كيف نساهم في بناء التنسيقيات و في أي اتجاه ؟
خالد المهدي
2009 / 10 / 31 - 00:43
في الإجابة على هذا السؤال تبرز ثلاث اتجاهات لكل واحد منها منطلقاته وأهدافه وخلفياته اتجاه أول يرى في بناء التنسيقيات كعمل تقوم به الأحزاب في إطار التنسيق بينها من اجل " النضال" على الملف الاجتماعي. وهذا الاتجاه يقترح تشكيل هيئة (أو مجلس) مشكلة من ممثلي الأحزاب والإطارات الجماهيرية المعنية بالملف الاجتماعي ( وهنا نود تنبيه القارئ أن صيغة الإطارات الجماهيرية هي في حقيقة الأمر لا تعدو أن تكون تمثيلية حزبية من الخلف ) وهده الهيئة هي التي سوف تشرف على بناء التنسيقيات وتحديد برامجها النضالية و الميدانية عن طريق الاتفاقات الجماعية بين مكوناتها إن الهدف الذي برمي غليه هذا الاتجاه هو خلق ملحقات حزبية تجسد تحالف مكوناته على أرضية ميدانية وبعد أن استعصى الأمر عليهم في باقي الحركات الجماهيرية الموجودة. ح ط . ح المعطلين . ج م د ح إ. .. . إلخ.
لقد شكل اللقاء الوطني الرابع للتنسيقيات نموذجا صارخا لما يريده هذا الاتجاه من التنسيقيات . اتجاه ثاني و هو اتجاه يلتقي مع الأول في العديد من النقاط و أبرزها هو التأكيد على ضرورة تشكيل هيئة مكونة من الأحزاب و المنظمات و الإطارات الجماهيرية المعنية بالملف الاجتماعي تناط بها مهمة خلق التنسيقيات و تطويريها , على أن تكون هذه الهيئة مفتوحة في وجه كل اللذين يريدون الدفاع عن الأوضاع الاجتماعية للشعب المغربي و أن لا تستني أحدا. وقد تم في هذا العدد اقتراح صيغة بشبكة التضامن أصحاب هذا المقترح و هذا التصور يعلنون أن هذه الصيغة أي الانطلاق من تمثيلية الأحزاب داخل الشبكة هو أمر ضروري لكنه يبقى مؤقت ضروري بالنسبة لهم من أجل تحمل المسؤولية السياسية كما يقولون حيث لا يمكن حسب تقديرهم دائما مقارنة مناضل فرد مع آخر يمثل حزبه إطاره ( !)
وهي في نفس الوقت صيغة مؤقتة تراعي الظروف الملموسة الحالية التي تمتاز بابتعاد الجماهير عن النضال اليومي. لكن يبقى الهدف هو الوصول إلى تنسيقيات الجماهير تنسيقيات الأحياء و مساعدة الجماهير لتيني لجن للدفاع عن نفسها ( اقرأ لجن الدفاع الذاتي ) و السؤال الذي نطرحه هنا حتى وإن كان هذا الهدف صادقا (وجب التنبيه هنا إلى أن هدا الموقف لم يصدر إلا مؤخرا من طرف أحد الرفاق المدافعين عن الشبكة في حمية النقاش الذي نظمته الشبيبة العاملة فرع الرباط برمضان الماضي) هو: هل الانطلاق من تنسيقيات الأحزاب و الإطارات قادر على أن يوصلنا إلى تحقيق هذا الهدف؟ وما الظروف الملموسة التي يؤكد عليها هذا الطرح لتبرير الانطلاق من تنسيقيات الأحزاب و الإطارات تسمح بذلك ونقصد هنا الواقع الملموس لسياسة و ممارسة هذه الأحزاب بالذات؟ اتجاه ثالث يرى عكس الاتجاهين السابقين أن تطوير التنسيقيات يمر اليوم و في الظروف الراهنة في قدرة الأحزاب و المناضلين على دمج الجماهير المتضررة بشكل مباشر في النضال على جميع الواجهات بما فيها الواجهة التنظيمية. منطلق هذا الاتجاه هو اعتبار الجماهير هي صانعة التاريخ وهي الوحيدة القادرة على فرض التراجع على النظام القائم وقلب موازين القوى لما فيه مصلحة لها. لكن الجماهير لا يمكن أن تفعل ذلك من ذات نفسها أي بشكل عفوي بل يلزم تربيتها و التعلم منها في نفس الوقت , تربيتها و مساعدتها على معرفة كيفية الدفاع عن نفسها ضد هجمات الطبقات المستغلة وهذا العمل لن يتأتى بالنظر غلى الجماهير كقطيع تقوده النخبة بل بإشراكها في جميع الإشكالات التي تعترض تطور التنسيقيات بما فيها الإشكالات التنظيمية إن المهمة هنا تطرح على الشكل التالي : فتح المجال أمام الجماهير للانخراط في النضال على كافة الجبهات داخ التنسيقيات ومن اتخاذ القرار حتى تفعيله على ارض الممارسة العملية لقد أثبتت التجربة القصيرة من عمر التنسيقيات إلى أن الجميع بدون استثناء يفتقد إلى التجربة داخل الجماهير وهذا كلام لا يمكن أن يزايد أي كان على صحته لكن هذه التجربة بالذات أثبتت حقائق أخرى لابد من الإشارة إليها هنا. أولها هي محاولات تجمع اليسار الديمقراطي إلى الاستحواذ على التنسيقيات و استعمالها لما فيه مصلحته السياسية و الحزبية إن الملتقى الوطني الرابع للتنسيقيات قد كشف وبشكل ملموس عن هذه الحقائق فالصراع الحاد الذي شهده الملتقى كان امتدادا و تتويجا لتراكمات المرحلة السابقة عليه خصوصا بعد انتفاضات الجماهير بصفرو واللقاءات التي باشرتها الداخلية مع مكونات تيد* لأجل إيقاف تلك الدينامية الجماهيرية التي عرفتها جل مناطق المغرب وهو ما كان مع بعض الاستثناءات القليلة وما زاد الطين بلة هو الخطاب الذي ساد في صفوف مناضلي (ات) تيد. حيت اعتبروا التنسيقيات هي من فرضت على الدولة و على وزارة الداخلية أن تستدعيهم "للحوار" (وهو في الحقيقة لم يكن حوارا بل توصيات وإملاءات) و الكل يعرف نظرة مكونات تيد للسياسة بمجرد أن تستدعيهم الداخلية قد شكل بالنسبة لهم مكسبا سياسيا ( !!) خصوصا إذا علمنا أن مكونات تيد تفتقد للتأثير السياسي و الجماهيري وتعيش عزلة كبيرة.
إن هذا المكسب لم تستطيع مكونات تيد تحقيقه لا بالانتخابات و لا بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان ولا بأي شيء آخر. إن هذا الخطاب و هذا التحليل الذي ساد في صفوف مناضلي (ات) مكونات تيد وداخل حتى أجهزة الأحزاب المكونة له فتح "شهية" هذه الأحزاب ودفعها إلى العمل بجميع الوسائل من أجل السيطرة على التنسيقيات وقد كانت آخر إبداعات أصحابنا ما يسمى بالمجلس التوجيهي. إن الصراع الذي انفجر إبان انعقاد الملتقى الوطني الرابع كان بالضبط حول هذه المسائل.
أما القول بأن الصراع كان بين خطين كل منهما يحاول احتواء التنسيقيات سياسيا فإنه قول مجانب للصواب و للحقيقة من جهة ومن جهة ثانية هو قول يراد بع فتح المجال لتصور آخر أي تصور الشبكية.
إن الصراع الذي خاضه بعض المناضلين و التيارات ضد تيد إبان الملتقى الوطني الرابع كان يهدف إلى عدم السماح بجر التنسيقيات لتصبح ملحقات حزبية لمكونات تيد فهو لم يكن يستهدف احتواء التنسيقيات والسيطرة عليها لأن هؤلاء المناضلين (ات) لم يرفضوا قطعا تواجد هذه المكونات داخل كل أجهزة التنسيقيات سواء على الصعيد المحلي أو الوطني.
ثانيا إن هذا الصراع لم يكن أيضا يستهدف الدفاع عن حق تواجد بعض المناضلين داخل أجهزة التنسيقيات, و الدليل على ذلك أن أصحاب " المجلس التوجيهي" هم من طالبوا وعملوا كل ما بجهدهم لكي يلتحق هؤلاء المناضلين بالمجلس التوجيهي ذاته.
إن السؤال الذي طرحه الملتقى الوطني الرابع هو : هل نريد تنسيقيات شعبية تنسيقيات في خدمة الجماهير ومن أجل الدفاع عن مصالح الكادحين؟ أم نريد تنسيقيات في خدمة مكونات "تجمع اليسار الديمقراطي" تنسيقيات من أجل فك العزلة على هذه المكونات السياسية على حساب نضال الجماهير؟ هذا هو السؤال الذي فجر الصراع ، أما الرفاق الذين تخلفوا عن هذا الصراع فإنهم يبررون اليوم كما الأمس تخلفهم بدعوى عدم المشاركة ومساندة محاولة الاحتواء السياسي للتنسيقيات من هذا الطرف أو ذاك. إن هذا التبرير الذي يقدمه هؤلاء الرفاق ليس في الحقيقة سوى المدخل لتبرير مشروعية تصورهم لتطوير التنسيقية: أي شبكة التضامن الاجتماعي، وهذا ما سوف نحاول تناوله فيما سيأتي من هذا المقال.
الرفاق يطرحون مقترح شبكة التضامن الاجتماعي انطلاقا من خلفيات عديدة:
أولها "الانتقال من الاهتمام بالدفاع عن القدرة الشرائية الحالية (مناهضة الغلاء) إلى الاهتمام بقضايا اجتماعية أخرى لا يمكن اعتبار هذا المقترح مبررا لتأسيس الشبكات، نظرا أولا لأن ليس هناك ما يمنع من توسيع اهتمام التنسيقيات بقضايا اجتماعية أخرى، إضافة إلى إن التنسيقيات لا تقتصر على مناهضة الغلاء فقط كما يتصور هؤلاء الرفاق، بل إنها تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية.
ثانيا: "الحفاظ على الطابع الحقوقي والاجتماعي لحركة الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتفادي السقوط في التسييس الفج والاعتباطي لهاته الحركة". (هذا المقترح بغض النظر عن خلفياته وعلى صيغته) هو أيضا ليس مبررا لتعويض التنسيقيات بالشبكة، نظرا أولا لأن "الحفاظ على الطابع الحقوقي والاجتماعي" لهذه الحركة ليس رغبة ذاتية، وحتى وإن كانت كذلك فما الذي يمنع تحقيقها داخل التنسيقيات، أي ما الذي يمنع أصحاب هذا التصور من "الحفاظ على الطابع الحقوقي والاجتماعي" لحركة مناهضة الغلاء داخل التنسيقيات عوض تعويضها بالشبكات، وثانيا، رغبة الرفاق في "الحفاظ على الطابع الحقوقي والاجتماعي" لحركة مناهضة الغلاء هي رغبة طوباوية غير واقعية "إن كل نضال طبقي هو نضال سياسي" الفرق هو أية سياسة نريد أن تنهج.
إن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ذاتها التي تعتبر منظمة حقوقية "بحثة" (من وجهة نظرهم طبعا) تتقاطبها صراعات سياسية قوية، ولم يتمكن حتى هؤلاء الرفاق الذين يقولون "بالحفاظ على الطابع الحقوقي والاجتماعي" لحركة مناهضة الغلاء من تفادي انخراطها ومساهمتها في الصراع السياسي، فهناك من حاول الحفاظ عليها ودفعها أكثر لليسار، وهناك من يحاول جرها إلى اليمين، هذا واقع يعرفه الكل بما فيه الرفاق أصحاب مقترح "الحفاظ" على الطابع الحقوقي والاجتماعي "لحركة مناهضة الغلاء".
إن هذه المبررات التي قدمها الرفاق لتعويض تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية بشبكة التضامن الاجتماعي هي مبررات تفتقد كما رأينا للقوة والحجة الدامغة. وكل ما قدموه من مقترحات يمكن استيعابها إلى هذا الحد أو ذاك داخل التنسيقيات دون الحاجة إلى تعويضها بهاته الشبكة. فلماذا يصر إذن الرفاق على موقفهم الخاص بشبكة التضامن؟
إن الإجابة على هذا السؤال تتضح عند تناول المقترحات التنظيمية لشبكة التضامن الاجتماعي.
يقول الرفاق أصحاب مقترح الشبكة بان "الهيكلة التنظيمية العامة لشبكة التضامن الاجتماعي لن تختلف من حيث الجوهر على الهيكلة التي تم اختيارها للتنسيقيات". "شبكات محلية للتضامن تضم ممثلين اثنين قارين عن كل تنظيم" وشبكة وطنية للتضامن الاجتماعي مكونة من ممثلين عن كل تنظيم وطني بالإضافة إلى ممثل عن كل شبكة محلية.
أولا: الهيكلة التي يقترحها الرفاق هنا للشبكة تختلف من حيث الجوهر على هيكلة التنسيقيات في وضعها الحالي. فالتنسيقيات هي مفتوحة في وجه جميع المنظمات والأحزاب التي تدافع عن الملف الاجتماعي ولا تساهم في تنفيذ مخططات وسياسيات النظام الاقتصادية والاجتماعية ومفتوحة أيضا في وجه جميع المناضلين والمناضلات شرط الالتزام بتصورها وبرامجها. وهذه الرؤية التنظيمية قد سبق وان صادق عليها اللقاء الوطني الثالث للتنسيقيات وأجمعت عليها كل المكونات العاملة بالتنسيقيات. وهذا التصور على المستوى التنظيمي الذي عرفته التنسيقيات قد فرضته شروط النضال الميداني للتنسيقيات محليا ووطنيا.
وبالمناسبة فالرفاق أصحاب مقترح الشبكة يرفضون هذا التصور التنظيمي بدعوى أن التنسيقيات لا يمكن أن تكون إلا تنسيقيات بين الأحزاب والمنظمات وليس بين المناضلين والأفراد، لذلك يجب تغيير اسمها من تنسيقية إلى لجنة أو ما شابه ذلك. إن هؤلاء الرفاق هم ذاتهم الذين يقولون عن الاسم انه شكلي والمهم هو المضمون!!.
ثانيا: لماذا يصر الرفاق على التمثيلية الحزبية داخل الشبكة؟
قبل الإجابة على هذا السؤال نود إبداء ملاحظة نرى أنها أساسية فالرفاق يؤكدون أن الشبكة هي مفتوحة قي وجه جميع المنظمات المهتمة بالملف الاجتماعي، منظمات حقوقية، نقابات، جمعيات....الخ. لكن كل ذلك لا ينفي على مقترح الرفاق أنه تمثيلية حزبية فمن لم يدخل بقبعة الحزب سوف يدخل بقبعة النقابة، أو منظمة معينة. الفرق هنا يكون فقط في موازين القوى، فالحزب الذي تكون له الأغلبية هو من يستطيع تمثيل اكبر قدر من مناضليه عن طريق باقي الإطارات الجماهيرية. فماذا يعني هذا إن لم يكن تسييس حقيقي "لحركة مناهضة الغلاء"؟
الرفاق يدافعون عن مقترحهم التنظيمي القاضي بضرورة التمثيلية السياسية الحزبية ( حزبية مباشرة أو بقبعة أخرى) انطلاق من العديد من المبررات.
أولها تحمل المسؤولية السياسية (!!) (وهذه بالمناسبة هي العصا التي يرفعها الكل ضد المناضلين غير المتحزبين)، لكن ما ذا يقصد الرفاق بتحمل المسؤولية السياسية؟
ما معنى هذا الكلام في وقت تنعدم فيه عمليا بشكل كلي آليات المحاسبة السياسية بين هذه الأحزاب داخل هذه الشبكة، بل وحتى داخل هذه الأحزاب نفسها.
ما معنى تحمل المسؤولية السياسية في الوقت الذي نجد فيه رفاق من نفس الحزب كل منهم يدافع عن موقف مختلف عن الآخر. في الملتقى الوطني الرابع كانت هذه الحالة ساطعة، مثلا بعض الرفاق في "حزب النهج الديمقراطي" كانوا من المدافعين الأكثر حماسة عن المجلس التوجيهي" وبعضهم الآخر كان من المنتقدين لهذا المجلس وخلفياته، وبعضهم الأخر كان بين البين، فيما فضل البعض الأخر الانسحاب من التنسيقيات أصلا.
ألا يجب هنا أن نسأل عن المسؤولية السياسية؟ ومن يتحملها، هل هؤلاء المناضلين أم الحزب؟ وفي كلتا الحالتين كيف يمكن أن نحاسب هذا أو أولئك؟ و لمادا لم تتم محاسبتهم؟
ومع ذلك يقول الرفاق انه لا يمكن أن نضع مناضل فرد على قدم المساواة في اتخاذ القرارات مع مناضل مكلف من حزبه أو إطاره. رغم أن المناضلين الفرادى قد قدموا من التضحيات و المجهودات ما لم يقدمه المتحزبون
ثانيا: إذن ماذا يبقى من معنى في أن تفتح أجهزة الشبكة في وجه المناضلين المنتمين إلى أحزاب بعينها أو أولئك الذين يدخلون تحت غطاء الإطارات الجماهيرية وتغلق في وجه من هم دون ذلك؟
المعنى الوحيد الممكن هو أن تواجد المناضلين أفراد إلى جانب مناضلين مفوضين من حزب أو إطار معين يعيق تطور عمل الشبكة وهذا يحتاج إلى توضيح لم يقدمه أصحاب مقترح الشبكة.
آخر التبريريات التي سمعناها هو أن تأسيس هذه الشبكة انطلاقا من القمة وليس القاعدة هي مرحلة ضرورية في الظرف الراهن، وهي مرحلة مؤقتة، تستهدف إنضاج شروط البناء من القاعدة إلى القمة.
فالرفاق أصحاب مقترح الشبكة يعلنون هم أيضا ان الهدف هو الوصول إلى تنسيقيات الأحياء الشعبية، ومساعدة الجماهير في بناء لجن الدفاع الذاتي..الخ. لكن بالنسبة لهم الطريق للوصول إلى هذه الأهداف في الوقت الراهن لا تمر بفتح أجهزة الشبكة في وجه جميع المناضلين والجماهير، واقتصارها على ممثلي الأحزاب والإطارات الجماهيرية.
إن هذه الرؤية هي أولا تعكس النظرة الدونية للجماهير ، رؤية فاقدة للثقة في الجماهير.
ثانيا: إن هذه الرؤية لا تنطلق من الواقع وإنما من المثل، وهي بذلك نظرة مثالية، فالرفاق يغفلون أو يتغافلون دروس التاريخ وحقيقة الأوضاع الحالية للأحزاب التي يتكلمون عليها**
إذن ما هي الضمانة لكبح جماح هذه النزعة الهيمنية والنزعة الحزبية؟ توسيع آليات الاشتغال وفتحها في وجه المناضلين والجماهير هي الوسيلة الأساسية ( وليست الوحيدة) لتحقيق ذلك.
أما ما يتحدث عنه الرفاق حول "خصائص" الأشخاص المنتدبين لتمثيل الشبكات فهو لا يعدوا أن يكون هو الآخر حلما مغرقا في المثالية. هل يعتقد الرفاق بصدق، أنهم قادرون على تحديد من يمثل الأحزاب داخل هذه الشبكات؟ وهل من الممكن في الظروف الراهنة، ومع الأخذ بعين الاعتبار للوضع الداخلي لهذه الأحزاب والمنظمات وللعلاقات بينها، أن يتم رفض تمثيلية هذا المناضل أو ذاك لحزبه داخل الشبكات من طرف مناضلي الأحزاب الأخرى المتمثلة داخل الشبكات. لنكن صادقين أيها الرفاق وواضحين مع أنفسنا أولا.
ثالثا: إن الرؤية التنظيمية التي يقترحها الرفاق والتي يقولون أنها مؤقتة ليست جديدة في جوهرها، والحق يقال، إنها تعكس في الجوهر مضمون ما قالته بعض التيارات السياسية لحل أزمة الحركة الطلابية بالمغرب، إنها مضمون ما سمي باللجان الانتقالية، نفس المضمون ونفس المبررات وقد أثبتت التجربة أيضا من الناحية العملية ومن الناحية السياسية فشل هذه التجربة.
*تيد= تجمع اليسار الديمقراطي وهو تحالف مشكل من حزب النهج الديمقراطي والحزب الاشتراكي الموحد وحزب المؤتمر الاتحادي وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي
** ليقيم الرفاق أداء هذه الأحزاب بعد اللقاء الذي عقدته وزارة الداخلية معهم ليتأكدوا مما نقوله