اقطاب العملية السياسية في العراق ولطمة برسكوني ؟
جمال محمد تقي
2010 / 1 / 23 - 17:26
لطمة برسكوني هي الضربة القاضية ، كسارة الاسنان التي تستبدل ماء الوجه المسكوب بالدم ، هي رجة التصادم بين الناظر لصورته بالمرآة والمرآة ذاتها ، هي لكمة او صفعة او ركلة او نطحة او رفسة او صعقة او خبطة او كل هذه الاصناف مجتمعة معا في تمثال من حجر صلد مرمري الملمس نحتته تقلبات الازمان المتناغمة مع تعاقب عوامل التعرية والتآكل والتي ساهمت بتشكيله لتكون صفعته ردا مقتحما وبدون سابق انذار لحلقات الدوران الفاسد ، ضاربا في طريقه وجه كل عائق على باب الانسياب فاتحا ثغرات في عوالق الانسداد ، وكأنه جاء ليعطي دروسا تأديبية للخارجين بخفي حنين من مدرسة التاريخ وعبره ، ليقول لنا هذا انا لا قانون غير قانوني وان القيتم بي في بحور النسيان فستجدوني شاخصا بوجوهكم المترنحة من قوة الصدمة !
لطمة برسكوني هي صنف من صنوف العقاب ربما سيشيع استخدامه في اماكن اخرى غير اوروبية وقد تلصق ببرسكوني كلصقة جونسن بكل ظهر او وجه لا يريد ان يرى الاشياء كما هي في حقيقتها ، هذه الوجوه والظهور الممسكة بالناس من اياديها التي تؤلمها !
حملة اعادة انتخاب برلمان العملية السياسية ، تعادل من حيث تكلفتها وطول مدتها والجهود المبذولة بها والاخلاص النوعي لها والتي ابتدأت التحضيرات لها منذ انتهاء انتخابات مجالس المحافظات ، كلفة خطة سنوية متكاملة لاعادة اعمار الطرق والجسور ومجاري الصرف الصحي في اغلب محافظات العراق ، اما اذا حسبنا باثر رجعي كل تكاليف الجولات السابقة فاننا سنحصل على نتيجة مذهلة تقول انها تعادل مجهود سنة كاملة من عملية اعادة اعمار قطاعي الطاقة والزراعة في كل العراق !
الصراع على السلطة واستخدام المؤسسات العامة والمال العام في محاولات انتزاعها انتخابيا او انقلابيا او في استخدام الاسلوبين معا هو ما يميز اعادة النظر باوزان التحاصصات العنصروطائفية مع كل دورة جديدة لاعادة تداول السلطة والذي وكلما اقترب موعد الانسحابات الامريكية الثقيلة يفقد ركنا من اركان سلميته !
لذلك كله فان مقترح بعض ممثلو الكيانات من الابقاء على البرلمان الحالي لدورة جديدة وانه لا ضرورة لاجراء انتخابات ، واعتماد نفس الاعضاء كممثلين عن الكيانات هو امر يتسق مع السياق العام للوضع القائم فعليا ، لان حتى اللعبة التي لعبوها بشروطهم غير مطمئنة لهم ولذلك هم يناضلون للتملص من استحقاقاتها ، فعلا لا داعي للانتخابات مادام الامر لا يتعلق بالشعب وارادته الحرة وانما يتعلق باحزاب طائفية وعنصرية وانتهازية تعتبر نفسها ممثلة ابدية لمكونات الشعب ، فالشيعة يعبر عنهم الائتلاف الشيعي والاكراد يعبر عنهم الطالباني والبارزاني وهما لن يتنازلا عن مكانتهما الا بالقوة ، والحزب الاسلامي ومتفرقاته ممثلا عن السنة ، وهناك كوتا للاقليات والنساء فما ضرورة ودواعي الانتخابات ، انها مجرد روتين مكلف ومثير للمتاعب لا اكثر !!
النائبان عن حشع هما ايضا يتمنيان بقاء الحال على ما هو عليه لانهما يستشعران بان الكيانات الكبيرة ستلتهم مقعديهما اليتيمين خاصة وان حشع قد اصبح خارج التغطية بعد انسحابه من تحت غطاء قائمة علاوي ، ولان بث برلمان اربيل لا يوصله الى محطة برلمان بغداد !!
الان عمل البرلمان معطل بفعل فاعل وما زالت الكثير من القوانين تنتظر الاقرار التشريعي ، عمل الوزارة مُنصب بمجمله لخدمة المشاركين في الحملة الانتخابية ، احزاب الشمال العنصرية الفاسدة تهندس لاقصاء قائمة التغيير ، واحزاب المركز الطائفية تهندس لاقصاء كل منافس يهدد هيمنتها ، وبين هذا وذاك لا احد يدفع الثمن غير ابناء هذا العراق الذين لا صوت لهم !
اسهم المالكي هبطت كثيرا في البورصة الانتخابية خاصة بعد الفشل الامني المتلاحق والاحتلال الايراني لبئر الفكة ، وبالمقابل فان اسهم الائتلاف الوطني الذي يقوده الحكيم قد ارتفعت ناهيك عن ارتفاع اسهم القائمة الوطنية العراقية ـ علاوي والمطلك والهاشمي والباججي ـ مما حدى بالمالكي وبتدبير من فريق عمله الواسع للعمل على بعثرة قائمة علاوي المطلك من خلال حرمان بعض رموزها ، والتقارب مع الائتلاف الوطني لبناء جبهة موحدة بعد الانتخابات لامتصاص اندفاعتها القوية في منافسة قائمة دولة القانون ، الائتلاف الوطني بقيادة الحكيم من جانبها لا تنتظر ما سيساومها عليه شقيقها بالرضاعة حلف دولة القانون بقيادة المالكي ، انها تنهمك لحصر نار الانتخابات لعجين خبزتها لذلك فهي تستبشر خيرا بتحالف جبهوي مع الكردستاني ، لاسيما وان قم وطهران تدعمها بقوة ، والسيد السيستاني لا يخفي خشيته من تفرق قوى الائتلاف الشيعي الذي اتضح ان المالكي من يتعزز على انجازه ، الحكيم يزور دمشق ويناقض خطاب المالكي في بغداد ، وعادل عبد المهدي يذهب لواشنطن ليقدم عروضه كبديل يناسب الجميع ، المالكي يفقد اعصابه كلما اقترب موعد الحسم ، وهو لم يستسلم بعد فأمامه وقت ليس بالضائع لاضاعة الفرصة على الاخرين في انتزاع المنصب الاول من بين يديه ، ستشهد بغداد افلام مكررة وافلام تعرض لاول مرة خلال هذين الشهرين حتى يوم الحسم ، ربما اغتيالات واندماجات او فضائح واعمال ارهابية تنسب مقدما وكالعادة للبعث والقاعدة ، وربما سنشهد كل ذلك دفعة واحدة مع اضافات نوعية لا نستطيع حاليا تلمسها !
انتبهوا الجميع يعض على اصابعه ، والحذر كل الحذر من ردود فعل الضربة التي تجرح ولا تميت !
يبقى ان نقول ان التصويت لاي قائمة غير طائفية اوعنصرية او انتهازية ، ليبرالية كانت او اسلامية متحررة او وطنية علمانية هو خير الف مرة من المساهمة بالدوران في حلقة الثلاثي الكريه ـ الائتلاف الوطني بقيادة الحكيم ودولة القانون بقيادة المالكي والتحالف الكردستاني بقيادة الاخوة اللداء البارزاني والطالباني ـ على الرغم من التزوير الجاري من تحت وفوق !