من سيحاكم احزاب العملية السياسية في العراق على جرائمها ؟
جمال محمد تقي
2010 / 1 / 7 - 08:48
لائحة الاتهام تنقسم الى قسمين زمنيين ، الاول منذ اندلاع الحرب الايرانية العراقية وحتى احتلال العراق في 9 نيسان 2003 ، والثاني منذ احتلال العراق وحتى الان !
اتهامات القسم الاول :
ـ التأمر على امن البلاد بالتخابر مع ايران اثناء العمليات الحربية ، ومشاركة القوات الايرانية في تقدمها لاحتلال الاراضي العراقية ـ كما حصل في مناطق العمارة بالنسبة لفيلق بدر ، وحلبجة بالنسبة لبيشمركة جلال الطالباني ـ !
ـ المشاركة في الانشطة الايرانية السياسية والاعلامية المعادية لدولة العراق اثناء الحرب ـ كما في حالة مؤتمر نصرة الشعب العراقي الذي كانت تشرف عليه اطلاعات الايرانية وقد شاركت فيه اغلب القوى الطائفية والعنصرية والانتهازية المتصدرة للعملية السياسية الحالية في العراق !
ـ تنفيذ عمليات ارهابية وتخريبية ضد المنشآت الحيوية وضد القيادات العراقية اثناء فترة الحرب بتوجيه ودعم ايراني ـ كما في حالة تفجير سفن عراقية راسية في موانيء البصرة من لدن عناصر حزب الدعوة وتفجير اجتماع جماهيري في الجامعة المستنصرية حضره بعض المسؤولين ، وايضا محاولة اغتيال القائد العام للقوات المسلحة ورئيس البلاد اثناء الحرب في منطقة الدجيل ، وتنفيذ غارات استنزافية على الجيش العراقي اثناء معاركه مع الجيش الايراني ـ كما في دور البيشمركة شمال العراق ـ !
ـ ارتكاب مجازر بينية اشتركت بها معظم الاحزاب الكردية اضافة لتنظيم كردستان التابع للحزب الشيوعي العراقي والذي كان يستضيف المئات من الشيوعيين العرب كانصار للحزب بوجه محاولات تصفيتهم من قبل النظام ـ وحينها كانت هناك متاهة وتناقضات وخلافات بين الشيوعيين انفسهم حول الموقف من الحرب وهل يجوز التحالف مع من يحارب الى جانب نظام الملالي الذي يريد تصدير ثورته للعراق ـ وكل هذا نتيجة لتفاوت علاقات هذه القوى مع الطرفين المتحاربين ـ ايران والعراق ـ ومن اشهر هذه المجازر ، مجزرة بشتاشان التي راح ضحيتها حوالي مئة شيوعي اغلبهم من العرب ، ومجازر اخرى بين أوك وحدك !
اتهامات القسم الثاني :
ـ تواصل جرائم التخابر مع ايران بعد توقف الحرب وخاصة بالنسبة لاحزاب الدعوة والمجلس والبارزاني والطالباني !
ـ توسعت دائرة التخابر لتشمل المخابرات الامريكية والاسرائيلية وتحديدا منذ مؤتمر جنيف 1992 تحت مسمى مؤتمر المعارضة العراقية الاول والذي كان للجلبي دور العراب فيه وقد اشتركت فيه اغلب قوى العملية السياسية القائمة اليوم !
ـ جريمة التخطيط لقلب نظام الحكم بالتعاون مع دول اجنبية !
ـ جريمة الارتزاق من الخدمة في مخابرات دول تعد العدة لاحتلال العراق !
ـ العمل تحت مظلة القوات الامريكية والبريطانية التي عزمت امرها على شن الحرب على العراق واحتلاله ، وتبرير سلوك اعداء الوطن بتلبيس عبارة تحرير بديلا عن تدمير !
ـ تبني مواقف المحتلين وتبرير جرائمهم بحق الشعب والوطن !
ـ مقاتلة من يقاوم الاحتلال !
ـ الخضوع الكامل لارادة المحتل مقابل اشراكهم بالسلطة ـ مجلس الحكم ـ !
ـ تبني مشروع المحتلين في وضع دستور وقوانين ابعد ما تكون عن مصلحة العراق كوطن واحد !
ـ سياسة الانتقام والثأر عند التعامل مع الكفاءات العراقية العسكرية والعلمية !
ـ جعل ميليشياتهم بديلا عن الجيش الوطني العراقي !
ـ تقاسموا البلاد كطوائف واعراق !
ـ اشاعوا الفتنة الطائفية والعنصرية !
ـ جعلوا العراق ميدانا لمطامع امريكا وايران !
ـ قتل اكثر من مليون عراقي مدني وعسكري بسبب الاحتلال ومن جاء معه !
ـ 4 ملايين مهجر !
ـ كوارث اليورانيوم المنضب !
ـ شهدت السبع سنوات الماضية اكبر عملية نهب وسرقة تحصل في التاريخ العالمي ، بحيث صح بحقهم قول جاءوا ليسرقوا ولم يأتوا ليحكموا !
حيثيات هذه الجرائم متواترة وهناك تفاصيل موثقة ، واكتفينا هنا بمطالعة العناوين فقط !
سيحاكمون نعم والشعب لا ينتظر حتى يتمكن من وضعهم بقفص اتهام مادامت السلطة بيد اسيادهم انه يحاكمهم بطريقته واحكامه ربما غير قابل للاستاناف لانه لا ينتظر حتى يفلتوا من العقاب ، فالاحكام تنفذ فور خروج اي مسؤول الى الشارع ومن دون حماية الشركات الخاصة التابعة لبلاك ووتر !
الان سنناقش الادعاءات والاتهامات التي تسوقها اطراف العملية السياسية والتي تسقط فيها جرائمها على اعداءها لتخلط الحابل بالنابل !
النزاهة والموضوعية والبراهين والادلة وملموسيات الحالة كلها تتحدى اي مسؤول من بتوع المنطقة الخضراء ، وتتحدى اي مدافع عنهم ان يقدم دفاعا حقيقيا يبرئ الامريكان او احزاب الطوائف والفدراليات او الفيالق الخلفية للمجلس السياسي للبيت الشيعي في قم وطهران او بعض الاجهزة القذرة في الحكومات المتحاصصة المتعاقبة والتي تنفذ اجندات مخابراتية خاصة بمجازر ومذابح العراقيين ذات النتائج التي تصب بمصلحة من يمسك بالقرار الحقيقي في العراق ، من هذه المجازر التي فاقت مقاتل الطالبيين بمئات الالاف من المرات قوة ومعاني !
قبل كل شيء علينا تثبيت ما يمكن ان لا يكون ثابتا للجميع :
1 ـ ان اي تحقيق مهني وحقيقي وباي مجزرة من المجازر ومنذ 2003 وحتى الان لم يجري الاعلان عنه وبشفافية تضع النقاط الضائعة على الحروف المبهمة ، بينما يجري التعتيم والتكتم على حيثيات النتائج الحقيقية !
2 ـ تناقضات في التصريحات والمعلومات المسربة بين الامريكان والقادة الميدانيين العراقيين مع ما يعلن لاحقا وبشكل رسمي!
3 ـ استخدام السلاح لفرض اجندات سياسية والاغتيال والتعذيب ، والتفخيخ بالانابة ، كلها اعمال قامت بها اجهزة متنفذة في حكومات الاحتلال المتعاقبة او بين عناصر ميليشياتها وهذه الاعمال باتت معروفة ، والدليل ما جرى في اقبية وزارة الداخلية ايام بيان صولاغ جبر ، وقد فضحتها قوات امريكية ، طبعا وقتها وعد الشعب باجراء تحقيق نزيه ولم نسمع به حتى الان ، الدليل الاخر ما جرى في حادثة جسر الائمة ، والدليل الاخر ان الكثير من المواطنين كانوا يعلنون بعد العديد من عمليات التفجير بانه لم يكن هناك انتحاري وانما سيارة مفخخة تم وضعها بعناية وهدوء وانضباط بوسط محكم السيطرة امنيا وهذا ما يدلل على ان الفاعل من اهل الدار وهو يتحكم بها عن بعد ، المضحك المبكي ان مجزرة ساحة النسور مثلا كانت دليلا على عدم الانضباط في التنفيذ ، فالمفروض ان يصاحب القنص الجوي العشوائي انفجار لسيارة مفخخة على الارض !!
4 ـ هناك ميزة ملازمة للمجازر والفضائع الامريكية التي لا يمكن التستر عليها او اخفائها ـ كمجزرة راوة وحديثة والمحمودية وساحة النسور وابو غريب ـ ان الجانب الامريكي يحقق بها ويعلن تحقيقاته عنها ويحاكم مرتكبيها وبما يناسبه هووبحسب نظامه هو ، وهو بذلك يحاول استعادة بعضا من مصداقية ماء وجهه المفقودة !
5 ـ اعطاء المسؤولين العراقيين الاذن الطرشة لصيحات حرس الحدود على الجانب الايراني ، وكثرة الاسلحة والمفخخات المضبوطة اثناء تهريبها من ايران للعراق ولحساب جهات متنفذة ، الاذن الطرشة لاغلب المطلوبين امنيا عراقيا وامريكيا والذين يهربون لايران ، وخاصة القادة الميدانيين للميليشيات المتورطة بالذبح الطائفي وسرقات المال العام كابو درع واراس حبيب ومنفذي عملية بنك الزوية ، الاذن الطرشة لتصريحات النواب العراقيين الذين يؤكدون انهم تلقوا ترغيبات وتهديدات من السفارة الايرانية في بغداد كمثل مثال الالوسي ، الاذن الطرشة لتصريحات وزراء الدفاع المتعاقبين حازم الشعلان ثم عبد القادر العبيدي ، وكذا الاذن الطرشة لتصريحات وزير الداخلية البولاني ، والاذن الطرشة بل التهديد بالقتل لرئيس المخابرات السابق الشهواني !
انظروا الى تناقضات مواقف الحكومة واحزاب العملية السياسية بالنسبة للاحتلال الايراني المستمر لبئر الفكة !
عليه اذا كان المسؤولون من ذوي الاختصاص يقولون ما لا تقوله الحكومة الطائفية في العراق فمعنى هذا ان الذي تقوله هي ذاتها محط شبهة !
6 ـ السكوت الحكومي المطبق عن التدخلات الارهابية من الجانب الايراني وتعويضها بالاتهامات غير الحقيقية او المبالغ بها على الجانب السوري ، يخفي تحت عباءته ما يخفي من تواطوء متفق عليه يضمن للقوى الطائفية بقاؤها في الحكم ـ بدعم المرجعيات في النجف وقم ، والدعم اللوجستي والميداني والعسكري الايراني ـ مقابل ان تكون الحكومة متسترة على الدور الايراني المعادل للدور الامريكي في العراق !
7 ـ الادلة المعلنة من الحكومة العراقية ضد البعث ضعيفة وضعيفة جدا ، فليس للمئة اسم من قادتهم في سوريا معنى يصوغ لائحة اتهام حقيقية ، خاصة وان البعث اعلن عن ادانته ولاكثر من مرة لعمليات القتل العشوائي والاضرار بارواح المدنيين ، لكن تنظيم القاعدة الشرقي والغربي ـ اي الممول ن ايران او من جماعات الخليج ـ يعلن عن اي عملية يقوم بتنفيذها ، وهو قد اعلن عن مسؤوليته عن تفجيرات الاربعاء في الشهر الماضي دون وجل ، وهو بذلك يبرهن عن اخترقاته للاجهزة الامنية التي هي بالاساس طائفية مما يدلل على تعاونها البيني مع القاعدة الشرقية المنحدرة من ايران !
اما فبركة اللقاءات التلفزيونية مع معتقلين من هنا وهناك ليقولوا ما يقال لهم فهو اسلوب مستهلك وخالي من المصداقية ، والدليل عندما اخرجوا على شاشة التلفزيون شخص قالوا عنه انه ابو عمر البغدادي وبعد يومين قال الامريكان انه ليس البغدادي ، فسكت قاسم عطا ولم يستقيل او يعتذر بسبب ثبوت تعمده للفبركة والتضليل !
الان وبعد تفجيرات الاحد خرج علينا المالكي ومن مكان التفجير بالصالحية ليكرر ما كان يقوله امثاله من المفبركين حتى قبل ان ينتظر المعاينات الاولية للتحقيق ، اذا كان هناك تحقيق اصلا ، والذي اثبتت الاحداث والتجارب بان لا ضرورة له ولا داعي ، ما دام الفاعل الحقيقي متواطيء مع احزاب الحكومة وما دام الفاعل المعلن جاهز وشاخص بدون روحة وجية من والى القاضي !
النائبة مها الدوري ، اعلنتها صراحة بان الانسحاب الامريكي من المدن اكذوبة كبرى فهم وشركات الامن الخاصة ما زالوا الفاعلين في كل عمليات قيادة المناطق الامنية ، وهم مازالوا يدبرون كل شيء ومازالوا يداهمون ويعتقلون !
وهنا نود ان نضيف بانهم ما زالوا يغضون الطرف عن الاعمال التي تخدم اجندتهم السياسية حتى لو كانت هذه الاعمال السماح لقتل نصف الشعب العراقي ولا يهمهم نوعية الايادي المنفذة ان كانت ايرانية او قاعدية !
الخلاصة : هناك تقاطع في الاجندات اي هناك تخادم بينها بشكل مباشر وغير مباشر ، الاجندات الامريكية والايرانية والطائفية والعنصرية والمتطرفة اسلاميا كالقاعدة كلها في هذه المرحلة تتخادم وان تناقضت اشكال تمظهرها !
كلها تراهن على منهج التخويف والارهاب ، لجني المكاسب العامة والخاصة على حساب العراق وشعبه ، فمن التخويف من عدم الذهاب للانتخابات الى التخويف من فراغ الانسحاب الامريكي الى التخويف من عودة البعث المنتقم الى التخويف من قوة الدولة الوطنية المركزية العراقية الى التخويف من الاستفادة من كفاءات الدولة السابقة الى التخويف من التطور النوعي والوطني لصيرورة الجيش العراقي والمؤسسات الامنية !
المالكي يلعب على التناقضات وهو الان يستشعر الخطر القادم بسبب اصرار ايران على ان يكون المجلس الشيعي هو الاقوى اما ما يمثله بوقفته في وسط هذا اللعب ومن دون ان يكون بترتيب معها فانه سيكون كالريشة وسط الريح ، فلا هو متمرد حقيقي يكتل نفسه وموقعه مع الاخرين المناوئين لاجندتها ، ولا هو قاطع لشعرة معاوية معها ، انه يعرف حقيقة القدرة الايرانية للوصول الى غرفة نومه لذلك فهو جعل من باب الرجعة لاحضانها مفتوحة عندما صرح ومن واشنطن ، انه سيتحالف مع الائتلاف الوطني بعد الانتخابات ، ومن يدري ربما ان لم يفعل او لم يعطي الضمانات لرجوعه الى بيت الطاعة الطائفي كمضمون فعلي على اقل تقدر ، ربما يقتل ويتهم البعث بقتله او ربما يفجر وتتهم القاعدة بتفجيره ، والفاعل دائما ضمير مستتر تقديره محصور بالقاعدة والبعث ، سنعيش ونرى ماذا يجري لنعرف ما جرى !