة بالمقارنة مع البلدان المتقدمة من أجل استغلاله وليس منحة يقدمها النظام لأبناء الجماهير الشعبية كما تحاول أن توهمنا الإصلاحية الراعية و الحاضنة لكل المخططات التصفوية التي نزل بها النظام. لكن لنرى مادا يقصد بتعميم التعليم؟ ومضمونه؟ ومن سيتكفل بأعباءه؟.
توسيع العرض التربوي
صحيح أن التعميم شعار براق و يتطلب موارد مالية وبشرية كبيرة، وقد يراه البعض مكسب للجماهير الشعبية، ولتحقيق هدا الشعار يقوم بربطه بتوسيع العرض التربوي، ومن أجل دلك يجب إشراك القطاع الخاص، "من أجل مواجهة الإشكالات الأفقية لتعميم التعليم يجب تطوير العرض التربوي الخاص بغية التخفيف من نفقات الدولة"، وبالتالي لم يعد الحديث عن تعليم مجاني وان كان الحديث عن المجانية وإن بشكل فضفاض مادام الدخول المدرسي قد أصبح يشكل بالنسبة لأغلب الأسر كابوسا نظرا للمصاريف الباهظة التي يتطلبها، بل أصبح بشكل غير مباشرتعليما مؤدى عنه، وهدا ما أكده المخطط الاستعجالي، "ربط العرض التربوي الخصوصي بتوسيع العرض التربوي بشكل عام" ودلك بمنحه جميع التسهيلات والتحفيزات كالإعفاءات الضريبية، اقتناء الأراضي بشروط تفضيلية...، لكن رغم هده التحفيزات لازالت مساهمته ضعيفة بحسبهم، حيث نجد في المجال الرابع من التقرير التركيبي للمخطط الاستعجالي المعنون بـ : وسائل النجاح !!!؟ في بيع التعليم وضرب المجانية "يشكل العرض التربوي الخصوصي عنصرا مكملا لتمويل الدولة، إلا أنه يلاحظ قصوره عن بلوغ مستوى التطور المأمول،..... زيادة على كونه يبقى مركزا في محور الدار البيضاء – الرباط الذي يمثل نحو %70 من هدا العرض". ادن هكذا شخص المخطط واقع التعليم بالمغرب وبالتالي طرحت عليه مهام جديدة وهي البحث عن الخطوات العملية الكفيلة بتطوير العرض التربوي الخصوصي، مادامت الإجراءات السابقة التي جاء بها الميثاق الطبقي للتربية و التكوين، لم تعط النتائج المطلوبة، أو لم يتم تفعيلها وهدا ما جاء المخطط الاستعجالي من اجل استدراكه !!!!! ومن بين التدابير التي جاء بها من أجل ضرب المجانية : - إقرار تدابير تحفيزية تمكن من تسهيل استثمار الخواص في قطاع التعليم (آليات لاقتناء الأراضي بشروط تفضيلية، ولتمويل كلفة الاستثمار، تحمل جزء تكاليف البناء…). - تطوير تعليم ذي جودة وخلق تنافس مع التعليم العمومي !!!. - تفويض تدبير مؤسسات تعليمية عمومية قائمة، تفويت البنيات والتجهيزات وإلحاق الأطر التربوية إلى القطاع الخاص، مثل النظافة الحراسة البستنة وتدبير المطاعم المدرسية والداخليات، وتقديم إعانات محتملة لتسيير مؤسساته حسب التعريفة المتبناة في كل مؤسسة مثلا، أي تحويل جزء من ميزانية قطاع التعليم إلى القطاع الخاص، وللإشارة فهي مناسبة وفرصة للاغتناء من أموال الجماهير الشعبية (دافعي الضرائب). وهنا يكمن الجديد في هدا المخطط أي اعتماد أسلوب جديد في تدبير المؤسسات التعليمية العمومية على أساس التدبير المفوض. إن التفويت يشكل مرتكزا من مرتكزات المخطط الاستعجالي، أو الطريق الذي يؤدي بالتدريج إلى خوصصة التعليم، وهدا ما تم الشروع في تطبيقه السنة الفارطة من تفويت الحراسة و النظافة والتغذية و الكافيتريات … أو حتى البيع، كبيع مؤسسات عمومية إلى الخواص مثال الدار البيضاء، أما التدبير المفوض فالكل يعرف التجربة المريرة للمواطن المغربي مع المرافق التي يتم تفويض تدبيرها إلى القطاع الخاص كالماء والكهرباء و النظافة والنقل، والاستغلال البشع الذي يتعرض له سواء المواطن أو العمال المشتغلين بهده المرافق، ولا أدل مثال على دلك ما تعرفه جل المدن من احتجاجات على ارتفاع في فاتورة استهلاك الماء والكهرباء بالإضافة إلى ما عرفته مدينة الرباط من أزمة خانقة في النقل في الأشهر الأخيرة بسبب هدا النوع من التدبير. - تطوير نموذج جديد ومتكامل للعرض التربوي الخاص ينتظم حول متدخلين خواص من حجم كبير باستطاعتهم تغطية مجموع التراب الوطني ويشتغلون في مجموعات مدرسية معترف بقيمتها. أي البحث عن شركات عملاقة باستطاعتها تغطية مجموع التراب الوطني وبالتالي الهيمنة على قطاع التربية و التعليم وتحويله إلى سوق لاستثمار- الاستغلال.
فبالإضافة إلى التدابير التي جاء بها لتطوير العرض التربوي الخاص من أجل ضرب المدرسة العمومية بغية التخفيف من نفقات الدولة، التي تمثل فيها كتلة الأجور نسبة كبيرة و للتخفيف كدلك من عبء ميزانية الدولة جاء بتدابير أخرى سيتحملها هده المرة المدرس لتحسين ما تسميه مردود منظومة "التربية والتكوين" وترشيد الموارد المالية وتوفيرها بشكل مستدام، لكن ترشيدها سيتم على حساب المدرس، فهي ترى في فشل إصلاح منظومة التربية والتكوين أنه راجع في شق كبير منه إلى المدرس** (انظر مقال مهنة التدريس، أي مصير؟) في عدم انضباطه واحترامه لساعات العمل، وهدا ما توضحه المعطيات التي قدمت في فترة التحضير لإنزال بنود المخطط الاستعجالي والغرض منها النيل من سمعة المدرس ورسم صورة سوداوية عنه امام المواطن المغربي، وفي ضل السكوت المطبق والتواطؤ المكشوف للنقابات. حيث اعتبرت الوزارة الوصية، أن أكثر من 37 ٪ من أساتذة التعليم الإعدادي لا يمارسون فعليا ساعات العمل المحددة في 24 ساعة في الأسبوع. أما أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي، فإن 16 ٪ منهم لا يحترمون ساعات العمل المحددة في21 ساعة في الأسبوع، بالإضافة إلى استفحال ظاهرة غيابه بشكل مقبول أو غير مقبول، فقد أحصت الوزارة بخصوص الغيابات المبررة بشواهد طبية حوالي مليون و880 ألف يوم في السنة. لكن لنرى أي تدابير يتحدث عنها المخطط؟. ففي نفس المجال السابق من التقرير التركيبي للمخطط الاستعجالي المعنون بـ : وسائل النجاح !! نجد : التوظيف الأمثل للمدرسين بالاستكمال الغلاف الزمني الأسبوعي : كتوظيف المدرس المزدوج أو المتعدد الاختصاصات، جهوية التوظيف. الاقتطاع من أجور المدرسين المتغيبين بهزالتها إضافة إلى الأوضاع المعيشية المزرية التي يعانون منها. توظيف مدرسين متعاقدين. التشجيع على الساعات الإضافية الإجبارية للحد من الحاجة إلى إحداث وظائف جديدة. كل هده الإجراءات فقط تتم لامتصاص أكبر قدر من الخصاص الذي تعانيه المؤسسات التعليمية بدل توظيف الأطر المعطلة بمن فيها المعتصمة بالرباط التي تقاصي شتى أنواع التعذيب والتنكيل اليومي من طرف قوى القمع والتي تعتبر كأحد أوجه وتجليات الأزمة التعليمية في المغرب والتي لا تنفصل عن الأزمة العامة للنظام القائم نظرا لارتباطه البنيوي بالامبريالية.
واقع التعليم والجودة ما بعد الإلزاميته
يشير المخطط الاستعجالي الى الزامية التعليم في حدود 15 سنة، لكن لمادا السن 15 لأنه السن القانون للتشغيل المسموح به وطنيا و دوليا، لكن في المقابل نجده فيما بعد 15 سنة، يركز على دعم وحفز المبادرة الخاصة وتفوق عبر خلق ثانويات مرجعية في كل جهة، إحداث 8 ثانويات تأهيلية للتفوق، التي نص عليها الميثاق الطبقي للتركيع و التبضيع حيث تم الشروع العمل بها هده السنة في بعض الجهات ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو، من هو التلميذ المتفوق؟ وما هي المعايير التي سيتم الاعتماد عليها لولوجها؟، وللإجابة على هدين السؤالين سأكتفي بتقديم الإجابة التي أعطوها هم أنفسهم "وبغية تجنب الانزلاقات أو التجاوزات المحتملة المرتبطة بجاذبية هده المؤسسات بالنسبة للتلاميذ، سيكون إحداثها موضع تأطير دقيق ينبني على معايير مضبوطة (طبعا لمنع وإقصاء أبناء الفقراء من الولوج إليها إلا من رحم ربك كما يقال) لاختيار التلاميذ، وعلى سيرورة تقويمية واضحة ومنتظمة." وللإشارة فمن أهم المعايير التي تم الاعتماد عليها في الاختيار هي نسبة النجاح المحققة في المؤسسة، فهناك ثانويات حققت نسبة نجاح % 100 !!!أو قاربتها في امتحان البكالوريا لكن حققتها طبعا بالغش في الامتحان والتزوير و تسريب الامتحانات و تعامل بعض الأطر بمنطق نفعي و استغلالي للتلاميذ و لأوليائهم على حد سواء، وبالتالي استحقت المكافأة وشهادة الامتياز !!!؟، أما التلاميذ الغير متفوقون – والتي تتداخل فيها من الأسباب الموضوعية المرتبطة أساسا بالوضعية الاجتماعية للتلاميذ فلا يتم الحديث عنهم فمصيرهم الشارع لاستغلالهم أبشع استغلال، ما دامت حتى الجامعة لن يستطيعوا الإلتحاق بها وهدا كلامهم في المجال 3 من المخطط الاستعجالي المشروع 21 المتعلق بوضع نظام ناجع للإعلام والتوجيه "وهكذا ستقدم كل جامعة/كلية رأيها، بالقبول أو التحفظ، (لتلطيف الأسلوب طبعا) بصدد كل تلميذ طلب الالتحاق بها إما من خلال دراسة ملف يبعث به التلميذ، أو…" وبالتالي يتضح المنطق الاقصائي الذي يحكم النظام القائم تجاه التلاميذ المنحدرين من اسر معوزة، أو في أحسن الأحوال يتم الحديث عن إحداث مسالك تقنية في الجامعات أو ثانويات تقنية من أجل استقبالهم حتى يتمكن النظام القائم من رفع نسبة الوافدين إلى سوق الشغل والتي حددها الميثاق الطبقي للتربية والتكوين في 60% مع نهاية العشرية الوطنية للتربية والتكوين قد يراه البعض حلم جميل ما دام أن المواطن سيجد عملا وبالتالي سيعود بالنفع على الجميع، لكن لا يجب أن ننسى واقع الشغل بالمعرب و خاصة القطاع الخاص ومدى حجم الاستغلال الذي يتعرض له المواطن المغربي من قبل هدا القطاع.
أما على مستوى الجودة التي ينادونا بها، فهو مفهوم جاء به الميثاق الطبقي للتربية والتكوين وكرسه المخطط الاستعجالي، وهو مرتبط بالبضاعة (السلعة) وبعالم الاقتصاد وثقافة المقاولة، وبالتالي أصبح الحديث عن "تسليع أو تبضيع التعليم" أي جعله سلعة كباقي السلع والبضائع في السوق الاستهلاكي تقبل ثمن (أي مقابل مادي) حسب نوع السلعة المعروضة في السوق، والتخلي عن المدرسة المعرفية التي تقدم معارف عامة خالية من أي مقابل مادي، فأي جودة في ظل الاكتظاظ المهول الذي تعاني منه المؤسسات التعليمية ببلادنا (الاكتظاظ بالأقسام قد وصل إلى 54 تلميذ في القسم الواحد أما قسم 40 تلميذ فقد أصبح عاديا !! ) وفي ظل محاربة ظاهرة التكرار والفشل الدراسي التي تؤرق "أصحابنا" واضعو هدا المخطط الدين يؤكدون على أنها ما زالت بنسب مرتفعة رغم أن الوزارة الوصية تحرص على أن تكون نسبة النجاح مرتفعة، وأن تفوق في غالب الأحيان ما يزيد عن 90% (خاصة في التعليم الابتدائي و الإعدادي الذي يعتبر الركيزة الأساسية )، ودلك بالتحكم في الخريطة التربوية التي تحدد لكل أستاذ عدد التلاميذ الذين سيشملهم التكرار، فقد أصبح العكس، في الأول كانت تتحكم في نسبة النجاح- من أجل إقصاء أكبر عدد ممكن من أبناء الكادحين من إكمال دراستهم حتى تتمكن من السيطرة والسيادة على المناصب العليا في جهاز الدولة، أي الحفاظ على الأطر التقليدية للمجتمع، وهذا ما ينتج لنا تلاميذ لا يعرفون القراءة والكتابة رغم أنهم في مستويات دراسية عالية (السادسة أو السابعة وحتى التاسعة ...) مثلا وحسب إحصائيات الوزارة الوصية، فمعدل سنوات التمدرس في الابتدائي يصل إلى 6.7 سنوات وفي الإعدادي 4 سنوات مما يشكل تكلفة إضافية مقدارها%35 وبالتالي يتضح مند البداية أن الهاجس المتحكم في محاربة ظاهرة التكرار هو مادي وفقط، وللإشارة فهدا المخطط لا يشير إلى ظاهرة الغش في الامتحانات لا من قريب ولا من بعيد ولا إلى طرق معالجتها والتي أصبحت ظاهرة عامة حتى أصبح بإمكاننا أن نقارن ما بين امتحاناتنا و انتخاباتنا وفي كل مرة تطل علينا الوزارة الوصية بعبارتها الشهيرة لقد مرة الانتخابات عفوا الامتحانات في جو عادي ونزيه، حتى وإن كانت هناك حالات غش فهي تعتبرها معزولة لا تؤثر على السير العادي للامتحانات، وهاته الحالات تحملها إلى المدرس والتلميذ معا من اجل تبرئة ساحتها !!! .
وبالتالي يتضح أن النظام القائم همه الوحيد هو إيجاد الحلول التي تؤدي إلى خوصصة التعليم أما الجودة فهي مقتصرة على أبناء الطبقة البرجوازية التي توجد في المدارس الخاصة وبأسعار مرتفعة وتكاليف باهظة لا تستطيع أن تتحملها أغلبية الأسر ما دامت الجودة لها ثمن ومقابل يجب أن يؤدى عنها من وجهة نظر النظام القائم.
ولن نجد أفضل من مقولة كارل ماركس لنختم بها حول شعار الجودة الذي يرفعه النظام القائم "كلما اشتد تطور تناقض بين قوى الإنتاج النامية والنظام الاجتماعي القائم، أصبحت إيديولوجية الطبقة الحاكمة مشبعة بالنفاق وكلما فضحت الحياة بهتان هده الإيديولوجية غدت لغة تلك الطبقة مهذبة وفاضلة" نحن الآن أمام مخطط جاء بإجراءات عملية اشد خطورة والتي تستهدف مجانية التعليم وضرب المدرسة العمومية وبالتالي تبقى الإجابة التي قدمها الطلبة القاعديون - المجانية أوالاستشهاد- كإجابة علمية، على حجم الاستهدافات الخطيرة التي تتعرض لها الحركة الطلابية، محافظة على علميتها وراهنتيها كشعار تكتيكي يؤطر المرحلة، وبالتالي مزيدا من النضال والصمود وتوحيد الصفوف للتصدي للإجراءات هدا المخطط لان المرحلة تستدعي توحيد الصفوف من أجل بناء وحدة صلبة ومتينة فقد أثبتت التجربة أن المعارك رغم قوتها وحجمها و مدى التضحيات التي تقدمها لم تستطع تحقيق مكاسب مادية ملموسة مادامت هده المعارك مشتتة وغير موحدة . ميمون المغربي دجنبر 2009
* ميثاق التربية والتكوين أم مخطط طبقي للتركيع والتبضيع ** http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=189094
#ميمون_المغربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تنسيقيات النضال ضد الغلاء و تدهور الخدمات العمومية سيرورة ال
...
-
مهنة التدريس، أي مصير؟
-
النهج الديمقراطي القاعدي:نضالات, استشهادات, قرون من السجن-ال
...
-
النهج الديمقراطي القاعدي: نضالات, استشهادات, قرون من السجن -
...
-
النهج الديمقراطي القاعدي:نضالات, استشهادات, قرون من السجن-ال
...
-
الاعتقال السياسي و مهام المناضلين
-
كفى من التضليل! كفى من تشويه الحقائق!
المزيد.....
-
صور سريالية لأغرب -فنادق الحب- في اليابان
-
-حزب الله-: اشتبك مقاتلونا صباحا مع قوة إسرائيلية من مسافة ق
...
-
-كتائب القسام- تعلن استهداف قوة مشاة إسرائيلية وناقلة جند جن
...
-
الجزائر والجماعات المتشددة.. هاجس أمني في الداخل وتهديد إقلي
...
-
كييف تكشف عن تعرضها لهجمات بصواريخ باليستية روسية ثلثها أسلح
...
-
جمال كريمي بنشقرون : ظاهرة غياب البرلمانيين مسيئة لصورة المؤ
...
-
-تدمير ميركافا واشتباك وإيقاع قتلى وجرحى-..-حزب الله- ينفذ 1
...
-
مصدر: مقتل 3 مقاتلين في القوات الرديفة للجيش السوري بضربات أ
...
-
مصر تكشف تطورات أعمال الربط الكهربائي مع السعودية
-
أطعمة ومشروبات خطيرة على تلاميذ المدارس
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|