|
صادق جلال العظم .. اشراقة للعقل النقدي والفكر العربي
شاكر فريد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 2755 - 2009 / 8 / 31 - 13:00
المحور:
سيرة ذاتية
في عيد ميلاده ال75 صادق جلال العظم ..اشراقة للعقل النقدي والفكر العربي بقلم: شاكر فريد حسن تحتفل الأوساط والنخب الثقافية والحركة الفكرية العربية ،هذه الأيام، باستاذ الفلسفة المفكر والمثقف الماركسي السوري العربي صادق جلال العظم ،بمناسبة بلوغه الخامسة والسبعين من عمره المديد الحافل بالعطاء الفكري والفلسفي المتنوع والخصب. وصادق جلال العظم من أئمة الفكر وقمم الهرم العقلي ورواد المنحى العلماني الممتلئين بحلم التنوير والتطور والمعرفة والتقدم الثقافي والعلمي الحضاري، ومن الأعلام الفكرية والفلسفية الشامخة في الثقافة العربية التقدمية المعاصرة. ويؤكد ذلك ما للرجل من مساهمات في حقول الكتابة الفلسفية التنظيرية والفكرية الناقدة ذات السمعة في الوطن العربي. وهو من مواليد سوريا ، عاش فيها ردحاً من الزمن وانتقل للعيش في بيروت . درس الفلسفة وعمل محاضراً في الجامعة الامريكية فأستاذاً في جامعة "عمان" بالاردن ، الا ان النظام الملكي الحاكم ضاق به ذرعاً وطرده من أروقة الجامعة ، بسبب أفكاره المعارضة والمغايرة ومواقفه اليسارية الحادة وكتاباته الفلسفية والتنويرية العقلانية، فعاد الى دمشق ليعمل في جامعتها وتولى قسم الفلسفة فيها ثم سافر الى الولايات المتحدة ليعمل استاذاً زائراً في جامعة "برنستون" . وصادق جلال العظم يتسلح بأداة معرفية منهجية ويلعب دوراً بارزاًفي التنظير النقدي والفلسفي ومتابعة الظواهر المتعلقة بثقافتنا العربية والقيام بتحليلها وتعليلها وتشخيصها ضمن سياقها التاريخي والمجتمعي القيمي واستخراج ما تنطوي عليه من دلالات ايجابية أو سلبية بهدف الارتقاء بهذه الممارسة وتمكينها من الوصول الى غايتها المرجوة ، واضفاء المزيد من العقلنة على الهوية الثقافية العربية. خاض العظم معارك سجالية فكرية وثقافية طاحنة ، وكثيراً ما ثارت في وجهه الزوابع والعواصف الهادرة بسبب أرائه ومعتقداته وطروحاته وكتاباته الفلسفية النقدية ، التي كرسها في خدمة التنوير والعقل النقدي والابداع الحقيقي . وانطلاقاً من الدور الحضاري والجوهري الذي تؤديه الثقافة في تشكيل الوعي الجمعي فأن العظم يعتبر هذا الميدان جبهة أساسية لنشر المعارف العلمية وتصفية مخلفات الماضي وتحرير العقول والأذهان من الأوهام الخرافية والاسطورية وتكريس الرؤية العصرية العلمانية ،واذكاء مسيرة العرب التحررية الوحدوية. وضع صاق جلال العظم كتباً ومنجزات فكرية وثقافية هامة استهلها بكتابه " النقد والنقد الذاتي بعد الهزيمة" الذي ضم دراساته ومقالاته في نقد هزيمة حزيران 1967 ثم كتابه " نقد الفكر الديني" الذي كتبه ـ كما يقول ـ بروح ما يسمى بالعلوم النقدية التي تعالج موضوع الدين أو ظاهرة الفكر الديني . وتلاهما بكتابه " دراسات يسارية في فكر المقاومة الفلسطينية" وبعد ذلك أصدر " الصهيونية والصراع الطبقي" و" الحب والحب العذري" و" سيتاسة كارتر والحقبة السعودية" و" زيارة السادات وبؤس السلام العادل " و"دراسات في الفلسفة المعاصرة" و" الاستشراق" اضافة الى كتبه الهام " ذهنية التحريم" الذي يتناول بالدراسة النقدية الأدبية والتاريخية المقارنة أدب سلمان رشدي والتفجير النووي الذي أحدثته رواية"ايات شيطانية" في الساحة السياسية والثقافية العالمية، بمنهج مضاد لمنهج ذهنية التحريم والتكفير وعقلية التجريم وشريعة القمع الفكري والارهاب الاصولي المتطرف، مؤكداً على أن الحوارات والمناقشات والمداخلات التي تناولت رواية سلمان رشدي انطوت على مشكلات بدائية معينة، وأن الكثيرين من المثقفين والصحافيين والنقاد والأكاديميين تورطوا بالهجوم على كتاب لم يقرأوه وعالجوا المسألة وكأن رشدي فقيه وعالم منطق بدلاً من أن يكون فناناً وأديباً . وكذلك عدم احترام النقاد لعقل القارئ العربي وسلب حقه البدائي في أن يكون حكماً بنفسه ولنفسه، ويضاف الى ذلك كتابه " ما بعد ذهنية التحريم" و" ثلاث محاورات فلسفية دفاعاً عن المادية والتاريخ" . صادق جلال العظم يختلف عن المثقفين والمفكرين والمبدعين العرب بأنه ليس من المدافعين عن حرية الكلمة والفكر والابداع فحسب، وانما من المطالبين بوجوب تحرير النص من القداسة وطرح السؤال حول المقدس. ومن هنا تتجلى جرأته وشجاعته واستثنائيته ، كما انه يقف دائماً في وجه حملات القمع الشاملة التي لا تمس أشخاصاً مثقفين فقط ، وانما تمتد الى القيم الثقافية الحديثة العصرية برمتها ، وتدمر العقل والثقافة والانسان.وفي الختام ، صادق جلال العظم فيلسوف ومفكر تحرري وباحث عميق ، يناقش بشجاعة وصلابة وبدون خوف، الكثير من الممنوعات ويطرح قضايا فكرية وفلسفية وثقافية ، كاشفاً أورام الثقافة العربية السائدة وداعياً الى كسر المحرمات ، مشدداً على أهمية النقاش والجدل والحوار العقلاني والتحليل العلمي واثارة الأسئلة . وهو يجمع بين السياسة والثقافة والأدب ،وبمساهماته يقدم صورة جديدة للنخبة والصفوة الفكرية المثقفة الطليعية غير المساومة وذات المواقف العلمية الدقيقة والرؤية العقلانية المستنيرة المتطورة. وبمناسبة بلوغه الخامسة والسبعين نبعث له بتحية عطرة مع باقة ورد عابقة بأريج المحبة والتقدير والوفاء ، وليدم ذخراً للفكر الفلسفي التقدمي العلمي الماركسي.
#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مع وجدانيات الشاعرة امال عواد رضوان
-
في المشروع الثقافي الفلسطيني
-
أزمة الحركة الماركسية العربية والمستقبل
-
الفكر العربي المعاصر ومشروع حضاري نهضوي وتنموي حداثي عربي
-
لماذا يغتالون طه حسين بعد موته؟!
-
الثورة الجزائرية في القصيدة الفلسطينية
-
في ذهنية التكفير والتحريم واغتيال العقل..!!
-
في ثقافة العقل العربي
-
الاسلام والديمقراطية
-
نحو تأصيل العقلانية والتنوير في الخطاب العربي المعاصر
-
أزمة الخطاب العلماني العربي
-
نظرة في الواقع العربي الراهن
-
في نقد الخطاب الديني السلفي
-
من اجل فن يخدم التقدم والسلام والحضارة الانسانية
-
في ظاهرة الاسلام السياسي
-
النعيم النفطي وشراء الذمم الثقافية
-
عن مكانة المرأة في مجتمعنا ومسألة تحررها
-
الاقتصاد الاسرائيلي وانتفاظة الجياع القادمة
-
محمود امين العالم، اشراقة الفكر العربي
-
نظرة الى تاريخ وكفاح حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي المصر
...
المزيد.....
-
صور سريالية لأغرب -فنادق الحب- في اليابان
-
-حزب الله-: اشتبك مقاتلونا صباحا مع قوة إسرائيلية من مسافة ق
...
-
-كتائب القسام- تعلن استهداف قوة مشاة إسرائيلية وناقلة جند جن
...
-
الجزائر والجماعات المتشددة.. هاجس أمني في الداخل وتهديد إقلي
...
-
كييف تكشف عن تعرضها لهجمات بصواريخ باليستية روسية ثلثها أسلح
...
-
جمال كريمي بنشقرون : ظاهرة غياب البرلمانيين مسيئة لصورة المؤ
...
-
-تدمير ميركافا واشتباك وإيقاع قتلى وجرحى-..-حزب الله- ينفذ 1
...
-
مصدر: مقتل 3 مقاتلين في القوات الرديفة للجيش السوري بضربات أ
...
-
مصر تكشف تطورات أعمال الربط الكهربائي مع السعودية
-
أطعمة ومشروبات خطيرة على تلاميذ المدارس
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|