أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصمان فارس - مسرحية أنتيغون للكاتب الفرنسي جان أنوي: فتاة في مواجهة البطش















المزيد.....

مسرحية أنتيغون للكاتب الفرنسي جان أنوي: فتاة في مواجهة البطش


عصمان فارس

الحوار المتمدن-العدد: 2893 - 2010 / 1 / 19 - 08:58
المحور: الادب والفن
    


في مرتفع الجبل الابيض وسط مدينة ستوكهولم وفي يوم ثلجي بارد تعرض مسرحية انتيغون لفرقة مسرح أوبيرون . المكان ملجأ حزبي معد لحماية المدنيين من الحروب المدمرة والوقاية من الاسلحة الفتاكة تجاوز المخرج الشاب كارل سلداهي حدود المسرح التقليدي مع فرقة.ان عملية تحقيق المتعة الجمالية في عرض أنتغونا جاء نتيجة الدهشة وكسر وازالة المسافة الجمالية مابين هذا العرض المدهش والجمهور وكانت شفرة العمل الفني وحالة التأويل هوجمالية العرض المسرحي من خلال تواجدنا في هذا المكان وشعورنا بحالة الحشد والانقباض النفسي ونحن نعيش اجواء الحرب وصفارات الانذار والقصف المدفعي وازيز الرصاص وصوت الطائرات.وكيف استطاع المخرج الشاب كارل تفعيل كل أدواته الفنية من التمثيل والاظاءة والديكور والتشكيلات الجمالية وحركة المجاميع والمحاولة الذكية كانت من خلال تأويل واعداد نص مسرحية أنتيخونا بثوب عصري واعادة خلق النص دراميآ وخلق حالة الابهار في مشاعرنا واحاسيسنا ولكون حكاية أنتيخونا لنا بكل احداثها، وكيف استطاع المخرج ان يخلق من حكاياتها حكاية واحداث طازجة تمثل الزمن الحالي بكل تناقضاته من صراع وحروب وقتل عشوائي وبطش الانظمة ذات التوجهات الحربية؟ تأويل النص جعل المتلقي منذ الوهلة الاولي في حالة دهشة من حقيقة مايشاهده. اين اختفت قيم الحب ولماذا سادت قيم الانتقام؟ عالم مليئ بالمشاعر الزائفة في ظل حكم فردية قرارات كريون الزائفة. ومحاولة التجريب علي النص المسرحي وعلي كل الادوات الفنية داخل بنية المكان في العرض المسرحي استطاع المخرج وفريقه المسرحي تفعيل كل ادوته الفنية بشكل مدهش ومبهر ويعد المؤلف جان انوي من جيل الحرب العالمية الثانية.. كتب مسرحيات السود وبعد ذلك كتب المسرحيات الوردية عالج فيها تشاؤم الافكار المستحوذة عليه مثل الفقر في عالم الفقراء، ثم كتب المسرحيات المفرحة واعاد معالجة الموضوعات الكلاسيكية بمنظور حديث مثل مسرحية انتيغون، ومسرحية روميو وجولييت. ان مسرح انوي هو مسرح الصراع السياسي، شخصيات اغريقية ولكن بأبعاد وملامح معاصرة وبناء الحوار الرائع علي الطريقة الفرنسية. ففي المسرح التجريبي هناك الكثير من المغامرات الممتعة والبحث عن الجديد في الاخراج.
كانت امنيتي ان ادخل واغوص في هذه الاماكن المرعبة وخاصة انني القادم من العراق وما تعرض للحروب والنكبات نتيجة موقعه ومواقفه الراديكالية. المكان جبل، ابواب حديدية، ممرات، ملجأ حربي بمواصفات راقية من الاضاءة والمقاعد. صالة لشرب القهوة الملك كريون ببدلته المعاصرة يضع المكياج علي وجهه امام الجمهور وهو يتحدث ويحاور جمهور المسرح ويسأل الجمهور ان كانوا بحاجة لقضاء حاجتهم بخصوص المرافق الصحية. ويقودنا عبر البوابة الرئيسية وفي ممر ضيق يحشر البشر فيه مع صافرات الانذار الحربية نتيجة لغارة جوية وقصف مدفعي واصوات مضادات ارضية. الاحداث تدور في اي مكان من العالم يوغسلافيا ـ بغداد ـ غزة، ام تنادي ابنها وهو محاط بالشباك رمز ودلالة للسجن وترمي له بالاكل.. مجموعة حراس يرتدون البدلات السوداء مع اسلحتهم وهم يشهرون المسدسات في وجه الجمهور.. عشرون دقيقة ونحن عند بوابة العبور ننتظر ونستمع الي حكاية هؤلاء في ظل الحرب والخوف والرعب عشنا الاجواء وطوابير البشر لا تعرف الي اين المصير وهل الاحداث في ظل حرب الغزاة في بغداد او حرب الغزاة في غزة او الخليل، تفتح الابواب وبأوامر من كريون يقودنا مع حمايته تأتيه الي مكان معد مسبقا لاحداث المسرحية كريون يذكرني مع حمايته برجال المافيا او اي رجل سياسي مهووس بالحماية وحارسه الشخصي. اسمينا الاخت تظهر بملابس عصرية مع دراجة هوائية حديثة، وانتيغون بملابسها السوداء مع سروال امرأة قريب من سروال المرأة الكردية او البوسنية، ماميون ابن كريون يرتدي البدلة السوداء، والمسرحية قريبة من الرومانسية الثورية، انتيغون ترفض الوقوف في المطبخ لاعداد الطعام كأي امرأة او تغسل الصحون حتي الحب بدأت تنساه نتيجة المأساة، فهمها الاكبر هو تجاوز قوانين كريون الظالمة بحق اخيها غير مسموح بدفن جثته لكونه متهم بالخيانة. وانا اشاهد هذه المسرحية أنتغونا شعرت بالحزن وبدهشة الدموع لموقف انتيغون وسبق ان شاهدت مثل هذه الحوادث الماثلة في حياتي لأناس مدنيين قتلوا وسحلوا في الشوارع وعلقوا علي اعمدة الكهرباء، وتركوا في العراء لايام طويلة والتمثيل بجثثهم وانبعثت رائحة كريهة في المدينة وبعد ذلك تم دفنهم بشكل جماعي، حتي الطيور احتجت علي هذا الموقف وعلي جرائم الانسان، فشخصية كريون وهو يتحاور بلغة انسانية ولكنه يحمل داخله سموم الغدر ولا يعرف شيئا سوي التشبث بالكرسي، وان تطلب ذلك قتل ابنه هايمون وحبيبته انتيغون تحت حراسة رجال مدججين بالسلاح هدفهم جمع المال والمتاجرة بالنساء. في هذه المسرحية لم اشعر بالحالة القدرية، فانتيغون اختارت هذا المصير بناء علي الموقف، كنا نشاهد فيها روح الشعب المتمرد. فمسرحية أنتيغونا تحوي في داخلها بعدا واحدا يوصلنا الي الاستقلالية وهذا اعظم انجاز في المسرح التجريبي اي مسرح له اهميته ودوره ويصبح المخرج دراماتورجيا لوحده دون وجود مؤلف، ويتمكن المخرج مع فرقته من الممثلين والفنيين في تمرير رؤيته، ويبدع في هذا النوع من المسرح وخلق فن جديد، خصوصا اذا كان المخرج الشاب كارل سلداهي هو ابن الممثل الكبير وصاحب الدور الرئيسي في المسرحية والفرقة الممثل سفن والترفي تقديم مسرحية أصيلة وخالدة في الذاكرة والتحرر من التغلغل التقليدي استطاع المخرج وبذكاء توظيف المكان لعرضه المسرحي، فوجود السلالم والمقاعد الخاصة تم توظيفها بشكل فني، وتعامل الممثل مع ادواته والمكان بشكل ذكي، وعمل المخرج بشكل مايسترو في التفاهم مع ممثليه لغرض تنفيذ اهدافه وتجسيد افكاره لما يمتلك من القدرة والشجاعة وهذه خصوصية وشخصية المخرج لمنح الثقة للآخرين. ويتصف المخرج في مسرحية انتيغون بقدرة ثقافية وفكرية ملائمة لعمله، وايمانه بالفكر الانساني ساعد المخرج علي تحديد طريقة التفكير والرؤية علي مساحة المكان وعلي مستوي العرض المسرحي. الجمهور جالس بطريقة الحلقة وكريون يصول ويجول حوله وعلي خشبة المسرح وخاصة في مشهد محاكمة انتيغون. بنية المعرض المسرحي والمكان تحول الي قاعة محاكمة انتيغون مع الجمهور لكي يبرز جبروت ودكتاتورية كريون. وعرف المخرج وهو يحمل المفتاح السحري ليفتح به مغاليق اسرار اسلوبه وطريقة تفكيره وايجاد اللغة المشتركة مع الممثل، خصوصا انه يتعامل مع نجوم كبار امثال الممثل الكبير سفن والتر وكيف لا لانه صاحب المواقف التقدمية والمعروف علي مستوي الدول الاسكندنافية في دفاعه عن حقوق الشعب الفلسطيني ويقف في خندق مناهضة العنصرية، ومعاداة فكرة الحرب. وهو يتغني في كل المناسبات بقصائد سميح القاسم، ومحمود درويش والمترجمة الي اللغة السويدية. ممثل كبير له شمولية الواقع يتواجد في كل عرض مسرحي بروحه وعقله وهو يدير الطقس الاحتفالي، محاولا انقاذ المتلقي من حالة الايهام المسرحي، ويؤكد علي ان المسرح مؤسسة تخدم الجماهيرودرس للوعي. انه صاحب صيت وموهوب، ويعد سفن والتر واحدا من اهم المسرحيين الواعين بدوره ورسالته الاخلاقية. والمسرح بالنسبة له ذلك المكان السحري الذي يلتقي فيه الناس من مختلف المشارب والاتجاهات، يتبادلون فيه رؤيتهم للعالم ولما يحصل حولهم. ومسرحية انتيغون تحمل كل حالات السمو والكمال والوقار بناء علي شخصية هذه الفتاة ووفائها لاهلها، وهذا السلوك والعظمة في شخصية هذه الفتاة مواجهة المستبد وبطشه، جعل المشاهد يتعاطف معها ومع انبل مشاعرها والاحتجاج علي سلطته كريون. ان عملية التمثيل بجثث الموتي من الاعداء امر مألوف علي مدي تاريخ الطغاة ولدينا شواهد كثيرة لما يحصل من ذبح يومي لشعبنا الفلسطيني وبدم بارد وكذلك قتل المدنيين والاسري وجرائم الامريكان في العراق.



#عصمان_فارس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كربلاء عاشوراء ومسرح الفرجة والتحريض الحسيني
- المسرح النسوي السويدي...حين يحتج الصوت الناعم
- وداعآ جلال جميل عاشق الضوء
- رؤية في ثلاث تجارب مسرحية للمخرجة ايفا برجمان
- فوبيا الانتظار في مسرحية غودو
- روميو وجوليت يلتقيان علي سيرك الحب
- مسرحية الزمن المظلم تخترق ستر الرياء وتبكي القلوب الجريحة
- مخرج عراقي يمسرح المشاعر المفقودة
- مسرحية الهروب للكاتب الروسي بولغاكوف تعاد في ستوكهولم برؤية ...
- مسرح داريو فو تهكم مرير ورقص ساخر
- السويدي اوجست سترندبري يستعيد الارث الكونيالي ويتحرر من الوا ...
- المسرح والنقد ثنائية لألمع الثمرات الأدبية
- مسرح ستوكهولم يحتضن موت راشيل كوري
- المخرج يوقظ الكلمة بأوكسجين الحياة في المسرح التجريبي
- فتاة البجع مابين تضاريس الحب وجغرافية الوطن
- شخصيات تشيخوف تعاني العزلة ومحاصرة بالذكريات
- المسرح الامريكي يفجر الصورة السائدة بعد الحرب العالمية الاول ...
- مسرح العبث يطلق مشاعر القلق نحو الوجود
- مسرحية مشهد من الجسر للكاتب آرثر ميللر: التصادم ما بين القان ...
- شاعرية تشيخوف وضحايا شكسبير وحياة مبنية على الكذب عند ابسن ت ...


المزيد.....




- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصمان فارس - مسرحية أنتيغون للكاتب الفرنسي جان أنوي: فتاة في مواجهة البطش