صلوات على محمد وال بيت محمد حكام العراق اكبر حرامية في العالم!
جمال محمد تقي
2009 / 11 / 22 - 12:21
شهادة جديدة ومكررة تحصل عليها العملية السياسية وحكومتها وبرلمانها في العراق من اقدر منظمة دولية محايدة تراقب اداء دول العالم ـ منظمة الشفافية العالمية ـ تعلن فيها ان العراق وافغانستان والصومال هم اكثر دول العالم فسادا وفشلا ، وورد هذا التقدير في التقرير السنوي الذي صدر مؤخرا عن المنظمة المذكورة والمشفوع بارقام وملاحظات مذهلة عن الاهدار والرشاوى وغياب الرقابة والمحاسبة وعن تواطوء القائمين على الامر وانغماسهم في هذه الاعمال التي تسري من القمة للقاعدة وهو يمتاز بكونه فسادا شاملا ومتداخلا !
نجد ان هناك ربطا سياميا نسبة للتوائم بين الحالة التي تعيشها افغانستان والعراق ، فهذين البلدين يعيشان ظروف موضوعية ـ احتلال ومحاولة اقامة دولة مصطنعة تلائم مشيئة المحتل ـ متشابهة رغم الفوارق الكبيرة بين حجوم الاهدار ومقدار سيولة الفساد المستشري وتلازمه سياسا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا والاختلاف النوعي بين التطلع المقاوم في كلا البلدين بحكم اختلاف البنى التحتية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بينهما ، المفارقة انه ورغم هذا الاختلاف لكن محصلة الظروف المتشابهة التي يعيشها البلدين تعطي نتائج تكاد تكون متطابقة ، ففي العراق ثروات متراكمة ثابتة ومتحولة وجارية من العوائد المجزية لاقتصاده الاستخراجي وتحديدا من بيع النفط الخام والتي لا يقابلها شيء في افغانستان غيرعوائد انتاج الافيون ورشاوى جحافل المحتلين انفسهم !
الحقيقة ان الفساد العراقي اعظم واكثر اجراما وذلك لانه لا يبدد الثروات المادية فقط وانما الثروات الروحية والثقافية ايضا والتي لا تقدر بثمن فهي تتجاوز مسألة القتل العشوائي او المنظم للكفاءات والعقول والخبرات والمناخات الانتاجية الطبيعية لها ، وانما آليات فسادها تستدعي تعطيل استخدام تلك الخبرات المتبقية والمجسدة بالملاكات والكادر المتوفر اواقصاءه واجباره على الهجرة لتفرغ الساحة من اثمن راسمال يمكن ان يملكه اي بلد الا وهو الخبرات المتخصصة وفي كافة المجالات ـ اساتذة المدارس والجامعات ، الاطباء ، المهندسين ، الصيادلة ، العلماء ، الطيارين ، ومبدعي الادب والفلسفة والفكر ، وعلماء الاقتصاد والسياسة واللغات ووو ـ ففي العراق الفاسد اليوم نجد انحطاط شامل في التعليم العمودي والافقي ـ الرداءة والقحط في البنى التحتية اضافة الى انحطاط المستوى النوعي للاداء بسبب فقر هذه البنى للكادر المؤهل وعلى كافة المستويات ـ فاصبح التزوير هو السمة العامة ولم تعد الشهادة الجامعية العراقية معترف بها ، بل حتى امتحانات البكلوريا لم تعد فيصلا يعتد به بين المراحل ماقبل الجامعية ، انه الانحدار الشامل الذي يتسرب وبسرعة ليشمل المناهج ايضا ـ لا تعليم الزامي ولا مجاني ولا هم يحزنون ، كما لا تطبيب ولا دواء مجاني ولا خدمات عامة فكل شيء فاسد ، حتى مكونات البطاقة التموينية يتسرب الفساد لمكوناتها ، ليس للفساد حدود انه يتلف كل شيء ، الجيش والشرطة وحرس الحدود ، الجامعة والجامع ، القاضي والمحكمة ، فلا هيئة نزاهة تنفع ولا تفتيش ورقابة ولا حلف على القرآن ، لان القانون نفسه فاسد ومؤسساته فاسدة ومن يشرعه فاسد ، وما بني على فساد فاسد !
حتى الان لا توجد عدادات صالحة لحساب النفط المصدر ، حتى الان لا يعرف كميات النفط التي تنتج من الحقول الواقعة تحت تصرف البارزاني والطالباني والتي تباع من قبل مافياتهم بالسوق السوداء عبر الصهاريج الى مقاولي دول الجوار ، حتى الان لم يعرف كم هي عمولات وزارات التجارة والصناعة والدفاع والداخلية والصحة والاسكان والكهرباء من الصفقات والمزادات ، حتى الان لم تسترجع ممتلكات الدولة ـ اراضي ومباني وبعض المشاريع ـ التي سيطرت عليها الاحزاب والميليشيات ، حتى الان هناك مبالغ وبملايين الدولارات تهدر باسم شهداء وهميون وعائلات وهمية وتذهب لجيوب جماعة بدر وشهيد المحراب وحزب الدعوة ، حتى الان هناك البلايين تهدر بسبب الرواتب المكررة والمزدوجة منها تقاعدات للمتضررين والمسجونين والمفصولين من الوظيفة لاسباب سياسية واللذين ساهموا بالنضال المسلح لتحرير العراق الامريكي ووو وهي محصورة لجهات بعينها ـ الاحزاب الطائفية والعنصرية ، فيلق بدر والبيشمركة ـ اما عينة امتيازات الوزراء ومجلس النواب فانها قطرة من بحر الفساد الذي لم يكشف منه حتى الان سوى النزر اليسير !
القادة السياسيون يزورون شهاداتهم المدرسية والجامعية ، ويزورون معها حقائق عن ممتلكاتهم وما جمعوه من اموال خلال فترات توليهم السلطة ، انهم وقبل كل شيء يزورون ارادة الشعب ويضللوها لانهم بدون ذلك سيكونون لا محال خارج السلطة !
حتى سجلات حصص البطاقة التموينية يتم حلبها ، فهناك مسجلون اما هجروا او قتلوا او خرجوا ولم يعودوا ، وهم بمئات الالاف بل بالملايين ، على الورق يحسبون وكانهم حاضرون ، اما حصصهم فيستلمها عنهم المستلمون ، حتى اصواتهم يستخدمها رغما عنهم المزورون ، لكم ان تحسبوا مقدار الاوراق الانتخابية المزورة التي توضع في صناديق الاقتراع لاحقا ، وهي مستورة لان لا احد يستطيع ان يعرف كم العدد الحقيقي للمصوتين الفعليين ، وكم هو العدد الحقيقي للذين يحق لهم التصويت في هذه المحافظة او تلك او في هذا القضاء او ذاك او في هذه الناحية او تلك ، اما المقيمين في الخارج فهم اصلا خارج تغطية حسابات البطاقة التموينية فبينهم من هو مقيم في الخارج منذ ثورة 14 تموز او منذ انقلاب 63 او منذ الحرب العراقية الايرانية ، او منذ فرض الحصار الظالم ، ثم منذ احتلال العراق وحتى الان ، طبعا هناك الالاف من مسيحيي العراق وتركمانه من هو مهاجر ومنذ عقود طويلة ، اغلب هؤلاء يعيشون في البلدان الاوروبية وامريكا واستراليا ، وبعد الاحتلال صارت الهجرة مليونية لدول الجوار وبحسب احصاءات منظمة شؤون الاجئين الدولية ـ في سوريا والاردن ولبنان واليمن ومصر والامارات ـ وبينهم من هجر قسرا ، لم يعود من هؤلاء الا القلة القليلة ، ومثال الاجئين العراقيين في الدنمارك ورفضهم لقرار العودة الاجباري شاخص للجميع ، وبحسبة منطقية تتجاوز حسبة هادي العامري الغبية فاي متابع دقيق سيتوصل الى ان عراقيي الخارج كلهم مقيمين ومهجرين يقدرون باكثر من خمسة ملايين ، اما من يحرص على الدقة ويريد الامور في العراق تسير مسيرة غير اعتباطية فعليه ان يدعو لاجراء احصاء عام يشمل الداخل والخارج حتى لا تقوم قائمة للتلاعبات باعداد السكان الحقيقية وكم منهم يقيم خارج البلاد ، لان الاعتماد على وزارة التجارة وارقام البطاقة التموينية هو اصرار متعمد على التزييف ، فحسب وزارة التجارة هناك حوالي 32 مليون عراقي في الداخل منهم 18 مليون يجوز لهم الانتخاب ، معنى هذا ان الوزارة مازالت تحسب العراقيين المقيمين في الخارج والذين تركوا العراق وبطاقته التموينية بعد احتلاله ضمن حساباتها ، وهذا سلوك متعمد للتعمية على حقيقية الاعداد التي تركت العراق او التي قتلت !
المضحك المبكي ان كل عشيرة او فخذ او سلف ، في العراق صار يدعي ان تعداد افراده اكثر من مليون وخاصة عندما يجري التباري على نيل مكسب محرز ما ، كأن يكون عضوية في البرلمان ،، واذا جارينا هذا المنطق فان تعداد سكان العراق الفعلي يناهز ال 50 مليون !
اذا الالوف من المسيحيين قد هاجروا والكثير من الصابئة والشبك والتركمان واليزيديين والاكراد الهاربين من الاوضاع الفاسدة ، واذا خرج مئات الالوف من بغداد والموصل وديالى والبصرة والرمادي والفلوجة والنجف وكربلاء وغيرها واغلبهم من الكفاءات والمهنيين والكسبة والسياسيين المطاردين او من الباحثين عن الامان ، وبحسب احصاءات دولية محايدة فان اعداد القتلى العراقيين منذ الاحتلال وحتى الان اكثرمن مليون انسان ، فكيف يبقى عدد اصحاب البطاقات التموينية وبتزايد متناسب مع متوسط الزيادة السكانية الطبيعية 3% ولكل عام حتى يبقى الرقم 32 مليون نسمة محافظا على نفسه ؟
نعم 32 مليون كمجموع كلي اذا كان عدد عراقيي الداخل هو حوالي 27 مليون ليكون عدد كل عراقيي الخارج حوالي 5 مليون ، لكن اذا حسب عدد عراقيي الداخل كما هو محسوب الان 31 مليون وعراقيي الخارج بحوالي مليون ونصف فان ذلك يعني ان هناك سرقة متعمدة لحوالي 4 مليون بينهم مليوني صوت يحق له التصويت ، بمعنى ان هناك من يتلاعب باصوات حوالي مليوني ناخب يضيفها بشكل ما لحساب ائتلافه او قائمته وكانها تعويض شرعي متفق عليه او مسكوت عليه ، ومعنى هذا انها اكبر عملية تزوير عرفها تاريخ اي انتخابات معاصرة ، ولا غرابة في ذلك اذا عرفنا ان مفوضية الانتخابات ذاتها عبارة عن هيئة حصص طائفية وعنصرية فاسدة والادلة على ذلك اكثر من ان تحصر !
قال السيد هادي العامري العضو القيادي في المجلس الاسلامي الاعلى والمسؤول المباشر عن منظمة بدر التابعة للمجلس : ان وجود اربعة ملايين عراقي خارج العراق هو كذبة نيسان !
كان قبله قد صرح المالكي معقبا على نقض السيد طارق الهاشمي لقانون الانتخابات المعدل وتحديدا للفقرة المتعلقة بنسبة المقاعد المخصصة لاصوات عراقيي الخارج والمقدرة 5 % ، حين قال : ان ترديد الرقم 4 مليون كونه رقم حقيقي للعراقيين المهجرين والمهاجرين هو احد ترويجات القوى المعادية للعملية السياسية في العراق ، ولعدم وجود كشوفات دقيقة باعدادهم وجداول للناخبين المسجلين سيسهل عمليات التزوير والتاثير السلبي على نتائج الانتخابات !
المالكي هنا يحاول من خلال تلميحه الى بعبع البعث واحتمالات خروجه من القمقم السوري ليدخل البرلمان ، عبر التأثير على اصوات الناخبين فيها ، التهرب من الموضوع الاصلي وهو فشل حكومته والعملية السياسية في توفير الامن والسلام الاجتماعي الذي يسمح بعودة الملايين المهجرة والنازحين داخل بلادهم الى اماكن سكنهم الاصلية ناهيك عن نزاهة وشفافية الحكم ، وبهذه المناسبة فان المالكي يؤكد حقيقة فساد حتى منطقه الاعلامي والدعائي لانه يفضح لا صدقيته وتناقض مضامين طروحاته المعلنة ، فمن ناحية يقول : ليدخل حتى معارضو العملية السياسية الى البرلمان بشرط عدم استخدامهم للسلاح ، ومن ناحية اخرى يشرط ويتشرط ليمنع من ينتخبه الشعب لدخول البرلمان ، وهذا التناقض الفاضح والفاسد يشير الى خوف المالكي وحكومته المنهارة وعموم الاحزاب الطائفية والعنصرية من المتغيرات القادمة خاصة بعد اقتراب استحقاقات الانسحاب الامريكي الموعود !
الخلاصة لا يمكن للعراق النهوض مجددا الا اذا تحرر من الاحتلالات القائمة واسقط العملية السياسية المزورة والعقيمة ليقيم محلها عملية سياسية وطنية بدستور متطهر من كل بنود الفساد المبثوثة فيه !