أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وسام الدين اسحق - تاريخ الكتابة العربية (الخط الكوفي) الكتابة والتشكيل















المزيد.....



تاريخ الكتابة العربية (الخط الكوفي) الكتابة والتشكيل


وسام الدين اسحق

الحوار المتمدن-العدد: 2887 - 2010 / 1 / 13 - 12:44
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


إسقاطات تاريخية:



إن عام 115 ق م تاريخ مشهور عند العرب حيث دونته كل شعوبهم وقبائلهم وهو اليوم الذي أنهدم فيه سد مأرب الشهير والذي كان قد بناه الملك عامر الملطوم الأزدي جد الدواسر والذي دفع العديد من القبائل العربية إلى الهجرة في جميع الأمصار.

[img]http://c1.ac-images.myspacecdn.com/images02/72/l_bb13313a46fb4af0aaede5832081a554.jpg[/img]


[img]http://c3.ac-images.myspacecdn.com/images02/88/l_0f3b8abece2243c89f2f015dbe649fc2.jpg[/img]

العرب العاربة والعرب البادئة:

عقب سيل العرم تفرقت العرب العاربة الى ارض الجزيرة العربية وبلاد الشام ومصر والسودان والحبشة ولكن كان منهم اصلا
ما هو في الشمال مثل الثموديين في العلا والذين يعدوا من العرب البائدة كما انصهروا فيما بعد في قضاعة الحميرية, كما كان الخيبريين واليثربيين في المدينة, فانصهروا في الاوس والخزرج الانصار الازديين, وهناك الجرهميين وهم من قحطان في مكة وانصهروا في خزاعة الازدية, والتي اجلت جرهم وصهرتها فيها واخذت ولاية البيت عندما كان متعاقبا علية في العرب العاربة من عهد هود عليه السلام الى عهد خزاعة ثم آل بعد ذالك الى العدنايين, والجدير بالذكرأن العدنانيين هم من بني إسماعيل الذين أتوا من فلسطين بهجرة إبراهيم عليه السلام إلى أرض مكة, وبناءه للكعبة هو وإبنه إسماعيل عليه السلام, حيث قطن هو وأمه في ذلك الوادي الذي لا زرع فيه حيث يعتبرهم العرب من العرب المستعربة.

[img]http://c1.ac-images.myspacecdn.com/images02/66/l_26133be00aa84498a3084151838622d4.jpg[/img]

قبيلة مذحج :
في القرن الاول الميلادي تقريبا عقب سيل العرم من اثر انهدام السد الشهير بمأرب كانت مذحج قبيلتي (جنب وشمران) من القبائل النازحة والمهاجرة تاركة اليمن وقاصدة مكانا اخر للعيش فيه, فاقتربت مذحج من مكة واوديتها فرأت أن خزاعة قد سبقتها إليها, ورأت أن مكة يسكنها من القبائل العدنانية بني عدوان ونضر وسدانة والبطحاء والتي تعيد أصالاتها القومية للأنباط: جاء في اللسان, : قال محمد بن سيرين : سمعت عبدة قال : سمعت علياً (رض) يقل : "من كان سائلاً عن نسبنا فإنا نبط من كوثى".ونحن بني عدنان فتكاتف العدنانيون واتحدوا ضد هذا النزوح الذي اعتبروه استيطانا سافراً والتحم الطرفان في حرب طاحنة تعرف بيوم البيداء بقيادة عامر بن الظرب العدناني, الملقب بالعدواني, وانتصر على قحطاني مذحج وأجبرهم على النزوح جنوباً إلى تهامة.
وقال فيها ابن الظرب :

أبونا مالك والصلب زيـــــد ==== معدا ابنه خير البنينــــــــــا
اتاهم من ذوي شمران آت ==== فظلت حولها أمد السنينــــا
فيا عوف بن بيت يالعـوف ==== وهل عوف لتصبح موعدينا
فلا تعصوا معدا إن فيهـــا ==== بلاد الله والبيت الكمينــــــــا

وقال أبو المنصور : والقول هو لقوله رضي الله عنه : فإنها نبط من كوثى, ولو أراد كوثى مكة لما قال نبط.
وكوثى العرق هي سرة السواد من محل النبط . وإنما أراد علي أن أبانا إبراهيم كان من نبط كوثى , ونحو قال إبن عباس : نحن معاشر قريش حي من نبط من أهل كوثى, والنبط من أهل العراق".
من كتاب حصاد الفكر في اللغة العربية - لجنة باحثين - ص 285 - 286.
ومن ذالك الوقت الى يومنا هذا وما زالت شمران العصاة تسكن تهامة وقريبا من مكة ولها بعض العوائل القديمة التي تسكن مكة المكرمة وبذالك فإن شمران كانت معروفة في الجاهلية قبل ان تسكن السراه في القرن الثالث والرابع الهجري وكانت من عتاة مذحج الطعان ومن جنب, فأحياناً تأتي تحت مسمى مذحج واحيانا تحت مسمى جنب واحيانا تأتي صريحة هكذا كما اورد ذكرها ابن الظرب, وهذا ان دل عل شيء فإنما يدل على قوة شمران وسطوتها ناهيك عن اخوانها الجنبيين والمذحجيين, وفي نهايات القرن الثالث الهجري وبدايات القرن الرابع الهجري توسعت شمران في نفوذها الى الحجاز اعالي السراة, ونجد في تبالة وبيشة, وكان قبلها هاهناك شهران واكلب وناهس فتحالفت مع تلك القبائل تحت اسم الحلف التاريخي الشهير "خثعم" حيث قاموا بنحر جمل ثم خثعموا ايديهم بدم البعير, [u]أي لطَّخوا [/u]ايديهم وتصافحوا على ان يكونوا يدا واحدة, ذاك مايسمى التحالف والحلف وبسبب هذا الحلف وقع الكثير من النسابة في اخطاء ولكن بقية شمران صريحة ونقية النسب عند اوثق النسابة في جنب ثم في مذحج, ولكن بقي الخلاف في القبائل الباقية وقد استطاعت شمران ان تفرض نفسها في هذه الديار الجديدة, الى ان اصبح يظن الناس وبعض النسابة ان ناهس واجزاءا من شهران هم من شمران وذالك لشهرتها ولصيتها الذائع.
ويعتبر اسم الحلف تاريخا وفخرا لهذه القبائل الاربعة (شمران واكلب وشهران وناهس ) وليس نسبا او جدا, آثرت كل قبيلة ان تستقل باسمها ونسبها الاول القديم, فمنها شمران وهم ابناء يزيد بن جنب بن مذحج, وكذالك شهران وهم ابناء انمار, وقد اختلف في عدنانية او قحطانية شهران واكلب (وناهس هم خثعم وعليان والعوامر اليوم).
اذن لقد مرت شمران عبر مراحل عدة استطاعت فيها ان تذروا سنائم المجد والعلا.
ففي الجاهلية بمذحج مع ابناء عمومتها وبعدم نكران انها بطن من بطونها الفتَّاكة كما ذكرها ابن الظرب ومن ثم بجنب ومن ثم بخثعم الحلف.

[color=#FF0000]توحد قبائل سبأ وحمير:[/color]

أثناء حكم الملك شمر يهرعش هو شَمّر يهرعش بن ياسر يهنعم، 300 م وهو الملك الذي تنسب إليه الأخبار كثيرا من البطولات والأمجاد، بل هو من أبرز الشخصيات الملحمية في قصص أهل اليمن، وقد استطاع هذا الملك أن يوحد الكيانين السياسيين الباقيين وهما سبأ وحمير في في كيان واحد، وأقام حكما مركزيا قويا وحمل لقب ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمانة وانتهت مأرب كعاصمة وحلت محلها ظفار، وقد عرفت هذه الفترة التي تبدأ بتوحيد المناطق اليمنية في وطن واحد وسلطة مركزية واحدة عاصمتها ظفار بفترة حمير، وهي الفترة التي بقيت ذكراها عالقة في أذهان الناس ، وتناقل الرواة أخبارها قبل الإسلام أكثر من أية فترة سابقة في تاريخ اليمن القديم.


[img]http://c3.ac-images.myspacecdn.com/images01/91/l_5ca79a25741136f079c6f9d705d60aaa.jpg[/img]
كتابة سبأية.
[img]http://c4.ac-images.myspacecdn.com/images01/37/l_457b0c9cb42ea3c9c97570fcb000ecf7.jpg[/img]
الأبجدية السبأية
[img]http://c2.ac-images.myspacecdn.com/images01/8/l_28a3ba9b2605ad7cd5671c177b0a5c61.jpg[/img]
ترجمة النص :

نعش | وقبر | أخيه
ن | بن | هن عبد | بن | ع
الحرف الأول غير واضح ثم : ني | ضغا | شعدغا
وفي نهاية شاهدة القبر توضع الأحرف (شعدغا) وهي للتأريخ
بحيث كل حرف له قيمته العددية حسب الأبجدية, وإذا أخذنا القيم حسب تسلسل الأحرف الأبجدية النبطية يكون التاريخ يعود إلى هذا الرقم :
ش = 500 , ع = 90 , د = 4 , غ = 1000, ا = 1
المجموع = 1595 أي سنة 1595 ولكن هذا التاريخ يعود إلى تاريخ معين محسوب من قبلهم لكننا نعلم أن هذ التاريخ يعود إلى عام 480م

[img]http://c3.ac-images.myspacecdn.com/images02/70/l_c7ad73f1a7d94268b6b5dd077fa695f6.jpg[/img]


ترجمة النص:

“Ammî amar son of Ma dîkarib dedicated to Almaqah Ra suhumû. With Athtar, with Almaqah, with dhât-Himyam, with dhât-Ba dân, with Waddum, with Karib îl, with Sumhu alî, with Ammîrayam and with Yadhrahmalik

[img]http://c3.ac-images.myspacecdn.com/images01/25/l_0e4057d04f25abd0dff407e0a096df76.jpg[/img]

كتابة حميرية



ويذكر نقش يمني شهير بأن عامل شَمّر يهرعش 300م في صعدة ريمان ذو حزفر اشترك في عدة حملات وجهها هذا الملك شمالا، ثم استمر غازيا، أو في سرية حتى بلغ أرض "تنوخ"، وتنوخ هو اتحاد القبائل العربية الذي كان أساس ما عرف بعد ذلك بدولة اللخميين في الحيرة، ويبدو أن امرؤ القيس بن عمرو من مؤسسي تلك الدولة – كان ممن وقف في سبيل تلك الحملة اليمنية، ويذكر نقش النمارة الذي عثر عليه على قبر امرئ القيس أنه قام بحملات عسكرية باتجاه جنوب الجزيرة بلغت نجران مدينة شمر ، ويشهد نقش عامل شمر يهرعش على أن كل شبه الجزيرة العربية كانت امتدادا حيويا للدولة اليمنية حيث لا حدود إلا حدود القوة والتمكن ، ويؤكد ذلك أيضا الحملات العسكرية المظفرة التي شنها خلفاء شمر يهرعش في منتصف القرن الرابع الميلادي في نجد والبحرين على الساحل الغربي للخليج العربي.

[img]http://c1.ac-images.myspacecdn.com/images01/118/l_023477983a3c83339ebf66bd234a37b0.jpg[/img]

نقش النمارة مكتوب بالأحرف النبطية.
ترجمة النص :
هذا قبر امرئ القيس بن عمرو ملك العرب كلهم الذي تقلد التاج. واخضع قبيلتي أسد ونزار وملوكهم وهزم مذحج وقاد. الظفر إلى أسوار نجران مدينة شمر واخضع معدا واستعمل بنيه. على القبائل ووكلهم فرساناً للروم فلم يبلغ ملك مبلغه. إلى اليوم. توفى سنة 223 م في 7 من أيلول (كسول) وفق بنوه للسعادة", عام 223 بتقويم بصرى الموافق لـ 338 م


وتنوخ هي الوحدة الأولى لقبائل العرب في العصر الجاهلي:

ورد ذكر تنوخ في النصوص السبئية والحميَرية وفي الكتابات الحسائية وفي كتب بطليموس. حيث تشكلت قبيلة تنوخ من اتحاد قبلي شمل أكبر القبائل العربية، ضمت :الأزد، قضاعة، وقبيص، وإياد، وتميم، والعماليق. واتفق زعماء هذه القبائل على تمليك زعيمهم مالك بن فهم الدوسي الأزدي والمناداة به ملكاً على المنطقة المحصورة بين نجد غرباً والخليج العربي شرقاً وحدود عُمان جنوباً، وحدود البصرة شمالاً ، وقد سميت هذه المنطقة الجغرافية الشاسعة البحرين.

ومن تاريخ المناطق الشمالية التابعة للفرس نورد لكم نبغة تاريخية عن أراضيها وسكانها الأصليون فيعتبر وادي الرافدين في المنظار الضيق، هو الأرض المحصورة بين نهري دجلة والفرات، شمالي أو شمالي غرب التخصر الواقع عند بغداد، في العراق الحديث، والمسماة الجزيرة. وجنوبي هذه المنطقة الممتدة من الخليج العربي من الجنوب الشرقي الى قمم جبال طوروس في الشمال الغربي وتحدها جبال زاغروس من الشمال الشرقي والهضبة العربية من الجنوب الغربي.
ان التفوق التراثي للقسم الشمالي لبلاد مابين النهرين والذي استمر لغاية حوالي 4000 ق.م، كان قد سبقه سكان الجنوب عندما استجاب السكان هناك الى التحدي الذي يفرضه الموقف عليهم.
من النادر ان تتوسع الامبراطوريات على مساحات واسعة تؤمن لنفسها واردات وذلك بسلب او اخضاع المناطق المجاورة.
ان المادة الخام التي اختصت بها حضارة بلاد مابين النهرين هي الطين, من خلال المعالم المعمارية المبنية من اللبن ومن اعداد وانواع التماثيل الصغيرة وابداعات الفخاريات، تحمل حضارة بلاد مابين النهرين الطابع الطيني كما لا تحمله حضارة اخرى، ولا يوجد مكان آخر في العالم عدا بلاد مابين النهرين، والمناطق الذي بسطت نفوذها عليها، فاستخدم فيها الطين كواسطة للكتابة.
ان مصطلحات مثل " الحضارة المسمارية"،" الادب المسماري" ، و "القانون المسماري" لا يمكن ان تنطبق الا اناس يمتلكون فكرة استخدام الطين الطري لا لصنع اللبن والجرار والتي كانت تختم لبيان ملكيتها فحسب ولكن ايضا كواسطة لوضع علامات تدل على معان – انجازات ذكية ادت الى اختراع الكتابة.

[img]http://c3.ac-images.myspacecdn.com/images02/75/l_11b1a47dc92f4196a0aac80512b23b16.jpg[/img]

الكتابة المسمارية

امتلكت بلاد مابين النهرين العديد من اللغات والحضارات؛ تاريخها مجزء الى عدة فترات وعصور؛ ليس فيها وحدة جغرافية حقيقية، وفوق كل شئ لا توجد عاصمة دائمة، فهي باختلافاتها تبرز متميزة عن باقي الحضارات ذات السياق الواحد.
تشكل النصوص والهياكل عامل توحيد، ولكن حتى في هذه تظهر بلاد مابين النهرين ميلا الى التعددية والتنوع, جرى تصفح العديد من الوثائق المكتوبة والعديد منها غالبا من نص واحد فقط. احتوت الهياكل على اكثر من 1000 معبود، حتى انه قد انطبق العديد من الاسماء المقدسة على قائمة اسماء مختلفة لآله واحد. ولقد أثرت كل حقبة من الزمن على الحقبات التي تتالت على هذه الرقعة الجغرافية فممكن أن نعتبر أن الحضارة السومرية التقليدية قد اثرت بالحضارة الاكدية، وامبراطورية اور الثالثة، والتي مثلت بذاتها مركبا سومريا اكديا، والذي ظهر نفوذه في الربع الاول من الالفية الثانية قبل الميلاد.
كما يدين عالم الرياضيات والفلك بالكثير الى البابليين – مثلا، ان النظام الستيني لحساب الوقت والزوايا والذي لا يزال عمليا بسبب قابلية القسمة للرقم 60 ؛ ان يوم الاغريق المؤلف من ضعف 12 ساعة؛ والابراج الفلكية واشاراتها.
وعلى اية حال ففي الكثير من الحالات تبقى الاصول ووسائل الاقتباس غامضة، كما هي الحال في مشكلة بقاء النظرية القانونية لبلاد مابين النهرين.
يمكن التعبير عن مآثر الحضارة نفسها بذكر افضل نقاطها – الاخلاقية، والجمالية، والعلمية، و اخيرا وليس آخرا الادبية.
ان النظرية القانونية ازدهرت وكانت متميزة في البداية، والتي عبر عنها بعدة مجموعات من القرارات القانونية، والتي سميت بشرائع والتي كانت افضلها شريعة حمورابي. ومن خلال كل هذه الشرائع يتكرر اهتمام الحاكم بالضعيف والارملة واليتيم – حتى وان بدت النصوص احيانا وللاسف تكرار ادبي.
ذكرت بلاد ما بين النهرين في العهد القديم ماعدا بناء برج بابل في قرائن تاريخية حيث غير ملوك آشور وبابل مجريات الاحداث في فلسطين وخاصة تيكلاث بليصر الثالث وسنحاريب بسياستهما التهجيرية والسبي البابلي الذي قام به نبوخذنصر الثاني.
وحسب النظرية – او الفكرة – لهذا العمل، كان هناك رسميا ملوكية واحدة في بلاد مابين النهرين، والتي كانت منوطة بمدينة معينة واحدة في زمن معين؛ وعليه فان تغير السلالات قد جلب معه تغيرا في كرسي الملكية:

كيش –اوروك – اور – اوان – كيش – همازي – اوروك – اور – اداب – ماري – كيش – اكشاك – كيش – اوروك- اكد – اوروك – غوتيانس – اوروك – اور – إيسن.

ان قائمة الملوك تعطينا حسب تسلسلها عدة سلالات والتي تعرف اليوم بانها حكمت في وقت واحد. انها وسيلة مفيدة للتواتر الزمني والتاريخ، ولكن اما بالنسبة لسنوات حكم ملك معين، فانها تفقد قيمتها بالنسبة للزمن الذي يسبق سلاللة اكد، حيث ان هنا تكون المدة التي حكم بها كل ملك او حاكم اكثر من 100 سنة واحيانا عدة مئات من السنين. اعتمدت مجموعة واحدة من قوائم الملوك قصة الطوفان التقليدية السومرية، والتي استنادا لها فان كيش كان المقعد الملكي الاول بعد الطوفان، في حين ان خمس سلالات للملوك البدائيين حكموا قبل الطوفان في اريدو، باد-تبيرا، لاراك، سيبار ، و شروباك.

الساسانيين :
كانت بلاد مابين النهرين عند نهاية الامبراطورية الاخمينية مقسمة الى ولاية بابل في الجنوب، في حين ان القسم الشمالي من بلاد مابين النهرين ضم الى سوريا ضمن ولاية اخرى. لا يعرف كم استمر هذا التقسيم، ولكن عند وفاة الاسكندر الكبير في 323 ق م ، سلخ شمال مابين النهرين من ولاية سوريا واصبح ولاية منفصلة.
عانت بلاد مابين النهرين من الحروب التي خاضها خلائف الاسكندرالكبير من خلال عبور تلك الجيوش وعمليات السلب التي اقترفوها. وعندما قسمت امبراطورية الاسكندر في 321 ق م ، استلم احد قادته سلجوق ( وعرف فيما بعد بسلجوق الاول نيكاتور) حكم ولاية بابل . وعلى اية حال فمنذ حوالي 312 ق م استولى انتيكونس الاول مونوفثالموس (اي الاعور) على حكم الولاية كحاكم لكل بلاد مابين النهرين، وهزم سلجوق وقبل اللجوء في مصر. وبمساعدة البطالمة المصريين تمكن من دخول بابل في 312 ق م ( حسب اعتقاد البابليين في 311 ) وتمكن من الثبات بها لفترة قصيرة تجاه جيوش انتيكونس قبل الاتجاه شرقا حيث اسس حكمه. في 301 اصبح لسلجوق امبراطورية كبيرة تمتد من افغانستان الحالية الى البحر المتوسط. واسس العديد من المدن اهمها مدينة سلجوقيا على دجلة ومدينة انطاكية على نهر ارونتس في سورية. سميت المدينة الاخيرة على اسم ابيه او ابنه فكلاهما يحمل اسم انطيوخوس، واصبحت انطاكية العاصمة الرئيسة في حين اصبحت سلجوقية العاصمة للمقاطعات الشرقية.
لا يعرف تاريخ تاسيس هاتين المدينتين ولكن من المفترض ان سلجوق اسس سلجوقية بعد ان اصبح ملكا، ولكن انطاكية تاسست بعد دحره لجيش انتيكونس.
ولكن يمكن تقسيم بلاد مابين النهرين جغرافيا، الى اربعة مناطق: كراسين ( وتدعى ايضا ميسين، في الجنوب؛ وبابل والتي سميت بعدئذ اسورستان، في الوسط؛ وشمال مابين النهرين، حيث كانت هناك فيما بعد سلسلة من الولايات الصغيرة مثل كوردين، اوسرون، اديابين، وكراميه، واخيرا مناطق الصحاري في شمال الفرات، والتي اطلق عليها في عهد الساسانيين عربستان.

[img]http://c4.ac-images.myspacecdn.com/images02/111/l_5b93d83e7c6240fa8e2560fc30bb01f7.jpg[/img]
ولهذه المناطق الاربعة سجلات تاريخية مختلفة الى غاية الحكم العربي في القرن السابع، بالرغم من ان جميعها كانت تابعة للسلاجقة اولا ثم البارثيين والساسانيين. وعرف من خلال الكتابات المسمارية ان الحكومات في بلاد مابين النهرين قد مارست طقوس الديانات التقليدية اضافة الى التقاليد الاخرى، وكانت هناك بعض المراكز الاغريقية مثل سلجوقية وجزيرة ايكاروس ( جزيرة فيلكه الحالية) حيث كانت تمارس تقاليد المدن الاغريقية. اما المدن الاخرى فكان فيها القليل من الموظفين الاغريق او المعسكرات ولكنها استمرت بممارساتها السابقة.

[img]http://c2.ac-images.myspacecdn.com/images02/71/l_4719aebc93e2449a979595ea6728dc61.jpg[/img]

العملة الساسانية

[img]http://c3.ac-images.myspacecdn.com/images02/112/l_945e8a23976f44cda5f022825354838e.jpg[/img]
الكتابة الساسانية

الساسيانيون في عصر الدعوات المسيحية :

يضع العهد الساساني نهاية للعهد القديم وبداية للعهد الاقطاعي في تاريخ الشرق الاوسط. الاديان السماوية كالمسيحية والثنوية (الصراع بين النور والظلام) وحتى الزرادشتية واليهودية حيث أنهم امتصوا الديانات والعبادات المحلية في بداية القرن الثالث, كما رأت كل من الامبراطورية الساسانية والرومانية باتخاذ دين رسمي للدولة، الزرادشتية للاولى والمسيحية للاخيرة. اما في بلاد مابين النهرين فان العبادات القديمة مثل المندائية (الصابئية) عبادة القمر[u]للحرانيين[/u] وعبادات اخرى قد استمرت جنبا الى جنب الاديان العظيمة. لم يكن الحكام الساسانيون الجدد بنضج السلجوقيين والبارثيين فظهر لديهم الاضطهاد.

[img]http://c2.ac-images.myspacecdn.com/images02/70/l_fd6e5a33b9ae41669946ae8b277409c5.jpg[/img]

[color=#FF0000]حران, المدينة التي زارها النبي ابراهيم عليه السلام, قبل أن يذهب لفلسطين.[/color]


الإنخرط العربي الفارسي بعد سقوط سد مأرب:
نلاحظ أن سقوط سد مأرب وهجرة القبائل العربية إلى الشمال والشرق والغرب جلب معه شعوباً جديدة لها أساليبها الخاصة بها فأثرت وتأثرت بما كان على مسرح الواقع آن ذاك ففي 86م استطاع مالك بن فهم الدوسي الأزدي إجلاء الفرس عن عمان وأصبح ملكاً لعمان واتخذ من مدينة قلهات عاصمه لملكه وقد حكم عمان أكثر من 70 سنة، وإمتد سلطان مالك في عمان حتى ضم إليها البحرين وأطراف العراق.

بعد وفاة ملك الحيرة جذيمة الأبرش تولى عمرو بن عدي أمور تنظيم الحكم، وحكم العراق وإقليم البحرين نحو عشرين سنة خلال هذا الفترة حدثت حروب مع عدد من الممالك المحاذية، بعد قيام دولة الساسانيين في إيران وبعد غزو الساسانيين للعراق اضطر عمرو بن عدي للإعتراف بسيادتهم.

عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة بن الحارث بن مسعود بن مالك بن غنم بن نمارة بن لخم (268-288) أول ملك في سلالة ملوك الحيرة, انتقل إليه الحكم بعد وفاة خاله جذيمة الأبرش الذي كان له الفضل في تنظيم أمور الحكم حيث أنه حكم عدة مناطق في العراق. المعروف أن عمرو بن عدي هو ملك من بني لخم ولكن بعض الإخباريين يرجع أصله إلى الساطرون ملك الحضر, ويرى بعض الباحثين أنه رابع ملك من أسرة كانت تحكم حران ثم انتقلت عاصمتهم للحيرة . وصف الطبري عمرو بن عدي بأنه «أول من اتخذ الحيرة منزلاً من ملوك العرب، وأول من مجده أهل الحيرة في كتبهم من ملوك العرب بالعراق، واليه ينسبون، وهم ملوك آل نصر، فلم يزل عمرو بن عدي ملكاً حتى مات ... وكان منفرداً بملكه، مستبداً بامره، يغزو المغازي ويصيب الغنائم، وتفد عليه الوفود دهره الأطول، لا يدين لملوك الطوائف بالعراق، ولا يدينون له، حتى قسم أردشير بن بابك في أهل فارس». أي انه كان مستقلا بحكمه قبل غزو الساسانيين للعراق ولكن بعد قيام دولة الساسانيين اضطر عمرو للإعتراف بسيادتهم, ونجد اسمه في نقش "نرسي" ضمن قائمة الملوك الذين اعترفوا بسلطان الساسانيين عليهم.

[img]http://c3.ac-images.myspacecdn.com/images02/98/l_2c4d47831a0c4a8fb757e8dbf5248702.jpg[/img]

نقش نرسي

وجذيمة الأبرش هو جذيمة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران الأزدي ،الملك المشهور وأصله من زهران أحد القبائل الأزدية، وكان ثالث ملوك تنوخ وأول ملك بالحيرة، وأول من حذا النعال، وأدلج من الملوك وصنع له الشمع، وكان شاعراً، وقيل له الأبرص والوضاح لبرص كان به ، ويعظم أن يسمى بذلك فجعل مكانه الأبرش.
كان جذيمة بن مالك ملكًا على الحيرة والبحرين وعلى ما حولها من السواد ملك خمساً وسبعين سنة.
وكذلك ذكر في النقوش الأثرية مثل نص أم الجمال الذي كتب بخط نبطي وفيه النص التالي: "جذيمة ملك تنوخ".

[img]http://c1.ac-images.myspacecdn.com/images02/98/l_f0e508cb3a984284bf12ba239c7ad4f0.jpg[/img]

[img]http://c3.ac-images.myspacecdn.com/images02/90/l_0e0cc12f3ba949549578b0186373c05e.jpg[/img]

نقش أم الجمال 520 م

هذا وإن تاريخ العراق وبلاد ما بين الرافدين والذي يحتوي على العديد من الشعوب التي أتت من خارجه واستوطنت به مثل الأكراد الآتين من الجبال الآرية من إيران والعرب الآتين من اليمن وأن هناك شعوباً أصلية مثل الأشورين (السريان) والكلدانيين والأراميين والأنباط.
ويخالط الغموض قصة الحلف التنوخي، وقيام الممالك العربية في سوريا و العراق، ألا ان مؤرخي العرب كافة أتفقوا على أن القبائل العربية بعد ان تحالفوا باسم تنوخ وأسسوا إقليم البحرين تطلعوا إلى العراق ودخلوه، وكان أول ملك عربي منهم هناك هو مالك بن فهم، وتولى الحكم بعده أخوه عمر بن فهم، فلما مات عمر تولى الملك جذيمة الأبرش.
في أيام جذيمة كان قد ملك الجزيرة وأعالي الفرات ومشارق الشام رجل من العماليق يقال له عمرو بن الضرب بن حسان العمليقي وجرى بينه وبين جذيمة حروب فانتصر جذيمة عليه وقتلة.
وكان لعمرو بنت تدعى الزباء (1) واسمها نائلة فملكت بعده وبنت على الفرات مدينتين متقابلتين وأخذت في الحيلة على جذيمة فأطمعته بنفسها حتى اغتر وقدم إليها فقتلته واخذت بثأر أبيها.


[img]http://c3.ac-images.myspacecdn.com/images02/90/l_7b99c1294501495e8de576e8d1311382.jpg[/img]
1.ملكة تدمر بالميرا.


[img]http://c3.ac-images.myspacecdn.com/images02/66/l_9937df0e584d43cf8a74478db5fde932.jpg[/img]
الكتابة الآرامية في تدمر بالميرا.

[img]http://c1.ac-images.myspacecdn.com/images02/82/l_387a94850cb343d39a983c2147839bdc.jpg[/img]

العملة المتداولة في تدمر.

المناذرة :
النعمان بن امرؤ القيس بن عمرو من أشهر حكام المناذرة حكم في الفترة (403-431), ويلقب بالنعمان الأعور و النعمان السائح, وهو باني الخورنق, وفي عهده ازدهرت الحيرة ازدهارا كبيرا لم تشهد مثيله بل واقترن اسمه بالحيرة فعرفت عند بعض المؤرخين بحيرة النعمان, وقد وكل الملك الفارسي الساساني يزدجرد الأول له رعاية أبنه بهرام الخامس فرباه منذ صغره ثم ساعده النعمان بعد ذلك على تولي العرش بعد محاولة بعض النبلاء اقصاء بهرام, كان يؤمن بحرية الدين فكان متسامحا مع المسيحيين حتى أنه صهر تمثال عشتار الذهبي ووزعه على فقراءهم.

خلفه إبنه المنذر بن النعمان بن امرئ القيس سابع ملوك الحيرة. أمه هي هند بنت زيد مناة بن زيد الله بن عمرو الغساني. وبلغت الحيرة بعهده مبلغا عظيما وصار لها اسم في التاريخ, فقد أجبر كهنة الفرس على تتويج بهرام جور الذي رباه أبوه النعمان على حساب مدع قوي آخر للعرش الفارسي, وقد شارك في الحروب اتي قامت بين الفرس والروم, التي كان سببها اضطهاد المسيحيين في بلاد الفرس, فقد حاصر الروم نصيبين فأسرع بهرام لإنقاذها ومعه المنذر واشترك في المعارك, كما اتجه للإستيلاء على انطاكية إلا انه لم يحقق في ذلك نصرا, وانتهت الأمور بعقد الصلح بين الفرس والروم.


النعمان بن المنذر بن المنذر بن امرئ القيس اللخمي، الملقب بأبو قابوس (582-610 م) تقلد الحكم بعد أبيه, وهو من أشهر ملوك المناذرة في عصر ما قبل الإسلام. كان داهية مقداما. وهو ممدوح النابغة الذبياني وحسان بن ثابت وحاتم الطائي. وهو باني مدينة النعمانية على ضفة دجلة اليمنى، وصاحب يوم البؤس والنعيم؛ وقاتل عبيد بن الأبرص الشاعر، [u]في يوم بؤسه؛ [/u]وقاتل عدي بن زيد وغازي قرقيسيا (بين الخابور والفرات). وفي صحاح الجوهري: قال أبو عبيدة: «إن العرب كانت تسمى ملوك الحيرة -أي كل من ملكها- (النعمان) لأنه كان آخرهم». كان أبرش أحمر الشعر، قصيرا وكانت أمه يهودية من خيبر.


مقتله :
ملك الحيرة إرثا عن أبيه، سنة 582م، واستمر في الحكم حتى نقم عليه كسرى كسرى أمرا بعد أن طلب منه أن يزوجه ابنته فرفض النعمان فما كان من كسرى إلا أن عزل النعمان ونفاه إلى خانقين، فسجن فيها إلى أن مات. وقيل: ألقاه تحت أرجل الفيلة، فوطئته، فهلك وكانت هذه الحادثة هي الشرارة التي أدت لاشتعال الحرب بين العرب والفرس في معركة ذي قار والذي انتصر فيها العرب انتصارا كبيرا.


يوم ذي قار هو يوم من أيام العرب في الجاهلية، وقع فيه القتال بين العرب والفرس في العراق وانتصر فيه العرب.
كان من أعظم أيام العرب وأبلغها في توهين أمر الأعاجم وهو يوم لبني شيبان من بكر بن وائل، وقبيلة عنزة بن ربيعه أبناء عمهم وهو أول يوم انتصرت فيه العرب على العجم وخبره كالتالي :
ذكر كسرى بن هرمز يوماً الجمال العربي وكان في مجلسه رجل عربي يقال له: زيد بن عدي وكان النعمان قد غدر بأبيه وحبسه ثم قتله فقال له: أيها الملك العزيز إن النعمان بن المنذر عنده من بناته وأخواته وبنات عمه وأهله أكثر من عشرين امرأة على هذه الصفة.
وأرسل كسرى زيداً هذا إلى النعمان ومعه مرافق لهذه المهمة، فلما دخلا على النعمان قالا له: إن كسرى أراد لنفسه ولبعض أولاده نساءاً من العرب فأراد كرامتك وهذه هي الصفات التي يشترطها في الزوجات. فقال له النعمان: أما في مها السواد وعين فارس ما يبلغ به كسرى حاجته ؟ يا زيد سلّم على كسرى وقل له: إن النعمان لم يجد فيمن يعرفهن هذه الصفات وبلغه عذري. ووصل زيد إلى كسرى فأوغر صدره وقال له: إن النعمان يقول لك ستجد في بقر العراق من يكفينك.
فطار صواب كسرى وسكت لكي يأمن النعمان بوائقه، ثم أرسل إلى النعمان يستقدمه، فعرف النعمان أنه مقتول لا محالة فحمل أسلحته وذهب إلى بادية بني شيبان حيث لجأ إلى سيدهم هانئ بن مسعود الشيباني وأودع عنده نسوته ودروعه وسلاحه وذهب إلى كسرى فمنعه من الدخول إليه وأهانه وأرسل إليه من ألقى القبض عليه وبعث به إلى سجن كان له فلم يزل به حتى وقع الطاعون هناك فمات فيه.
وأقام كسرى على الحيرة ملكاً جديداً هو إياس بن قبيصة الطائي وكلفه أن يتصل بهانئ بن مسعود ويحضر ماعنده من نساء النعمان وسلاحه وعتاده، فلما تلقى هانئ خطاب كسرى رفض تسليم الأمانات، فخيره كسرى إما أن يعطي مابيده أو أن يرحل عن دياره أو أن يحارب فاختار الحرب وبدأ يعد جيشاً من بكر بن وائل ومن بني شيبان ومن عجل ويشكر وعنزة بن اسد بن ربيعه والنمر بن قاسط وبني ذهل.
وفي أثناء ذلك جمع كسرى نخبة من قيادات الفرس ومن قبائل العرب التي كانت موالية له وخصوصاً قبيلة إياد ووجههم ليجتاحوا هانئاً ويحضروه صاغراً إلى كسرى.
فلما وصل جيش كسرى وحلفاؤهم من العرب أرسلت قبيلة إياد إلى هانئ: نحن قدمنا إلى قتالك مرغمين فهل نحضر إليك ونفرّ من جيش كسرى؟ فقال لهم: بل قاتلوا مع جنود كسرى واصمدوا إلينا أولاً ثم انهزموا في الصحراء وإذ ذاك ننقض على جيش كسرى ونمزقهم.
وقدم الجيش الفارسي وحلفاؤهم من إياد فوجدوا جيش هانئ قد اعتصم بصحراء لا ماء فيها ولا شجر وقد استقى هانئ لجيشه من الماء ما يكفيهم، فبدأ الفرس يموتون من العطش ثم انقضوا على جيش هانئ كالصواعق وبينما هم في جحيم المعركة انهزمت قبيلة إياد أمام هانئ وانقضت على الفرس الذين حولها فضربت فيهم ومزقتهم وقتل كل قيادات فارس الذين أرسلهم كسرى لإحضار هانئ حياً، فلما رجعت بعض فلول الفرس إلى كسرى إذا هم كالفئران الغارقة في الزيت.
وكانت ساحة ذي قار أرضاً يغطي الزفت والقطران كثيراً من أرضها فلما رآهم كسرى على ذلك الشكل قال لهم: أين هانئ ؟ وأين قياداتكم الذين لا يعرفون الفرار فسكتوا فصاح بهم فقالوا: لقد استقبلنا العرب في صحرائهم فتهنا فيها ومات جميع القادة وخانتنا قبيلة إياد حين رأوا بني جنسهم، فكاد كسرى يفقد عقله ولم يمضي عليه وقت قصير حتى مات حسرة فتولى مكانه ابنه شيرويه.
وقد حدث بعض من حضر يوم ذي قار أن قبائل بكر استصحبوا من خلفهم نساءهم وانقضوا على الجيش الفارسي فبرز أحد العلوج وطلب المبارزة فانقض عليه عربي من بني يشكر اسمه برد بن حارثة اليشكري فقتله، وكان هانئ قد نصب كميناً من وراء الجيش الفارسي فانقض الكمين على الملك الجديد الذي كان كسرى عينه خلفاً للنعمان بن المنذر، وفي أثناء ذلك أحس العرب روابط الأخوة التي تنتظمهم فانسحب من جيش فارس كثير من العرب الذين كانوا يعطون ولاءهم لفارس من قبائل تميم وقيس عيلان فانقضوا على الفرس الذين يلونهم بعد أن كانوا يدينون بالولاء لهم، وعرف العرب أنهم كانوا مخدوعين بملك رخيص كان كسرى يضحك به على بعض أذنابه منهم.
والحق أن انتصار العرب على العجم في ذي قار كان نواة لمعركة القادسية التي أعز الله فيها قبائل العرب بنور الإسلام ونبوة محمد عليه الصلاة والسلام.


لقد كوَن المناذرة مملكة قوية من أقوى ممالك العراق العربية قبل الإسلام فكانت هذه المملكة هي امتداد للمالك العربية التي سبقتها مثل مملكة ميسان ومملكة الحضر، وقد امتد سلطان مملكة المناذرة من بلاد مابين النهرين ومشارف الشام شمالاً حتى عمان جنوباً متضمنة البحرين وهجر وساحل الخليج العربي. واستمرت مملكتهم في الحيرة من (266م-633م). احتل الفرس تلك المملكة في مهدها فأصبحت مملكة شبه مستقلة وتابعة للفرس مع ذلك اكملت الحيرة ازدهارها وقوتها. وقد كان لهذه المملكة دور مهم بين الممالك العربية فقد كان لها صلات مع الحضر وتدمر والأنباط والقرشيين فكانت الآلهة في هذه المدن هي نفسها موجودة في الحيرة منها اللات والعزى وهبل، ومما يؤكد ذلك الروايات الكثيرة بصلات جذيمة الأبرش بملكة تدمر زنوبيا مثلا وعلاقتهم وعلاقة ملوك الحيرة بملوك مملكة الحضر وأحيانا ينسب المؤرخون السلالة الحاكمة في مملكة المناذرة وهم بنو لخم إلى ملوك الحضر في بلاد مابين النهرين, وكذلك نجد في النقوش الأثرية مثل نص أم الجمال الذي كتب بخط نبطي وفيه النص التالي: "جذيمة ملك تنوخ" وهذا يدل على صلاتهم الواسعة بالممالك العربية الأخرى هذا سوى الروايات الكثيرة من المؤرخين، وكان لمملكة المناذرة سوق من أشهر أسواق العرب يقام في الحيرة وفي دومة الجندل يتبادل فيه التجار البضائع ومنها البضائع الفارسية التي يجلبها تجار المناذرة وكذلك يتبادلون الأدب والشعر والخطب. أطلق ملوك المناذرة على أنفسهم لقب "ملوك العرب" ومن المؤكد أن نقش قبر إمرؤ القيس الأول المتوفى سنة (338) مكتوب عليه "هذا قبر إمرؤ القيس بن عمرو ملك العرب كلهم". وهذا الحاكم له إنجازات عظيمة من تكوين أسطول بحري في البحرين هاجم مدن فارسية إلى سيطرته على مدن تمتد من العراق حتى نجران.
وكانت كتابة شاهد قبره الذي عثر عليه حديثا هي من أقدم الكتابات بالخط النبطي المتطور إلى الخط العربي الحالي والتي عثر عليها إلى هذا اليوم, لذلك يعتقد العلماء أن الغساسنة هم مهد الخط العربي ويعارض هذا الرأي المؤرخ البلاذري حيث ينسب الكتابة العربية إلى الحيرة والأنبار. فيقول : أن الخط العربي قد تم إنشاءه من قبل ثلاثة أشخاص اجتمعوا في الحيرة فوضعوا الأحرف الهجائية العربية مستبدينها من النبطية القديمة وهذا هو نص الكتاب حيث قال :
حدثنا عباس بن هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن جده، وعن الشرقي بن القطامي قال: اجتمع ثلاثة نفر من طيء ببقة وهم مرا مر بن مرة وأسلم بن سدرة، وعامر بن جدرة فوضعوا الخط، وقاسوا هجاء العربية على هجاء السريانية. فتعلمه منهم قوم من الأنفار ثم تعلمه أهل الحيرة من أهل الأنبار. وكان بشر بن عبد الملك أخو أكيدر بن عبد الملك بن عبد الجن الكندي ثم السكوني صاحب دومة أتجندل يأتي الحيرة فيقيم بها لحين، وكان نصرانياً. فتعلم بشر الخط العربي من أهل الحيرة.
روي أن ابن عباس قال: «أول من كتب بالعربية ثلاثة رجال من بولان، وهي قبيلة سكنوا الأنبار. وأنهم اجتمعوا فوضعوا حروفاً مقطعة وموصولة. وهم مرار بن مرة وأسلم بن سدرة وعامر بن جدرة، ويقال: مروة وجدلة. فأما مرامر فوضع الصور، وأما أسلم ففصل ووصل، وأما عامر فوضع الإعجام. وسئل أهل الحيرة: ممن أخذتم العربي؟ فقالوا: من أهل الأنبار» الفهرست ص6 - 7
قال ابو عمرو النقط عند العرب إعجام الحروف في سمتها وقد روى عن هشام الكلبي انه قال اسلم بن خدرة اول من وضع الاعجام والنقط (نقط المصاحف ج: 1 ص: 14

(حدثني عباس بن هشام بن محمد السائب الكلبي عن أبيه عن جده، وعن الشرقي بن القطامي. قال: اجتمع ثلاثة نفر من طيء ببقة، وهم مرامر بن مرة، وأسلم بن سدرة وعامر بن جدرة، فوضعوا الخط، وقاسوا هجاء العربية على هجاء السريانية فتعلمه منهم قوم من أهل الأنبار، ثم تعلمه أهل الحيرة من أهل الأنبار،)(فتوح البلدان ج1 ص 737)

- قيل لأبي سفيان ممن أخذ أبوك الكتابة قال من ابن سدرة وأخبره أنه أخذها من واضعها مرامر بن مرة قال وكانت لحمير كتابة تسمى المسند حروفها منفصلة غير متصلة وكانوا يمنعون العامة من تعلمها فلما جاء الإسلام لم يكن بجميع اليمن من يقرأ ويكتب قلت هذا فيه نظر فقد كان بها خلق من أحبار اليهود يكتبون بالعبراني
سير أعلام النبلاء ج: 17 ص: 319

-قال له أسلم بن سدرة وسأله ممن اقتبستها فقال من واضعها رجل يقال له مرامر بن مروة وهو رجل من أهل الأنبار فاصل الكتابة في العرب من الأنبار وقال الهيثم بن عدي وقد كان لحمير كتابة يسمونها المسند.


وبعد وفاة إمرؤ القيس في عام 338م بدأ الساسانيون العمليات الهجومية ثانية في عهد شابور الثاني، واستمرت الحرب الاولى من 337 لغاية 350؛ وانتهت من دون نتيجة لكون الرومان قد دافعوا عن نصيبس بنجاح. وفي عام 359 غزا شابور الاراضي الرومانية ثانية واحتل قلعة اميدا الرومانية بعد حصار طويل ومكلف.وفي عام 363 تقدم الامبراطور جوليان الى ضواحي المدائن، حيث توفى، ليخلفه جوفيان الذي خسر نصيبس واراضي اخرى في الشمال الى الساسانيين. اما الحرب التالية فاستمرت من 502 الى 506 وانتهت دونما تغيير. واندلعت الحرب ثانية في 527 واستمرت لغاية 531 وحتى الجنرال البيزنطي بيليساريوس لم يكن قادرا على السيادة؛ كالمعتاد، بقيت الحدود على حالها دون تغيير. وفي عام 540 غزا الملك الساساني خسرو الاول (خسرويس) سوريا وحتى استولى على انطاكيا، بالرغم من ان العديد من القلاع خلفه في شمال بلاد مابين النهرين بقيت بايدي البيزنطيين. وبعد قتال كر وفر، تم الجنوح الى السلم في 562 . استمرت الحرب مع الامبراطورية البيزنطية لعشر سنوات اخرى، واستمرت في عهد من خلف خسرو، هرمزد الرابع. ولم يستعيد البيزنطيون اراضيهم في شمال بلاد مابين النهرين الا في 591 حيث هبوا للمساعدة في استعادة العرش الساساني الى خسرو الثاني الذي فر لاجئا الى الاراضي البيزنطية. وبمقتل الامبراطور البيزنطي موريس في 602 والذي كان لصالح خسرو، واغتصاب فوكاس للعرش، فقد وجد خسرو الثاني فرصته الذهبية لتوسيع الملكية الساسانية وللثأر الى موريس. فاستولت الجيوش الفارسية على كل شمال مابين النهرين وسوريا وفلسطين ومصر وبلاد الاناضول. وبحلول 615 كانت القوات الساسانية في خالقيدونية مقابل القسطنطينية. وتغير الموقف تماما بمجئ الامبراطور البيزنطي الجديد هرقل، الذي، قام بحملة تحد شجاعة الى قلب اراضي العدو في 623 – 624 ، وهزم الساسانيين في ميديا. وتقدم في 627 – 628 باتجاه المدائن ولكنه انسحب بعد ان نهب القصور الملكية في داستاكرد شمال المدائن.
وبعد وفاة خسرو الثاني، كانت بلاد مابين النهرين مدمرة، ليس من جراء القتال وحسب بل من فيضانات دجلة والفرات، ومن انتشار الطاعون، ومن التتابع السريع للحكام الساسانيين الذي اوجد حالة من الفوضى. واخيرا في 632 فرض آخر الملوك يزدجرد الثالث النظام والاستقرار، ولكن في السنة التالية بدأ التوسع العربي الاسلامي وانتهت الامبراطورية الساسانية بعد بضع سنوات من ذلك.

قبل الحديث عن الغساسنة , يجب التذكير على أن قدوم العرب إلى مناطق بلاد الشام من بلادهم الأصلية في اليمن قد حدث بعد سقوط سد مأرب وقدومهم هذا واستيطانهم لا يلغي وجود اللأعراق الأصلية لتلك البلاد ففي سوريا ولبنان مثلاً وعلى الشريط الساحلي كلنا يعلم أنها أراضي الشعوب الفينيقية وجنوباً في فلسطين كانت الشعوب الكنعانية والأنباط والتي لاتعتبر بأنها شعوب عربية يمنية على الإطلاق, ودخولاً إلى الشرق نجد السريان (الأشورين) والسومريين والأراميين وحتى الشعوب المضافة على الرقعة الجغرافية من شعوب هاجرت وأتت إلى تلك البلاد في عصور سابقة كالحثيين القادمين من الشمال والأكراد القادمين من الشرق, وحتى الأرمن والتركمان والساسانيين.

الغساسنة :العرب الغساسنة
الغساسنة ملوك الشام من قبائل الأزد وهم بنو عمرو بن مازن بن الأزد، ومن الأزد الأوس والخزرج أهل يثرب، والمسلمون منهم هم الأنصار، رضي الله عنهم،. ومن الأزد: خزاعة وبارق ودوس والعتيك وغافق، فهؤلاء بطون الأزد. وغني عن الذكر نجدة الغساسنة للأوس والخزرج على اليهود وقتلهم لليهود جزاء أعتدائهم على الأوس و الخزرج فجميعهم أزد.
زيد الله: بطن من عمرو بن مازن، من غسان الشام.
زيدان: عشيرة مسيحية، مذهبها روم ارثوذكس ولاتين. تقيم بناحية جبل عجلون، وتقطن قرية عنجرة. ويقال: إنها من بقايا الغساسنة.
وبنو جفنة، وخزاعة، فسموا به. وقالوا: الغساسنة ملوك الشام، وهم: بنو عمرو بن مازن ابن الأزد.
يقول عمر رضا كحالة الصفحة : 246 فيهم:
كانت ديار غسان إذا جزت جبل عاملة، تريد قصد دمشق، من حمص، وما يليها، فهي ديار غسان من آل جفنة، وكانوا عمالاً للأمبراطورية الرومانية البيزنطية يحمون الحدود الشامية، من غارات الفرس، واللخميين، ولم يكن لهم عاصمة معينة، من أهم مراكزهم: الجولان، ومدينة الجابية، وجلق الواقعة بالقرب من دمشق، ومن ديارهم محيل. وكانت عاصمتهم الجابية، من قرى الجولان (بين دمشق والمزيريب) ثم امتد سلطانهم إلى تدمر وضفة الفرات شمالا، بعد أن حكموا عبر الأردن ووادي اليرموك جنوباً.
ولهم يوم عظيم على المناذرة ألا وهو يوم حليمة.
عملة غسانية من بصرى الشام
[img]http://c2.ac-images.myspacecdn.com/images02/102/l_fa60dfd052b246599d3a15f1f86f283d.jpg[/img]
يوم حليمة:


[quote]لما تولى المنذر بن ماء السماء ملك الحيرة ، واستقر في ملكه سار إلى الحارث الغساني ملك الغساسنة طالباً بثأر أبيه عنده ، وبعث إليه : إني قد أعددت لك الكهول على الفحول ، فأجابه الحارث : قد أعددت لك المرد على الجرد. وسار المنذر حتى نزل بمرج حليمة ، وسار إليه الحارث أيضاً ، ثم اشتبكوا في القتال ، ومكثت الحرب أياماً ينتصف بعضهم من بعض.
فلما رأى ذلك الحارث قعد في قصره ، ودعا ابنته حليمة ، وكانت من أجمل النساء ، فأعطاها طيباً وأمرها أن تطيب من مر بها من جنده ، فجعلوا يمرون بها وتطيبهم ، ثم نادى : يا فتيان غسان ، من قتل ملك الحيرة زوجته ابنتي. فقال لبيد بن عمرو الغسائي لأبيه : يا أبت ؟ أنا قاتل ملك الحيرة أو مقتول دونه لا محالة ، ولست أرضى فرسي فأعطني فرسك ، فأعطاه فرسه ، فلما زحف الناس واقتتلوا ساعة شد لبيد على المنذر فضربه ضربة ، ثم ألقاه عن فرسه ، وانهزم أصحاب المنذر من كل وجه ، ونزل لبيد فاحتز رأسه ، وأقبل به إلى الحارث وهو على قصره ينظر إليهم ، فألقى الرأس بين يديه ، فقال له الحارث : شأنك بابنة عمك – أي حليمة - ، فقد زوجتكها. فقال : بل أنصرف فأواسي أصحابي بنفسي ، فإذا انصرف الناس انصرفت.
ورجع فصادف أخا المنذر قد رجع إليه الناس وهو يقاتل ، وقد اشتدت نكايته ، فتقدم لبيد فقاتل حتى قتل ، ولكن لخماً انهزمت ثانية ، وقتلوا في كل وجه، وانصرفت غسان بأحسن الظفر ، بعد أن أسروا كثيراً ممن كانوا مع المنذر من العرب. وكان من أسرهم الحارث مائة من بنى تميم ، فيهم شأس بن عبدة ، ولما سمع أخوه علقمة وفد إليه مستشفعاً ، وأنشده هذه القصيدة ، ومما قيل فيها:
إلى الحارث الوهاب أعملت ناقتي................ لكلكلها والقصـر بين وجيب
لتبلغني دار امرئ كان نائيــــــــا...........فقد قربتني من نداك قـروب
وأنت امـرؤ أفضت إليك أمانتي................... وقبلك ربتني فضعت ربــوب
فأدت بنو كعب بن عوف ريبها...................وغودر في بعض الجـنود ربيب
فوالله لولا فارس الجـون منهم ..................لآبوا خـزايـا والإياب حبــيب
تقدمــه حتى تغيب حجــولــــه ............... وأنت لبيض الدار عين ضروب
مظاهر سربالي حديد عليهمــا.......................عقيلا سيوف مخذم ورسوب
فجالدتهم حتى اتقوك بكبشهم..................وقد حان من شمس النهار غروب
وقاتل من غسان أهل حفاظه ....................... وهنب وفأس جـالدت وشبب
تخشخش أبدان الحديد عليهـم................... كما خشخشت يبس الحصاد جنوب
تجـود بنفس لا يجاد بمثلهــــا............... وأنت بها يوم اللقــاء خصيب
كأن رجال الأوس تحت لبانــه ...................... وما جمعت جل معاً وعتيب
رغا فوقهم سقب السماء فداحض..................... بشكته لم يستلب وسـليب
كأنهم صابت عليهـم سحابـة......................... صواقعها لطيرهـن ريب
فلم تنج إلا شطبـة بلجامهـــا................... وإلا طمر كالقناة نجيب
وإلا كمي ذو حفــاظ كأنه.................... بما ابتل من حد الظباة خصيب
وأنت الذي آثاره في عـدوه....................من البؤس والنعمى لهن ندوب
وفي كل حي قد خبطت بنعمة ....................... فحث لشأس من نداك ذنوب
فلا تحرمني نائلاً عن جنابة.................... فإني امرؤ وسط القباب غريب
ولما بلغ إلى قوله : ( فحق لشأس من نداك ذنوب) ، قال الملك : أي والله وأذنبة ، ثم أطلق شأساً وقال له : إن شئت الحباء ، وإن شئت أسراء قومك. وقال لجلسائه : إن اختار الحباء على قومه فلا خير فيه ، فقال : أيها الملك ، ما كنت لأختار على قومي شيئاً ، فأطلق له الأسرى من تميم وكساه وحباه ، وفعل ذلك بالأسرى جميعهم وزودهم زاداً كثيراً ، فلما بلغوا بلادهم أعطوا جميع ذلك لشأس وقالوا له : أنت كنت السبب في إطلاقنا ، فاستعن بهذا على دهرك ، فحصل له كثير من إبل وكسوة وغير ذلك.
وفي هذا اليوم ضرب المثل : ما يوم حليمة بسر . [/quote]




كان الغساسنة قد تأثروا بالديانة المسيحية، واشترك ملوكهم في الخلافات الكنسية حول طبيعة السيد المسيح. وكانوا من أتباع عقيدة الطبيعة الواحدة (المنوفيزيين)، ويعود إلى الغساسنة فضل تعيين يعقوب البرادعي وغيره، أسقفاً في ولاية الشام، مما دعم موقف القائلين بالطبيعة الواحدة.

[img]http://c4.ac-images.myspacecdn.com/images02/101/l_dff357242530476ca85c69f44369f1f3.jpg[/img]
عملة بيزنطية عليها صورة القيصر

[img]http://c4.ac-images.myspacecdn.com/images02/73/m_384acb5262de451eba008c86de901ce7.jpg[/img]

مزيريب وشلالات تل شهاب

[color=#FF0000]ملوك غسان :[/color]
وكانوا عمالاً للقياصرة على عرب الشام وأصل غسان من اليمن من بني الأزد ابن الغوث بن نبت بن مالك بن أدد بن زيد بن كهلان بن سبا‏.‏
تفرقوا من اليمن بسيل العرم ونزلوا على ماء بالشام يقال له غسان فنسبوا إِليه ويدعي بعض المؤرخين أن قبل الغساسنة قد كان عرب يقال لهم الضجاعمهَ من سليح بفتح السين المهلة ثم لام مكسورة وياء مثناه من تحتها ثم حاء مهملة فأخرجت غسان سليحاً عن ديارهم وقتلوا ملوكهم وصاروا موضعهم‏, إلا أن تاريخ المنطقة والرقعة الكبيرة التي استوطنت بها القبائل الأزدية هي رقعة هامة من أراضي الأنباط القادمين من بلاد الرافدين, وشعوب العماليق المذكورين في الكتب الدينية التاريخة وهي أراضي الأراميين الأصليين, وإن وجود قبيلة الضجامعة في ركن صغير من أراضي الجولان ثم التعتيم الكامل عن ذكر الشعوب الأصلية لتلك المنطقة هو إنقاص لحق تلك الشعوب وتعتيم وجودها وإنتمائها لتلك البقعة الجغرافية , وكأن التاريخ يحاول أن يقول قبل أن يأتي العرب إلى بلاد الشام كان العرب في بلاد الشام.

وأول من ملك من غسان جفنة بن عمرو بن ثعلبة بن عمرو بن مزيقيا وكان ابتداء ملك غسان قبل الإِسلام بما يزيد على أربعمائة سنة وقيل أكثر من ذلك ولما ملك جفنة المذكور وقتل ملوك سليح دانت له قضاعة ومن بالشام من الروم‏.‏
وبنى بالشام عدة مصانع ثم هلك‏.‏
وملك بعده ابنه عمرو بن جفنة وبنى بالشام عدة ديورة منها دير حالي ودير أيوب ودير هند‏.‏
ثم ملك بعده ابنه ثعلبة بن عمرو وبنى صرح الغدير في أطراف حوران‏.‏
مما يلي البلقاء ثم ملك بعده ابنه الحارث بن ثعلبة‏.‏
ثم ملك ابنه جبلة بن الحارث وبنى القناطرْ واذرع والقسطل‏.‏
ثم ملك بعده ابنه الحارث بن جبلة وكان مسكنه بالبلقاء فبنى بها الحفير ومصنعه‏.‏
ثم ملك بعده ابنه المنذر الأكبر بن الحارث بن جبلة بن الحارث بن ثعلبة ابن عمرو بن جفنة الأول ثم هلك المنذر الأكبر المذكور وملك بعدها أخوه النعمان بن الحارث‏.‏
ثم ملك بعده أخوه جبلة بن الحارث ثم ملك بعدهم أخوهم الأيهم بن الحارث وبنى دير ضخم ودير البنوة
ثم ملك أخوهم عمرو بن الحارث ثم ملك جفنة الأصغر بن المنذر الأكبر وهو الذي أحرق الحيرة وبذلك سموا ولده آل محرق‏.‏
ثم ملك بعده أخوه النعمان الأصغر بن المنذر الأكبر ثم ملك النعمان ابن عمرو بن المنذر وبنى قصر السويدا ولم يكن عمرو أبو النعمان المذكور ملكاً وفي عمرو المذكور يقول النابغة الذبياني‏:‏
عليّ لعمرو نعمة بعد نعمة .... لوالده ليست بذات عقارب
ثم ملك بعد النعمان المذكور ابنه جبلة بن النعمان وهو الذي قاتل المنذر ابن ماء السماء وكان جبلة المذكور ينزل بصفين‏.‏
ثم ملك بعده النعمان بن الأيهم بن الحارث بن ثعلبةثم ملك أخوه الحارث بن الأيهم ثم ملك بعده ابنه النعمان بن الحارث وهو الذي أصلح صهاريج الرصافهَ وكان قد خربها بعض ملوك الحيرة اللخميين‏.‏
ثم ملك بعده ابنه المنذر بن النعمان ثم ملك أخوه عمرو بن النعمان ثم ملك أخوهما حجر بن النعمان ثم ملك ابنه الحارث بن حجر ثم ملك ابنه جبلة بن الحارث ثم ملك ابنه الحارث بن جبلة ثم ملك ابنه النعمان بن الحارث وكنيته أبو كرب ولقبه قطام‏.‏
ثم ملك بعده الأيهم بن جبلة بن الحارث وهو صاحب تدمر وكان عامله بقال له القين بن خسر وبنى له بالبرية قصراً عظيماً ومصانع وأظن أنه قصر برقع‏.‏
ثم ملك بعده أخوه المنذر بن جبلة ثم ملك بعده أخوهما شراحيل بن جبلة ثم ملك أخوهم عمرو بن جبلة ثم ملك بعده ابن أخيه جبلة بن الحارث بن جبلة‏.‏
ثم ملك بعده جبلة بن الأيهم بن جبلة وهو آخر ملوك غسان وهو الذي أسلم في خلافة عمر رضي اللّه عنه ثم عاد إِلى الروم وتنصر وسنذكر ذلك في خلافة عمر إِن شاء اللّه تعالى وقد اختلف في مدة ملك الغساسنة فقيل أربعمائة سنة وقيل ستمائة سنة وبين ذلك‏.‏
قامت في الشام قبل الاسلام ثلاث دول هي دولة الانباط في الجنوب ودولة تدمر في الشمال ودولة الغساسنة في الوسط.
دولة الانباط :
يعود تاريخ الأنباط الجغرافي كما نوهنا في مطلع الحديث عنهم في هذا الكتاب بأنهم شعوب بلاد ما بين الرافدين, وهنا سنجد أنهم هم الذين هاجروا من تلك البلاد لاحيقين بأبوهم الروحي إبراهيم عليه السلام حيث تمركزوا في شمال الجزيرة العربية من فلسطين شمالاً إلى مكة جنوباً وإمتدت رقعة بلادهم على الشكل التالي :
قامت هذة الدولة في القرن الساس قبل الميلاد في المنطقة الواقعة اليوم في الاردن,
وكان التنقل والترحال الطابع السائد بين قبائل الانباط .

[img]http://c3.ac-images.myspacecdn.com/images02/93/l_bacd3e9d54e141df9ebd7c9151100986.jpg[/img]
البتراء عاصمة الأنباط.
واخيرا بدا استقرارهم في اواخر القرن الثاني قبل الميلاد واشتغلو في الزراعة والتجارة وكانت عاصمتهم البتراء بسبب موقعها الطبيعي.
ويعتبر الملك الحارث الثالث 87-62 قبل الميلاد من اشهر ملوكهم والمؤسس لدولة الانباط , فقد ههم هذا الملك جيش اليهود عدة مرات وحاصرو اورشليم وقد اصبح حاكما لدمشق سنة 85ق.م
وقد سك الحارث الثالث مسكوكات نبطية على طراز مسكوكات البطالمة (اليونان) وقد نقش الملك النبطي على مسكوكاتهة راس رجل بوضع جانبي متجة نحو اليمين (يحتمل ان تمثل الحارث نفسه) , اما الجانب الاخر للمسكوكة فانها تحمل صورة امراة ونقش الحارث اسمة ولقبهة بالحروف اليونانية .

[img]http://c4.ac-images.myspacecdn.com/images02/97/l_8059b0c90e184aacb9cfe4958456d027.jpg[/img]

[img]http://c3.ac-images.myspacecdn.com/images02/99/l_76d7cb593a9b483abbe440a7fec73136.jpg[/img]

عملات نبطية


وقد سك الملك النبطي عبادة الثاني مسكوكات فضية نقش عليها صورة لراس رجل وعلى الوجة الاخر لطائر النسر وعليها كتابة نبطية نصها ((الملك عبادة ملك الانباط)) وتاريخ السنة الثانية من حكمة وتطورت النقود النبطية منذ حكم الملك عبيدة الثالث 28-9ق.م . حيث حملت المسكوكات النبطية صورة الملك والملكة ويبدو ان ملوك الانباط كانو قد تزوجوا من شقيقاتهم مقلدين بذلك عادات الفراعنة والبطالمة , وقد ضهر على مسكوكات الملك النبطي مالكو الثاني 40-70 م وهو ابن الحارث الرابع عبارة (شقيقة الملك )
وقد اصبحت بلاد الانباط تحت السيطرة الرومانية خلال حكم الملك النبطي رابيل الثاني 71-106م
ابن الملك النبطي مالكو الثاني الذي يعد اخر ملوك الانباط بعد ذلك ضعفت دولة الانباط بتحول طرق التجارة التي كانت تمر بعاصمتهم البتراء التي كانت تربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب.

[color=#FF0000]الحجاز :[/color]

لقد ذهب الكثيرون من الناس إلى أنّ العرب كانوا على أصل ولادة أمّهم، لم يتعلموا الكتابة ولا الحساب، فهم على جبلتهم الأولى، وهذا غمط لشأن العرب، وافتراءات على الحقائق التاريخية، ومحاولة للنيل من حضارتهم في شبه الجزيرة، التي تشمل تهامة ونجد والحجاز والعروض واليمن.
ففي حقيقة الأمر، إن كُتاباً بيثرب كانوا يكتبون بكتاب مكة، وكان في أماكن أخرى كُتاباً يكتبون بكتابهم أيضاً، فضلاً عن انتشار الكتابة بـ «المسند» في العربية الجنوبية، وفي مواضع أخرى من جزيرة العرب.
ونحن لا نريد أن نثبت هنا أنّ العرب قاطبة كانت أمة قارئة كاتبة؛ جماعها يقرأ ويكتب، وأنها كانت ذات مدارس منتشرة في كل مكان من جزيرتهم؛ تعلّم الناس القراءة والكتابة والعلوم الشائعة في ذلك الزمان «قبل الإسلام».

[img]http://c2.ac-images.myspacecdn.com/images02/68/l_9ab247d64963421abb79da01215924b9.jpg[/img]

خط المسند هو ذاته خط السبأية.

[img]http://c4.ac-images.myspacecdn.com/images02/109/l_b40d3b832b904bd59946c48a28a1bcb3.jpg[/img]

النصب التذكاري الذي عثر عليه في مدينة العلا منقوش عليه بالخط المسند.



وهذا لا يعني أن العرب كانوا لا قارئ بينهم ولا كاتب. فقد كان بينهم من يقرأ ويكتب؛ بدليل هذه النصوص التي ترجع إلى ما قبل الإسلام، وقد عثر عليها مبعثرة في مواضع متناثرة من البوادي، وفي أماكن نائية عن الحضارة، وهي كتابات أعراب ورعاة إبل وبقر وأغنام؛ دَوَّنوها تسجيلاً لخاطر أو للذكرى أو رسالة لمن قد يأتي بينهم؛ فيقف على أمرهم.
ومن هنا، نستطيع القول أن أعراب الجزيرة قبل الإسلام، كانوا أحسن حالاً من أعراب هذا اليوم، فقد كان فيهم الكاتب القارئ الذي يهتم بتسجيل خواطره، وبإثبات وجوده، بتدوينه هذه الكتابات، وأنّ الأمية لم تكن أمّيّة عامة جامعة، بل أمّيّة نسبية، على نحو ما نشاهده اليوم في مجتمعاتنا، من غلبة نسبة الأمية على نسبة المتعلمين والمثقفين.
أما أهل الحواضر، فقد كان بينهم من يقرأ ويكتب،كما كان بينهم الأمّيّ، أي الجاهل بالقراءة والكتابة. كان منهم من يقرأ ويكتب القلم المسند، وكان بينهم من يقرأ ويكتب بالقلم النبط، وبقلم بني إرم، وكان بينهم من يكتب ويقرأ بقلمين أو أكثر.


[img]http://c4.ac-images.myspacecdn.com/images02/78/l_90f1392172974cc296c58539e449b52f.jpg[/img]
أهم الخطوط التي كان يستخدمها العرب بين الشمال والجنوب والشرق والغرب.



وكان الأحناف يكتبون ويقرؤون، وكانوا أصحاب رأي ومقالة في الدين وفي أحوال قومهم، وهم قالوا عن بعضهم مثل «ورقة بن نوفل» أنه كان «يكتب الكتاب العبراني، فيكتب بالعبرانية من الإنجيل ما شاء أن يكتب.
وقد ذكر «الهمداني» أن العرب كانت «تسمي كلّ من قرأ الكتب أو كتب: صابئاً، وكانت قريش تسمي النبي أيام كان يدعو الناس بمكة ويتلو القرآن: صابئاً». فالصبأة على تفسير «الهمداني» هم الكتبة وكل من قرأ الكتب، وعلى ذلك يكون الحنفاء في جملة الصباة.
إن العرب من الشعوب التي عرفت الكتابة ومارستها في الجزيرة العربية قبل الإسلام بزمان طويل، وقد عثر في مواضع من جزيرة العرب على كتابات دُوّنت باليونانية وبلغات أخرى. وتبيّن من دراسة النصوص، أن العرب كانوا يدوّنون قبل الإسلام بقلم ظهر في اليمن بصورة خاصة، هو القلم الذي أُطلق عليه (القلم المسند) أو (قلم حمير)، وهو قلم يباين القلم الذي نكتب به الآن. ثم تبيّن أنهم صاروا يكتبون في ميلاد المسيح بقلم آخر، أسهل وألين في الكتابة من القلم المسند؛ أخذوه من القلم النبطي المتأخر، وذلك قبيل الإسلام.
كما بينا أنّ النبط وعرب بلاد مابين النهرين وعرب بلاد الشام، كانوا يكتبون أمورهم بالإرمية وبالنبطية، وذلك لشيوع القلمين بين الناس، حتى بين من لم يكن من «بني إرم» ولا من «النبط»، كالعبرانين الذين كتبوا بقلم إرمي، إلى جانب القلم العبراني. ولاختلاط العرب الشماليين ببني إرمن فقد تأثروا بهم ثقافيًّا، فبان هذا الأثر في الكتابات القليلة التي وصلتنا مدوّنة بنبطية متأثرة بالعربية, كنقش أم الجمال الذي يعود إلى عام 520 م
ويظهر من عثور الباحثين على كتابات مدونة بالمسند في مواضع متعددة من جزيرة العرب، ومنها سواحل الخليج العربي، أن بعضاً منها قديم، والبعض الآخر قريب من فترة ظهور الإسلام.
وفي أعالي الحجاز، عثر على أقلام تشبه القلم المسند شبهاً كبيراً، لذلك رأى الباحثون أنها من صلب ذلك القلم ومن فروعه، ولأنها متأخرة بالنسبة له، وقد سُمي قلم منها بـ «القلم الثمودي» نسبة إلى قوم ثمود، وسمي قلم آخر بـ «القلم اللحياني» نسبة إلى «لحيان»، وهي مملكة وشعبها من شعوب العربية الجنوبية، وعرف القلم الثالث بـ«الكتابة الصفوية» نسبة إلى أرض «الصفاة».


[img]http://c3.ac-images.myspacecdn.com/images02/89/l_b3d1a01175094b4481984475e585a512.jpg[/img]
الثمودي والليحاني والسبأي

[img]http://c3.ac-images.myspacecdn.com/images02/93/l_8f48780d6e2244bcb1a9f4341d8090ce.gif[/img]

الأبجدية الصفائية


ومن الأدلة على معرفة عرب اليمن للكتابة والقراءة قبل الإسلام؛ الأوامر والقوانين التي دونّها ملوكهم وأعلنوها للناس، بوصفها في المحلات العامة وفي الأماكن البارزة.
إن تدوين تلك الكتابات ووضع الحجارة الفخمة المكتوبة للإعلان، دليل على أن في الناس قوماً يقرؤون ويكتبون ويفهمون، وأن الحكومات إنما أمرت بتدوينها لإعلام الناس بمحتوياتها للعمل بها، كما تفعل الحكومات في الوقت الحاضر عند إصدارها أمراً أو قانوناً؛ بإذاعته عبر الوسائل المعروفة على الناس.
وكان غُلمان اليمن يتعلمون الكتابة والقراءة، ويرددون قراءة ما يكتبون ويقرؤون، وقد أُشير إلى ذلك في شعر «لبيد»، قال:
فنعاف صارة فالقنان كأنها
زُبُرٌ يرجعها وليدٌ يمانِ
متعوّد لحنٌ يعيد بكفهِ
قلماً على عُسب، ذبلنَ وبانِ


وذكر أهل الأخبار أن قوماً من أهل يثرب من الأوس والخزرج، كانوا يكتبون ويقرؤون عند ظهور الإسلام، ذكروا فيهم: سعد بن زرارة، والمنذر بن عمرو، وأُبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وكان يكتب بالكتابات العربية والعبرية والسريانية، ورافع بن مالك، وأسيد بن حُضير، ومعن بن عدي البلوي، وأبو عبس بن كثير، وأوس بن خولى، وبشير بن سعيد، وسعد بن عبادة، والربيع بن زياد العبسي، وعبد الرحمن بن جبر، وعبدالله بن أُبي، وسعد بن الربيع.



وقد أرجعوا أصل علم هؤلاء إلى قوم من يهود يثرب، مارسوا تعليم الصبيان القراءة والكتابة، دعوهم (بني ماسكة).



وإن صحّت هذه الرواية يظهر أن يهود يثرب كانوا يكتبون بالعربية أيضاً، وأنهم كانوا يعلمونها للعرب، وقد تعرض البلاذري لهذا الموضوع فقال:
(كان الكُتاب من الأوس والخزرج قليلاً، وكان بعض اليهود قد علم كتاب العربية، وكان تعلمه الصبيان بالمدينة في الزمن الأول، فجاء الإسلام، وفي الأوس والخزرج عدّة يكتبون
ويظهر أن يهود يثرب، وربما بقية يهود، مثل يهود خيبر وتيماء وفدك ووادي القرى، كانوا يكتبون بقلمهم، كما كانوا يكتبون بالعربية. ويظهر من استعمال «البلاذري» جملة: «وكان بعض اليهود قد علم الكتابة العربية، وكان تعلمه الصبيان بالمدينة في الزمن الأول»؛ أن يهود يثرب كانوا يكتبون بالعربية، كما كان يكتب بها صبيان المدينة، وكانوا يعلمون الكتابة لصبيان يثرب في مدارسهم.



لنحاول أن نلقي بعض الضوء على قبيلة الأوس والخزرج وآثارهم :



الأوس والخزرج
يتفق المؤرخون على أن الأوس والخزرج قبيلتان قحطانيتان، جاءتا من مملكة سبأ في اليمن على إثر خراب سد مأرب، وعندما وصلتا إلى يثرب أعجبتا بما فيها من أرض خصبة وينابيع ثرة، وقد كان سكانها ـ وخاصة اليهود ـ في حاجة إلى الأيدي العاملة لاستثمار الأراضي، فسمحوا لهم بالنزول قريباً منهم بين الحرة الشرقية وقباء، وكانت ظروف عملهم أول الأمرقاسية وبمرور الزمن تحسنت أحوالهم، فبدأ اليهود يخافون من منافستهم، فتداعى عقلاء الطرفين إلى عقد حلف ومعاهدة يلتزمان فيها بالسلام والتعايش والدفاع عن يثرب إزاء الغزاة، فتحالفوا على ذلك والتزموا به مدة من الزمن، ازداد خلالها عدد الأوس والخزرج ونمت ثرواتهم، ففسخ اليهود الحلف وقتلوا عدداً منهم وعملوا على إذلالهم، وبقي الأوس والخزرج على تلك الحال إلى أن ظهر فيهم مالك بن العجلان الذي استنجد بأبناء عمومته الغساسنة في الشام فاستجابوا له وأرسلوا جيشاً كسر شوكة اليهود فعادوا إلى الوفاق وعاشوا فترة أخرى حياة متوازنة، فعندما هاجم تبع بن حسان (يثرب) وأراد تخريبها وقف الجميع في وجهه حتى رجع عن قصده وصالحهم وفي هذه المرحلة من الوفاق تحرك أبناء الأوس والخزرج خارج الحزام الذي كانوا محتبسين فيه وبنوا المنازل والآطام في سائر أنحاء (يثرب) وتوسعوا في المزارع وصار لكل بطن من بطونهم مواقع كثيرة، حينئذ خطط اليهود لاستعادة سلطتهم عليهم بطريقة جديدة ترتكز على التفريق بينهم وضرب بعضهم ببعض فأعادوا التحالف معهم وجعلوا كل قبيلة منهم تحالف واحدة من القبيلتين الأوس والخزرج تمهيداً لإيقاع الفتنة بينهم، فتحالف بنو النضير وبنو قريظة مع الأوسيين، وتحالف بنو قينقاع مع الخزرجيين، وبدأت كل فئة يهودية تسعر النار في حليفتها على الطرف الآخر وتذكي العداوة والشقاق بينهما، ونجحت الخطة الماكرة واشتعلت الحروب الطاحنة ,
واستمرت قرابة مائة وعشرين عاماً ولم تنته حتى جاء الإسلام فأطفأها.
ولقد رأينا في بحث مدينة العلا الأثرية كيف أن عرب الأوس والخزرج هم الذين أتوا إلى المنطقة فجلبوا معهم الحرف السبأي العربي ونشروه في المنطقة وأنهم بعد أن انتصروا على اليهود كانت لهم الصدارة والحكم في المنطقة, لهذا كان انتشار كتاباتهم التي تتبع الخط المسند منتشرة في المنطقة.



وفي هذا الخبر وأمثاله -كما يقول الدكتور جواد علي- دلالة على أن الكتابة كانت معروفة بين أهل يثرب قبل الإسلام، وأنها كانت قديمة فيهم؛ ولهذا فلا معنى لزعم من زعم أنها انتشرت بيثرب في الإسلام، وأن الكتابة كانت قليلة -بها قبل هذا العهد- وقصد أهل الأخبار بجملة «وكان بعض اليهود قد علم كتاب العربية»؛ الكتابة بالخط العربي الشمالي، لا بالقلم المسند.
,ويظهر أن اليهود قد تعلموا الخط العربي من عرب الأنبار وبلاد الشام وهذا يعيدنا إلى النظرية الأولى التي تقول أن الخط العربي قد جاء من العرب الشماليين الأنبار( أهل الحيرة) ولكن عن طريق يهود يثرب.


فالتاريخ المزور والمكتوب والمنقول إلينا يعلمنا بأن هجرة الأوس والخزرج إلى يثرب (المدينة) والسكن بها كان دخولاً على أرض قد كان يقطنها اليهود فقط وهذا تاريخياً ليس صحيحاً فيثرب كانت مسرحاً للكلدانيين والأنباط والرومان والعماليق, وأما هجرة اليهود إليها فقد كانت فقط في أعوام السبي البابلي لها ويذكر المؤرخين أسباب تسميتها بيثرب على الشكل التالي :
يرى المؤرخون أن بابل وصلت إلى درجة لا بأس بها من التطور الزراعي وأصبحوا ملوكاً على المدينة، وعندما خرج فرع (عبيل) بقيادة يثرب بن قاينة من بابل ساروا مدة عشرين يوماً حتى وصلوا إلى موضع المدينة فنزلوها وسموها باسم قائدهم يثرب، وحملوا معهم مدنيّتهم الزراعية وقد أورد السمهودي في كتابه وفاء الوفا أبياتاً في رثاء العبيليين نستشف منها أثر تقدمهم الزراعي والرعوي.
عين جودي على عبيل وهل يـرجع - من فات بيضهـا بالسجـام
عمروا يثربا وليس بـهـا شفــر - ولا صـارخ ولا ذو سنـام
غـرسوا لينهـا بمـجرى معيــن - ثم حفوا النخيـل بالآجـام
ويذكر ابن خلدون قبائل أخرى هي: بنو لَفٍّ وبنو سعد بن هزال، وبنو مطر، وبنو الأزرق. ولا نعرف متى استوطن العماليق في يثرب على وجه التحديد، وربما نزلوها بعد خروجهم من أرض الرافدين. وقد اختلف المؤرخون هل هم الذين أسسوا يثرب أم قبيلة عبيل؟ وهل انتزعوها منهم؟ وهناك من يعتقد أن العماليق هم من عبيل نفسها. والذي يتفقون عليه هو أن وجود العماليق قديم في يثرب سواء في فترة التأسيس أو بعدها مباشرة. ومن المؤكد أن العماليق وجدوا في يثرب قديماً، كما أن أسفار التوراة ذكرتهم عدة مرات وسمتهم باسمهم العماليق حيناً وباسم الجبارين حيناً آخر. وذكرت أسماء بعض زعمائهم فقد عاصروا خروج بني إسرائيل من مصر، واصطدموا معهم في معارك عدة بمنطقة سيناء.

وقد أنشأ العماليق في يثرب مجتمعاً زراعياً ناجحاً يحقق الإكتفاء الذاتي وانهمكوا في زراعة أراضيهم الخصبة وتربية ماشيتهم، وعاشوا حياتهم مستمتعين بوفرة محاصيلهم أول الأمر، وعندما نمت التجارة أسهموا فيها، ووصلت قوافلهم إلى غزة، ولكن تجارتهم بقيت محدودة لا تعادل تجارة أهل مكة، وآثروا عليها الزراعة بسبب خصب أراضيهم وكثرة مياههم. وقد درّت عليهم أعمالهم الناجحة أموالاً طائلة. وخافوا من عدوان القبائل الأخرى التي تجدب أرضهم وتشح مواردهم فبنوا الآطام، وهي حصون صغيرة تتسع لعائلة أو بضع عائلات وتحميهم من غارات الأعداء.

وقد عمر العماليق في يثرب ماشاء الله، ثم وفدت عليهم قبائل أخرى ساكنتهم، فالوفرة التي وصل إليها العماليق جعلتهم يقبلون مساكنة الوافدين إليهم ليستفيدوا من العمالة الطارئة، فيخفف عنهم القادمون أعباء العمل في الأرض، ويجد أصحاب الأرض فرصة للتمتع بثرواتهم وما لبث الوافدون أن استثمروا بعض الأراضي التي لم يستثمرها العماليق في المنطقة، وتحولوا إلى ملاّك وأثروا وجاروا العماليق في حياتهم.



كما شاهدنا في الجزء الأول من هذا البحث التالي :
1- جميع العرب العاربة كانت تستخدم أبجدية الحرف المسند في كتابتها :

[img]http://c4.ac-images.myspacecdn.com/images01/37/l_457b0c9cb42ea3c9c97570fcb000ecf7.jpg[/img]
أبجدية الحرف المسند.

كما شاهدنا أنه هناك ثلاث نظريات تتحدث عن إنقلاب وتغيير في استخدام الأبجدية إلى إتباع الخط العربي الحديث وتلك النظريات هي التالي :
1- النظرية الأولى :
جاء في كتاب المؤرخ العربي البلاذري أن الخط العربي قد تم إنشاءه من قبل ثلاثة أشخاص اجتمعوا في الحيرة فوضعوا الأحرف الهجائية العربية مستبدلينها من النبطية القديمة وهذا هو نص الكتاب حيث قال :
حدثنا عباس بن هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن جده، وعن الشرقي بن القطامي قال: اجتمع ثلاثة نفر من طيء ببقة وهم مرا مر بن مرة وأسلم بن سدرة، وعامر بن جدرة فوضعوا الخط، وقاسوا هجاء العربية على هجاء السريانية. فتعلمه منهم قوم من الأنفار ثم تعلمه أهل الحيرة من أهل الأنبار. وكان بشر بن عبد الملك أخو أكيدر بن عبد الملك بن عبد الجن الكندي ثم السكوني صاحب دومة أتجندل يأتي الحيرة فيقيم بها لحين، وكان نصرانياً. فتعلم بشر الخط العربي من أهل الحيرة.


2- النظرية الثانية :


قيل لأبي سفيان ممن أخذ أبوك الكتابة قال من ابن سدرة وأخبره أنه أخذها من واضعها مرامر بن مرة قال وكانت لحمير كتابة تسمى المسند حروفها منفصلة غير متصلة وكانوا يمنعون العامة من تعلمها فلما جاء الإسلام لم يكن بجميع اليمن من يقرأ ويكتب قلت هذا فيه نظر فقد كان بها خلق من أحبار اليهود يكتبون بالعبراني

سير أعلام النبلاء ج: 17 ص: 319


النظرية الثالثة :

أن الأبجدية العربية الحديثة أتت من تطور الحرف النبطي :
وتبين لنا أن الأنباط الذين يعود تاريخهم إلى القرن السادس قبل الميلاد, والتي بدأت مملكتهم في 85 ق م إلى 106 م والتي إمتد حكمهم الجغرافي كما هو موضح في الشكل
خ-1 :

[img]http://c4.ac-images.myspacecdn.com/images02/85/l_d9216ec475b245f9840deac64dabc947.jpg[/img]

[center]خ-1[/center]


كما تعرفنا على أبجديتهم ووضحناها في بحث الأنباط :
[img]http://c2.ac-images.myspacecdn.com/images01/21/l_1c2f8ad0006b7bbdf0e740857de88485.jpg[/img]

وسنجد في هذا الجزء من الكتاب كيف أن الغساسنة الذين استعادوا مملكتهم من الأنباط, بأنهم هم من حاول تطوير الكتابة النبطية فبدأوا بتوصيل الحروف بعضها ببعض تماماً كما يفعل الأشوريين في كتابتهم فنتج معهم الخط العربي الجديد.

إن بعد التدقيق في النقشين الشهيرين نقش إمرؤ القيس العائد لعام 338 م ونقش أم الجمال العائد لعام 528 م يتبين لنا التالي :

[img]http://c2.ac-images.myspacecdn.com/images02/112/l_3229212a85ba494d8a9226e5adc4e8dd.jpg[/img]
نقش إمرؤ القيس أحرف نبطية موصلة بشكل بدائي

[img]http://c3.ac-images.myspacecdn.com/images02/90/l_0e0cc12f3ba949549578b0186373c05e.jpg[/img]
نقش أم الجمال أحرف نبطية موصلة بشكل بدائي


لقد حاولنا أن نجزئ الأحرف الموجودة على النقش وقارنها بالأبجدية النبطية فنتج التالي :


[img]http://c4.ac-images.myspacecdn.com/images02/102/l_247bb2b74857475a8786452bef069283.jpg[/img]

الأبجدية رقم واحد لقد أخذت من نقش إمرء القيس, لاحظ أنها هي ذاتها الأحرف النبطية مع اختلاف بسيط بطريقة كتابة بعض حروفا كحرف الياء في نهاية الكلمة وحرف الشين والهاء.

كما تبين لنا أيضاً أن حرف الدال والذال فيهم نوع من الإختلاف البسيط الشبيه بحرف الكاف في كلمة (عكدي)

[img]http://c3.ac-images.myspacecdn.com/images02/81/l_11399c24cfd542d19b5b89393cbba98e.jpg[/img]
(عكدي) .

وإن غياب حرف الضاد والطاء والظاء والذال والثاء من النقش, ما جعلنا نقع في حيرة في كيفية اختيار تلك الحروف.

كما لاحظنا أنه هناك همزة يستخدمها الغساسنة في كتابتهم وهي تشبه الفاصلة [size=200]’[/size] وهذا دليل على أن الخط العربي الجديد هو ذاته الخط النبطي القديم ولكنه متصل.
كما أن نقش أم الجمال الذي كتب اسم جذيمة نلاحظ أن التاء المربوطة [color=#FF0000]“ـة“[/color] قد اخذت من الأحرف الأشورية بدلاً من الأحرف النبطية التي تفتقر لذلك الرمز الذي لم يكن واضحاً في كلمة (مدينة) التي كتبت (مدينت),

[img]http://c1.ac-images.myspacecdn.com/images02/71/l_727c471659ba49718b6f1060039f08e8.jpg[/img]
جذيمة

حاول مقارنة حرف ال [color=#FF0000](ــة )[/color] مع الأبجدية الأشورية في شكل الأبجديات المرفق أعلاه ستجد تطابق في الحرف مع حرف التاء.

[img]http://c3.ac-images.myspacecdn.com/images02/67/l_6742f8a17d6847e6b7bfd9dbdf0c795e.jpg[/img]


كما نلاحظ أن الشين في كلمة "شمر" والسين في كلمة قيس فترى أنهما كتبتا بشكل عامودي متشابه جداً, ولكننا إذا دققنا لوجدنا أن الشين تختلف عن السين بإنحناء مدتها :

[img]http://c1.ac-images.myspacecdn.com/images02/96/l_fccce1ae7c89456ca1a281ec8cbc6ff4.jpg[/img]

وأيضاً تبين لنا أنه قد جاءت فكرة توصيل الأحرف من الأشوريين الذين بدأوا بتوصيل حروفهم من عام 200 ق م كما في الشكل التالي :

[img]http://c2.ac-images.myspacecdn.com/images02/78/l_c6b1182940ad4bf8ba4a047e7d9a98ad.jpg[/img]
نقش بالأبجدية الأشورية ذات الأحرف الموصلة


[img]http://c3.ac-images.myspacecdn.com/images02/101/l_0f10c8178b9243a2be954467239777f2.jpg[/img]
مخطوطة أشورية تعود إلى عام 124 ق م

كما تبين لنا أن حرف الصاد والضاد هم حروف قد اخذت من أبجدية أخرى موجودة في بلاد ما بين النهرين تدعى بالأبجدية المندائية :


[img]http://c2.ac-images.myspacecdn.com/images01/126/l_e65fc9f871f5a8f733628eb7faaabe0d.jpg[/img]

الأحرف المندائية في جنوب الكوفة.


نستنتجد من هذه الأبجدية أن أصل حرف الصاد والضاد, والحاء والفاء وإنقلاب السين بشكل أفقي بدلاً من الشكل العامودي النبطي.

ولكن من الذي فعل هذه الإضافة ؟
إذا عدنا إلى [color=#FF0000]النظرية الأولى [/color]التي تتحدث عن اجتماع ثلاثة أنفار من طيء بمدينى "بقة" وهم "مرا مر بن مرة" و "أسلم بن سدرة" و "عامر بن جدرة" فوضعوا الخط، وقاسوا هجاء العربية من الأحرف النبطية على هجاء السريانية.
نجد أن هذه الحادثة قد وقعت فعلاً وأنها حدثت فعلاً بعد أن تعرفوا على الخط النبطي الموصل وهذا ما جاء في صريح العبارة المنقولة, وكأنها طلاسم نحاول أن نربطها ببعض, وأن الإضافات التي أضيفت للأبجدية العربية الجديدة كانت متعلقة ببعض الحروف التي بيناها من الأبجدية الأشورية والمندائية, كما أن وضع النقاط على بعض الحروف (الإعجام) لتميزها عن بعضها البعض كان من أهم الخطوات التي أدت إلى ولادة الخط الجديد في مدينة (بقة) والتي دعيت بالكوفة بعد الإسلام فدعي بالخط الكوفي الجديد.

[img]http://c1.ac-images.myspacecdn.com/images02/81/l_8773d36115b84f5f89fef3a6ff69b7e4.jpg[/img]
لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ * اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ * يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ ) سورة السجدة الآيات 3 4 5 من مصحف استانبول 35 هـ سنة 656م.

[img]http://c1.ac-images.myspacecdn.com/images02/103/l_c65c9adeee4e4ada8e7c61e1d3eb51cc.jpg[/img]
أغلب المصاحف التي تعود إلى القرن الأول الهجري تكتب كلمة (علا وحتا ) على الطريقة القرشية, وبدات كلمة (على) في مصحف طشقند 65 هـ وبعدها تبدلت (حتى) في المصاحف الأحدث.

نحن نعلم أن نقش النمارة قد حدث في سنة 328م ولكنه مؤرخ بعام 223 بتاريخ بصرى, ونعلم أن نقش أم الجمال كتب بتاريخ 528م ونعلم أن الرسول قد ولد في عام 570م ونحن نملك نصوصاً عديدة ورسالات كتبها صحابة الرسول (ص) إلى ملوك البيزنط وكسرى, وهذه الرسالات توضح لنا تطور الحروف في تلك الحقبة.
فحاولنا تفكيك حروف نقش ام الجمال أولاً :

[img]http://c2.ac-images.myspacecdn.com/images02/94/l_eb6426f37634436292c6bf56b33e0f45.jpg[/img]

نقش أم الجمال وقد فككت حروفه

فظهرت لدينا الأبجدية التالية :

[img]http://c2.ac-images.myspacecdn.com/images02/97/l_3f28529291cf437cbba64fccae08e031.jpg[/img]

ومن محاولة معرفة التطورات التي حدثت فنتج التالي :
لقد قرأ العلماء هذه النقش وحاولوا ترجمته كالتالي :
1 ـ دنه نفسو ف[color=#FF0000]هر[/color]و [color=#FF0000]هذا قبر فهر .[/color] هذه العبارة غير موجودة في النص, كما أن الهاء والراء في كلمة فهرو :
[img]http://c2.ac-images.myspacecdn.com/images02/86/l_3759dc48779846bc87efd433897051fd.jpg[/img]
[color=#FF0000]استطعنا أن نتعرف على الهمزة أن الحرفين الهاء والراء فإنهما لا ينطبقان على الأبجدية على الإطلاق كما نرى.[/color]
2 ـ برشلي ربو جذيمة [color=#FF0000]ابن سلمى مربي جذيمة [/color]. الجزء الأخير من النص غير موجود في النقش أيضاً
3 ـ ملك تنوخ [color=#FF0000]ملك تنوخ [/color]. [color=#FF0000]ظهور الخاء في هذه الكلمة.[/color]
ولكن العبارة لم تكن مكررة مرتين, وكأن النقش الذي وصل إلينا هو نصف النقش وليس بشكله الكامل.

وعند قراءة نص نقش حران :

[img]http://c3.ac-images.myspacecdn.com/images02/80/l_d81e123e30c846889c7132bcc676b72e.jpg[/img]
تعرفنا على حروف جديدة :
الذال والصاد والثاء, والتأكيد على الخاء, ولكننا نلاحظ تأخر التاء والثاء والصاد في تطابقهم مع حروف الأنبار.

الرسائل في عصر الدعوة الإسلامية ومقارنتها مع الكتابة الغسانية وكتابة بني حران 565م :

[img]http://c3.ac-images.myspacecdn.com/images02/76/l_e525030b096b493aa77c1ebe71fd10be.jpg[/img]
تاريخياً نعلم أن هذه الرسالة كتبت في عام 7 هـ أي عام 630م نرى أن الأبجدية قد تطورت إلى درجة الوضوح الكامل مقارنة بينها وبين نص عام 565.
نجد تطابقاً كاملاَ بين نص رسالة الرسول ومع التعديل الكوفي وغياب الهمزة الغسانية من النص.
لقد تعرفنا على حروف جديدة من هذا النص, حرف الطاء في كلمة "القبط" كما ظهرت كلمة (على) مع الألف المقصورة وهذا غريبة جداً, أو أن الذي كتبها هو من كتبة المدينة من المسلمين الأنصار, لأن القرشيون كتبوا (على) بالألف الممدودة. (علا).

ونرى أنه من أسباب انتشار الأبجدية الأشورية في العالم العربي هو بسبب نشر الديانة المسيحية عبر المبشرين الدينيين السريان في بلاد ما بين النهرين والجزيرة العربية, ومصر والسودان والحبشة, وأنه عندما استقر الإسلام فينما بعد على إختيار الخط النبطي الموصل الذي بدأ بتسميته بالخط العربي الكوفي وخط القرآن ومن خلال نشر الديانة الإسلامية في البلاد المجاورة, نتج عن هذا أن جميع البلاد التي وقعت تحت سيطرة الإمبراطورية الإسلامية الجديدة قد بدأت تتأثر بالخط العربي الجديد ,حيث أن الفرس وبلاد الشرق مثل الهند (الإردو) والصين ومنغوليا جميعهم تأثروا بالخط الجديد وبدأو للإنتقال إلى استخدام الأبجدية الجديدة وإليكم بعضاً من هذه الكتابات التابعة لتلك البلاد التي تقبلت الإسلام وأخذت الرسالة من المسلمين العرب واتقلوا إلى إستخدام أبجديتهم ولكن مع الحفاظ على لسانهم الغريب عن العربية :


[img]http://c3.ac-images.myspacecdn.com/images02/95/l_d39b5fd8b64f4f889c00690255da5242.jpg[/img]
كتابات منغولية بعد الإسلام


كتابات مسلمي الصين بالخط العربي بعد الإسلام

[img]http://c1.ac-images.myspacecdn.com/images02/105/l_f43f119ea60e4cb18745b717d906cb68.jpg[/img]

بعد الإسلام


[img]http://c2.ac-images.myspacecdn.com/images02/91/l_8a5599ae995c497794bb835ad7d3c4cd.jpg[/img]

عملة ساسانية كتب عليها بسم الله بعد الإسلام


[img]http://c4.ac-images.myspacecdn.com/images02/68/l_34e276ddcd4045458e3aa4920b13a737.jpg[/img]
عملة أموية من طبرية الغسانية

[img]http://c2.ac-images.myspacecdn.com/images02/74/l_53dd207eebc04ae38cf553bb5cc75aa1.jpg[/img]
عملة تركية 1319

[img]http://c4.ac-images.myspacecdn.com/images02/75/l_8f1859e260ef4cfab04482b0a235af1b.jpg[/img]

عملة أضيف عليها كلمة نجد

[img]http://c1.ac-images.myspacecdn.com/images02/102/l_edd88b51433f40bfb49c60e4cc351ca4.jpg[/img]
عملة مكتوب عليها بالحرف المسند العربي القديم

يعتقد أنها لملك الغساسنة الحارث


[img]http://c4.ac-images.myspacecdn.com/images02/71/l_328d882f378d4531ad1645cf6f8fb53b.jpg[/img]

عملة غسانية للملك وشقيقته أي زوجته

[img]http://c2.ac-images.myspacecdn.com/images02/76/l_461afb1e73c547bfb6dea0fac689824d.jpg[/img]

عملة منغولية بعد الإسلام


[img]http://c3.ac-images.myspacecdn.com/images02/65/l_caa69f64aaef418fbdea1633bf9687b2.jpg[/img]
علمة مكتوب عليها خان العادل الأعظم ومن الطرف الثاني محمد رسول الله بعد إسلام المغول.


[img]http://c4.ac-images.myspacecdn.com/images02/95/l_6f223ef44670495f83210c5efcce2c17.jpg[/img]

عملة سلجوقية عليها أحرف عربية

مراجع الكتاب

1- المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام د. جواد علي.
2- معجم القبائل العربية القديمة والحديثة لعمر رضا كحالة
3- الإمبراطورية الساسانية, المعرفة.
4- فتوح البلدان البلاذري.
5- سير أعلام النبلاء
6- اسطورة المصاحف, محمد الحاج.
7- ساكوبيديا العملات القديمة.
8- حضارات العرب.
9- تاريخ الأردن.
10- الحضارة المسمارية.
11- فتوح البلدان.
12- عمر كحالة والزركلي( الأعلام )
13 - مدن فجر التاريخ (نعيم عبد مهلهل)
14- أيام العرب الخالدة (محمد أمين).
15- الإنسان بين التصوف والفلسفة (عيد درويش)
16- كتاب تاريخ أبى الفداء تأليف الملك المؤيد إسماعين بن أبي الفداء.
17- مملكة تنوخ.

وهناك العديد والعديدمن المراجع مثل ويكيبيديا والمعرفة والموسوعة البريطانية وحتى العديد من كتب الخط العربية وتاريخة.

التشكيل:

لقد تكلمنا في بحث الكتابة عن تاريخ الخط العربي (الكوفي) وكيف ان العرب الذين هاجروا من اليمن بعد تحطم سد مأرب العظيم, كيف أنهم أخذوا معهم الخط المسند وكتبوا به في مناطق كثيرة في أرجاء شبه الجزيرة العربية:

[img]http://c4.ac-images.myspacecdn.com/images01/37/l_457b0c9cb42ea3c9c97570fcb000ecf7.jpg[/img]

الخط المسند

وكيف أنهم بدلوا رسم حروفهم بحرف جديد وهو الخط النبطي القديم خصوصاً في مناطق مملكة الأنباط التي امتدت من شمال مصر في شبه جزيرة سيناء إلى فلسطين والأردن وجنوباً إلى المدينة ومكة, وشرقاُ إلى منطقة دومة الجندل, وشمالاً إلى بادية الشام.

وقد تم إيصال حروف الخط النبطي أولاً لدى غساسنة الشام في عام 300 م
ولقد استخدم ملك العرب وشاعرهم امرؤ القيس حروفهم هذه بعد ان عدل الغساسنة عليها فأضافوا الهمزة كما رأينا ذلك على نقش قبره المشهور في منطقة غسان.

[img]http://c2.ac-images.myspacecdn.com/images02/33/l_3b01a703c0cf404d9e63c2f2a141b5d1.jpg[/img]
لا حظ الهمزة والتي ترسم بشكل واو مقلوبة.

[img]http://c4.ac-images.myspacecdn.com/images02/1/l_8ea39c2bfd4b4e4c8102d6b88032cabf.jpg[/img]

وهذه مخطوطة أم الجمال

ثم بعد ذلك تم تنقيطه لأول مرة بعملية للتمييز بين حروفه ب ج خ غ ف ق ث ض ن ت ي ش ظ ز ة ذ فعرفت هذه النقلة النوعية في رسم الخط النبطي بالإعجام, أي بإضافة النقط عليها وقد حدث ذلك على يد ثلاثة أشخاص من “طيء ببقة” والتي عرفت بالكوفة لاحقاً وهم مرا مر بن مرة وأسلم بن سدرة، وعامر بن جدرة فوضعوا الخط، وقاسوا هجاء العربية على هجاء السريانية وخط المانديك وحدث هذا في القرن الخامس الميلادي.

[img]http://c1.ac-images.myspacecdn.com/images02/43/l_c80e6b0174064d70af5dc13e9ee92f54.jpg[/img]
لاحظ الإعجام في تنقيط الحروف لتميزها عن بعضها في مصحف أستانبول 35 هـ.
أما في بحثنا هذا فإننا سنتكلم عن التشكيل (الإعجام الثلاثي) وأسباب ظهوره, وتاريخ البدء باستخدامه تاريخياً وتطوره السريع.
وطريقة تحوله من نقاط إلى الحركات المعروفة اليوم بالضمة والكسرة والفتحة والسكون, وكيف تمت إضافة الشدة والمدة في عصور لاحقة تتابعت مع ظهور كل الحركات الموجودة في مصاحف اليوم.
فلقد تمت إضافة التشكيل المنقط, أولاً فكانت الفتحة مثلاً نقطة تضاف على أعلى الحرف, والضمة نقطة تضاف على يمين الحرف, والكسرة نقطة تضاف تحت الحرف, كما أن المدة كانت عبارة على نقطين تضاف على يمين ويسار الألف, والتنوين عبارة على نقطين, إما فتحاً أو ضماً أو كسراً أما الشدة فلم تكن موجودة بعد. وإليكم بعض الصور الشارحة للموضوع :
لقد تم التشكيل الأول في عصر الخليفة عبد الملك بن مروان وبأمر من الحجاج بن يوسف الثقفي الذي تولى ولاية البصرة في عام 75 هـ وعلى يد أبي الأسود الدؤلي, في عام 80 هـ.
بعض المؤرخين يعيد تاريخ وفاته إلى عام 69 هـ وينسبوا علم التشكيل لتلامذته ( نصر بن عاصم الليثي ، ويحيى بن يعمر العدواني) وهذا يتضارب مع تعاصره مع الحجاج 41 هـ 95 هـ حيث أن الحجاج قام على خلافة العراق في آخر عشرين سنة من حياته أي من عام 75 إلى عام 95 هـ , وبما أن قصة تنقيط (التشكيل)المصحف تنسب تاريخياً لكليهما فإنه من الواجب الأخذ بمقولة المؤرخين الذين يؤرخوا وفاته إلى عام 99 هـ.

بل وإضافة إلى هذا فإن بعض المؤرخين الجهلة بهذا الأمر يعتبر إعجام نقاط الحروف كالسين والشين والباء والتاء ونقاطها على أنها حدثت بعد الإعجام الثلاثي (التشكيل) والذي قام به الدؤلي, وينسبونه إلى تلامذته ( نصر بن عاصم الليثي ، ويحيى بن يعمر العدواني) إليك ما جاء في كتاب نقط المصحف الشريف :

اقتباس :
( نقط الإعجام، فهو ما يدل على ذات الحرف، ويميز المتشابه منه؛ لمنع العجمة، أو
اللبس. كحروف الباء والتاء والثاء والياء، والجيم والحاء والخاء، والراء والزاي، والسين والشين، والعين والغين، والفاء والقاف، ونحوها مما يتفق في الرسم ويختلف في
النطق، فقد دعت الحاجة إليه عندما كثر الداخلون في الإسلام من الأعاجم، وكثر التصحيف
في لغة العرب، وخيف على القرآن أن تمتد له يد العبث.
واختلفت الآراء في أول من أخذ بهذا النقط، وأرجحها في ذلك ما ذهب إلى أن أول من قام به هما: نصر بن عاصم ويحيى بن يَعْمَر ؛ وذلك عندما أمر الخليفة الأموي عبدُالملك بن مروان الحجاج بن يوسف الثقفي والي العراق (75-95هـ) أن يضع علاجًا لمشكلة تفشي العجمة، وكثرة التصحيف، فاختار كلا من نصر بن عاصم، ويحيى بن يَعْمَر لهذه المهمة؛ لأنهما أعرف أهل عصرهما بعلوم العربية وأسرارها، وفنون القراءات وتوجيهها ).

[img]http://c1.ac-images.myspacecdn.com/images02/15/l_6f5514ee44804e72b27773491e6961f4.jpg[/img]
تشكيل أبي الأسود الدؤلي 75 هـ.

أما السبب الحقيقي الذي دعا الحجاج باتخاذ قرار التنقيط (التشكيل) فعلاً هو إختلاف القراءات., وبعد أن تم وضع العلامات على نصوص المصاحف العثمانية القديمة, بدأ الناس بالعويل, والصراخ واتهام الحجاج بأنه بدأ بتحريف المصحف, بفرض قراءات غريبة لبعض كلمات القرآن
قال الزرقاني :
والمعروف أن المصحف العثماني لم يكن منقوطاً … وسواء أكان هذا أم ذاك فإن (إعجام) دعي إعجاماً أي إقحاماً وليس له علاقة بإعجام الحروف كـ الشين والسين كما سيتبين ذلك (للحاشية) – أي : تنقيط - المصاحف لم يحدث على المشهور إلا في عهد عبد الملك بن مروان ، إذ رأى أن رقعة الإسلام قد اتسعت واختلط العرب بالعجم وكادت العجمة تمس سلامة اللغة وبدأ اللبس والإشكال في قراءة المصاحف يلح بالناس حتى ليشق على السواد منهم أن يهتدوا إلى التمييز بين حروف المصحف وكلماته وهي غير معجمة ، هنالك رأى بثاقب نظره أن يتقدم للإنقاذ فأمر الحجاج أن يُعنى بهذا الأمر الجلل ، وندب " الحجاج " طاعة لأمير المؤمنين رجلين يعالجان هذا المشكل هما : نصر بن عاصم الليثي ، ويحيى بن يعمر العدواني ، وكلاهما كفء قدير على ما ندب له ، إذ جمعا بين العلم والعمل والصلاح والورع والخبرة بأصول اللغة ووجوه قراءة القرآن ، وقد اشتركا أيضاً في التلمذة والأخذ عن أبي الأسود الدؤلي ، ويرحم الله هذين الشيخين فقد نجحا في هذه المحاولة وأعجما المصحف الشريف لأول مرة ونقطا جميع حروفه المتشابهة ، والتزما ألا تزيد النقط في أي حرف (على ثلاث) ,,, (أي كسر وضم وفتح )”للحاشية” ، وشاع ذلك في الناس بعدٌ فكان له أثره العظيم في إزالة الإشكال واللبس عن المصحف الشريف .
وقيل : إن أول من نقط المصحف هو أبو الأسود الدؤلي ، وإن ابن سيرين كان له مصحف منقوط نقطه يحيى بن يعمر ، ويمكن التوفيق بين هذه الأقوال بأن أبا الأسود أول من نقط المصحف ولكن بصفة فردية ، ثم تبعه ابن سيرين ، وأن عبد الملك أول من نقط المصحف ، ولكن بصفة رسميَّة عامَّة ذاعت وشاعت بين الناس دفعاً للبس ، والإشكال عنهم في قراءة القرآن . " مناهل العرفان " ( 1 / 280 ، 281 ) .
وأما ما جاء في السؤال نقلاً عن كتاب " المصاحف " لابن أبي داود : فإليك الرواية فيه والحكم عليها :
عن عبَّاد بن صهيب عن عوف بن أبي جميلة أن الحجاج بن يوسف غيّر في مصحف عثمان أحد عشر حرفاً ، قال : كانت في البقرة : 259 { لم يتسن وانظر } بغير هاء ، فغيرها " لَم يَتَسَنه " .
وكانت في المائدة : 48 { شريعة ومنهاجاً } ، فغيّرها " شِرعَةً وَمِنهاجَاً ".
وكانت في يونس : 22 { هو الذي ينشركم } ، فغيَّرها " يُسَيّرُكُم " .
وكانت في يوسف : 45 { أنا آتيكم بتأويله } ، فغيَّرها " أنا أُنَبِئُكُم بِتَأوِيلِهِ " .
وكانت في الزخرف : 32 { نحن قسمنا بينهم معايشهم } ، فغيّرها " مَعِيشَتَهُم " .
وكانت في التكوير : 24 { وما هو على الغيب بظنين } ، فغيّرها { بِضَنينٍ }… الخ ..
كتاب " المصاحف " للسجستاني ( ص 49 ) .
وهكذا بدأت ظهور القراءات المختلفة والتي نقطت المصحف بتشكيلات مغايرة عرفت في ما بعد بالقراءات السبعة للمصحف أو بالأحرف السبعة ، فَتَكوّن بذلك مذهبان رئيسيان، نذكر نموذجاً عن كل منهما فيما يلي:
المذهب الأول: مذهب استقراء أوجه الخلاف في لغات العرب، وفي القراءات كلها ثم تصنيفها، وقد تعرض هذا المذهب للتنقيح على يد أنصاره الذين تتابعوا عليه، ونكتفي بأهم تنقيح وتصنيف لها فيما نرى، وهو تصنيف الإمام أبي الفضل عبد الرحمن الرازي، حيث قال: … إن كل حرف من الأحرف السبعة المنزلة جنس ذو نوع من الاختلاف.
أحدها: اختلاف أوزان الأسماء من الواحدة،والتثنية، والجموع، والتذكير، والمبالغة. ومن أمثلته: {وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [المؤمنون: 8]، وقرئ. {لأَمَانَتِهِمْ} بالإفراد.
ثانيها: اختلاف تصريف الأفعال وما يسند إليه، نحو الماضي والمستقبل، والأمر ، وأن يسند إلى المذكر والمؤنث، والمتكلم والمخاطب، والفاعل، والمفعول به. ومن أمثلته: {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} [سبأ: 19] بصيغة الدعاء، وقرئ: {رَبَّنَا بَاعَدَ} فعلا ماضيا.
ثالثها: وجوه الإعراب. ومن أمثلته: {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} [البقرة: 282] قرئ بفتح الراء وضمها(يُضَارُ). وقوله {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدِ} [البروج: 15] برفع {الْمَجِيدُ} وجره.
رابعها: الزيارة والنقص، مثل: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} [الليل: 3] قرىء {الذَّكَرَ وَالأُنْثَى}. أي بحذف كلمة “خلق”.
خامسها: التقديم والتأخير، مثل،{فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} [التوبة: 111] وقرئ: {فَيُقْتَلونَ ويَقْتُلُون} ومثل: {وجاءت سكرة الموت بالحق}، قرئ: {وجاءت سكرة الحق بالموت}.
سادسها: القلب والإبدال في كلمة بأخرى، أو حرف بآخر، مثل: {وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا} [ البقرة: 259] بالزاي، وقرئ: {ننشرها} بالراء. والأصح في رأيي هو النشر,
سابعها: اختلاف اللغات: مثل {هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} [النازعات: 15] بالفتح و الإمالة في: {أتى} و {موسى} وغير ذلك من ترقيق وتفخيم وإدغام…
فهذا التأويل مما جمع شواذ القراءات ومشاهيرها ومناسيخها على موافقة الرسم ومخالفته، وكذلك سائر الكلام لا ينفك اختلافه من هذه الأجناس السبعة المتنوعة.
المذهب الثاني: أن المراد بالأحرف السبعة لغات من لغات قبائل العرب الفصيحة.
وذلك لأن المعنى الأصلي للحرف هو اللغة ، فأنزل القرآن على سبع لغات مراعيا ما بينها من الفوارق التي لم يألفها بعض العرب،فأنزل الله القرآن بما يألف ويعرف هؤلاء وهؤلاء من أصحاب اللغات، حتى نزل في القرآن من القراءات ما يسهل على جلّ العرب إن لم يكن كلهم، وبذلك كان القرآن نازلا بلسان قريش والعرب.
فهذان المذهبان أقوى ما قيل، وأرجح ما قيل في بيان المراد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن الكريم.


لنرى معاً بعضاً من الفوارق التي أتت في القراءات السبعة مع نسخة عاصم :


[img]http://c4.ac-images.myspacecdn.com/images02/2/l_b6d7bb7ac23442e98617ee7edc90f723.jpg[/img]

كتبت “قل” في كل المصاحف وقرأت قال في مصحفين وقرأت قل في ثلاثة مصاحف الزخرف 23.


[img]http://c4.ac-images.myspacecdn.com/images02/69/l_3bba8fd9540e4f2fa617bd9b95a3d367.jpg[/img]

كتبت وقرءت قال في مصحفين وكتبت وقرءت قل في ثلاث مصاحف الأنبياء 3.


[img]http://c1.ac-images.myspacecdn.com/images02/17/l_8394388c30c44b048e972d724f34adb0.jpg[/img]

وهذا الكلام كما نرى يحاول أن يضع الأمر وكأنه أمر طبيعي مقبول فيه, لا يحيد عن المعنى والقصد وإنما هو فقط اختلاف في لهجات العرب كما قيل ويقال لنا, ولكن هل هذا فعلاً ما حدث وهل تغيير التشكيل من نسخة إلى نسخة ومن قراءة إلى قراءة لا يحيد عن المعنى كما يقال ؟ أم أن الأمر أخطر بكثير مما نعتقد, إذا حاولت أن تنظر في اختلافات القراءات لوجدت انهم قد فرقوا بين الحروف فلقد بدلوا الثاء ياءً والتاء باءً ولم يكن الفرق فقط في تشكيل الحروف كما يعتقد البعض, ولكن برأيي أن من أهم المفارقات التي غيرت من صميم الدين والمعتقد هي ثلاث تشكيلات تعتبر الأهم على الإطلاق وهي التالي :


[img]http://c1.ac-images.myspacecdn.com/images02/37/l_f1b04b2f90a04dce8b62e1145b3b1480.jpg[/img]
لاحظ تشكيل كلمة يضل, والتي أتت فعل مضارع فاعله غير مستتر كما جاء في قراءة عاصم لها, بل يعود على الذين كفروا الذين يحلون شهر النسيء عاماً ويحرمونه عاماً من أجل مواطئة ما حرم الله, وهذا يعني أن النسيء مبتدأ متعدي وجملة (زيادة في الكفر) هي جملة اعتراضية يجب أن تنصب في كلمة زيادة. أما خبره الأول فهو جملة (يضل به الذين كفروا) وجملة يحلونه عاماً ويحرمونه عاما ليواطؤوا عدة ما حرم الله فهي كلها في محل رفع خبرثاني للمبتدأ النسيء.
والغريب بالأمر أن إلغاء النسيء قد تم في زمن بعيد عن وفاة الرسول الكريم, فمعركة اليرموك التي تم تأريخها عربياً وغربياً من قبل العرب والروم, والتي حدثت في عام 636 م في 20 آب الواقع في 5 رجب من سنة 15 هـ. قد كانت العلامة الكبرى والمفتاح الهام لكشف حقيقة من الذي ألغى شهر النسيء من التقويم الإسلامي.
راجع كتاب النسيء للمؤلف نيازي عز الدين طبع دمشق عام 1999.
والتشكيل الثاني هو الآية 125 من سورة النساء :

[img]http://c1.ac-images.myspacecdn.com/images02/40/l_11da659700364e52a42f9ce63709c1cc.jpg[/img]

[img]http://c2.ac-images.myspacecdn.com/images02/17/l_e6ce643ab7424e85877be98419647749.jpg[/img]

نرى أنه في نسخة استانبول لمصحف عثمان بن عفان 35 هـ والذي تم إضافة لتشكيل عليه في عصر لاحق وبطريقة الدؤلي في التشكيل كيف أن قراءة الآية تأتي بالشكل التالي :
واتخذ اللهَ إبراهيمُ خليلاً (125) النساء
أي أن إبراهيم هو فاعل الإتخاذ والله هو المفعول به وخليلاً حال منصوبة, لأن الله غني عن العالمين ولا يتخذ من عباده لا صاحبة ولا إبناً ولا صاحباً أو خليلاً من الصحبة أو من الخلوة.
بل العبد هو من يتخذ الله خليلا من الخلوة والإختلاء, وليس العكس.
أما المكان الثالث الذي غير المعنى وأضاع فرحة نصر المؤمنين على الروم والفرس فهي في سورة الروم, ولقد كتب والدي بحثاً كاملاً في هذا الموضوع في كتابه (الحقيقة- البرهان) نيازي عز الدين طبع بيسان بيروت 2000م

وهكذا نرى كيف أن التشكيل الأول للنص القرآني, والذي تم في عام 80هـ قد فتح باب الإتهام للحجاج بتحريف القرآن, والغريب بالأمر أيضاً أن الأغلبية من الناس هم من انصاعوا لأمر السلطان في ذلك الزمان, فكان الحجاج يعتبر أن الخروج عن أمر السلطان هو كفر, وخروج عن الملة, فكانت الأقلية المغلوب على أمرها هي التي اعتبرت من الخوارج وهي التي تم ملاحقتها واضطهادها وقتلها والقضاء عليها في تلك الفترة المعروفة بالعنف والقسوة, بل هذا ما دعى يحيى بن يعمر, بالهروب إلى الجزيرة والبدء بتشكيل المصحف بشكل آخر والمعروف بمصحف بن سيرين.
أما قصة طرد الحجاج ليحيى بن يعمر فلقد جاء في التاريخ كما يلي :
قال الشعبي: كنت بواسط* ، وكان يوم أضحى، فحضرت صلاة العيد مع الحجاج* ، فخطب خطبةً بليغة، فلما انصرف جائني رسوله فأتيته، فوجدته جالساً مستوفزاً، قال: يا شعبي هذا يوم أضحى، وقد أردت أن أضحي برجل من أهل العراق، وأحببت أن تسمع قوله، فتعلم أني قد أصبت الرأي فيما أفعل به.
فقلت: أيها الاَمير، لو ترى أن تستن بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله ، وتضحي بما أمر أن يضحي به، وتفعل فعله، وتدع ما أردت أن تفعله به في هذا اليوم العظيم إلى غيره.
فقال: يا شعبي، إنك إذا سمعت ما يقول صوبت رأيي فيه، لكذبه على الله وعلى رسوله، وإدخاله الشبهة في الاسلام .
قلت: أفيرى الاَمير أن يعفيني من ذلك ؟
قال : لا بدّ منه .
ثم أمر بنطع فبسط، وبالسيَّاف فأُحضر، وقال: أحضروا الشيخ، فأتوه به، فإذا هو يحيى بن يعمر* ، فأغممت غماً شديداً، فقلت في نفسي: وأي شيء يقوله يحيى مما يوجب قتله؟
فقال له الحجاج: أنت تزعم أنك زعيم أهل العراق ؟
قال يحيى: أنا فقيه من فقهاء أهل العراق.
قال: فمن أي فقهك زعمت أن الحسـن والحسـين عليهما السلام من ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله .
قال: ما أنا زاعم ذلك، بل قائل بحق.
قال: وبأي حق قلت؟
قال: بكتاب الله عز وجل.
فنظر إليَّ الحجاج، وقال: اسمع ما يقول، فإن هذا مما لم أكن سمعته عنه، أتعرف أنت في كتاب الله عز وجل أن الحسن والحسين من ذرية محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فجعلت أفكر في ذلك، فلم أجد في القرآن شيئاً يدل على ذلك.
وفكر الحجاج ملياً ثم قال ليحيى: لعلك تريد قول الله عز وجل: ( فَمَنْ حَاجَّكَ فيهِ مِنْ بَعْدِمَا جَاءَكَ مِنَ العِلمِ فَقُلْ تَعَالَوا نَدْعُ أَبناءَنا وَأَبْنَاءَكم وَنِساءَنا ونِساءَكُم وأنفُسَنا وأنفُسَكُم ثُمَّ نَبتَهل فَنَجعَل لَعنةَ اللهِ على الكاذبينَ ) وأن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج للمباهلة ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام .
قال الشعبي: فكأنما أهدى لقلبي سروراً، وقلت في نفسي: قد خلص يحيى، وكان الحجاج حافظاً للقرآن .
فقال له يحيى: والله، إنها لحجة في ذلك بليغة، ولكن ليس منها أحتج لما قلت.
فاصفرَّ وجه الحجاج، وأطرق ملياً ثم رفع رأسه إلى يحيى وقال: إن جئت من كتاب الله بغيرها في ذلك، فلك عشرة آلاف درهم، وإن لم تأت بها فأنا في حلٍ من دمك .
قال: نعم .
قال الشعبي: فغمني قوله فقلت: أما كان في الذي نزع به الحجاج ما يحتج به يحيى ويرضيه بأنه قد عرفه وسبقه إليه، ويتخلص منه حتى رد عليه وأفحمه، فإن جاءه بعد هذا بشيء لم آمن أن يدخل عليه فيه من القول ما يبطل حجته لئلا يدعي أنه قد علم ما جهله هو .
فقال يحيى للحجاج: قول الله عزّ وجلّ ( وَمِن ذُرِّيتهِ دَاوُدَ وَسليمانَ ) من عنى بذلك ؟
قال الحجاج: إبراهيم عليه السلام .
قال: فداود وسليمان من ذريته ؟
قال: نعم .
قال يحيى: ومن نص الله عليه بعد هذا أنه من ذريته ؟
فقرأ يحيى: ( وَأيّوب وَيوسفَ وَموسى وَهارونَ وَكذلِكَ نَجزي المُحسنينَ ) .
قال يحيى: ومن ؟
قال: ( وَزكريا وَيَحيى وَعِيسى ) .
قال يحيى: ومن أين كان عيسى من ذرية إبراهيم عليه السلام ، ولا أب له ؟
قال: مِن قِبَل أُمّه مريم عليها السلام .
قال يحيى : فمن أقرب : مريم من إبراهيم عليه السلام أم فاطمة عليها السلام من محمد صلى الله عليه وآله؟ وعيسى من إبراهيم، أم الحسن والحسين عليهما السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله؟
قال الشعبي: فكأنّما ألقمه حجراً .
فقال: أطلقوه قبّحه الله ، وادفعوا إليه عشرة الآف درهم لا بارك الله له فيها .
ثمّ أقبل عليَّ فقال: قد كان رأيك صواباً ولكنّا أبيناه، ودعا بجزور فنحره وقام فدعا بالطعام فأكل وأكلنا معه، وما تكلّم بكلمة حتى افترقنا ولم يزل ممّا احتجّ به يحيى بن يعمر واجماً .
____________
واسط (1) مدينة بناها الحجاج في العراق عام 83 | 84 هـ ، وسميت واسطاً لتوسطها بين البصرة والكوفة والاَهواز وبغداد، فإن بينها وبين كل واحدة من هذه المدن مقداراً واحداً وهو خمسون فرسخاً . التنبيه والاَشراف: ص311 ، وفيات الاَعيان لابن خلكان: ج2 ص50.
الحجّاج بن يوسف الثقفي ، اشتهر بولائه للبيت الاَموي ، وبعدائه ونصبه للبيت العلوي، ولد في الطائف سنة 40 هـ ونشأ فيها ، كان والياً من قبل عبد الملك بن مروان وقد أولع في قتل شيعة أمير المؤمنين عليه السلام وأخذهم بكل ظنّة وتهمة أمثال قنبر غلام أمير المؤمنين عليه السلام وكميل بن زياد وسعيد بن جبير وأمثالهم ، قال ابن خلكان عنه : وكان للحجاج في القتل وسفك الدماء والعقوبات غرائب لم يُسمع بمثلها ، وكان الحجاج يخبر عن نفسه أن أكبر لذاته سفك الدماء وارتكاب أمور لا يُقدم عليها غيره . وكان مرضه بالاَكلة وقعت في بطنه ، ودعا الطبيب لينظر إليها ، فأخذ لحماً وعلقه في خيط وسرحه في حلقه وتركه ساعة ثم أخرجه وقد لصق به دود كثير ، وسلّط الله عليه الزمهرير ، فكانت الكوانين تجعل حوله مملؤة ناراً وتدنى منه حتى تحرق جلده وهو لا يحس بها ، وشكى ما يجده إلى الحسن البصري فقال له : قد كنت نهيتك ألا تتعرّض إلى الصالحين فلحجت ، فقال له : يا حسن ، لا أسألك أن تسأل ان يفرّج عنّي ، ولكني أسألك أن تسأله أن يعجل قبض روحي ولا يطيل عذابي ، واقام الحجاج على هذه الحالة بهذه العلة خمسة عشر يوماً ، توفي في شهر رمضان سنة 95 هـ في مدينة واسط ودفن بها وعُفي قبره . راجع : وفيات الاَعيان لابن خلكان : ج 2 ص 29 ترجمة رقم : 149 ، سفينة البحار : ج 1 ص 221 ـ 222 .
أبو سليمان يحيى بن يعمر العامري البصري ، ولد في البصرة ، وهو أحد قرّائها وفقهائها ، كان عالماً بالقرآن الكريم والفقه والحديث والنحو ولغات العرب ، وكان من أوعية العلم وحملة الحجة ، أخذ النحو عن أبي الاَسود الدؤلي ، وحدَّث عن أبي ذر الغفاري ، وعمّار بن ياسر ، وابن عبّاس وغيرهم ، كما حدث عنه جماعة أيضاً ، وكان من الشيعة الاَولى القائلين بتفضيل أهل البيت ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ ، وقيل : هو أول من نقّط القرآن قبل أن توجد تشكيل الكتابة بمدة طويلة ، وكان ينطق بالعربية المحضة واللغة الفصحى طبيعة فيه غير متكلّف ، طلبه الحجّاج من والي خراسان قتيبة بن مسلم فجيء به إليه ، لاَنّه يقول أن الحسن والحسين عليهما السلام ذرّية رسول الله صلى الله عليه وآله ، وقد أذهل الحجّاج بصراحته وجرأته في إقامة الحق وازهاق الباطل حتى نصره الله عليه ، كما نفاه الحجاج في سنة 84 هـ لاَنّه قال له : هل اُلحِنْ ؟ فقال: تلحن لحناً خفياً ، فقال : أجلتك ثلاثاً ، فإن وجدتك بعدُ بأرض العراق قتلتك ؟ ! فخرج ، وأخباره ونوادره كثيرة ، توفي ـ رحمة الله عليه ـ سنة 129 هـ.

متى جمع الإمام علي (عليه السلام) مصحفه؟
إنّ أول مَن تصدى لجمع القرآن بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) مباشرة، وبوصية منه(18) هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) حيث قعد في بيته مشتغلاً بجمع القرآن وترتيبه على ما نزل.
قال ابن النديم ـ بسند يذكره ـ: أن علياً (عليه السلام) رأى من الناس طيرة عند وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) فأقسم أن لا يضع رداءه حتى يجمع القرآن.
وروى محمد بن سيرين عن عكرمة، قال: لما كان بدء خلافة أبي بكر قعد علي بن أبي طالب في بيته يجمع القرآن. قال: قلت لعكرمة: هل كان تأليف غيره كما أنزل الأول فالأول؟
قال: لو اجتمعت الإنس والجن على أن يُألفوه هذا التأليف ما استطاعوه.
قال ابن سيرين: تطلبت ذلك الكتاب وكتبت فيه إلى المدينة فلم أقدر عليه
المناقب: 2/40.
- الإتقان: 1/57،
الطبقات: 2/101،
بحار الأنوار: 92 / 88 ح 27،
آلاء الرحمن: 1/18.
وهكذا تم إعتبار مصحف علي بن أبي طالب الذي كتب حسب تسلسل النزول في حكم اللاموجود, وتم إخفاءه, ويقول الشيعة أنه موجود لديهم وفيه ذكر لعلي إبن أبي طالب.
وهكذا إلى أن حدث وتم إظهار مصحفاً آخر لإبن مسعود وفيه من الإختلاف في كثير من الكلمات التي استشهد بها كل من إبن كثير والأنباري, وابن جرير وابن المنذر وغيرهم, وكل تلك الروايات أتت من أجل الطعن في نسخة عثمان بن عفان ونسخة تشكيل الحجاج واعتبارها مزيفة, حتى ضاع الصواب مع الأكثرية وتم اتباعها على القهر والذل ولم يستطع الناس من بعدها التفرقة بين الحق والباطل.

حتى وبعد أن جاء رجلاً في زمان العلم والكمبيوتر في أيامنا هذه فحاول أن يثبت إعجاز القرآن, مع الرقم 19, أقصد الدكتور رشاد خليفة الذي أتهم بالجنون وبادعاء النبوة وتمت ملاحقته ثم قتله في داره بولاية أريزونا الأمريكية, وحدث بعد ذلك أن تم تسليم مؤسسته الإلكترونية لعملاء خونة غالوا في تعجرفهم وتملقهم واختراعاتهم للطعن بالقرآن, وبتحويل مسألة الرقم 19 إلى مهزلة إعلامية.

علماً أن سبب ظهور الرقم 19 مع بداية اختراع الكمبيوتر هو من أحد مفاتيح الله في حفظ هذا القرآن من التلاعب ومحاولة غسله من أيدي اللاعبين التي لعبت به خلال الـ 1400 سنة السابقة ومحاولة تطهيره من خبثهم وتلاعبهم الذي حدث فعلا وأصبح في خبر كان, ويجب أن يعاد النظر به تماماً بعد أن تبين للجميع أن كل نسخة من النسخ الموجودة لدينا اليوم من القراءات المنتثرة بين أيدينا من قراءة عاصم وورش وهاشم والسوسي والدوري, وووو كلها تختلف وبما أنها تختلف فنحن لا نذهب ونقول أن قراءة إبن مسعود لا يؤخذ بها لأنها كذا وكذا, ولا نستطيع أن نقول أن نسخة الإمام علي لا يؤخذ بها لأنها كذا وكذا, بل ما يجب البحث به وعليه هو ذلك الكتاب المكنون الذي حفظه الله لنا, وكلمة مكنون أي محفوظ في مكان مقفل, أين هو ؟
يحاول بعض العلماء الإدعاء بوجود مصحف عثمان في المدينة فأين هو ولماذا لا يظهر كاملاً وعلى الملأ, حتى تخنس الأصوات وتنبهر الأعين له وتنطبق عليه معجزة الرقم 19, التي تعثر بها الدكتور خليفة الذي أخفق في حروف الألف والياء, والنون.

إن من التديقيق في طريقة كتابة كلمة (على) و(حتى) في المصاحف القديمة القرشية والتي تعود إلى القرن الأول الهجري, نرى أن القرشيين كتبوا تلك الكلمتين بالألف الممدودة (علا ) و (حتا) :

[img]http://c1.ac-images.myspacecdn.com/images02/81/l_8773d36115b84f5f89fef3a6ff69b7e4.jpg[/img]

[img]http://c1.ac-images.myspacecdn.com/images02/103/l_c65c9adeee4e4ada8e7c61e1d3eb51cc.jpg[/img]




كما يحاول بعض الفقهاء المفلسين بالإدعاء بأن مصحف الرسول الكريم موجود فعلاً في مكان ما, وأنه على دراية به ولكنهم وللأسف مازالوا يصرون على إخفاءه والإدعاء بأنه ليس هو الوقت المناسب بعد بإظهاره على الملأ, فمتى هو الوقت إذاً ؟


كما يجب أن يلاحظ أيضاً من النسخ القديمة التي كتبت في المدينة والمدن المجاورة لها غياب الهمزة عنها, فعندما بدأ المسلمين بكتابة المصحف في العصر الخليفة عثمان بن عفان كان بلا همز كما هو معلوم.

فليس التشكيل وحده ما تم إضافته على النص بل الهمزة أيضاً, ولكن تعالوا لنرى كيف أن التشكيل وما عرف بالقرآت السبع كيف حاد عن المعنى وبدأ في تحريف المعاني القرآنية :
لقد كتب السيد والمفكر الإسلامي علي عبد الجواد رداً على مقالة "إبراهيم الخليل" تعقيباً يريح صدره في قراءة الآية التالية :
(وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) 17/16
وقال السيد عبد الجواد إن اعتبار النص فوق فهم العقل يجعلنا نحتار في مفهوم الآية التي تصر على أن الله يأمر بالفسق, ولكن إن اعتبرنا التشكيل هو عمل إنساني يحتمل الخطأ عندها يجب علينا تصليحة على مبدأ أن القرآن لا يأتيه الباطل لا من بين يديه اي من داخله (التشكيل)ولا من خارجه (أي بالتفسير الحديث وأسباب النزول) لوجب علينا نحن الذين ندعو إلى قراءة النص من جديد من إزالة اللغط في بعض الكلمات التي تناقض أسماء الله التي هي صفاته عندها نعلم أنه ليس من المنطقي أن يكون الله هو الآمر بالفسق, فبدأت بالبحث في كتاب الله لأجد الجواب ووجدت التالي في قوله تعالى :
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) 6/125
علماً أن الله لن ينكر عن ذاته المكر بل قال أنه "خير الماكرين"
(وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) 3/54
وقراءة السيد عبد الجواد الجديدة لكلمة (أمَّرْنا) اتت بالتشديد على الميم بالفتحة وسكون الراء, فتأتي بمعنى (جعلنا في كل قرية أكابر مترفيها (لهم الأمر والإمارة) ففسقوا فيها وليس بمعنى أن الله أمرهم بالفسق الذي هو من أفعال الفئة المترفة ذاتهم, والله لا يأمر بالفسق.
ولأن أمر التشكيل في القرآن أمر جديد على بعض الذين يقدسون النص ويعتبرون أنه قد أتى سليماً معافى علماً أنه قد وصلنا بعد الـ 1400 سنة الماضية بكل الغبار الذي التصق به سواء كانت أحاديث نسبت للرسول ظلماً وعدواناً, أو كانت مقصودة من حاسد يريد التشويه للإسلام , أو كانت نتيجة بدعة أسباب النزول التي تثبت النص بدلاً من تحريره, أو كانت نتيجة التفسيرات المغرضة التي شككت في الإسلام كضرب النساء والدعوة إلى الإسلام بالسيف والدعوة إلى قتل المرتد, وإن إظهار هذه الحقيقة اليوم وبعد مرور أكثر من 1400 سنة, والتي تتعارض مع إيمان الأكثرية بأن التشكيل منزل من السماء, قد وضع الناس اليوم في خشية وحيرة في تصليح التشكيل القديم, لأن ذلك يحتاج لطبعات جديدة للقرآن مع سحب النسخ القديمة من بين أيدي الناس, والذي سيؤدي إلى إعتبار أن التحريف قد تسلل إلى الكتاب مما سيدخل الريبة في قلوب الجميع, فكان من الأفضل السكوت والصمت عن الحقيقة, وأنا أقول أنه لا داعي لسحب أي نسخة أو تعديل أي نسخة فالأمر عائد للإنسان ولقارئ القرآن (الفرد) إذا آمن فعل وإن لم يؤمن لم يفعل فالإيمان وعدمه أمران يعودان للإنسان.
علينا أن نقبل بالحقيقة القائلة : أن القرآن لم يكن مشكلاً عند نزوله مع الوحي وأن التشكيل عمل إنساني أضيف للقرآن بعد ظهور ضرورته خاصة بعد دخول الأعاجم إلى الإسلام بالتالي فالتشكيل لم تكن عليه رقابة إللهية بعد نزول القرآن.

ولو قرأنا الآيات التالية من سورة القيامة :
( بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ * يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ * فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ * يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ * كَلَّا لَا وَزَرَ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ * يُنَبَّأُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ * بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ * لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ * كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ ) 75/12-19

أولاً يجب قراءة النص كاملاً حتى نعرف أن الحديث هو للإنسان بشكل عام وأن الله تعالى لم يخصص تلك الآيات لعصر وزمان الرسول أو لشخص الرسول أبداً, (فهي ليست أيات محكمة بل آيات متشابهة)وهذا ما وقع فيه الكثير من الناس قبلاً في تفسير هذه الآيات بأن جعلوها خطاباً موجهاً للرسول فقط, أي أنها محكمة الزمان والمكان ولشخص الرسول, وإذ قرءنا تلك الآيات وجردناها من زمانيتها واعتبرناها خطابا عاماً للإنسان في الأرض, حيث شاهدنا عبارات الخطاب للإنسان في أربع آيات في مقدمة السورة, ولا نجد فيها أي خطاب منفصل للرسول على الإطلاق ثم نقرأ ... (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ) أي الإنسان ... وتحريك اللسان في اللغة ياتي في كتابة النص من أجل قراءته وهو التشكيل, ونجد بها أيضاً تصريحا إلهياً بأن القرآن فعلاً دُوِّنَ بدون أي حركات للنطق, أي أنه غير مشكل ولكن لماذا ....؟
يقول الله (حتى لا تعجل به) والإستعجال في طريقة النطق والتشكيل مسألة تحيد عن المعنى ونحن نعلم ان هناك آيات كثيرة في القرآن لم يأتي تأويلها بعد, ويجب تركها إلى أن يأتي زمانها وتبيانها, وبما أن القرآن لا يأتيه الباطل لا من خارجه ولا من داخله, كما قال الله لنا في الآية الكريمة :
( لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)41/42
وكذلك بين الله لنا كيفية حفظه للقرآن في سورة القيامة في أمور ثلاثة :
أولاً القراءة .. متروكة لله.
ثانياً الجمع متروك على الله.
إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ
وثالثاُ البيان متروك لله أي الشرح.
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ .
وهكذا نكون قد تأكدنا أن القرآن قد نزل كاملاً بالوحي على الرسول منقطاً ولكنه لم يكن مشكلاً, بالبرهان الحقيقي التاريخي مما لدينا اليوم من صحائف القرآن التي تعود للقرن الأول الهجري, ومن برهان ثاني من آيات الله في القرآن يصرح بها الله لنا أن قراءة وجمع وتبيان القرآن هي أمور متروكة لله سيظهرها لنا وهذه هي حكمته في حفظ القرآن أساساً:
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)15/9
وهذا معروف من الجميع ويقر به السلف لكن البعض منا إلى هذا اليوم يعتقد أن القرآن قد نزل بدون تنقيط أيضاً, والبعض يخلط بين التنقيط والتشكيل.
ماذا فعل آباءنا المسلمين (السلفيين) بالقرآن ...؟
1- نقشوه على الأوراق فأخطأوا بكتابة حرف الألف والياء لإختلاف اللهجات.
2- أضافوا عليه الهمزة من لغة الشام.
3- أضافوا عليه التشكيل فاختلفت القراءات.
(وبعد هذه الإضافات عادوا اعتبروها منزلة من السماء)
4- أضافوا عليه قوانين التجويد.
5- أضافوا عليه تقسيم الأجزاء.
6- أضافوا عليه أماكن السجود.
معتبرين تلك الإضافات من الإضافات الثانوية الحسنة التي لا تؤثر على مفهوم القرآن, إلا أن قد تبين لنا أن مكان الوقف والمتابعة شيء خطير للغاية ويغير المعنى بشكل فظيع, فإن قرأنا مثلاً الآية التالية من دون أن نتوقف على المكان الصحيح لضاع المعنى:
(... وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ....) 3/7
إن اقتطاع الآية بهذا الشكل يقلب المعنى قلباً جذرياً.
لذلك كان من الأفضل أن نقرأ الآية بتمعن أكثر ومن خلال قراءتنا لها سنعلم أن الوقف يجب أن يأتي على كلمة الله, (بالبحث عن نقاء المعنى) وثم نتابع اللآية :
(هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ, وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ) 3/7

لنفرض أن تلك الترسبات التي أضافها السلف قد كانت كلها بحسن نية ولم تكن عن قصد الإساءة وأنهم أخطأوا لأنهم بشر والبشر خطاء, فما عليهم إلا بالإعتراف بخطأ السلف.
بعدها ربما قد يتفكروا في قراءة النص من جديد وبعدها سيتبين لهم أن بحوث الصلاة والصيام والطلاق والحج والزكاة في القرآن تختلف إختلافا كلياً عن رسالة البخاري وأبو هريرة.
وهناك طريقة وضعها الله في كتابه وحفظها بشكل سري ولمدة 1400 سنة لكشف النص الصحيح, وهي معجزة العدد 19 والتي أخفق الدكتور رشاد خليفة في البرهان عليها بسبب تعثره في حروف (اللألف والياء والنون) لإعتماده على النسخة (العثمانية) المنسوبة للحكم العثماني التركي وليس للخليفة عثمان بن عفان, فبدأ ظنه يأخذه إلى إعتبار أن هناك آيات من القرآن يجب حذفها وأن حرف النون في مطلع سورة القلم يجب أن تكتب (ن و ن) بدلا من (ن) لأنه أخفق في إيجاد النون الناقصة التي ظهرت في مصحف استانبول الأثري المكتوبة (نصرمنها) حيث أتت نون قسم المتكلم واضحة لا يشوبها أي تساؤل.

[img]http://c4.ac-images.myspacecdn.com/images02/56/l_ab307658de8c40fcaa6b62aa5791226b.jpg[/img]
وكلمة (صرم) تأتي هنا بمعنى (الدخول) أو (الهجرة إلى الشيء).
عزيزي القارئ بدلاً من الإقتناع بأن النسخة التي بين يدينا هي نسخة صافية من شوائب السلف يجب علينا التفكر فيها, وبدلا من الخوف على إنقسام الفئات الضالة أساساً, يجب علينا البدء بالعمل على تصفية ماء النبع.
يجب أن نؤمن أن الله تعالى هو الذي خاطبنا كمسلمين على الشكل التالي :
(إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ *كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ) 75/17-20
إن الأمر بالجمع (هو أمر بإستخراج النصوص من المتاحف ونشرها بشكلها الكامل وليس لمصحف واحد أو لإثنين منها, بل جميعها ونشرها على الإنترنت وجعلها متوفرة للجميع بلا استثناء)
وقرآنه أي (قراءة النص) أي تشكيله. والتشكيل الحالي صحيح وبنسبة 90% وتلك خطوة جيدة وأسهل من البدء من نقطة الصفر.
ثم أن بيانه (تبيان معانيه) هو وعد الله لنا بأنه سيبينه لنا وحده من ذات القرآن, والحمد لله الذي ألهمنا إلى الترتيل والمحكم والمتشابه.

وهنا يجب أن نحاول إظهار إختلافات كتابة أحرفه وتصحيحها كحرف الألف مثلاً فقد شاهدنا كيف أن كلمة (قال) والتي أتت في بعض المواقع بألف مقصورة ٌ (قــل) علماً أن القراءات جميعها حاولت أن تتفق على كتابة كلمة “صراط” مثلاً بشكل واحد ضمن المصحف الواحد, وكذلك أغلب الكلمات, مع بعض التجاوزات مثل كلمة “يشاقق” مثلاً أتت في المصحف مثلاً بشكلين بألف ممدودة في أغلب الأحيان ولكنها أتت في سورة النحل مثلاً بألف مقصورى.

كما أن هناك بعض الفوارق بين قراءة وقراءة من القراءات السبع فأحياناً تم قلب الواو ياء أو ألفاً أو تم قلب الثاء ياءً أو النون تاءً أو العكس لنرى معاً هذه الفوارق ولندقق فيها ولنتبع ما هو أصح, فعبارة (والعنهم لعناً كبيراً, والعنهم لعناً كثيراً) بين قراءة هاشم وعاصم, ألا ترى أن كثيراً تدل على الكثرة, أما كبيراً فهي تدل على عظمة الشيء حجماً ووزناً.


تطور علم التشكيل :
ثم تم بعد ذلك تطوير لعلم التشكيل على يد أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري وهو عربي النسب من الأزديين ولد في عُمان عام 100 هـ 168هـ ،718- 786م وهو مؤسس علم العروض وواضع أول معجم للغة العربية وهو العين
كما أنه هو الذي تلمذ على يده عالم النحو والصرف المشهور سيبوية.

[img]http://c1.ac-images.myspacecdn.com/images01/73/l_2df92a6d483d06f1d44edaf7cbdc22a0.jpg[/img]
تشكيل الفراهيدي 135 هـ.

وهكذا انتقلت طريقة تشكيل الفراهيدي إلى عصرنا هذا وذلك بإبدال النقط بالفتحة والكسرة والضمة كما تمت إضافة التنوين والشدة والسكون كما نرى من الصورة أعلاه.
ولكن وبعدها بفترة وجيزة تمت إضافة علماً جديداً يدعى علم التجويد وأول من جمع هذا العلم في كتاب هو الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في القرن الثالث الهجري فقد ألف " كتاب القراءات " ، وقيل أن أول من ألف وجمع القراءات هو حفص بن عمر الدوري ، واشتهر في القرن الرابع الهجري الحافظ أبو بكر بن مجاهد البغدادي وهو أول من ألف في القراءات السبعة المشهورة ، وتوفي سنة 324 من الهجرة ، وفي القرن الخامس اشتهر الحافظ الإمام أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني مؤلف كتاب ( التيسير) في القراءات السبع والذي صار عمدة القراء وله تصانيف كثيرة في هذا الفن وغيره.
واشتهر في هذا العلم أيضاً الإمام مكي بن أبي طالب القيسي القيرواني وقد ألف كتبًا لا تعد ولا تحصى في القراءات وعلوم القرآن.
وفي القرن السادس الهجري اشتهر شيخ هذا الفن الذي تسابق العلماء إلى لاميته وانكبوا عليها انكباب الفراش على النور تلك هي الشاطبية التي أسماها " حرز الأماني ووجه التهاني.
[img]http://c2.ac-images.myspacecdn.com/images02/43/l_8e8fa5b749fa46b79fa70da28afcc785.png[/img]

مراجع الكتاب :

" مناهل العرفان " للزرقاني.
" المصاحف " لابن أبي داود
كتاب " المصاحف " للسجستاني ( ص 49 ) .
وفيات الاَعيان لابن خلكان : ج 6
معجم الاَدباء للحموي
سير أعلام النبلاء للذهبي
الاَعلام للزركلي
مستدركات علم رجال الحديث للشاهرودي.
المناقب : للشيخ جعفر السبحاني
الإتقان : للسيوطي.
الطبقات : علي بن خضير الخضير
بحار الأنوار : محمد باقر المجلسي
آلاء الرحمن : محمد جواد بلاغي.
وفيات الاَعيان لابن خلكان
سفينة البحار لعباس القمي.




#وسام_الدين_اسحق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- في روما.. يختبر السيّاح تجربة جديدة أمام نافورة -تريفي-
- لغز مرض تسمم الحمل الذي حير العلماء
- -بايدن قد يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية قبل انتهاء ولايته- - ...
- قلق على مصير الكاتب صنصال إثر -اختفائه- بالجزائر بظروف غامضة ...
- هل نحن وحدنا في الكون؟ ماذا يقول الكونغرس؟
- مشاهد لآثار سقوط صواريخ لبنانية في مستوطنة كريات أتا (صور + ...
- -حزب الله-: إيقاع قوة إسرائيلية بين قتيل وجريح
- مشاهد لـRT من موقع الضربة الإسرائيلية لمنطقة البسطة الفوقا ف ...
- مجموعة السبع ستناقش مذكرات التوقيف الصادرة عن الجنائية الدول ...
- لماذا يضاف الفلورايد لمياه الصنبور وما الكمية الآمنة؟


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وسام الدين اسحق - تاريخ الكتابة العربية (الخط الكوفي) الكتابة والتشكيل