أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - صلاح عودة الله - يا فجر بيروت عجل قليلا














المزيد.....

يا فجر بيروت عجل قليلا


صلاح عودة الله

الحوار المتمدن-العدد: 2773 - 2009 / 9 / 18 - 18:43
المحور: القضية الفلسطينية
    


انها ليست كغيرها..انها ذكرى تضرب في أعماقنا كل سنة, بل كل شهر وكل يوم وكل لحظة..انها ذكرى لا تغيب عن أنظارنا..انها مجزرة العصر..انها أبكت الشجر والحجر, لكنها عجزت أن تبكي الكثير من البشر فهم ليسوا بشرا..انها مجزرة صبرا وشاتيلا.."لا ننسى..و يدلنا الحنين لهم..و يذيعُ بهم الفخر فخرا..هم ألف اسم في الشهادة..خالد و نور..و أحمد..و جفرا..هم ألف اسم للسيادة..محمود و إبراهبم و سرور و خضرا..صبرا شاتيلا..شاتيلا صبرا..ما أصعب الموت غدرا..لا ننسى..من ينسى"؟.
في مثل هذه الأيام ولكن قبل سبعة وعشرين عاما حوصرت بيروت ودخلها الجيش الصهيوني, وفي يوم من أيام هذا الحصارقال شاعرنا العربي الفلسطيني الراحل محمود درويش:يا فجرَ بيروتَ الطويلا..عجّل قليلا..عجّل لأعرف جيداً:إن كنتُ حياً أم قتيلا..!.
انها صورة رائعة تنقلنا الى جريح ما بين الحياة والموت، ملقى في شارع او زقاق من أزقة بيروت، لديه أمل بأن يساعده نور الفجر على رؤية جراحه، ورؤية المسافة ما بينه وبين الموت..غير أن هذه الصورة الشاعرية الرائعة ما هي الا الصورة الواقعية لما جرى على أرض صبرا وشاتيلا خلال الأيام الثلاثة الدامية من أيلول قبل سبعة وعشرين عاما, بل لكل ما جرى بعدها من عذابات حتى أيامنا هذه.هناك ما زالت المسافة بين الموت والحياة غير مرئية..هناك ما زال تحت التراب كثير من الضحايا الذين لم يثبت موتهم بعد، وهم الذين يقال لهم"مفقودون", ونحن نراهم كما نرى الآخرين الذين ثبت موتهم، في صور على الحيطان، ونعرف عنهم من أحاديث أهاليهم..هؤلاء وهؤلاء هم"الضحايا الأحياء".
وما زال على أرض صبرا وشاتيلا"الأرض المقدسة" أهالي الضحايا يتسقطون أخباراً عن مخطوفيهم ومفقوديهم، ولا ييأسون من رحمة الله, وبين الحين والحين يجدّون لمعرفة المزيد من أخبار ضحاياهم، فمن قال إن ضحايا المجازر كغيرهم من الضحايا؟, كضحايا الزلازل او البراكين او الأعاصير؟, فضحايا كوارث الطبيعة لا تنكرهم دولهم، ولا المؤسسات الدولية، ولا ينكرهم أحد..أما ضحايا المجازر، فهم الذين يُطالَب (بفتح اللام) أهاليهم بتقديم هوياتهم، وتقديم إثباتات موتهم، وإلا..فأسماؤهم لا تسجل في لوائح الضحايا..هؤلاء الأهالي المعذبون هم"الأحياء الضحايا".
صبرا وشاتيلا ليست مجرد مكان، ولا مجرد مجزرة على لائحة المجازر الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، او الشعب اللبناني، او أي شعب عربي مقاوم..صبرا وشاتيلا مجموعات من البشر كان من حقهم أن يستمروا في حياتهم، حتى لو كانت حياة فقر وتشرد، وما كان من حق احد ان يسلبهم حياتهم، او أمنهم، او كرامتهم، او لقمة عيشهم، في اية صورة من الصور، فما بالنا حين تكون تلك الصور على أشد ما يكون عليه العدوان همجية.
صبرا وشاتيلا..حكاية شعب كل ما اراده هو الحياة وكل ما حصل عليه هو الموت, ولكنه وبالرغم من كل ما مر به ما زال واقفا بعنفوان يتحدى وينتصر..بعدما غابت الحقيقة خلف الأفق كالشمس ولكن بلا عودة وبعدما كان كل مخيم وكل ساحة ملعب لتركيع وسفك دماء الشعب الفلسطيني أصبح من العار التخفي في تقاليد الجبن والرجعية..فها هي المجزرة تدخل عامها الثامن والعشرين بلا إسم..بلا عنوان..بلا قضية..محت أمواج الصمت الألوان ومات صدى الدماء في جوف الأرض.
مجزرة صبرا وشاتيلا هي واحدة من أبشع مجازر القرن العشرين، وهي واحدة من صور الإجرام التي لم ولن تنسى ولم يستطع غبار الزمن إخفاءها، كما لم يستطع التاريخ طمس معالمها، فهي باقية لم تغيب وحية لن تمت على الإطلاق، رغم محاولات قتل ذكراها، ماثلة أمامنا، محفورة في أذهاننا و عقولنا، رغم محاولات مسح آثارها، شاهدة على أبشع صور الإجرام والقتل والعنجهية.
صبرا وشاتيلا عكست حقيقة سفاحو ومجرمو المجزرة الذين بقروا بطون النساء بالسكاكين، وذبحوا الأطفال الرضع، وقتلوا الأجنة في البطون، وأعدموا الشبان والرجال في الشوارع، وغدت تلك المجزرة معلماً من معالم معاناة الفلسطينيّين التي لم تتوقف بعد..يروي احد المصورين الذين سجلوا وقائع الجريمة بالعدسة أنه خاف من فظاعة ما رآه وأحس بخسارة انسانيته على حساب مهنته، وقال:"للوهلة الأولى شعرت اني اصبحت عدسة فقط ولم أعد انساناً، لأن الانسان لا يستطيع تحمل هذه المشاهد المرعبة".
في الذكرى السابعة والعشرين لمجزرة صبرا وشاتيلا نقول إن مرتكبي المجزرة معروفين للقاصي والداني، وعلى جميع المؤسسات الحقوقية الفلسطينية والعربية والدولية تحريك الدعاوى ضد مرتكبي مجزرة صبرا وشاتيلا وتقديهم للعدالة، لأن جريمتهم لا تسقط بالتقادم، فهي جريمة حرب بامتياز.
ان الحركة الصهيونية ما زالت تنتج كل عام، بل كل شهر، كتبا جديدة، وأفلاما جديدة، وروايات جديدة، عن"الهولوكوست"، هذا بالإضافة الى تشييد المتاحف، وإقامة أجنحة خاصة بأرشيف الهولوكوست في الجامعات الكبرى.وكل هذا، والصهيونية ما زالت تعتبر نفسها في موقع الضحية، متجاهلة أحيانا، ومتباهية في أحيان أخرى، بأنها أصبحت هي الجلاد..!, ومن مهازل العصر ادعاء هذا الجلاد بأنه لا يفعل شيئاً سوى الدفاع عن نفسه.
انهم لا ينسون..فلماذا ننسى؟..انهم يفعلون..فلماذا لا نفعل؟..انهم حولوا أنفسهم من جلادين الى ضحية..فلماذا نصمت؟..ومتى ندافع عن ضحايانا؟, متى ندافع عن وجودنا؟, ومتى ندافع عن مستقبلنا؟.
تحية اجلال واكبار للضحايا الأحياء والأحياء الضحايا..واننا حتما لمنتصرون.



#صلاح_عودة_الله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قل كلمة حق أو أسكت يا تميمي..!
- درويش..انك نصف العرب وأكثر..!
- من هو قاتلك يا أبا عمار؟
- لن يصلح الأسود ما أفسده الأبيض..!
- ما بين حكومتهم وحكومتنا..!
- من أطفال غزة الى رئيس مصر..!
- انها النكبة يا شعب فلسطين
- في ذكرى استشهاد مهندس الانتفاضة الأولى الباسلة..!
- دير ياسين..تتمرد على النسيان..!
- فاستريحوا كي لا تطير البقية..!
- عندما تفقد-الكرامة-..كرامتها..!
- فلسطين بين أجراس العودة واللاعودة..!
- وداعا-حورية-..وداعا..!
- أمة خجلت من جهلها الأمم..!
- ما هكذا تورد الابل يا خالد مشعل..!
- حكيم الثورة الفلسطينية..عام على رحيله..!
- في ذكرى مجزرة-كفر قاسم-..ما زال الجرح مفتوحا..!
- ردا على مقالة ابراهيم علاء الدين-الدكتور صلاح عودة الله يسار ...
- لا, لن أفقد الأمل..!
- و-يا أخا لم تلده أمي-..!


المزيد.....




- صور سريالية لأغرب -فنادق الحب- في اليابان
- -حزب الله-: اشتبك مقاتلونا صباحا مع قوة إسرائيلية من مسافة ق ...
- -كتائب القسام- تعلن استهداف قوة مشاة إسرائيلية وناقلة جند جن ...
- الجزائر والجماعات المتشددة.. هاجس أمني في الداخل وتهديد إقلي ...
- كييف تكشف عن تعرضها لهجمات بصواريخ باليستية روسية ثلثها أسلح ...
- جمال كريمي بنشقرون : ظاهرة غياب البرلمانيين مسيئة لصورة المؤ ...
- -تدمير ميركافا واشتباك وإيقاع قتلى وجرحى-..-حزب الله- ينفذ 1 ...
- مصدر: مقتل 3 مقاتلين في القوات الرديفة للجيش السوري بضربات أ ...
- مصر تكشف تطورات أعمال الربط الكهربائي مع السعودية
- أطعمة ومشروبات خطيرة على تلاميذ المدارس


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - صلاح عودة الله - يا فجر بيروت عجل قليلا