أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - صادق إطيمش - هدية الشعب الكوردي إلى النائب البرلماني أسامة النجيفي















المزيد.....


هدية الشعب الكوردي إلى النائب البرلماني أسامة النجيفي


صادق إطيمش

الحوار المتمدن-العدد: 2741 - 2009 / 8 / 17 - 08:36
المحور: كتابات ساخرة
    


مع إشتداد حدة الصراع بين القوائم الإنتخابية في الموصل على السيطرة على شؤون المحافظة ، ومع النشاط الملحوظ التي تمارسه قوى البعثفاشية التي سمحت لها سياسة المحاصصات الخبيثة أن ترفع عقيرتها مرة اخرى ليس لممارسة نشاطاتها الشوفينية فحسب ، بل وللحصول على الحماية من قبل ذات الجهات الحكومية التي تعلن عن سهرها على حماية المواطنين من عصابات الإرهاب , إلا انها تتعامى عن نشاطات عصابات الإرهاب البعثفاشي السوداء ، مع هذا الصراع في هذه المحافظة المتنوعة المذاهب والقوميات والتوجهات السياسية ، يشتد أيضآ أرتفاع بعض ألأصوات النشاز التي تناوئ القومية الكوردية , والتي تبحث عن ألأسباب والمبررات التي تريد من وراءها ألإستهجان بهذه القومية والتطاول عليها من خلال تطاولها على تاريخ الشعب الكوردي وعلى وجوده القومي . والظاهر أن هذه الأصوات النشاز التي تأتي من حملة الفكر العنصري المعادي لكل الشعوب وليس للشعب الكوردي فقط , لا تريد أن تتعض بمسيرة التاريخ التي أزاحت كثيرآ من ألأنظمة والعروش التي سلكت نفس هذا السلوك العنصري تجاه الشعوب والقوميات المضطَهَدَة , إلا أن إرادة الشعوب كانت هي العليا في نهاية المطاف .

ألأصوات التي علت في الفترة ألأخيرة ومن أبرزها صوت النائب البرلماني عن محافظة نينوى أسامة النجيفي صبّت حقدها على القومية الكوردية والشعب الكوردي واعتبرته شعب لا حضارة له ولا تاريخ , لاغية الهوية القومية لهذا الشعب ومتنكرة لوجوده القومي تاريخيآ . ولعل جهل هذه الأصوات بالتاريخ , إضافة إلى حقدها الشوفيني , اعمى بصيرتها وأبصارها عن وجود الشعب الكوردي وعن تاريخ القومية الكوردية , وعن النضال الذي خاضه الشعب الكوردي وما قدم فيه من تضحيات جسام في سبيل قضيته العادلة ، حتو وإن شاب هذه القضية بعض التوجهات التي تنطلق من مفاهيم عشائرية وقوميو متعصبة لا تصب في التوجه التحرري لهذه القومية الصامدة بوجه كل محاولات الإفناء التي تعرضت لها على مر التاريخ .

هذه محاولة متواضعة وبسيطة الهدف منها المساهمة بإسكات هذه ألأصوات العنصرية الحاقدة على الشعب الكوردي علّها تراجع بعض أفكارها السوداء وتتخلى عنها إنصياعآ لإرادة التاريخ
.

سأتناول في هذه المحاولة أحد الكتب القيمة التي تناولت القضية الكوردية وتاريخ الشعب الكوردي وقوميته . إنه كتاب " ألكرد والمسألة الكردية " لمؤلفه الدكتور شاكر خصباك , والصادر عن منشورات الثقافة الجديدة لسنة 1959 . وسأركز في هذا المجال على الجانب التاريخي للقومية الكوردية سعيآ وراء تقديم ألأدلة التاريخية على الوجود القومي للشعب الكوردي الذي يحاول البعض أن يُشكك به

يتطرق الباحث الدكتور شاكر خصباك إلى أصل الكورد وينسبهم إلى المجموعة الآرية , كما يتفق على ذلك أغلب الباحثين . ثم يعرج على المناطق الأولى لتواجد الشعب الكوردي ويناقش النظريات التي تربطهم بشعب " كوتو " وهم ألأقوام الذين عاشوا في مملكة " كوتيام " الواقعة على الضفة اليسرى من نهر دجلة , بين نهر الزاب الصغير ونهر ديالى . والنظرية ألأخرى التي تربط الكورد بالكرتيين وهم قوم كانوا يعيشون في غربي بحيرة فان . ويشير الباحث إلى ما جاء به المؤرخ نولدكه من أن ألكرتيين كانوا قد تفرقوا بصورة واسعة في بلاد إيران وميديا وبقية المناطق التي يقطنها ألكورد في الوقت الحاضر. كما يتطرق إلى بعض ألأبحاث التي أرجعت تطوركلمة كورد من أللفظ الآشوري لكلمة " كوتو " أو " كورتو " . أما أول شكل لكلمة كورد شبيهآ باللفظ الحالي ومنطبقآ على الشعب نفسه , فيربطه الكاتب بكلمة " كاردوخي " التي ذكرها زنفون في مذكراته عن تقهقر العشرة آلاف عام 401 قبل الميلاد . أما كلمة كورد فيقول الباحث بأنها ظهرت في الكتابات الفارسية لأول مرة في كتاب مدوَّن باللغة البهلوية , فقد ذكر أرتاخشير بابكان مؤسس الدولة الساسانية عام 226 ميلادية إسم " ماكي " ملك " ألكردان " من بين أعداءه ومن المحتمل أن يكون الكتّاب العرب كالمسعودي والطبري قد نقلوا الكلمة عن الفارسية إلى العربية .

أما فيما يتعلق بأصل العنصر الكوردي فيذكر الباحث النظريات التي تبحث في هذا الموضوع والتي تستند إلى ثلاثة أسس :
1. تقاليد الشعب الكوردي ومميزاته ألإجتماعية .
2. ألدلائل أللغوية ( الفلولوجية).
3. مميزات اللغة الكوردية والدلائل التاريخية .

أما تقاليد الشعب الكوردي ومميزاته ألإجتماعية فهي أساس نظرية مار . ويعتقد مار أن الكورد هم السكان ألأصليين لجبال آسيا الصغرى , وإنهم لم يفدوا من أي مكان آخر . فعادات الكورد ألإجتماعية شبيهة بعادات العناصر السابقة لهم . أما النظرية القائمة على براهين فلولوجية فيؤيدها نولدكه وهارتمام . وتربط هذه النظرية ألأكراد بالكرتيين , وهي تحاول البرهان على أن كلمة " كيرتي " قد تطورت إلى كلمة " كاردا " ثم إلى كلمة " كاردوخي " التي ذكرها للمرة ألأولى القائد اليوناني زنفون . وبما أن الكردوخيين الذين يُعتبرون بإجماع ألآراء ألأكراد الحاليين , وبما أن المرجح أن الكاردوخيين من أصل هندي ــ آري , فلابد أن يكون الكورد ألحاليين إذن من نفس ألأصل . والواقع أن هذه النظرية لا تستند إلى البراهين أللغوية فحسب , بل إلى المشابهة في منطقة السكنى وفي العادات بين الكرتيين والكاردوخيين . والكرتيين قوم رعاة , وطبيعة حياتهم تدفعهم إلى ألإنتشار في مناطق واسعة جريآ وراء الكلأ . وبهذا يمكن تفسير إنتشارهم في مناطق غربي جبال طوروس وأن يتوغلوا حتى الحدود السورية . أما النظرية الثالثة فيؤيدها مينورسكي , وهي تقوم على معلومات لغوية وتاريخية.ويعتقد مينورسكي أن ألأكراد ينحدرون عن أصل آري , إلا أنهم قد إمتزجوا بعناصر أخرى . وهذه النظرية تشترك في الواقع مع نظرية نولدكه في وجوه كثيرة وهي ذات أسس تاريخية ولغوية في آن واحد .
يبدو للباحث أن النظريات التي ترجع أصل ألكورد إلى المجموعة ألآرية هي الراجحة , كما أن المعلومات الجديدة تكشف بإستمرار عن دلائل مؤيدة لها . ويزعم بعض الكتاب أن الموجة الآرية ألأولى التي حملت الكورد إلى مناطقهم الحالية , آتية بهم من أواسط آسيا , قد حدثت حوالي 2000 قبل الميلاد . ثم يشير الباحث إلى أن الدراسات ألأنثروبولوجية التي قام بها ( فيلد ) برهنت على أن ثمة فروق إحصائية واضحة بين كورد العراق وسكان ألأهوار العرب والأوستن من سكان ألقوقاز. ومن جهة أخرى فإن أوصاف الكورد الشماليين القاطنين في تركيا وفي شمال غربي إيران التي سجلها الكتاب والرحالة تكشف عن مميزات آرية واضحة كالرأس الطويل والقامة الطويلة وعناصر الشُقرة كالشعر الأشقر والعيون الزرق . أما كورد كردستان الجنوبي فيمتازون ببشرة داكنة وشعر داكن , وبأغلبية ساحقة من العيون البنية , وبقامة متوسطة الطول ورأس أقرب إلى ألإستدارة . لكن هذا التفاوت في الصفات الجنسية بين كورد الشمال وكورد الجنوب , لا يعني أن ألكورد يتألفون من عناصر شتى, فهو تفاوت بسيط ناتج عن تأثرهم بالعناصر المجاورة , وقد برهنت مقاييس ( فيلد ) للكورد من مختلف أنحاء كوردستان العراق أن الكورد ينتمون إلى جنس واحد .
أما فيما يتعلق بمناطق تواجد الشعب الكوردي , كوردستان , فيشير الباحث شاكر خصباك إلى ان مركز كوردستان الجغرافي قد تعرض إلى تفسيرات عديدة . وبما أن التعبير العنصري لكلمة كوردستان يعني بصورة عامة البلاد التي يسكنها الكورد, إلا أن الحدود الجغرافية لهذا الإصطلاح لم تتفق دائمآ والناحية العنصرية . ولعل أقدم المصادر التي ظهر فيها إصطلاح كوردستان هي المصادر اليونانية . فقد سمى الكتاب اليونانيون والرومانيون كوردستان بإسم كوردونس أو كوردياي , وسماه السريانيون بإسم كاردو . وكان المقصود بهذه الأسماء البلاد التي يسكنها الكاردوخيين , وهي تقع في الجبال بين ديار بكر ونصيبين وزاخو , وإن لم تكن حدودها واضحة تمامآ . أما كلمة كوردستان كاصطلاح جغرافي فيبدو أنها ظهرت لأول مرة في القرن الثاني عشر الميلادي في عهد السلاجقة . فقد فصل السلطان سنجار عن القسم العربي من إقليم الجبال ووضعه تحت حكم قريبه سليمان شاه. وكانت هذه الولاية الجديدة تشتمل على ألأراضي الممتدة بين أذربيجان ولورستان ( سنه , دياناوار , همدان, كرمنشاه , ألخ ) بالإضافة إلى المناطق الواقعة غرب جبال زاكروس كشهرزور وكويسنجق . ولقد إستعمل المؤرخون العرب فيما بعد هذا ألإصطلاح الجغرافي , وكان أول ظهوره في كتاب ( نزهت القلوب ــ هكذا وردت في النص) لمؤلفه المستوفي القزويني الذي كُتب عام 740 هجرية . ويبدو أن هذا ألإصطلاح قد عُمم فيما بعد حتى شمل جميع ألإمارات ألإقطاعية الكوردية في تركيا وإيران . وقد حدد كتاب ( ألشرفنامة ) لمؤلفه ألأمير شرف خان البدليسي ( والذي كُتب عام 1568 بطلب من الشاه عباس الثاني) بلاد كوردستان بالحدود التالية: ( إن حدود كردستان تبدأ عند شواطئ بحر هرمز ( أو الخليج الفارسي المجاور للبحر الهندي ) ممتدة في خط مستقيم حتى ولاية ميلاطية ( وهي مدينو في ولاية خربوط في كردستان التركي ) ( ونريش ) ( مدينو في شمال حلب ) , وتمتد شمال هذا الخط فتشمل ولاية فارس والعراق العجمي وأذربيجان وأرمينيا الصغرى والكبرى " أي ولاية أدنه ــ كليكيا وأريفان " ) , وفي عهود تالية أصبحت ولاية كوردستان في تركيا مشتملة على ألوية ديار بكر وموش ودرسيم . ويستنتج ألأستاذ مينورسكي بعد مناقشة التطولر التاريخي لإصطلاح كوردستان بأنه ( مهما كان المعنى الجغرافي لإصطلاح " كوردستان " فإن الثابت أنه لا يدل على ألإنتشار الحقيقي للكورد. وإن كلمة " كوردستان " بمعناها الشائع تعني ألأراضي التي يسكنها الكورد. ومع ان إستنتاج مينورسكي صحيح فيما يتعلق بتطور إصطلاح كوردستان , إلا ان ذلك لا يعني أن كوردستان بلاد غير ذات حدود طبيعية وجنسية . والواقع أن كوردستان الحقيقية هي إصطلاح جغرافي وعنصري في آن واحد . وقد عيَّن كتاب كثيرون حدودها , ولعل أوضح تحديد هو ذلك الذي ذكره أدموندز على الوجه التالي : ( تتبع الحدود في الشمال الخط الممتد في أريفان وأرضروم وأذربيجان , ثم تمتد في قوس خلال ماراش ( أو ماراس ) نحو حلب , وتمتد غربآ مع سفوح الجبال حتى نهر دجلة , ثم تتجه شرقي مجرى النهر, ثم تسير إلى الشمال قليلآ من جبال حمرين حتى الحدود العراقية ألإيرانية قرب مندلي . أما في بلاد إيران , أي في الجهة الشرقية , فتمتد حدود ألكورد في إتجاه جنوبي شرقي , مبتدأة بأريفان , ومشتملة على مناطق ماكو وجزء من كوي وربزايا ( أورمية ) وماهاباد ( سوج بولاق) وساكيز وسنة إلى كرمنشاه , ويكون الطريق الممتد من كرمنشاه إلى كاريند ثم إلى مندلي حدآ فاصلآ بين ألكورد الحقيقيين وبين أقربائهم أللور واللاك الذين يُعتبَرون أحيانآ من الكورد ) . فإذا ما إعتبرنا أللور كورداً, كما تُبرهن على ذلك كثير من الدلائل التاريخية واللغوية , فإن حدود كوردستان تمتد حتى الخليج الفارسي على إمتداد جبال زاكروس . وهكذا يتبين لنا أن كوردستان كإصطلاح جغرافي هي بلاد جبلية , وحينما تبدأ السهول , كما أشار نيكتين , يختفي ألكورد تاركين المكان للعرب أو الترك أو ألإيرانيين أو ألأرمن .

ثم يتطرق الباحث شاكر خصباك إلى التطور التاريخي للمسألة الكوردية فيقول : لابد أن نلقي نظرة سريعة على تاريخ الكورد لكي نفهم طبيعة المسألة الكوردية . ولعل وقوع ألكورد تحت السيطرة الأجنبية يرجع إلى القرن الخامس قبل الميلاد حينما إستطاع سيروس أن يدمر عام 550 ق.م. المملكة المسماة ( ميديا ) والتي يعتبرها المؤرخون الوطن ألأصلي للكورد. وهكذا أصبحت بلاد ألكورد تحت حكم ألأمبراطورية ألأخمينية . ثم إنتقلت إلى الحكم اليوناني حينما إستطاع ألإسكندر ألأكبر القضاء على الإمبراطورية الأخمينية عام 330 ق.م. وفي خلال القرنين الثاني والأول قبل الميلاد إستطاع ألأرمن أن يسيطروا على البلاد الكوردية , إلى أن إنتقلت السيطرة من أيديهم إلى أيدي الرومان حيث دامت حتى القرن الثالث الميلادي . ومن ثم حكمت الإمبراطورية الساسانية كوردستان حتى الفتح ألإسلامي عام 640 ميلادية ( 18 هجرية ) . ويشير الباحث إلى أن الكورد إستطاعوا أن يحكموا دويلات إسلامية واسعة وأشهرها الدويلات ألأيوبية التي أسسها صلاح الدين ألأيوبي عام 1171 ميلادية. ثم يتطرق الكاتب إلى ضعف الدويلات الكوردية منذ بداية القرن الخامس عشر , حيث ساد في بلاد كوردستان نظام إقطاعي شجعته الدولتان المتنافستان إيران وتركيا . ثم يتطرق الباحث إلى ما عانى منه الشعب الكوردي ومنطقة كوردستان عمومآ من النزاعات القائمة بين تركيا وإيران ومحاولة كل منهما ضم أراضي كوردستان إلى أراضيه ومن ثم التحكم بهذه ألأراضي وأهلها .إلا أن هذه المحاولات كانت تُجابه دومآ بمقاومة الشعب الكوردي لها , فكانت الثورات التي قادها عبد الرحمن باشا بابان عام 1806 وأحمد باشا بابان عام 1812 وأحمد باشا الراوندوزي عام 1840 . وفي عام 1880 شبت ثورة كوردية أخرى في منطقة شمدينان بزعامة الشيخ عبيد ألله الذي كان يتمتع بنفوذ واسع في منطقته . وثورة بدليس الكوردية التي قامت ضد الحكومة العثمانية عام 1913. إلا أن جميع هذه الثورات باءت بالفشل . ويستمر الباحث في شرح سياسة الحكومات التي أخضعت الشعب الكوردي لسيطرتها مستفيدة من التطورات الدولية , خاصة تلك التي تبلورت بعد الحربين العالميتين , والثورات التي قام بها الشعب الكوردي لتحقيق المشروع القومي الكوردي والحقوق القومية للشعب الكوردي على جميع أراضي كوردستان . ولا نريد في هذا المجال ألتطرق إلى هذه الثورات , حيث أن ألهدف ألأساسي من هذا البحث هو التطرق إلى الحقائق التاريخية العلمية التي تشير إلى الوجود القومي للشعب الكوردي ولأرض كوردستان منذ آلاف السنين , هذه الحقائق التي ربما يجهلها البعض أو يتجاهلها حينما يتعامل مع حق الشعب الكوردي في تحقيق ما يصبو إليه من حقوق قومية . وقد أوردنا هذا الكتاب كنموذج لما كُتب حول الكورد والقضية الكوردية . ومن يرغب ألزيادة في المعلومات والتأكد مما ورد فيما إختصرناه أعلاه وتثبيت أسماء ومؤلفات المؤرخين الذين تناولهم هذا البحث , فما عليه إلا قراءة هذا الكتاب القيم والتأكد شخصيآ من المعلومات الواردة فيه قبل أن يتطاول على الشعب الكوردي وقضيته القومية وتاريخه الموغل في القِدم وقبل أن يُصار إلى إنكار ذلك جملة وتفصيلآ دون علم ودراية .

وكما قلنا أعلاه فإن كثيرآ من المؤرخين ألآخرين تناولوا الشعب الكوردي وتاريخه والتطور التاريخي الذي مرت به القومية الكوردية . ومن أبرز هؤلاء المؤرخين هو ألألماني كارل بروكلمان في كتابه القيم : تاريخ الشعوب الإسلامية , حيث تم التطرق فيه إلى الكورد والقومية الكوردية وتاريخهما في مواقع كثيرة من هذا الكتاب . ومن جملة ما يشير إليه بهذا الصدد مثلآ حينما بنى الفاطميون مدينة القاهرة قسموها إلى حارات لكل من الروم والأرمن والبربر والكورد والأتراك . كما يشير في مواقع أخرى تجنيد الدولة العثمانية للكورد في الجيوش التي إستخدمتها للمحافظة على مقاطعاتها . ولم يفت بروكلمان ألإشارة إلى الثورات القديمة والحديثة التي قام بها الشعب الكوردي دفاعآ عن حقوقه القومية وتحقيقآ لمبدأ حق ألأمم في تقرير مصيرها . ولابد لمن يريد ألإستزادة في هذه المعلومات من قراءة هذا المؤَلَف القيم المحتوى , ليطلع على تاريخ هذا الشعب قبل التنكر له .

كما نرغب بالإشارة إلى المؤلفات الأخرى التي كتبها الكتاب والباحثون والمؤرخون العرب والأجانب الآخرون حول الكورد وكوردستان والقضية الكوردية والتي لا يسعنا الوقت هنا للإستشهاد بها , إلا أنها تنحو نفس المنحى الذي سلكه كل من ألباحث الدكتور شاكر خصباك والمؤرخ كارل بروكلمان فيما يتعلق بالكورد وكوردستان والقومية الكوردية , ونخص بالذكر على سبيل المثال لا الحصر كتاب الباحث رشيد الخيون المعنون : ألأديان والمذاهب بالعراق , وكتاب الباحث ألألماني فولفكانك كُنتر لَرش ( بالألمانية ) المعنون : الهلال والصليب ونجمة داوود وكتاب القاص والمؤرخ العراقي الدكتور زهدي الداودي باللغة الألمانية والمعنون " الكورد " ومصادر أخرى كثيرة يستطيع التعرف عليها من يريد فعلآ ألإلمام بهذا الموضوع قبل إطلاق ألأحكام التي تفتقد إلى العلمية والموضوعية.
أرجو أن تساهم هذه الملاحظات على توضيح الحقائق لمن يريدون النيل من الشعب الكوردي وقضيته العادلة , خاصة في هذه الظروف التي يجابه بها الشوفينية التركية من جهة , والخطر الذي تمر به تجربته الواعدة في كوردستان الجنوبية من جهة أخرى. إن هذه التجربة تمر الآن بمنعطف خطير لابد من إجتيازه بنجاح . وإن ذلك لن يتم إذا لم يلتحم نضال الشعب الكوردي بنضال الشعوب الأخرى , خاصة في تلك الدول التي تنتشر عليها كوردستان , والقوى التقدمية المؤمنة إيمانآ مبدئيآ لا يتزعزع بتحقيق ألأهداف القومية للشعب الكوردي, والشعوب الأخرى في كل مكان لجعل نضال الشعب الكوردي نضالآ أمميآ يجعل من القضية الكوردية حديث الشارع السياسي في العالم أجمع , كما كان ألأمر مع الثورة الفيتنامية في أوائل السبعينات , فاضحآ السياسات الشوفينية التي تمارسها الحكومات التركية والعربية والفارسية ضد الشعب الكوردي وتطلعاته القومية , التي يجب أن تتمثل فيها القيادة التقدمية الواعية البعيدة عن التعصب العشائري والتطرف الديني . لقد أصبح لضغط الرأي العام العالمي اليوم , ومن خلال منظماته المختلفة , وزنآ لا يُستهان به . وإنها لفرصة يجب إغتنامها ليتبنى الرأي العام العالمي القضية الكوردية العادلة.
قد يصف البعض هذه المساهمة بانها مَلكية أكثر من المَلك . لا يهمني ذلك ما دمت مؤمناً بأن القومية العربية التي يحاول البعض الإجهار بها من جانبها الشوفيني الذي تبنته الأحزاب القومانية العربية أو بعض مَن ينتمون إلى هذه القومية ، كما يفعل النجيفي اليوم ، إن هذه القومية ليست كذلك ، كما يحلو للبعض أن يُظهرها بهذه الأوصاف اللاإنسانية واللاأخلاقية بنفس الوقت . إن أي قومية لا تسعى إلى إحترام حقوق القوميات الأخرى لا يمكن إلا أن تكون قومية إعتدائية تنهج إسلوب الصهر والقهر في تعاملها مع القوميات الأخرى . كما أنه ليس من المهم النظر إلى الساحة السياسية التي تتبلور على أرض كوردستان الجنوبية اليوم وما رافقها ويرافقها من إنتكاسات وإخلال بمبادئ التحرر القومي ، إذ أن مثل هذه الظواهر هي ظواهر عابرة في تاريخ الشعوب ستختفي عاجلاً أو آجلاً . المهم في الأمر هو النضال الدائم في سبيل تحقيق المبدأ الأممي في حق الأمم والشعوب صغيرها وكبيرها في تحقيق مصيرها بنفسها دون وصاية عليها من أحد . وعلى هذا الأساس يسعدني ، كصديق للشعب الكوردي ، أن أقدم هذه الهدية نيابة عن هذا الشعب المناضل إلى كل مَن يتطاولون على تاريخه العريق ونضاله البطولي .



#صادق_إطيمش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واضربوهن....مرة أخرى / القسم الثاني
- واضربوهن....مرة أخرى / القسم الأول
- الفقهاء بين التيسير والتعسير
- إبن عربي رائد العلم الحديث
- نَفس عراقي أصيل يتهاوى أمامه الرقعاء
- النقاب ، ورقة خاسرة أخرى يلعبها الإسلام السياسي
- مِن هالمال....حَمل إجمال
- تخبط ملالي ولاية الفقيه
- أولُ غيث أكاذيب ولاية الفقيه
- مآزق منظري ولاية الفقيه القسم الثالث
- مآزق منظري ولاية الفقيه القسم الثاني
- مآزق منظري ولاية الفقيه القسم الأول
- ديمقراطية الإختيار بين الأرنب والغزال في ولاية الفقيه
- - أشو ياهو التكضه صار صدام.......وأكو صدام بس لابس إعمامه -
- خطابان في الميزان
- الدولة الوهابية وولاية الفقيه نظامان لدكتاتورية واحدة
- حذاري من تشويه جوهر القضية الكوردية من خلال تصرفات بعض الكور ...
- تحقيق السلام في الشرق ألأوسط رهين بوحدة قوى السلام العالمية
- إبداوا بإصلاح أنفسكم أولاً....يا فرسان الحملة الإيمانية الجد ...
- شرف آخر للشيوعين العراقيين


المزيد.....




- مترجمون يثمنون دور جائزة الشيخ حمد للترجمة في حوار الثقافات ...
- الكاتبة والناشرة التركية بَرن موط: الشباب العربي كنز كبير، و ...
- -أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة ...
- الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
- “من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج ...
- المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ ...
- بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف ...
- عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
- إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع ...
- تكريم الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - صادق إطيمش - هدية الشعب الكوردي إلى النائب البرلماني أسامة النجيفي